الافتتاحية لكي يكتمل الانتصار

بعد انتصار الشعب اللبناني ومقاومته الباسلة مدعومة من شعبنا والشعوب العربية وكل قوى التحرر والمقاومة في العالم على العدو الصهيوني وآلة الحرب والقتل الأمريكية في الجولة الأولى من المواجهة الكبرى بين شعوب المنطقة في هذا الشرق العظيم وبين التحالف الإمبريالي الأمريكي – الصهيوني، لا يجوز أن تبقى لدى البعض أية أوهام بأن هذا الانتصار- على عظمته وعمق دلالاته – كاف لاستعادة الحقوق وتحرير الأرض المغتصبة في الجولان وفلسطين وجنوب لبنان.

فمن الأولى والمهم النظر إلى دروس الانتصار.. إنها البداية، ولابد من البناء عليها، والتحضير للجولات القادمة القريبة جداً والقاسية جداً مع ذات العدو الإمبريالي -الصهيوني وحلفائه وأعوانه على الساحتين الإقليمية والداخلية.
وإذا كنا في أيام العدوان قد أكدنا أن أفضل دعم للمقاومة هو التحضير لها دون تأخير هنا، في دمشق الشام، فإننا ندعو الآن وبقوة، إلى البدء الفوري بالتحضير والاستعداد لخيار المقاومة الشاملة، ليس فقط كي نعطي المدد لانتصار المقاومة اللبنانية الأسطوري على جيش العدو، والمحافظة على ذلك الانتصار كما المحافظة على بؤبؤ العين، بل لمنع التراجع ومحاولات الالتفاف والتخويف من مسؤولية الانتصار عبر خيار المقاومة. فها هي الأنظمة العربية التي أدمنت الهزيمة، وأتقنت التواطؤ مع العدو ضد شعوبها، تسخّر إعلامها ودبلوماسيتها لطمس دروس انتصار المقاومة ورجالها الأبطال، ولطمس حقيقة وقوة الإرادة السياسية لدى شعوبنا ضد التحالف الإمبريالي – الصهيوني، وإمكانية إلحاق الهزيمة بمخططه التفتيتي التوسعي سواء الشرق الأوسط الكبير أو المنبثق عنه «الشرق الأوسط الجديد».
من هنا نؤكد بأن القراءة العميقة لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، تظهر أن الإمبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني لم يستسلما لانتصار المقاومة اللبنانية على الأرض، فكان القرار الذي جاء في ظل الخلل في ميزان القوى لغير صالحنا في الأمم المتحدة المهيمن عليها أمريكياً، حلقة عدوانية تؤسس لجولات عسكرية جديدة، ستكون مساحتها أوسع وطبيعتها أشد ضراوة مما شهدناه في لبنان الشقيق. ولا يغير من هذه الفرضية كل بالونات التعمية والقنابل الدخانية التي تطلقها الأوساط الأوربية والأمريكية وبعض الأوساط الإسرائيلية حول إمكانية «إقامة السلام» في المنطقة، فهناك مثل شعبي يقول: «من جرب المجرب كان عقله مخرب».

يجب ألا ينشأ أي وهم بأن المخطط الأمريكي قد جرى ضربه، الأصح هو أن هذا المخطط قد جرى تأخيره أو إعاقته، ولم يجر الانتصار عليه بعد، بل لابد من التأكيد أن من أهم متطلبات هزيمة هذا المشروع الإمبريالي الأمريكي الصهيوني هو إدامة الاشتباك مع هذا العدو وإطالة أمده عبر خيار المقاومة الشعبية الشاملة، وتعبئة قوى المجتمع على الأرض في سورية ولبنان وفلسطين العراق وكل مكان من هذا الشرق العظيم لسبب أساسي واضح، وهو أنه ليس هناك من مكان للسلام العادل والشامل في الأجندة الأمريكية – الإسرائيلية. وعند ذاك ليس أمامنا من خيار إلا خيار الدفاع عن الوطن، خيار الشرف والعزة وصون الأرض والعرض.
ومن وحي زيارة هوغو شافيز لبلدنا ونتائجها، وقبلها مما جاء في خطاب السيد الرئيس بشار الأسد في مؤتمر اتحاد الصحفيين حول خيار المقاومة وتحرير الجولان بأيدينا وبعزيمتنا وتصميمنا، نؤكد أن الترجمة العملية لهذا التوجه الوطني الصحيح ثلاثة مبادئ أساسية هي:

● موقف لا لبس ولا أوهام فيه ضد الإمبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني، اللذين يقترفان المجازر اليومية بحق شعوب المنطقة والعالم، واللذين لاتجدي معهما لغة المساومة والتكيف، بل يجب فضح جوهر السياسية والمخططات الإمبريالية - الصهيونية من خلال تعبئة قوى المجتمع على الأرض وتحصين الداخل بالحوار الوطني الديمقراطي الجاد، وصولاً إلى قيام جبهة وطنية شعبية عريضة تلتزم خيار المقاومة الشاملة على المستويات كافة.
● اجتثاث قوى ومراكز الفساد الكبرى في جهاز الدولة وخارجه، لأن تلك القوى هي المكان الرخو في الوحدة الوطنية، كونها بوابات العبور للعدو الخارجي، خصوصاً أننا أمام عدوان جدي وخطير يهدف إلى تدمير كيان الدولة وبنية المجتمع ككل.
● لاسبيل لمواجهة الخطر الخارجي الداهم إلا بالاستقواء بالداخل والاعتماد على الشعب وملاقاة مطالبه السياسية والاجتماعية والديمقراطية في مواجهة المخططات العدوانية، وما جرى في لبنان يثبت أن العين تقاوم المخرز إذا توفرت الإرادة السياسية للمواجهة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
280