جميل: مخطئ من يعتقد بإمكانية دفن «2254» بعد معركة حلب

جميل: مخطئ من يعتقد بإمكانية دفن «2254» بعد معركة حلب

عقد د.قدري جميل، أمين حزب الإرادة الشعبية، ورئيس منصة موسكو للمعارضة السورية إلى مفاوضات جنيف، مؤتمراً صحفياً قبل ظهر يوم الجمعة 16 كانون الأول 2016، في مقر وكالة «روسيا سيغودينيا» في موسكو، تناول آفاق التسوية السلمية للأزمة السورية، وسط التطورات السياسية والميدانية الحاصلة على الأرض السورية.

استهل جميل كلامه بالحديث عن الوضع الجاري في مدينة حلب، معتبراً أن ما جرى فيها هو شيء هام، يجب وضعه بإطاره الصحيح، إذ أن «ما جرى هو مجرد خطوة باتجاه حل الأزمة السورية. أي أن الانعطاف الكبير المنشود لم يبدأ ولكننا بدأنا بالاقتراب منه». 

الحل السياسي: 

سلاح دمار شامل ضد الإرهاب..!

وحول الارتباط بين ما جرى في حلب والمخططات التقسيمية الغربية، أكد جميل: «تعرفون كلكم أن مدينة حلب لها أهمية استراتيجية، فهي بالمعنى الاقتصادي- السياسي المدينة الثانية في سورية، وبالمعنى الجغرافي- السياسي كان يبنى عليها آمال كبيرة من قبل الذين وضعوا مخططات لتقسيم سورية، لذلك فإن ما جرى في حلب، قد أبعد خطر التقسيم، أبعده كثيراً، ولا أقول أنه أنهاه، لأن القائمين عليه ما زال لديهم بدائل وخيارات أخرى أضعف وأقل أهمية سيحاولون استخدامها».

وشدد جميل على أن ما جرى بحلب، يؤكد حقيقة أن الصراع، بشكله العسكري، لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، وهو إن جرى في هذه المنطقة أو تلك، فآثاره محدودة، مؤقتة، وجزئية، أي أن الخيار العسكري فقط لا يمكن أن يكون الحل الشامل للأزمة السورية، فـ«الخيارات العسكرية أحياناً- مرحلياً وجزئياً وعلى مساحات محددة- ضرورية لحل أمور يفرضها التطور، ولكنها لا يمكن أن تحل، من أجل مكافحة الإرهاب، مكان السلاح الأساسي الذي تكلمنا عنه سابقاً في مكافحة الإرهاب، سلاح التدمير الشامل الضروري لمكافحة الإرهاب وهو الحل السياسي».

أوروبا والجلوس في المنزل

وعن حالة التخبط الغربي، شرح جميل: «عندما نرى اليوم في الإعلام الغربي، هذه الهستيريا غير المعقولة، وغير المسبوقة، ضد روسيا، يجب أن نفهم أن القضية ليست متعلقة ببقعة صغيرة نسبياً اسمها شرق حلب، هي عبارة عن بضعة عشرات من الكيلومترات المربعة بنهاية المطاف، فالقضية بالنسبة لـ«المهسترين» هي، أولاً: أن كل مخططاتهم، التي عملوا عليها لعشرات السنين، من أجل إطالة عمر أنظمتهم ومنظومتهم العالمية، قد أصيبت بضربة أليمة جداً تهدد أسس هذه الأنظمة كلها، وليس المخططات فقط، لذلك، فإن هولاند، وميركل، والإدارة الأمريكية الحالية وبريطانيا يعون تماماً ما يعملون، وهو ليس رد فعل اعتباطي، بل تعبير عن حالة من العجز، في ظل استعصاء مخططهم الكوني الذي عملوا عليه طويلاً، وهلعهم وخوفهم من ارتدادات هذا الاستعصاء عليهم أنفسهم.. إن شاء الله، سنلتقي نحن وإياكم بعد ستة أشهر، وسترون أن كل هؤلاء الذين يحكمون البلدان الأساسية لأوروبا الغربية قد جلسوا في بيوتهم ورحلوا، وشعوبهم هي من سترحلهم».

محاربة الإرهاب عملية سياسية أولاً

في سياق الحديث عن الإرهاب، أكد جميل أن «محاربة الإرهاب ليست عملية عسكرية فقط، فمحاربته هي عملية سياسية وليست عسكرية، والعملية السياسية ضرورية في سورية، من أجل استكمال مكافحة الإرهاب، بعد أن زال خطره المميت، الداهم، ولكن المهمة تبقى بوجوب استئصاله، لأنه إذا لم يستأصل فسيعيد إنتاج نفسه، وسيهجم من جديد بأشكال مختلفة، وهنا، نحن بحاجة لسياسات اقتصادية- اجتماعية تؤسس لهزيمة الإرهاب، على المدى المتوسط وعلى المدى الطويل»

وتابع جميل: «أنا لا أوافق على أن الحل السياسي يجب أن يبسط فهمه بطاولة جنيف، ومعارضة ونظام، واتفاق على توزيع المقاعد في الحكومة القادمة، الموضوع أعقد وأعمق من ذلك بكثير. الحل السياسي هدفه تغيير الاصطفافات الموجودة حالياً بين السوريين، أي تغيير الاصطفافات السياسية، وتغيير التحالفات، وتغيير التوازنات، ما يهدف في نهاية المطاف إلى توحيد بنادق السوريين ضد الإرهابيين، القادمين من الخارج، أو الموجودين في الداخل، هذا هو المطلوب من قبل الحل السياسي، والباقي تفاصيل».

لجولة جدية ونهائية من «جنيف» 

وعن العملية السياسية السورية، أكد جميل: «حينما نتكلم عن الإرهاب، نقصد أن نقول: أن العملية السياسية التي أسَّس لها القرار 2254، وفقط 2254 بكل ما يعنيه، يجب أن تبدأ، ولا يوجد حل آخر، فـ2254 يعني اتفاق السوريين على المرحلة الانتقالية، وبدء التعديلات الدستورية، وانتخابات مبكرة. هذه هي العملية السياسية، ولا يوجد غيرها، لا أحد يجب أن يتوهم ويظن أنه من الممكن أن يخترع عملية ثانية. فالبعض خلال معركة حلب ظن أنه قبر 2254، وهرب من جنيف، لكن اليوم هذا الاستحقاق يضع نفسه على الطاولة بكل معنى الكلمة، وبشكل جدي، والكل بدأ يدعو إلى جنيف، بوصفه عملية سياسية يجب أن تستعاد، ونريد أن تكون هذه الجولة جدية ونهائية».

نستطيع إعادة الإعمار بفترة قصيرة

حول مسألة إعادة إعمار سورية بعد الحرب، شدد جميل على أن «سورية بحاجة إلى مئات المليارات لإعادة إعمارها، الرقم الحقيقي لا يمكن أن تتخيلوه، ولكني كاقتصادي يمكنني أن أغامر وأقول أن الرقم المطلوب حتى تعود سورية لـ2011، بعد الخسائر المباشرة فقط، يتطلب الأمر ليس أقل من 300 مليار دولار، فيما يتطلب البناء اللاحق الحجم ذاته. نستطيع بناء سورية بفترة قصيرة، ولدينا تجربة ناجحة تاريخياً، وهي تجربة الاتحاد السوفييتي بعد الحرب».

وبصدد الحديث عن مصادر تمويل إعادة الإعمار، قال جميل: «المشكلة في الغرب، هي في كيفية نظرتهم لإعادة إعمار سورية، هم الذين هدموها، وهم من يسيل لعابهم اليوم على إعادة إعمارها، وكأن لدينا عقدة نقص تجاه استثماراتهم. القضية التي يجب أن تحلها المفاوضات السياسية- بوجود الأمم المتحدة- هي قضية التعويضات التي يجب أن تدفع لسورية من الذين ساهموا بتدميرها بشكل مباشر، أو غير مباشر، ويجب أن توضع هذه التعويضات في صندوق سيادي سوري، ويقرر السوريون كيفية استخدامه».

قريباً ستعلن نتائج

 المشاورات بين المعارضة

أما عن تفاصيل المفاوضات السورية، أكد جميل أن «صيغة وفد للنظام و3 وفود للمعارضة هي غير مقبولة، بل وتخريب للعملية السياسية. حتى نؤمن سير العملية السياسية، يلزمنا وفد حكومة ووفد معارضة. اليوم، لا أخفي عليكم، هناك مشاورات بين أطراف عديدة من المعارضة،  ستأتي نتائجها خلال الفترة القادمة، والهدف هو تشكيل وفد واحد، وهذا ممكن. فنحن رغم خلافاتنا مع وفود من المعارضة الخارجية، لا نريد إقصاء أحد، ولن نعاملهم بالمثل، وسنصر على وجود الجميع».

وتابع جميل: «المعارضة الوطنية الحقيقية والتاريخية للنظام، والتي لم يصنعها أحد، تتجمع حولها اليوم أطراف عديدة، بينما المعارضة الخارجية قد تخلى عنها داعموها مادياً وسياسياً. نطلب من جميع السوريين أن يعيدوا النظر بمواقفهم وآرائهم، ونحن مستعدون لوفد المعارضة الجامع بشكل عادل، دون إقصاء لأحد، وقريباً ستعلن نتائج المشاورات الجارية، بين أطراف المعارضة السورية».

معلومات إضافية

العدد رقم:
789
آخر تعديل على السبت, 17 كانون1/ديسمبر 2016 17:41