بلاغ عن انعقاد المؤتمر المنطقي لمنظمة دمشق

انعقد المؤتمر المنطقي لمنظمة دمشق للحزب الشيوعي السوري يوم الجمعة في 1/2/2002 في قاعة مزينة بالأعلام الوطنية والحمراء. بدأ المؤتمر أعماله بالنشيد العربي السوري، وافتتح المؤتمر الرفيق محسن الأيوبي أمين اللجنة المنطقية السابقة الذي تقدم باقتراح باسمها حول تشكيل هيئة الرئاسة التي أقرها المؤتمر. ومن ثم صدق المؤتمر على عملية انتخاب المندوبين إليه حسب اللائحة الانتخابية التي أقرتها اللجنة المركزية لهذه الدورة الانتخابية.

عرض الرفيق أيمن بيازيد تقرير اللجنة المنطقية السابقة عن نشاطها الممتد بين مؤتمرين انتخابيين. تناول  التقرير أهم ملامح الوضع العربي والدولي والداخلي. وأوضح أن اشتداد عدوانية الإمبريالية الأمريكية في الظروف الحالية مرتبط بتعمق أزمة نظامها الرأسمالي التي اشتدت بسبب تفاعل جملة من التناقضات تنبأ بها الحزب منذ أوائل التسعينات بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وأكد في حينه أن هذه التناقضات المتمثلة بالتناقض بين العمل والرأسمال وبين المراكز الإمبريالية نفسها وبين الشمال الغني والجنوب الفقير، هي التي ستحدد مسار التطور اللاحق. وفعلاً برهنت أحداث ما بعد 11 أيلول على أن أزمة النظام الرأسمالي العالمي مستعصية ولا مخرج منها والحرب التي تقوم الإمبريالية الأمريكية، ما هي إلا محاولة للهروب من الأزمة الحقيقية، ولكن نتيجة اشتداد عدوانية الإمبريالية الأمريكية، يشتد ساعد قطب الشعوب وتتطور إمكانية مواجهته الناجحة لاحقاً لمحاولات فرض القطب الأوحد.
وينعكس الوضع الدولي على الوضع العربي بشكل متفاوت. فأكثرية الأنظمة العربية تعمل على إرضاء الإمبريالية الأمريكية للحفاظ على مواقعها، مما يزيد من الغضب المكتوم بين أوساط الجماهير الشعبية الواسعة، ويعبر الموقف من الانتفاضة الفلسطينية التي تعيش اليوم لحظات خطيرة وحاسمة عن هذا الواقع المتناقض. فالانتفاضة الفلسطينية تسجل اليوم أروع ملاحمها في التصدي والصمود للغطرسة الإجرامية الإسرائيلية، وهي تنتظر دعم الشعوب العربية لها، الذي تعيق الأنظمة الرسمية التعبير عنه، ولن يُحل كل هذا التناقض إلا بانتزاع الجماهير لأبسط حقوقها الديمقراطية من أجل التعبير عن رأيها ومواقفها. إن الانتفاضة الفلسطينية اليوم هي تعبير ملموس عن بؤر مقاومة العولمة المتوحشة التي تتكاثر في العالم وتلفه من شرقه إلى غربه، والتي يكمن جوهر نشاطها في «العودة إلى الشارع»، هذه العودة التي تفرض بالتدريج موازين قوى جديدة قادرة على لجم مخططات الهيمنة الإمبريالية في العالم.
أشار التقرير إلى التغييرات الإيجابية في المناخ السياسي في  البلاد في الفترة الأخيرة، والتي تمثلت بإطلاق سراح دفعات من المعتقلين السياسيين، وبسن قانون المطبوعات وبإقرار حق أحزاب الجبهة بإصدار صحافتها المستقلة، وأكد على ضرورة الاستمرار في هذا الاتجاه نحو رفع الأحكام العرفية وقانون الطوارئ وإصدار قانون الأحزاب وإطلاق سراح باقي المعتقلين السياسيين، مما سيساهم في توطيد الوحدة الوطنية الشاملة في هذه الظروف بالغة الحساسية التي تمر بها المنطقة والبلاد، بسبب الضغط المتزايد الوقح للأوساط الإمبريالية الأمريكية والصهيونية.
ورأى التقرير أن التوجهات الاقتصادية ـ الاجتماعية يجب أن تخدم أيضاً هذا الاتجاه، مما يتطلب الإيقاف النهائي للنهب البرجوازي الطفيلي والبرجوازي البيروقراطي الذي يضعف الاقتصاد الوطني ويساهم في تدهور المستوى المعاشي للجماهير الشعبية، من هنا تأتي أهمية الحذر والتريث في سن التشريعات والقوانين الاقتصادية المختلفة وخاصة فيما يخص البنوك الخاصة والأسواق المالية، التي ستتحول في الظروف الملموسة الحالية إلى أداة جديدة لنهب الدولة والمجتمع معاً،  إذا لم تكسر آليات النهب السابقة. ورأى التقرير أن نجاح حملة مكافحة الفساد مرتبط ارتباطاً عضوياً بمكافحة النهب الكبير.
استنتج التقرير أهمية تطوير وتوطيد دور المنظمة في هذه الظروف واضحة المعالم، والتي أضحى تنفيذ مهام الحزب فيها ضرورة مصيرية من أجل استعادة دوره بين الجماهير الشعبية وفي حياة البلاد السياسية، وأوضح أن البون الشاسع الذي خلقته القيادة الحالية للحزب بممارساتها بعد المؤتمر التاسع، بين القول والفعل، بين الإعلان والتطبيق، بين الخط المقرر والممارسة، يعبر عن ابتعادها عن خط الحزب المقرر في مؤتمراته نتيجة لعدم ثقتها بالمستقبل وبجماهير الشعب وبقواعد الحزب، مما دفعها إلى مواجهة لم يسبق لها مثيل مع قواعد الحزب وكوادره استخدمت فيها كل أدواتها القمعية بعيداً عن النظام الداخلي والأسس  اللينينية في التنظيم، وحتى الأخلاق الشيوعية أحياناً، واستعرض التقرير مواقف اللجنة المنطقية المبدئية التي اتخذتها في الوضع الناشئ، ابتداءً من الالتزام بنتائج المؤتمر التاسع، وصولاً إلى شعار «لا انقسام ولا استسلام»، واستنتج أهمية  انعقاد مؤتمر استثنائي للحزب تكون مهمته بحث وسائل استعادة الحزب لدوره من أجل حركة شيوعية موحدة قوية طليعية الدور في مواجهة أي نهج انقسامي تصفوي.
ثم تناول التقرير نشاط المنظمة في المجال الجماهيري والتنظيمي والنقابي، وأوصى بضرورة الاستفادة من التجارب الإيجابية السابقة وتعميقها، وتجاوز كل السلبيات التي تعيق تطور العمل اللاحق، من أجل التحقيق الملموس لعودة الحزب إلى الجماهير.
دَاخَل حول التقرير 27 رفيقاً ورفيقة، أبدوا ملاحظات وآراء جوهرية حول مستقبل الوضع في المنظمة والحزب والبلاد، وعبروا عن تأييدهم لنشاط اللجنة المنطقية السابقة وأكدوا أن نقل سياسة الحزب في القضايا الوطنية والاقتصادية ـ الاجتماعية والديمقراطية إلى التطبيق العملي يتطلب جهوداً مضاعفة وتضحية ونكران ذات من قبل مجموع المنظمة، وأصروا على مسؤولية الهيئات القيادية في إنجاح هذه العملية أو عدمه.
أكد المندوبون أن الدفاع عن وحدة الشيوعيين في مواجهة النهج التصفوي للقيادة الحالية هو مهمة وطنية كبرى وجزء لا يتجزأ من المعركة الجارية في البلاد من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية وتعزيزها.
عبر المؤتمر عن شكره وتقديره لجميع منظمات الحزب في البلاد التي تضامنت مع منظمة دمشق تجاه موجة القمع والتنكيل المنفلتة من عقالها، وأعلن بدوره تضامنه معها، وطالب بالعودة عن كل الإجراءات القمعية التنكيلية التي اتخذت ضد أي رفيق أو منظمة في الحزب بعد المؤتمر التاسع.
وفي نهاية النقاش وافق المؤتمر بالإجماع على تقرير اللجنة المنطقية، ومن ثم انتقل إلى انتخاب اللجنة المنطقية الجديدة الذي جرى على أساس المبادئ المقرة في اللائحة الانتخابية: ترشيحات أكثر من العدد المطلوب والتصويت السري، وبعد فرز الأصوات فاز الرفاق التالية أسماؤهم بعضوية اللجنة المنطقية: أيمن حفار، سهيل قوطرش، محسن أيوبي، قدري جميل، عبدو عبد الغني، أيمن بيازيد، علاء الدين عرفات، مأمون أومري، صالح نمر، موفق اسماعيل، مظهر دمشقي، عروب المصري، عبادة بوظو.
وقد اجتمعت اللجنة المنطقية فور انتخابها وانتخبت الرفيق علاء الدين عرفات أميناً  لها، حيث ألقى كلمة ختامية حول أعمال المؤتمر أكد فيها على ضرورة الانتقال فوراً إلى تنفيذ قراراته المستندة إلى قرارات المؤتمر التاسع للحزب، ودعا الرفاق إلى التمركز على المهام الأساسية وعدم الانجرار إلى أجواء المهاترات غير المسؤولة التي تحاول بعض الأوساط إشاعتها.
وأنهى المؤتمر أعماله بالنشيد الأممي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
168