»وثيقة» مشبوهة تصدر في كندا.. ويستفيد منها البعض في سورية:
اكذبوا.. ثم اكذبوا!!
لم يكتف أعداء الشعوب بإطلاق أكاذيبهم كيفما اتفق.. بل أسسوا لها فلسفة تجعل لتلك الأكاذيب والشائعات مكاناً ما في الأذهان.. وهذا ما سبق أن دعا إليه غوبلز من خلال «حكمته» الشهيرة القديمة ـ الجديدة، والتي تقول: «اكذبوا ثم اكذبوا، ثم اكذبوا، فلا بد أن يعلق شيء في أذهان الناس»..
ولا ننسى، ونحن في السياق ذاته، ترابط أكذوبة غوبلز الكبرى مع المقولة الصهيونية المتبعة بشكل دائم، والتي تقول: «توجيه الاتهام العشوائي، هو نصف إدانة»!
أكاذيب «الإقطاع السياسي»
وضمن هذا المسار، قامت أوساط ورموز متنفذة من القيادة الحالية للحزب، في بداية عام 2000 وقبل انعقاد المؤتمر التاسع، بنشر وثيقة مزيفة تدعي أن منظمة أوكرانية مشبوهة قامت بتقليد وسام ستالين لمجموعة من القادة ومنهم شخصيات شيوعية بارزة... بينهم: صدام حسين، ومعمر القذافي، وعبد الله أوجلان... وتم إقحام اسم الرفيق د. قدري جميل في هذه القائمة!! وذلك بقصد خلق حالة من البلبلة والتشويش في أذهان الرفاق لتأكيد مزاعم تلك الأوساط في حملاتهم المسعورة للنيل من سمعة الحزب تسهيلاً لمهمة البعض في الهيمنة على مقدرات الحزب وتحويل الرفاق إلى بيادق مشلولة ضمن عقلية «الإقطاع السياسي» التي يسعون لتكريسها.
وقد ظلت تلك الوثيقة المشبوهة ضيقة التداول وواسعة الانتشار من خلال الحديث عنها لأسباب مجهولة... وكان قد ادعى أحد أعضاء المكتب السياسي أنها سرقت من طاولته في مكتب الحزب وجرى تصويرها وتداولها... إلى أن حصلنا مؤخراً على صورة عن هذه الوثيقة الأكذوبة المشبوهة.. وبعد دراستها تبين التالي:
حقائق تدحض الأكاذيب
* إن الناشر هو مجلة كندية هي «نورث ستار» أي «نجمة الشمال»، والصادرة في كانون ثاني 2000.
والجدير بالذكر أن الأوساط الكندية المرتبطة بهذه المجلة قد حضرت اجتماع لينينغراد للأحزاب الشيوعية في تشرين الثاني 1997 بمناسبة الذكرى الثمانين لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى، وقد امتنعت عن توقيع البيان الختامي لهذا اللقاء لورود تعبير فيه هو: «الصهيونية رأس حربة الإمبريالية العالمية» وطلبت حذفه كي توقع، وأمام إصرار ممثل حزبنا على إبقاء هذه الصيغة كما هي رفضوا التوقيع عليه.
*حملت المادة المنشورة في تلك المجلة مجموعة من المفارقات الملفتة للانتباه، حيث ورد أن وسام ستالين قد منح بمناسبتين مشتركتين وهما: الذكرى الـ (75) لثورة أكتوبر (والتي تصادف عام 1992)، والذكرى الـ (120) لميلاد ستالين (والتي جاءت عام 1998)... وهذا الجهل المفبرك بالمساحة الزمنية بين المناسبتين، يؤكد جهل مفبركي تلك الوثيقة بالتاريخ.. وهو من أبسط الأمور التي سرعان ما يتبين منها المفارقة المضحكة بصياغة المناسبتين التي منح على شرفهما هذا الوسام.. حيث يصلون بالاستخفاف بعقول الناس إلى درجة أنهم يكذبون دون صياغة أو حبكة لتلك الأكاذيب، والسنوات الست التي تفصل بين المناسبتين ليست بمشكلة!!..
* جاء في «الوثيقة» أن الوسام منح من الحزب الشيوعي الأوكراييني البلشفي.. وبعد السؤال والتدقيق تبين عدم وجود أي حزب بهذا الاسم؟!.. مع العلم أن الجهة الوحيدة صاحبة الحق في منح هذا الوسام «الحقيقي» هي حصراً مؤتمر نواب الشعب في الاتحاد السوفييتي ورئيسته الرفيقة ساجا أومالاتوفا..
* وقد تجاهل ناشرو الوثيقة في سورية عدداً كبيراً من الأسماء التي وردت في المجلة المشبوهة، وهي أسماء ناصعة البياض ومعروفة بتاريخها النضالي للجماهير وعلى الصعيد العالمي، أمثال: البطل الشيوعي ألفريد روبكس الحائز على وسام ثورة أكتوبر والذي قبع في سجون الديكتاتورية في البلطيق ست سنوات بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وهو أحد قادة الشيوعيين السوفييت واللاتفيين، كما تجاهلت الوثيقة الموزعة في سورية اسم الرفيقة اليكا باباريكا الأمين العام للحزب الشيوعي اليوناني ولودو مارتينز قائد حزب العمل البلجيكي... وغيرهم..
مَن وراء الخلط الكاذب؟!!
إن إقحام أسماء مناضلين معروفين على نطاق العالم في تلك الوثيقة مع أسماء أخرى لها إشكالياتها، توصل القارئ الغربي الموجهة له هذه الوثيقة لأهداف محددة ترمي إلى الإساءة لهؤلاء القادة الشيوعيين المعروفين على نطاق الحركة الشيوعية العالمية... من هنا يحق لنا أن نسأل ونخمن: من وراء هذا الخلط الكاذب، ولمصلحة من تصب تلك الفبركة السوداء؟!..
* لقد ربط ناشرو الوثيقة الأكذوبة بين اسم ستالين وبين منظمة أوكرانية مشبوهة.. وبالتالي الوصول إلى استنتاجات لا تحمل نقيضها: إما أن ستالين مشبوهاً وإما أن المنظمة المشبوهة التي منحت هذا الوسام ستالينية... وما علينا إلا أن نختار بين خيارين لا أساس لهما من الصحة... هذا هو ما يريدون أن يضعونا أمامه!!..
* توجهنا للرفيق د. قدري جميل بالسؤال عن الموضوع وملابساته فأبدى استغرابه لهذه «الوثيقة» المتناقضة جملة وتفصيلاً.. وأضاف: المضحك في الموضوع التناقضات الفجة لهذه «الوثيقة»، من حيث الزمان والأشخاص والجهة المزعومة المانحة للأوسمة.. وتلك المفارقات الغبية، لا تنطلي حتى على الجهلة!!..
مع العلم أن الرفيق د. قدري جميل كان له الشرف في منحه وسام ثورة أكتوبر في اجتماع رسمي أقيم في موسكو يوم 12/11/1997 من قبل المجلس الدائم لمؤتمر نواب الشعوب السوفييتية الذي اقر ذلك بتاريخ 29 تشرين أول 1997، وقد نشرت «نضال الشعب» الناطقة باسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري الخبر مع تفاصيله في حينه.
كاسالابوف.. ينفي الأكذوبة
* جاء في «وثيقة» الأكذوبة أنها موقعة من قبل الرفيق ر. كاسالابوف، الأكاديمي والعالم الروسي المعروف وأحد قادة الحزب الشيوعي السوفييتي مؤخراً... وقد قمنا بالاتصال بالرفيق كاسالابوف للسؤال عن حقيقة هذه الوثيقة المزعومة. وبشكل سريع بعث إلينا برده الموقع من قبله ومن الرفيق أوليغ شينين رئيس اتحاد الأحزاب الشيوعية (الحزب الشيوعي السوفييتي). جاء حرفيا ًفي الرسالة:
»إن ريتشارد أيفونوفيتش كاسالابوف لا علاقة له على الإطلاق بالمادة المنشورة في «نورث ستار» عدد كانون الثاني 2000 » !!..
(نرفق نص الرسالة).
القافلة تسير دوماً إلى الأمام!!
إن حبل التآمر ممتد من أقاصي الأرض ليلف عنق الحقيقة ويلويها...وتمسك به الأيادي القذرة لتبرر وجودها الهش على حساب الشعارات الثورية الطنانة... وكلنا مدعوون لكشف تلك الأيادي والعقول التآمرية لتبقى الحقيقة ناصعة وساطعة رغم مكائد خفافيش الظلام...
اكذبوا.. ثم اكذبوا.. فالقافلة تسير دوماً إلى الأمام!!..