عندما يلهو الكبار ..
منذ سنةٍ تقريباً امتلأت سورية بجماعاتٍ مسلحةٍ شديدة التنظيم، قامت بتنفيذ عمليات تخريبية على كامل التراب السوري، إلا أن أحداً لم يلتفت لها أو يقلق بشأنها ...
ما ميزها آنذاك أن طول أعضائها لم يزد عن 130 سم، ما أتاح لهم سهولة الحركة في الحارات و الأحياء ومداخل الأبنية، أما عن اللباس فلم تعتمد تلك الجماعات لوناً محدداً، بل تنوعت اختياراتها بين الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق، بالمقابل تنوعت الأسلحة والمعدات التي استخدمتها من «الفتّيش» والصواريخ والديناميت، إضافة للمسدسات والبنادق البلاستيكية الملونة.
منذ سنة فقط كان العنف مجرد لعبة، وكابوساً بعيداً لا يمكن تخيله، كان المرء يتأمل الأطفال الصغار وهم يخوضون معاركهم الوهمية ضد أعداء متخيلين، يخططون مؤامرات صغيرة للهجوم على خصمٍ من حارة أخرى، أو إثارة فزع فتاة تعيش في الطابق العلوي بصوت انفجار الألعاب النارية، ربما انشغل بعض الأهالي آنذاك بمراقبة تلك الأنشطة الخرقاء، ربما لاحظوا بأن في بعض تلك الألعاب عنفاً ومكراً، وربما فكر بعضهم باستبدال تلك الأسلحة البلاستيكية بألعاب أكثر طفوليةً وأمناً في المرات القادمة، أو منع أطفالهم من مشاهدة توم وجيري لما يحتويه من مقالب عنيفة!! إلا أن حدسهم الأبوي وخيالهم الخصب عجز حينها عن رسم صورة لما سيكون الوضع عليه بعد عامٍ فقط.
لم يخطر ببال أحد أن الأسلحة البلاستيكية ستستبدل بأخرى حقيقية، وأن خوف الأهل من وقوع طفلهم عن دراجته سيتحول إلى خوف من خطر يهدد حياته.
لم يعد الأهل يكترثون للرسوم المتحركة التي يشاهدها الأطفال، لأن أولادهم الآن يعتادون تناول طعام الغداء وهم يشاهدون نشرات الأخبار وصور الشهداء.
والأطفال بدورهم احتلوا شاشات التلفاز في العيد كما دوماً، إلا أن صورهم وهم يلعبون بالأراجيح بينما تغني فيروز «عم يلعبوا الولاد تحت السما الزرقا...».. استبدلت بصورة صادمة لأطفالٍ قتلوا أو عذبوا..
بماذا يفكر الأطفال اليوم وبماذا يحلمون؟ ربما لم يدركوا بعد لماذا أصبح صوت الألعاب النارية هذا العام أشد صخباً وأقل متعة؟ لماذا تكثر الوحوش في أحلامهم؟ لماذا فقدوا الرغبة بلعبة الشرطة والحرامية بعد أن اختلطت الأدوار؟ أو لماذا يرغبون أن يضمهم أحد ما بشدة؟