الافتتاحية عام 2006 من الدفاع إلى الهجوم المعاكس

 يشارف عام 2006 على الانتهاء، وإذا أجرينا تقييماً شاملاً لمحصلة الصراع بين الإمبريالية العالمية وقوى الشعوب في هذه الفترة الزمنية القصيرة لرأينا أنه قد تم تحقيق انتصارات هامة خلال هذه الفترة، تعكس ميلاً عاماً يتسم ببداية انكفاء القوى الإمبريالية وصعود قوى الشعوب.
ففي أمريكا اللاتينية تهاوت خطوط دفاع الإمبريالية الأمريكية الواحدة تلو الأخرى وأخرها كان الانتصار الباهر لتشافيز في فنزويلا ليؤكد هذا الميل الذي جعل من هذه  القارة حصنا ً أساسياً على المستوى العالمي في مقاومتها لهيمنة الإمبريالية وإسقاط مشاريعها.
وفي الطرف الآخر من الكرة الأرضية خطت كوريا الديمقراطية خطوة جبارة  بامتلاكها السلاح الذري كسلاح ردع لأية نوايا عدوانية تجاهها، وفرضت نفسها بقوة في الساحة الدولية ملهمة الشعوب، ومؤكدة أن من يقاوم ينتصر.

وفي منطقتنا أثبتت حرب تموز في لبنان كم هي عاجزة الآلة العسكرية الإسرائيلية التي كانت تسمى «الآلة التي لاتقهر»، أمام الإرادة الشعبية وفي مواجهة تنظيم أعلى مستوى منها، بل إن القوى الوطنية اللبنانية اليوم انتقلت إلى الهجوم المعاكس باعتصامها لتفعيل النتائج السياسية لانتصارها العسكري  مانعة إجهاضه.
كل ذلك يؤكد ماأتى عليه الشيوعيون السوريون منذ أوائل القرن الحالي في  مختلف وثائقهم حينما أكدوا أن ملامح الأزمة الإمبريالية الأمريكية تؤكد تباشير انهيار قادم لها في المدى المنظور، الأمر الذي لن يحدث دون مواجهتها بشجاعة، وممانعتها بجرأة وحكمة، مما سيفضي إلى تغيير هائل في ميزان القوى العالمي، ودخول البشرية في عصر جديد رغم كل المظاهر المحبطة التي تطفو على السطح أحياناً.
من هنا  وآخذين بعين الاعتبار كل هذه المتغيرات نعتقد أن كل الظروف تتكون للانتقال من الدفاع إلى الهجوم المعاكس على كل الجبهات الوطنية العامة، والاقتصادية ـ الاجتماعية والديمقراطية.
لقد كانت القوى الحية والشريفة في المجتمع السوري، داخل النظام وخارجه حتى الآن، في حالة دفاع على الجبهة الوطنية العامة، كانت تدافع عن الاستقلال الوطني والسيادة الوطنية، وعلى الجبهة الاقتصادية ـ الاجتماعية كانت تصد موجات الليبرالية الجديدة ومخططاتها المختلفة، وخاصة مايمس مصير قطاع الدولة ومحاولات خصخصته بأشكال معلنة أو مستورة، وعلى الجبهة الديمقراطية كانت تصد الهجوم الديمقراطي الأمريكي المزعوم الذي يعطي الحجة لقوى الفساد كي تشدد قبضتها على حركة الجماهير مانعة إياها من الانطلاق دفاعاً عن كرامة الوطن والمواطن.
ولكن اليوم فالوضع يجب أن يتغير، فعدم الانتقال إلى الهجوم المعاكس، والبقاء في حالة دفاع هو بمثابة الموت للقوى الوطنية الشريفة، فإذا كانت المقاومة حتى الآن تجري في الاقتصاد وفي المجتمع، فالوضع اليوم يتطلب حسم الأمور الأساسية كي تتحول المقاومة إلى مقاومة بالاقتصاد وبالمجتمع، وهكذا لايمكن التغلب عليها بل تصبح محكومة بالانتصار.
فالانتقال إلى الهجوم المعاكس على الجبهة الوطنية العامة يعني أول مايعنيه وضع قضية تحرير الجولان على رأس جدول الأولويات العملية.
والانتقال إلى الهجوم المعاكس على الجبهة الاقتصادية ـ الاجتماعية يعني خلق اقتصاد مقاومة، وتكنيس أوهام ومخططات الليبرالية الجديدة التي تحولت إلى أداة إضعاف للوحدة الوطنية.
والانتقال إلى الهجوم المعاكس على الجبهة الديمقراطية يعني إطلاق الحريات السياسية للجماهير الشعبية بالدرجة الأولى، كي تستطيع مواجهة وشل قوى العدوان ومن لف لفها في الداخل والخارج.
إن عام 2007 هو عام الهجوم المعاكس على كل الجبهات وفي كل العالم، وسيرى الأعداء وكل قوى الشر أي منقلب سينقلبون.