كي لا نفقد البوصلة..
اتفق مع ما جاء في مشروع الموضوعات البرنامجية حول المرجعية الفكرية والاشتراكية وأزمة الرأسمالية والوضع السياسي الإقليمي والدولي ومهام الشيوعيين.. أما البندان (17 ـ 18) من التحديات الوطنية الكبرى اللذان يتحدثان عن الفساد، والبنود (19 ـ 20 ـ 21) من القضية الاقتصادية ـ الاجتماعية التي تتحدث عن الليبرالية، فإنها تستحق الوقوف عندها أكثر ومناقشتها، كون الفساد والليبرالية يمثلان ثقافة وأيديولوجية البرجوازيتين البيروقراطية والطفيلية.
فالسياسة التي توجه بوصلة الشيوعيين تقوم على الارتباط بين المهام الوطنية والاقتصادية ـ الاجتماعية والديمقراطية جدلياً، كما أن القضية الاقتصادية ـ الاجتماعية تتطلب بشكل جدلي تحديد الموقف الطبقي من شرائح البرجوازية السورية، وعلى هذا الخط سار الشيوعيون السوريون لعشرات السنين قبل بدء حالة التراجع والانقسام في الستينيات وبعدها، وهكذا حلل الحزب مبكراً إمكانية ظهور برجوازية بيروقراطية في جهاز الدولة عندما تم توسيع قطاع الدولة الاقتصادي وتوجيه ضربات كبرى للبرجوازية الكبرى، «إذ لم يترافق ذلك مع توسيع الحريات الديمقراطية في المجتمع...» (خالد بكداش ـ سورية على الطريق الجديدة ـ 1965م)، هذه الطبقة التي تطورت عن البرجوازية الصغيرة، وهي تتطور باستمرار من خلال نهب الدولة وتخسير القطاع العام وإفساده. كذلك حلل أسباب ظهور البرجوازية الطفيلية خارج جهاز الدولة حيث ظهرت على مرحلتين في السبعينيات والثمانينيات وتطورت في الثمانينيات، وتتطور باستمرار ،وتقوم بنهب الشعب.
أنتجت هاتان البرجوازيتان لنفسيهما ثقافة وأيديولوجية وممارسة رجعية تتمثل في الفساد والليبرالية، وقد دلت الأحداث أن مصالحهما واحدة ومرتبطة مع بعضها بشدة (قانون العمل الأخير ـ تحرير ارتفاع الأسعار الجنوني ـ رفع الدعم ـ خصخصة دعائم الاقتصاد الوطني والصمود...).. وأخطر شرائح البرجوازية هو الكومبرادور وسيط الرأسمال الإمبريالي العالمي في البلاد (الاحتكارات)، وهذه الشريحة تطورت نتيجة وجود مناخ ملائم لنشاطها، وهي السياسات الاقتصادية الليبرالية للحكومة، والتي وصلت إلى قمتها في الخطة الخمسية العاشرة، وقد أثبتت الحياة مدى كارثية نتائجها. كما يُلاحظ أنه قد ازداد دور ما يسمى بفئة «رجال الأعمال»، وما هم إلا البرجوازية الجديدة (الرأسماليون الجدد) الذين بات دورهم واضحاً في المجال الاقتصادي والاجتماعي، وهذا شيء خطير في ظل تراجع دور الدولة التدخلي.
أعتقد أنه من الدقة، وكي لا نفقد - نحن الشيوعيين - البوصلة الطبقية، أن نحلل دور البرجوازية السورية بكل شرائحها في تجليات الصراع الطبقي في البلاد، وذلك في الاجتماع الوطني التاسع لوحدة الشيوعيين السوريين كونه محطة هامة في مسيرة وحدة الحزب واستعادة دوره الوظيفي وعودته إلى الجماهير.. وهو ما تمليه علينا المهام الوطنية والاقتصادية- الاجتماعية والديمقراطية، وفي هذا السياق أنا أتفق حول ما طرحه الرفيق سمير عباس (قاسيون العدد 455) حول الدور الهامشي للبرجوازية الصناعية وعدم وجود أي دور تقدمي للبرجوازية السورية التقليدية بعد ما جرى من مياه في الاقتصاد الوطني..
فنحو إنجاح الاجتماع الوطني التاسع لوحدة الشيوعيين السوريين يا رفاق.