ما الذي تعنيه عودة 2254 إلى الواجهة؟
بعد فرار الأسد، تراجع مستوى الحديث الدولي والإقليمي عن القرار 2254 الصادر نهاية العام 2015، والخاص بحل الأزمة السورية. في حينه، أكدت أصوات قليلة -بينها قاسيون- على أن القرار 2254 ما يزال صالحاً من حيث الجوهر، وما يزال خارطة الطريق الصحيحة من أجل خروج حقيقي من المأزق السوري، واقترح «الإرادة الشعبية» في حينه تعديلاً على القرار يحل الحوار بين السوريين، محل الحوار بين المعارضة والنظام، باعتبار أن كليهما بات جزءاً من الماضي بعد 8 كانون الأول 2024، مع الحفاظ على خارطة الطريق الموجود في القرار، والتي تستند إلى وحدة سورية أرضاً وشعباً، وإلى عملية سياسية شاملة بقيادة سورية وملكية سورية تؤدي إلى انتقال سياسي حقيقي يتضمن حكماً شاملاً غير طائفي وصياغة لدستور جديد وانتخابات حرة ونزيهة، وبكلمة: يؤدي إلى تمليك الشعب السوري حقه في تقرير مصيره بنفسه.
في البيان الرئاسي الأخير الصادر عن مجلس الأمن الدولي يوم أمس الأحد 10 آب، وفي الإحاطة الأخيرة للمبعوث الأممي لسورية غير بيدرسن، عاد 2254 إلى واجهة الخطاب الدولي والأممي بما يخص سورية، وهذا أمر له معنى عميق ينبغي إدراكه والتعامل معه بما يخدم السوريين وبلادهم.
عودة القرار إلى واجهة الحديث مجدداً، تعني في الجوهر أن الاستعصاء الذي كان قائماً أيام الأسد، وأن الأزمة التي كانت قائمة، ما تزال قائمة من حيث الجوهر؛ وربما من المفيد التذكير هنا ببعض ما قلناه في بيان لحزب الإرادة الشعبية يوم 8 كانون الأول 2024، أي يوم فرار الأسد؛ قلنا في حينه: «تجارب الشعوب المختلفة تثبت أن رحيل السلطة لا يعني رحيل النظام، وأن عملية تغيير النظام تغييراً جذرياً شاملاً، سياسياً واقتصادياً- اجتماعياً، هي عملية أشد تعقيداً بكثير من مجرد رحيل رئيس وقدوم رئيس». وقلنا أيضاً: «ما يطالبنا به وطننا اليوم، كسوريين، هو أن نعمل معاً لتأمين انتقال سلس وسلمي للسلطة، بحيث يتم في هذه المرحلة تشكيل مرجعية جامعة وظيفتها تأمين الوصول إلى الدستور الجديد والانتخابات الحرة النزيهة الديمقراطية، لتمكين الشعب السوري من تقرير مصيره بنفسه، والاستناد في ذلك إلى القرار 2254 الذي ما يزال صالحاً تماماً كخارطة طريق لمرحلة انتقال سياسي سلمي وسلس نحو سورية موحدة بالكامل، شعباً وأرضاً».
عودة القرار إلى الواجهة مجدداً، يعيد التأكيد على أن المهمة الجوهرية في تغيير النظام تغييراً جذرياً شاملاً ما تزال قائمة، وباتت أكثر إلحاحاً، لأن التأخر في تنفيذها بات يهدد وحدة الشعب والبلاد. والمدخل الفعلي لهذا التغيير هو جوهر القرار 2254، وخطوته الملموسة الأولى هي: «المؤتمر الوطني العام».