«الحرب تستحق أن تشن»: احتياطيات أفغانستان الضخمة من المعادن والغاز سبب عدوان «الناتو» عليها!
تمّ تقديم العدوان على أفغانستان وغزوها في العام 2001 إلى الرأي العام العالمي بوصفه «حرباً عادلة»، حرباً لمجابهة الطالبان والقاعدة، حرباً للتخلّص من «الإرهاب الإسلامي» وإحلال ديمقراطيةٍ من الطراز الغربي.
نادراً ما تمّ ذكر الأبعاد الاقتصادية لـ«الحرب العالمية على الإرهاب». فقد استخدمت حملة «مكافحة الإرهاب» التي أعقبت أحداث الحادي عشر من أيلول للتمويه على الأهداف الحقيقية لحرب الولايات المتحدة والناتو.
لكن في الحقيقة، الحرب على أفغانستان هي جزءٌ من برنامجٍ استراتيجي أوسع وأشمل ذي هدفٍ ربحي: إنّها حرب غزوٍ اقتصاديٍّ ونهب، إنها باختصار شديد «حرب موارد»!.
معلومات للبنتاغون حصراً.. وليست للإعلام
في حين من المتعارف عليه أنّ أفغانستان بؤرةٌ استراتيجيةٌ في آسيا الوسطى، تقع على حدود الاتحاد السوفييتي السابق والصين ونقطة تقاطع خطوط أنابيب النفط واحتياطيات النفط والغاز الطبيعي، ظلّت ثرواتها المعدنية الهائلة واحتياطياتها غير المستثمرة من الغاز الطبيعي مجهولةً كلياً بالنسبة للرأي العام الأمريكي حتى شهر حزيران 2010.
وفق تقريرٍ مشتركٍ للبنتاغون وهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية، تمتلك أفغانستان اليوم، كما يقال، احتياطياتٍ غير معروفةٍ سابقاً وغير مستغلةٍ من المعادن، تقدّر قيمتها بألف مليار دولار. (نيويورك تايمز، الولايات المتحدة تعيّن ثرواتٍ معدنية هائلة في أفغانستان، 14 حزيران 2010. انظر أيضاً هيئة الإذاعة البريطانية، 14 حزيران 2010).
«الترسبات غير المعروفة سابقاً ـ وهي تتضمن عروقاً من الحديد والنحاس والكوبالت والذهب ومعادن صناعية بالغة الأهمية مثل الليتيوم ـ هائلة الحجم وتتضمن العديد من المعادن الأساسية للصناعة الحديثة، قد تحوّل أفغانستان في نهاية المطاف إلى واحدٍ من أهمّ مراكز التعدين في العالم»، كما يعتقد المسؤولون في الولايات المتحدة.
تورد مذكّرةٌ داخليةٌ خاصةٌ بالبنتاغون، على سبيل المثال، أنّ أفغانستان قد تصبح «مثل السعودية بالنسبة لمعدن الليتيوم»، وهو مادّةٌ أوّليةٌ رئيسةٌ في صناعة بطاريات الحواسب النقالة والبلاك بيريز.
اكتشف ثروة أفغانستان المعدنية واسعة النطاق فريقٌ صغيرٌ من مسؤولي البنتاغون وعلماء الجيولوجيا الأمريكيين. وأكّد مسؤولون أمريكيون مؤخراً أنّه تمّ إطلاع الحكومة الأفغانية والرئيس حميد كرزاي على ذلك الأمر.
وعلى الرغم من أنّ تطوير صناعة تعدينٍ ربّما يتطلّب أعواماً كثيرة، لكنّ الإمكانيات كبيرةٌ إلى درجة أنّ مسؤولي الصناعة يعتقدون أنّه قد يجتذب استثماراتٍ هائلة حتى قبل أن تبدأ المناجم في تحقيق عوائد، مقدّمةً وظائف يمكن أن تصرف الانتباه عن حربٍ تدوم منذ أجيال.
هل «الليتيوم» هو السبب؟
«هنالك إمكانياتٌ مذهلة»، كما قال الجنرال ديفيد بترييوس، قائد القيادة المركزية في جيش الولايات المتحدة، وتابع قوله: «هنالك الكثير من التحفظات، بالطبع، لكنني أعتقد أنّ الإمكانيات بالغة الأهمية».
تقزّم قيمة الترسبات المكتشفة حديثاً حجم الاقتصاد الأفغاني الراهن الملوث بالحرب والقائم على إنتاج الأفيون وتجارة المخدرات فضلاً عن المساعدة التي تقدمها الولايات المتحدة وبقية الدول الصناعية. إذ لا يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي في أفغانستان 12 مليار دولار.
قال جليل جومرياني، مستشار وزير المناجم الأفغاني: «سيصبح ذلك العمودَ الفقري للاقتصاد الأفغاني». (نيويورك تايمز، مصدر سبق ذكره).
يمكن لأفغانستان أن تصبح، وفقاً للنيويورك تايمز، «مثل السعودية بالنسبة لمعدن الليتيوم».
والليتيوم هو «مصدرٌ متزايد الأهميّة، يستخدم في بطاريات السلع كافّةً من الهواتف النقّالة إلى الحواسب المحمولة وهو مفتاح مستقبل السيارات الكهربائية». في الوقت الراهن، تعدّ تشيلي وأستراليا والصين والأرجنتين المزوّدة الرئيسة لأسواق العالم بمعدن الليتيوم. وتحوي تشيلي وبوليفيا الاحتياطيات الأكبر المعروفة من الليتيوم. قام البنتاغون بمسحٍ أرضيٍّ شاملٍ لغرب أفغانستان، ويقول بعض مسؤوليهم «إنّ التحليل الأوّلي لموقعٍ واحدٍ في إقليم غازني أظهر احتمالاتٍ لترسبات الليتيوم تعادل مثيلاتها في بوليفيا». (الولايات المتحدة تعيّن ثروات معدنية في أفغانستان، 4 حزيران 2010. انظر أيضاً: ليتيوم، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة).
«ترسبات غير معروفة سابقاً»
ما هذه الكذبة؟!
إنّ تقديرات البنتاغون لما تقارب قيمته ألف مليار دولار من «ترسبات غير معروفة» سابقاً ما هي سوى تمويهٍ مفيد. فرقم البنتاغون هو رقمٌ ملفّقٌ أكثر ممّا هو تقديري. «كنا نعرف ما هو موجودٌ هناك، لقد ألقينا نظرةً وتساءلنا عن قيمته بأسعار الدولار الراهنة. وقد بدا أنّ رقم ألف مليار دولار جديرٌٍ بالذكر في الأخبار» (سانداي تايمز، لندن، 15 حزيران 2010، التشديد للمؤلف).
علاوةً على ذلك، ظهرت نتائج المسح الجيولوجي الأمريكية (المذكورة في مذكرة البنتاغون) حول ثروة أفغانستان المعدنية منذ ثلاثة أعوام، في مؤتمر العام 2007 الذي نظّمته غرفة التجارة الأمريكية الأفغانية. لكنّ مسألة ثروات أفغانستان المعدنية لم تعتبر جديرةً بالذكر في الأخبار في ذلك الوقت.
اعتراف الإدارة الأمريكية باطّلاعها على ثروات أفغانستان المعدنية الهائلة لأول مرّةٍ بعد صدور تقارير هيئة المسح الجيولوجي في العام 2007 هو مجرّد تهرّبٍ جليّ. فثروة أفغانستان المعدنية وموارد الطاقة فيها (ومن ضمنها الغاز الطبيعي) كانت معروفةً لدى نخبة رجال الأعمال في الولايات المتحدة والحكومة الأمريكية قبل الحرب الأفغانية السوفييتية (1979-1988). إذ أكّدت المسوحات الجيولوجية التي قام بها الاتحاد السوفييتي في السبعينيات وبداية الثمانينيات وجود احتياطياتٍ ضخمة من النحاس (وهي من بين الأكبر في أوراسيا) والحديد وخامات الكروم عالية الجودة والأورانيوم والبيريل والباريت والرصاص والزنك والفلور والبوكسيت والليتيوم والتنتاليوم والزمرد والذهب والفضة (أفغانستان، نشرة التعدين السنوية، مجلة التعدين، 1984). تفترض هذه المسوح أنّ القيمة الفعلية لهذه الاحتياطيات قد تكون أكبر بكثيرٍ من «تقديرات» الألف مليار دولار التي أعلنتها دراسة البنتاغون وهيئة المسح الجيولوجي ووكالة التنمية الأمريكية.
بعد ذلك، وفي تقرير العام 2002، أكّد الكرملين ما كان معروفاً سابقاً: «ليس سرّاً أنّ أفغانستان تمتلك احتياطياتٍ وافرة، لاسيما من النحاس في ترسبات أيناك، وخام الحديد في خوجاجيك والأورانيوم وخاماتٍ معدنية متنوعة والنفط والغاز» (ريا نوفستي، 6 كانون الثاني 2002).
احتياطات معدنية هائلة
لم تكن أفغانستان مستعمرةً في يومٍ من الأيام. ولم يقم الأجانب (بالحفر) هناك إلا في الخمسينيات. تحتوي جبال هندو كوش وسفوحها الممتدة على مساحاتٍ واسعة في أفغانستان على المعادن. خلال العقود الأربعة الأخيرة، اكتُشف العديد من الترسّبات في أفغانستان، ومعظم هذه الاكتشافات بالغ الأهمية. ومع أنها بقيت سرّية، لكنّ حقائق معيّنةً صارت معروفةً مؤخراً.
يظهر أنّ أفغانستان تمتلك احتياطياتٍ من المعادن الحديدية وغير الحديدية والأحجار الثمينة وستكون قادرةً، في حال تمّ استغلالها، على الحلول محلّ عوائد صناعة المخدرات. يقال إنّ النحاس المترسب في أيناك، جنوب إقليم هلمند الأفغاني، يعدّ الأكبر في قارة أوراسيا. ويجعله قربه من كابول (40 كيلومتر) رخيص الاستثمار. أمّا خام الحديد المترسّب في هاجيغاك في إقليم باميان الواقع وسط البلاد، فهو ذو نوعيةٍ فائقة الجودة، وتقدّر احتياطياته بـ500 مليون طن. كما أنّ ترسباتٍ من الفحم قد اكتشفت بالقرب من ذلك الموقع.
يقال إنّ أفغانستان مجرد بلدٍ لعبور النفط والغاز. غير أنّ بضعة أشخاصٍ فقط يعرفون أنّ الخبراء السوفييت اكتشفوا فيه احتياطيات غازٍ ضخمة في الستينيات وأقاموا أول خط أنابيب لتزويد أوزباكستان بالغاز الطبيعي. في ذلك الوقت، كان الاتحاد السوفييتي يتلقى 2.5 مليار متر مكعب من الغاز الأفغاني سنوياً. وخلال الفترة نفسها، تمّ اكتشاف عيناتٍ لا مثيل لها من ترسبات الذهب والفلور والباريت والرخام العقيقي.
غير أنّ حقول الغرانيت المكتشفة شرقي كابول كانت رائعة. فلا يمكن العثور على ترسّبات الياقوت والبيرليوم والزمرد والكونزيت وأحجار ثمينة أخرى في أيّ مكانٍ آخر ـ وهي تنتشر على مدى مئات الكيلومترات. كما أنّ الصخور التي تحتوي على المعادن النادرة مثل البيرليوم والتوريوم والليتيوم والتنتاليوم ذات أهميةٍ استراتيجية (تستخدم في بناء الطائرات ومركبات الفضاء).
الحرب تستحق أن تشن... (أولغا بوريسوفا، «أفغانستان، بلد الزمرد»، كارافان، ألماتي، الأصل الروسي ترجمته سلسلة أخبار هيئة الإذاعة البريطانية، 26 نيسان 2002، الصفحة 10، التشديد للمؤلف).
وفي حين كان الرأي العام يحقَن بصور بلدٍ نامٍ مزّقته الحرب ولا يمتلك أي موارد، فإنّ أفغانستان بلدٌ غني كما أكّدت المسوحات الجغرافية في الحقبة السوفييتية.
مسألة «الترسبات غير المعروفة سابقاً» تعزّز الكذبة. وهي تستثني ثروة أفغانستان المعدنية الهائلة بوصفها مسوّغاً لحربٍ عادلة. إنّها تنصّ على أنّ البنتاغون لم يدرك إلاّ مؤخراً إمكانية مقارنة أفغانستان بجمهورية الكونغو الديمقراطية أو زائير سابقاً في عهد موبوتو، من حيث كونها أحد أغنى اقتصادات العالم بالثروات المعدنية. ذلك في حين أنّ التقارير الجيوسياسية السوفييتية كانت معروفة.
كانت جميع هذه المعلومات معروفةً بأدق تفاصيلها أثناء الحرب الباردة:
... أنتجت الاستكشافات السوفييتية الشاملة خرائط جيولوجية وتقارير ممتازة تتضمن جداول بأكثر من 1400 تموضع معدني إلى جانب حوالي 70 من المكامن الهامة تجارياً... فيما بعد، خصّص الاتحاد السوفييتي أكثر من 650 مليون دولار لاستكشاف الموارد وتطويرها في أفغانستان، فضلاً عن مشاريع مقترحة تتضمن مصفاةً لتكرير النفط قادرةً على إنتاج نصف مليون طن سنوياً، ومجمعاً لصهر المعادن الناتجة عن ترسبات منطقة أيناك يهدف لإنتاج مليون ونصف مليون طن من النحاس سنوياً. في أعقاب الانسحاب السوفييتي، أظهر تحليلٌ قام به البنك الدولي لاحقاً أنّ إنتاج أيناك وحدها من النحاس يمكن أن يغطّي ما يصل إلى 2 بالمائة من السوق العالمي سنوياً. كما أنّ البلد محظوظٌ بمناجم فحمٍ هائلة يقدّر أنّ أحدها، وهو قريبٌ من مناجم حديد هاجيغاك في جبال هندو كوش المحيطة بغرب كابول، هو أحد أكبر مناجم الفحم في العالم (جون ديلي، تحليل: طاقة غير مستثمرة في أفغانستان، يو بي آي إينرجي، 24 تشرين الأول 2008، التشديد للمؤلف).
الغاز الطبيعي في أفغانستان
أفغانستان جسر أرضي. قام منتقدون لسياسة واشنطن الخارجية بتحليل غزو أفغانستان واحتلالها الذي قادته الولايات المتحدة في العام 2001 بوصفه وسيلة سيطرةٍ أمنيةٍ على ممرّ النقل عبر أفغانستان، والذي يربط حوض بحر قزوين ببحر العرب.
يمرّ الكثير من مشاريع خطوط أنابيب النفط والغاز عبر أفغانستان، ومن ضمنها مشروع خط أنابيب تابي TAPI (تركمانستان وأفغانستان وباكستان والهند) بطول 1900 كيلومتر وبكلفة 8 مليار دولار، وهو سيوصل الغاز الطبيعي من تركمانستان عبر أفغانستان، ووصف بأنه «ممر النقل الحاسم». (انظر غاري أولسون: أفغانستان لم تكن أبداً حرباً «ضروريةً وعادلة»؛ إنها حربٌ للسيطرة على النفط، ذا مورننغ يكول، 1 تشرين الأول 2009). يتصل التصعيد العسكري في ظل توسيع الحرب الأفغانية الباكستانية بخط أنابيب تابي. تمتلك تركمانستان ثالث أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا وإيران. والسيطرة على طرق النقل خارج تركمانستان كانت جزءاً من جدول أعمال واشنطن منذ انهيار الاتحاد السوفييتي في العام 1991.
على الرغم من ذلك، لم يكن موضوعاً بالحسبان في جيوسياسات أنابيب النفط أنّ أفغانستان ليست مجاورةً للبدان الغنية بالنفط والغاز الطبيعي (مثل تركمانستان) فحسب، بل تمتلك كذلك في أراضيها احتياطياتٍ كبيرة غير مستغلة من الغاز الطبيعي والفحم والنفط. حدّدت التقديرات السوفييتية في السبعينيات أنّ «احتياطيات الغاز الطبيعي (المستكشفة) والمرجّحة تقارب 5 آلاف مليار قدم مكعّب. كما أنّ الاحتياطيات الأوّلية لهودجا ـ غوجيرداغ تبلغ في الحدّ الأدنى ألفي مليار قدم مكعب». (انظر: الاتحاد السوفييتي يحتفظ بنفوذه في أفغانستان، أويل أند غاز جورنال، 2 أيار 1988).
أقرّت هيئة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة في العام 2008 بأنّ احتياطيات الغاز الطبيعي في أفغانستان «جوهرية»:
«بما أنّ أفغانستان (امتدادٌ جنوبيٌّ لحوض أمو داريا في آسيا الوسطى الغني بالغاز الطبيعي، فالاحتياطيات الثابتة المحتملة والمرجّحة من الغاز الطبيعي) في هذا البلد الذي ينهش الفقر مواطنيه تقدّر بحوالي خمسة آلاف مليار قدم مكعّب». (يو بي آي، جون ديلي، تحليل: طاقة غير مستثمرة في أفغانستان، 24 تشرين الأول 2008)
منذ اندلاع الحرب السوفييتية ـ الأفغانية في العام 1979، تمثّل هدف واشنطن في الاحتفاظ بموطئ قدم جيوسياسي في آسيا الوسطى.
الهلال الذهبي لتجارة المخدرات
كانت حرب أمريكا الخفية، أي مساندتها للمجاهدين «مقاتلي الحرية» (القاعدة) معدّةً أيضاً لتطوير تجارة مشتقات الأفيون في الهلال الذهبي، والتي استخدمتها الاستخبارات الأمريكية لتمويل التمرّد في مواجهة السوفييت [1].
تطوّرت تجارة المخدرات ـ التي أقامتها السي آي إيه وحمتها حين اندلعت الحرب السوفييتية الأفغانية ـ في غضون سنواتٍ إلى مقاولةٍ مربحة تبلغ قيمتها عدّة مليارات من الدولارات. وقد كانت حجر الزاوية في حرب واشنطن الخفية في الثمانينيات. أما اليوم، وبرعاية احتلال الناتو والولايات المتحدة، فتدرّ تجارة المخدّرات ما يزيد عن 200 مليار دولار سنوياً في الأسواق الغربية (انظر ميشيل شوسودوفسكي، حرب أمريكا على الإرهاب، أبحاث العولمة، مونتريال 2005، وأيضاً ميشيل شوسودوفسكي، الهيروئين "مفيدٌ لصحتك": قوات الاحتلال تدعم تجارة المخدرات الأفغانية، أبحاث العولمة، 29 نيسان 2007).
نحو اقتصاد النهب
أيّدت وسائل الإعلام الأمريكية، مجتمعةً كجوقة، «الاكتشاف الأخير» لثروة أفغانستان المعدنية بوصفها «حلاً» لتنمية اقتصاد بلدٍ مزّقته الحرب، وكذلك وسيلةً لاجتثاث الفقر. لقد هيّأ الغزو والاحتلال في العام 2001 الوضع لاستيلاء تكتلات التعدين والطاقة الغربية على ثروات البلد.
الحرب على أفغانستان «حرب موارد» ذات هدفٍ ربحي.
في ظل احتلال الولايات المتحدة والتحالف، عقدت حفنةٌ من تكتلات التعدين متعددة الجنسية العزم على نهب هذه الثروة المعدنية حالما يعمّ السلم في البلاد. وفقاً لما كتبته أولغا بوريسوفا بعد أشهرٍ من الغزو في تشرين الأول 2001، «الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على الإرهاب (ستتحول) إلى سياسةٍ استعماريةٍ للسيطرة على ثروة البلد الخرافية»، (بوريسوفا، مصدر سبق ذكره).
كما أنّ جزءاً من جدول أعمال الولايات المتحدة ـ الناتو يتمثّل في الاستيلاء على احتياطيات أفغانستان من الغاز الطبيعي فضلاً عن منع تطور مصالح روسيا والصين وإيران المتعلقة بالطاقة في أفغانستان.
*ميشيل شوسودوفسكي: باحث ومحلل استراتيجي معروف، وأستاذ الاقتصاد بجامعة أوتاوا الكندية..
هامش
[1] يشكّل الهلال الذهبي لتجارة مشتقات الأفيون في الوقت الراهن حجر الزاوية في اقتصاد التصدير الأفغاني. تدرّ تجارة الهيروئين التي أقامتها السي آي إيه في بداية الحرب الأفغانية السوفييتية وقامت بحمايتها ما يزيد عن 200 مليار دولار من الأموال النقدية سنوياً في أسواق الغرب. ومنذ غزو العام 2001، تضاعف إنتاج المخدرات 35 مرة. في العام 2009، بقي إنتاج الأفيون عند مستوى 6900 طن، مقارنةً بأقلّ من 200 طن في العام 2001. في هذا الصدد، تظهَر الأموال الهائلة الناتجة من إنتاج الأفيون الأفغاني بمعظمها خارج أفغانستان. ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، تعادل فوائد تجارة المخدرات المتراكمة سنوياً في الاقتصاد المحلي بين 2 و3 مليار دولار. وبخلاف ذلك، تدرّ مبيعات الهيروئين الناتجة من المتاجرة بمشتقات الأفيون الأفغانية ما يزيد عن 200 مليار دولار سنوياً على مستوى العالم. (انظر ميشيل شوسودوفسكي، حرب أمريكا على الإرهاب، أبحاث العولمة، مونتريال، 2005)