درعا.. الجرح النازف

يشكل الحدث الجاري في درعا ومحيطها منذ نحو أسبوع الشغل الشاغل للسوريين جميعاً، ولكل من يهمه بقاء سورية وطناً موحداً وقوياً بأبنائه الممانعين الصامدين الرافضين للاستسلام والخنوع لإرادة  الفوضى والتفتيت..

 

وقد استمرت الأحداث بالتصاعد والتفاقم مع استمرار التعاطي معها بصورة لا ترتقي لمستوى حساسيتها، مما يفتح المجال لكل الاحتمالات الخطرة..

ولعل ما جرى صبيحة يوم الأربعاء 23/3/2011 من تصعيد كبير بعد ظهور بوادر انفراج، عاد ليفاقم الأمور أكثر.. 

ففي هذا اليوم عاد الحدث إلى السخونة بعد ليلة دراماتيكية دامية وصفت مصادر رسمية مجرياتها بالقول «إن عصابة مسلحة قامت بالاعتداء المسلح بعد منتصف ليلة أمس على طاقم طبي في سيارة إسعاف تمر بالقرب من جامع العمري في درعا، ما أدى إلى استشهاد طبيب ومسعف وسائق السيارة، فقامت قوى الأمن القريبة من المكان بالتصدي للمعتدين، واستطاعت أن تصيب عدداً منهم وتعتقل بعضهم، وسقط شهيد من قوى الأمن». ‏

ومع التباين الشديد في قراءة وتفسير ما حدث حقيقة، عادت أعداد من سكان المدينة إلى الحراك، ما أدى إلى حدوث مواجهات ووقوع إصابات تزايدت مساء، وقد أفادت بعض الأنباء الواردة من المدينة التي شهدت أشكالاً مختلفة من التحركات منذ يوم الجمعة 18 آذار، أن سكان المناطق المجاورة لدرعا البلد أخذوا بالتدفق إلى محيط الجامع العمري في المدينة لمعرفة مستجدات الوضع هناك، ومساندة أهالي المنطقة بعد ما تناقلته وسائل الإعلام العربية والغربية من أن بطشاً كبيراً يتعرض له السكان على يد قوات الأمن وعناصر من الجيش.. وهذا ما جعل الدم يسيل أكثر، جاعلاً من احتمالات وصول الأمور إلى حدود الانفلات التام أمراً وشيكاً للغاية.

يذكر أن إحدى الجهات الأمنية كانت قد اعتقلت الرفيق وليد فارس فارس عضو اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السورين في درعا، وذلك على إثر بلاغ عن اللجنة الوطنية يشدد على ضرورة المسارعة إلى الإصلاح، ويدعو للإنصات للمطالب المحقة الجماهير..

هذا وأصدر الرئيس بشار الأسد يوم الأربعاء المرسوم رقم 120 للعام 2011 القاضي بإعفاء فيصل أحمد كلثوم من مهامه كمحافظ لمحافظة درعا، ولكن ذلك لم يخفف من حدة الغضب العارم للناس، خصوصاً وأن القمع الحاد للمحتجين بقي على أشده..

وستفرد «قاسيون» معظم مساحات عددها الحالي لمتابعة الحدث وتحليله، والتعمق في أسبابه القريبة والبعيدة، والآثار التي ستترتب عليه، مع طرح رؤيتها المتكاملة للحلول التي يمكن أن تنقذ البلاد من كل ما يتهددها..