بصرى الشام إحدى «الضيع الضائعة» في درعا!
وصلت المخالفات في بصرى الشام بدرعا حدوداً لا تطاق، وتجاوزت منطق القانون القديم والحديث ومنها ما تورط فيه رئيس البلدية بشكل شخصي من خلال استخدام سلطته الإدارية للشطب والحك في محاضر اجتماعات مجلس المدينة واستبدال اسم مكان بآخر بموافقة المجلس على إعطاء رخصة لعقار عليه شكوى من صاحبه الذي فقده بالكامل، ويروي نائب رئيس مجلس المدينة المحامي «محمد رفعت المقداد» تفاصيل التزوير والمخالفة كاملة.
تفاصيل التزوير
الحكاية بدأت قبل 28-10-2010 أي قبل تقدم «سعيد حامد المقداد» بشكواه إلى مجلس المدينة موضحاً أنه يملك 90% من العقار 3471 الذي بنى عليه «محمد رفعت عبد الرحمن الداود المقداد» والذي لا يملك من العقار بحسب تعبير المحامي «المقداد» ولا سهماً واحداً، وهذا ما تم التأكد منه بحسب السجل العقاري.
في التفاصيل أقدم «محمد الداود المقداد» ببناء مجمع من الأبنية مؤلف من طابقين أول فني وثاني أنهى نصفه على الهيكل والثالث على الطريق، هذه المخالفة أربكت رئيس مجلس المدينة بحسب تعبير المحامي المقداد وأدخلته في قضايا أقلها تزوير في محاضر جلسات المكتب التنفيذي وإصدار رخصة مزورة، في جلسة المكتب التنفيذي لبصرى الشام رقم 38 تاريخ 1-10-2009 مررت موافقة باسم «محمد سعيد حامد المقداد» على ذات العقار وهذا الاسم غير موجود إطلاقاً، والمالك هو «سعيد حامد المقداد» الذي اشتكى عليه «محمد رفعت الداود المقداد» أمام مجلس المدينة في 28-1-2010 لأنه بنى على عقاره الذي يمتلك منه 90% دون علمه.
محاولات المفلح بحسب تعبير المحامي المقداد للهروب من المخالفة الأولى الخاصة بمحضر المجلس تحولت إلى جرم تزوير رخصة لـ«جاد الله حامد المقداد» على ذات العقار الذي ورد اسمه بموافقة المجلس للرخصة بعد عدة أيام حيث شطب اسم «محمد سعيد حامد» المقداد وكتب «جاد الله حامد المقداد» وأحيل المحضر المعدل دون علم مجلس المدينة إلى مقرر المكتب للتنفيذ.
الرأي القانوني بحسب تعبير المحامي المقداد لا يجوز إضافة أو حك شيء على محاضر اجتماعات المكتب التنفيذي نهائياً، المخالفة للقانون الواضحة بحسب حديث المحامي والوثائق المتوفرة تبين أن حجم الخلل الذي أكد عليه عضو المجلس «محمد سلطان المقداد» الذي منعه رئيس البلدية من حضور اجتماعات المجلس كما أكد وبرر «سلطان المقداد» ذلك بأنه دائم الاعتراض على المخالفات القائمة والتجاوزات التي يرعاها رئيس البلدية الذي امتنع عن تنفيذ ما يصطلح على تسميته التوزيع الاجباري، وجاء رد رئيس بلدية بصرى الشام «وائل المفلح» في تصريح لـ«قاسيون» بأنه يعمل على تنفيذه وهناك لجان تعمل على هذا المشروع.
التزوير ربما تكون أهم المخالفات التي يمكن الوقوف عندها ولكنها ليست بالوحيدة فرئيس البلدية شن حملة لإزالة الأبنية المخالفة وهدمها لأسباب عدة، منها ما هو مخالف للقانون 59 ومنها ما هو مخالف للتنظيم الذي مضى عليه سنوات ولم يعمل به حتى الآن ومنهم من يقوم بالبناء دون ترخيص حسب تصريحات المفلح.
أول المعاقبين بالهدم إن صح التعبير كان «إبراهيم أحمد السمارة» فهدم منزله الواقع بجانب البركة الرومانية دون سابق إنذار وسبب الهدم أن الأرض مخصصة لإشادة حديقة عامة، وتحدث السمارة قائلاً: «رئيس البلدية مع المراقب الفني شاهدا منزلي وسألني رئيس البلدية عن المنزل ولماذا لم أكمله بعد فأخبرته بأنه مضى عليه سنة ونصف ولم أكمله لعدم توفر المال الكافي وحينها لم يخبرني بنيته التي وقعت بعد مدة حيث فوجئت بهدم المنزل الذي كلفني 400 ألف ليرة سورية لو كنت أعلم أن الأرض داخل حيز الملكية الأثرية لما بنيت منزلي ولكن المديرية الخاصة بالأثار أخبرتني بأن لا علاقة لهم بها وهي خارج مخططهم ولو كان الرد عكس ذلك لما بنيت منزلي وخسرت مالي عليه».
المغتربون طالهم الهدم أيضاً
أما حكاية المغترب «عبد الرؤوف أحمد عبد الله» فتتشابه مع حكاية «السمارة» بهول الصدمة على الأهل حيث سقطت والدته طريحة الفراش كما حصل مع زوجة السمارة، والقاسم المشترك الأخر هو الهدم الذي طال البيتين، والخلاف الوحيد يتمثل بكون منزل «عبد الله» طابقاً ثانياً بنية تزويج ابنه وهو أسهل من حيث المصالحة أو الحصول على الترخيص النظامي، ورغم الصدمة إلا أن عبد الله يصر بأن البلدية لم تنذره حتى ولم تخبره بعدم قانونية ما يفعل وأكتفت بالهدم.
في الختام لم تغفر الغربة لعبد الله خطأه إن صح التعبير ولم تعفي ذات الغربة منزله من أسنان جرافات البلدية، أما منزل العقار رقم 1778 لصاحبه «علي حسين جعفر»، والذي تحدث لـ«قاسيون» أقاربه بأنهم وقعوا ضحية غبن المراقب الفني المشرف على البناء موضحاً أن الموظف وعدهم بإصدار رخصة للعقار الذي يبنون عليه ودفع قرابة 50 ألفاً، وأوضحت أخته التي تتدرب كمحامية بأن جميع أوراقهم نظامية وهم بدؤوا بالعمار بعد أن أخذوا موافقة من الموظف المسؤول الذي وعدهم بمنحهم رخصة تشمل العقارين القديم والجديد ليتسنى لهم البناء وباشروا في البناء على ذاك الأساس لكن إثبات صحة أقوالهم ليس بالأمر السهل وهذا متوقف على النوايا التي لا يأخذ بها القانون.
إلا أن رئيس البلدية المفلح ثبت الاتهام بحق المراقب الفني والذي «ارتكب العديد من التجاوزات» حسب تعبير «المفلح» أطاحت به و«تم نقله إلى بلدية درعا كعقوبة» والكلام للمفلح، لكن المحامي المقداد أكد بأن النقل ليس بالعقوبة المناسبة بل يتوجب محاسبة أو مقاضاة الموظف المذكور مع العلم أن كل مراقب فني لا يقوم بتنفيذ رخصة دون موافقة المهندس المشرف عليه يعاقب.
القانون فوق الفقراء فقط
القانون فوق الجميع، إلا أن هناك حالات أوضحت بحسب المحامي المقداد وعضو مجلس المحافظة المستقل يمان المقداد بأن تطبيق قانون المخالفات لم يتم بالطرق العادلة، حيث تم وضع إشارة مخالفة بضربة إزميل بسيطة على سطح منزل «فيصل العيسى» على طريق جمرين ويبرر «المفلح» ذلك بأن الحالة هنا انسانية، فمثل هذه المخالفات يمكن تسويتها ويمكن أن يرخص لها بالبناء، مع العلم أن المنزل مخالف لضابطة البناء، لكن المحامي المقداد أكد أن الهدم يقع على الفقراء فقط وليس على المخالفين جميعاً، وسأل المقداد «لماذا سمح لهم بالبناء منذ البداية على مرأى من أعين المسؤولين دون الحصول على رخصة إذا كانت ممكنة بحسب حديث المفلح؟»، وجاء رد المفلح مبرراً بأنه «لا يوجد بأي مدينة ما يعرف بالإنذار والقانون لا يحمي المغفلين وهذا المبدأ الذي أعمل به».
بينما يوجد في بصرى بناية لـصاحبها «يوسف مهدي» غير مرخصة أثارياً كونها أشيدت على لقى أثرية وقضية المخالفة منظور بها أمام هيئة الرقابة والتفتيش، ويضاف لها العقار 3215 من مقاسم منطقة الأوقاف لصاحبه شحادة الغبشة، وهو مخالف لشروط ضابطة البناء، حصل المخالف من مجلس المدينة على رخصتين لنفس العقار من أجل تغطية المساحة المخالفة، وهذا تحايل على القانون وعلى نسبة المساحة المسموح بها والتي تقدر بـ45%. مع العلم بأن القضية طرحت لعدة جهات ودرست من قبل لجان لكن هذه اللجان غرر بها وتم أخذها إلى عقار آخر لصاحب البناء أيضاً، وقام رئيس المجلس بتسوية المخالفة وهذا أمر مخالف لجميع الأنظمة والقوانين.