الزيادة الأخيرة.. كم زيادة من هذا النوع نحتاج لردم الفجوة؟!

العلاقة بين الإنفاق والأجور هي التي تحدد المستوى المعيشي للمواطنين، والاختلال يترك تبعات على سوية الوضع معيشة السوريين ارتفاعاً أو انخفاضاً أيضاَ، فتبعاً لتوجه الإنفاقات تتحدد «الرفاهية» المفترضة، وانطلاقاً من ذلك لابد من التساؤل عن ماهية العلاقة التي تربط بين هاتين المعادلتين السابقتين لدى السوريين؟! وما هو حجم الفجوة بين إنفاقهم ودخلهم؟! وهل إنفاقهم الغذائي يميل إلى الارتفاع؟! وما هي دلائل هذا الارتفاع؟!.. كما أن لقضية العلاقة بين الحد الأدنى للرواتب والحد الأدنى للإنفاق المطلوب دوراً أيضاً في استشفاف المستوى المعيشي للسوريين، فهل هذه الزيادة على الرواتب قلصت الفجوة بين هذين الطرفين؟!..

فقد كان الحد الأدنى للرواتب والأجور بحدود 6 آلاف ليرة سورية، بينما كان الحد الأدنى للإنفاق المطلوب بحدود 24 ألف ليرة سورية، أي أن الفارق بينهما كان بحدود 400%، وبعد هذه الزيادة أصبح الحد الأدنى للرواتب والأجور بحدود 9750 ليرة سورية، أي أن الفارق ما تزال نسبته عند 250%، إن أن هذه الزيادة لم تردم في أحسن الأحول سوى 20% من فجوة الإنفاق المطلوب بالحد الأدنى، فكم زيادة نحتاج من هذا الحجم لنكون قادرين على ردم هذه الفجوة؟! وضمن أية أجال زمنية؟! مفترضين في الوقت عينه أنه لم تحصل أية زيادة على الحد الأدنى للإنفاق المطلوب بعد الرفع الحالي للرواتب والأجور، وهذا ما لم يحصل من قبل..

فالعجز الحاصل بين دخل الأسر ونفقاتها، يعد الهاجس الأساسي الذي يلاحق السوريين بفعل التضخم المتسارع الذي تشهده الأسعار في الأسواق، وهذه الفجوة موجودة ولا يمكن إنكارها، حيث يمول جزء من السوريين إنفاقهم بالاستدانة، ولكن لا نسب دقيقة لحجم هذا التمويل، ولكنه إذا ما اعتمدنا الأجور والرواتب كمؤشر لحجم الفجوة سنجد أن الفارق يصل إلى 200%، لأن متوسط الأجور والرواتب حسب الأرقام الرسمية لا يتجاوز 11 ألف ليرة سورية، بينما متوسط الإنفاق المطلوب يصل إلى 31 ألف ليرة سورية، وهذا عجز معترف به أساساً، ولكن، هل ستكون هذه الزيادة الحالية على الرواتب والأجور قادرة على ردم هذه الفجوة؟! وما هو حجم هذه الفجوة التي سيتم ردمها؟!..

أي أن هناك أسراً عاملة اليوم تموّل إنفاقها بالعجز، وإذا ما سلمنا بوجود قنوات غير نظامية للدخل عند أغلب السوريين، سواءً من خلال مزاولة أكثر من عمل، أو اعتماد على قنوات تمويل «إضافية» لا تعتمد في الحسابات النظامية، فإن هذه الفجوة ستنخفض بالتأكيد، ولكن ما نسبة انخفاضها؟! وهذا ما لا يمكن التكهن به لعدم وجود دراسات دقيقة لحجم هذه القنوات غير النظامية، وفي النهاية نقول، إذا كانت الفجوة بين الإنفاق والأجور في الأردن تصل إلى نحو 10.8٪ في العام 2008 استنادا إلى بيانات مسح نفقات ودخل الأسرة التي أصدرتها دائرة الإحصاءات العامة؟! فكم هو حجم هذه الفجوة عند الأسرة السورية؟! ولماذا لا تتم دراستها والبوح بها بالأرقام والدراسات؟! وما هو مبرر هذا الكتمان؟! فهل ستعمل الحكومة الجديدة على ردم الفجوة بين الدخل والإنفاق؟! وهل ستتمتع بالشفافية الكافية للإعلان عن نسبتها الحقيقية بدلاً من اللجوء للتضليل للإيهام بوجود الانجازات؟!

وبالعودة إلى دور الزيادة الحالية في ردم فجوة الإنفاق، نجد أن متوسط الزيادة الحالية على متوسط الأجور والرواتب ستكون بحدود 25%، والذي سيكون بحدود 2750 ل.س، وهذا يعني أن متوسط الرواتب والأجور في سورية سيصل إلى 14 ألف ليرة سورية، أي أن الفجوة ستبقى بحدود 120%، وهذه النسبة الحاصلة من الانخفاض ستتحقق إذا لم ترتفع أسعار السلع والخدمات في الأسواق بشكل مزاجي بعد هذه الزيادة، علماً أنه لم يسبق أن تحققت زيادة في الرواتب إلا وارتفعت الأسعار بعدها!!..