« جنيف هو أحسن مكان للدفاع عن الهدنة والحفاظ عليها»
وكانت إذاعة مونتي كارلو الدولية أجرت يوم 3/5/2016 لقاءاً مباشراً أيضاً مع د.قدري جميل، غطى كذلك تطورات الوضع السوري في أعقاب أحدث جولة من جنيف3، وآفاق هذا المسار.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان وفد الديمقراطيين العلمانيين إلى جنيف قد تسلم من المبعوث الدولي إلى سورية وثائق يمكن أن تشكل نواة لبدء مفاوضات حقيقية تتضمن تحديد دي ميستورا المعايير العملية للانتقال السياسي استعداداً للجولة المقبلة بعد مؤتمر مجموعة دعم سورية، أجاب د.جميل: «نعم لقد أرسلت لنا عملياً ورقة جامعة فيها القاسم المشترك الأدنى بين جميع الأفكار التي قدمت إلى الآن من الوفود كلها التي تساهم بجنيف. هذه الورقة تركز على فكرة الانتقال السياسي ولكنها ما زالت عامة، وأعتقد أن التقدم اللاحق يتطلب أمرين، الأول: مفاوضات مباشرة مع النظام، ثانياً: وفد واحد لكل المعارضة وليس موحداً».
هناك من ترك
جنيف بلا مبرر حقيقي
وحول لماذا لم تدع أطراف المعارضة الأخرى إلى اجتماع برلين بين دي ميستورا ومنسق هيئة التفاوض المنبثقة عن الرياض ووزيري الخارجية الفرنسي والألماني، قال جميل: «لأن الأطراف الأخرى «مو حردانة.. مو قاعدة بالبيت.. ما تركت جنيف»، هناك طرف واحد ترك جنيف بدون مبرر حقيقي، مبرره مختلق. فإذا كانت الحجة الهدنة والدفاع عنها، فإن جنيف هو أحسن مكان للدفاع عن الهدنة والحفاظ عليها. عملياً، خروج وفد الرياض من جنيف وتعليق مشاركته كان أمراً للفصائل المسلحة كي تستأنف عملياتها وتخرق الهدنة كما يجري الآن. ونقوم الآن بعمل واسع جداً بالتعاون مع جميع الأطراف الدولية والأمم المتحدة لاستعادة الهدنة عبر الحلقات التي ترونها من تهدئة وإلخ. لذلك أعتقد أنه لا توجد حاجة لكي يبذل جهد معنا لإقناعنا باستمرار جنيف، لأننا «نحن أم الصبي» كما يقال، بينما الآخرون يستخدمون جنيف للابتزاز، وهذا أمر غير جيد، كونهم يضعون عملياً الشعب السوري كله رهينة لرغباتهم وأهوائهم وسياساتهم».
وحول ما إذا كانت خروقات الهدنة تحول الوسيلة إلى غاية فيما يتعلق باللعب في الوقت بدل الضائع في مباحثات هدفها التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، قال جميل: «الوسيلة ما زالت وسيلة، ولكن يريد البعض إجهاض الغاية، وهي جنيف، من خلال التصعيد على الأرض، وهذا التصعيد عملياً وعسكرياً لن يؤدي إلى نتيجة. فالتوازن الدولي للقوى مفهوم ومعروف منذ فترة طويلة»، وأوضح: «البعض اضطروا لأن يذهبوا إلى الكلام بالحل السياسي، وحين تبين أن جنيف هو عملية جادة وتتقدم بدأ بتخريبها، وهذا يجري عملياً ليس من طرف واحد، فالنظام يتحمل جزءاً من المسؤولية، والمعارضة المتطرقة تتحمل جزءاً آخر».
عراقيل الأطراف المختلفة
وعما إذا كانت الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة تقوم بما يلزم لإخراج سورية فعلاً من حمام الدم، قال جميل: «اعتقد أن الأطراف الدولية تقوم بجهدها ولكن التخريب بالدرجة الأولى يأتي من الأطراف الإقليمية التي لم يرق لها قرار مجلس الأمن 2254، فاضطرت لأن توافق عليه كلامياً، وهي تعرقله عملياً. وبين أطراف المعارضة السورية هناك من اضطر لأن يوافق كلامياً، ويقوم بالعرقلة عملياً».
وفيما أوضح جميل أن قسماً من وفد الرياض، وليس كله، متشنج ولا يريد الحل السياسي، أجاب عن سؤال حول ما إذا كان مرد ذلك اتخاذ الأوامر من جهات مختلفة بالقول: «هذا أحد الأسباب! ولكن رؤية الحل السياسي بمنطق الغالب والمغلوب سيؤدي عملياً إلى خسارة سورية كلها. نحن عملياً نطرح منطق أن الكل غالبين لأن الشعب السوري عندما يتوقف القتال وينجز حل للمشكلة الإنسانية، هو الغالب، وهو المنتصر». وأضاف: «يجب الانطلاق من هذا المنطق، وليس من منطق البرامج القديمة التي كانت تضع هدفاً لها من الطرفين، إما الإسقاط وإما الحسم، وهذا أمر غير ممكن لأنه عملياً صار على أنقاض سورية، الآن».
الغلبة للعقل
السليم لمصلحة الشعب
وحول إلى من تميل كفة الميزان فيما يتعلق بمستقبل مباحثات جنيف، أكد جميل: «إذا كان القصد عسكرياً، فهي لن تميل لأحد، لأن الميزان العسكري على الأرض سيعكس ميزان القوى الإقليمي والدولي. أما سياسياً، فالغلبة هي للعقل السليم والمنطق. الغلبة لمنطق أن الكل غالبون ولا أحد خاسر والرابح الأوحد هو الشعب السوري».
وعما إذا كانت واشنطن عازمة على، أو لديها إمكانيات حسم أمرها في الملف السوري عشية انتهاء ولاية أوباما، قال جميل: «اعتقد أن لديها الرغبة، ولكن ليس لديها الإرادة الكافية لحسم أمرها. ثمة فرق بين الرغبة والإرادة. الإرادة الكافية للحسم في هذه اللحظة تتطلب أخذ موقف واضح من حلفائها الإقليميين الذين يعرقلون الحل. هي لم تتجرأ على ذلك حتى هذه اللحظة، رغم توجيهها ملاحظات عديدة على سلوكهم».