اللاجئون السوريون في الخارج.. معاناة مضاعفة..
لطالما كانت سورية مساحة أمان لشعوب المنطقة التي عانت ما عانته من الاحتلالات والحروب والنزاعات الأهلية والإقليمية والدولية التي لم تنفك تعصف بمنطقتنا كمنطقة مصالح كبرى. اليوم تنقلب الآية ويصبح السوريون هم اللاجئين في البلدان المجاورة ضمن مستوى توتر عال تعيشه المنطقة، إذ إن صمام الأمان السوري نفسه قد تفجر، لذا فإن هذا الملف، ملف اللاجئين، يشكل ورقة للصراع بين أطراف الأزمة السورية في الداخل والخارج..
يتواجد اللاجئون السوريون الذين يتأرجح عددهم بحسب الظروف الأمنية حول 350 ألف لاجئ في ست دول أساسية هي: تركيا ولبنان والعراق ومصر وليبيا والأردن، إضافة الى نازحي الداخل الذين تشكل أعدادهم أضعاف أعداد نازحي الخارج، يتشاركون تقريبا الأزمة نفسها من حيث الفقر، وسوء المعاملة، وغياب مساعدات الحكومة السورية لهم، وكانت قد دعت الأمم المتحدة في بيان لها الأطراف الدولية لتقديم دعم لها يقدر بـ 295 مليون دولار بهدف إغاثة اللاجئين السوريين.
تركيا: يتواجد اللاجئون الذي يقدر عددهم بحوالي 100 آلف لاجئ في مخيمات:
أورفة – كلاس – يرداغي – الإصلاحية، ويسكن اللاجئون خيماً قماشية أقامتها الحكومة التركية منذ مطلع ربيع عام 2011، حيث تستثمر تركيا قضية اللاجئين سياسياً، فهم بالنسبة لها مجرد واجهة لتغطية دورها العسكري عبر المسلحين الذين يحصلون على دعم منقطع النظير، فيما يقبع اللاجئون الحقيقيون في إهمال الحكومة التركية التي قمعت مرات عديدة احتجاجات شهدتها المخيمات بسبب سوء المعاملة، حتى أن أحد اللاجئين يصف الحياة في المخيمات التركية لإحدى القنوات الإعلامية بشكل مؤسف بأنها «عيشة كلاب..» ويضيف: «شو جبرك على المر..»
الأردن: يقدر عدد اللاجئين بـ 180 ألف يسكنون مخيم الزعتري إضافة إلى مساكن مستأجرة أو يقطنون لدى أقاربهم، مخيم الزعتري من أسوأ مخيمات اللجوء حيث يفتقد أقل مقومات الحياة وأيضاً قمعت الحكومة الأردنية عدّة احتجاجات مطالبة بتحسين وضع المخيم .
لبنان: فيها أكثر من 85000 ألف لاجئ وهم على الأغلب يقطنون لدى أقاربهم في لبنان حيث تتولى بعض «الجمعيات الخيرية» تقديم المعونات التي تنبعث منها رائحة المال الطائفي في غياب شبه تام لمساعدات الحكومة منذ ثلاثة أشهر بحسب مصادر إعلامية..
بينما في مصر تعمد الحكومة المصرية، بحسب جريدة الأهرام، إلى طرد السوريين بحجة عدم استكمال الأوراق أو بحجة انتهاء فترة الإقامة..
العراق: لم يسمح سوى للمتزوجين الدخول إلى أراضيه..
ليبيا : يتواجد آلاف السوريين فيها وهم يعيشون وضعاً بائساً للغاية.
رغم أن للشعب السوري تاريخاً مشرفاً في استقبال اللاجئين من هجرة الأرمن إلى العراقيين واللبنانيين، إلا أنه في محنته هذه لا يعامل بالمثل، فقد سجل تقرير للجنة العليا للإغاثة التابع للأمم المتحدة ظاهرة خطيرة ومهينة هي ظاهرة «زواج السترة» أي تزويج فتيات قاصرات وغير قاصرات لمواطني البلدان المضيفة، وقالت اللجنة: اللاجئون السوريون وبسبب الفقر والعوز يضطرون إلى تزويج بناتهم القاصرات لميسورين من البلدان المضيفة، في حالة أشبه بعملية البيع أكثر من كونها زواجاً، وقد سجلت هذه الحالات في ليبيا والأردن ولبنان وقد أطلق عدد من النشطاء السوريين حملة عبر صفحات التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك والتويتر والاعتصامات بعنوان «لاجئات لا سبايا» بهدف توعية النازحين والرأي العام بمخاطر زواج اللاجئات السوريات من عرب أو أجانب في هذه الظروف.
ويلاحظ غياب دور الحكومة السورية، فهي لم تقم بواجبها الإنساني تجاه قضية اللجوء، وكان جلّ ما قامت به أنها وقعت مذكرة تفاهم مع وكالة اللاجئين لتسهيل عملها من أجل تقديم بعض المساعدات. إن قضية اللجوء هي قضية إنسانية وسياسية مهمة، ولم يتم التعامل معها إلا وفقاً لمصلحة الأطراف المتناحرة، فقد تم المتاجرة بها أحيانا من أجل تهويل في تردّي الوضع الإنساني بهدف طلب التدخل الخارجي، وأحياناً كانت مورداً لنهابي الثروات في دول الجوار، وأحيانا بهدف التغطية على احتضان بعض الدول للمسلحين. إن الحل السياسي وإنهاء الأزمة سلمياً وإيقاف العنف والبدء بالحوار سيكون هو الحل الوحيد لقضيّة اللجوء وعودة جميع اللاجئين إلى وطنهم وتعويضهم عما لحق بهم..