جميل: السعودية ترتكب جريمة حرب عبر عرقلة جنيف3..و«دي ميستورا» ملزم بدعوة المعارضة كلها بحكم «2254»
استضاف نادي الشرق التابع لوكالة نوفوستي بعد ظهر يوم الاثنين 25/1/2016 د.قدري جميل، عضو قيادة جبهة التغيير والتحرير وأمين مجلس حزب الإرادة الشعبية، في مؤتمر صحفي جرى فيه تناول آخر مستجدات المشهد السياسي والميداني السوري، ولاسيما ما كان يثار في حينه حول انعقاد مؤتمر جنيف3 ومواعيده ومسألة تمثيل المعارضة فيه.
د. جميل أوضح في مداخلته الرئيسية الملامح العامة لهذه لمسألة متهماً السعودية بارتكاب جريمة حرب من خلال عرقلتها لانعقاد جنيف3 في مواعيده المقررة تحت حجة احتكار تمثيل المعارضة السورية، وعلى اعتبار أن كل ساعة تمر دون حل الأزمة في سورية معناها سقوط ضحايا سوريين جدداً.
تمثيل عادل وشامل وغير إقصائي
ومما جاء في المداخلة الرئيسية للرفيق قدري ما يلي: «في ندائنا إلى بان كي مون (الأمين العام للأمم المتحدة) في 07/04/2015 أكد الموقعون عليه من المشاركين في لقاء موسكو2 على تسريع عقد جنيف3 وإعادة النظر بتشكيل وفد المعارضة السورية للخروج من مأزق جنيف2، على أن يكون التمثيل عادلاً وشاملاً ولا يقصي أحداً. وفي قراره رقم 2254 ألزم مجلس الأمن دي ميستورا بتشكيل وفد يضم أطياف المعارضة كلها التي نشطت في موسكو والقاهرة والرياض وأعطاه تفويضاً بذلك».
وأوضح: «ما يجري اليوم من إعاقات من قبل دول إقليمية وبعض أطراف المعارضة السورية يدل على عدم الرغبة في الحل السياسي، وإنما يراد الالتفاف عليه. (حيث أن) الإصرار على تشكيل وفد أحادي احتكاري الجانب من منصة الرياض، تطلب منا أن نطالب بتمثيل الآخرين بشكل منصف، مما دفعنا باسم لجنة متابعة موسكو لإرسال قائمة رسمية منهم إلى دي ميستورا. وأشير إلى أننا لسنا ضد أية صيغة لتمثيل المعارضة، سواء أكان وفداً أو وفدين بشرط أن يكون التمثيل مجموعة الرياض من جهة والقاهرة من جهة وموسكو من جهة أخرى، متساوي العدد والصلاحيات».
الكارثة السورية هي الأكبر
وأضاف: «اليوم كان موعد جنيف الأولي وكنت أود أن أكون هناك اليوم لبدء الحوار بين المعارضة والنظام الذي يجب أن يهدف أول ما يهدف إليه هو تنفيذ قرار مجلس الأمن من خلال خارطة وجدول زمني يضمن وصول المساعدات الإنسانية ووقف إطلاق النار وتشكيل حكومة ذات صلاحيات كافية لتعديل الدستور وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية، ومن أجل ضمان تنفيذ بنود قرار مجلس الأمن كلها، وصولاً إلى عودة سورية والسوريين للحياة الطبيعية، عبر عودة الأمن والاستقرار، واجتثاث الإرهاب، وإعادة بناء ما دمر وخاصة في البنية التحتية، وعودة المهجرين وقيام مؤسسات الدولة بدورها بتأمين الخدمات المطلوبة كلها، (علماً بأن) دور المجتمع الدولي سيكون هاماً وخاصة في مجال المساعدات لإنقاذ شعبنا من أكبر كارثة عرفها العصر الحديث».
كما قال جميل: «نحن مجتمعون هنا الآن وليس هنالك وضوح كامل حول جنيف3 وآمل أن يكون دي ميستورا على مستوى المسؤولية لتنفيذ المهمة المكلف بها لتنفيذ قرار مجلس الأمن وتوصيات فيينا1و2. وأقول أن التعثر الجاري سببه التصريحات غير المسؤولة والاستفزازية لوزير الخارجية السعودية وإصراره على تمثيل المعارضة بوفد الرياض فقط، وكأن المشكلة سعودية وليست سورية، وكأن السوريين يجب أن يخضعوا لأهوائه؟! إن مجموعة العشرين قررت بفيينا أن تكون الرياض مكاناً لاجتماع المعارضة لا أن تكون الرياض ولي أمر المعارضة السورية، إن أي تأخير اليوم يتحمله شخصياً ومباشرةً وزير الخارجية السعودي، هذا التأخير الذي يوازي جريمة ضد الإنسانية لأنه يموت يومياً في سورية المئات من الأطفال والنساء والشيوخ والرجال جوعاً وبرداً ورصاصاً. استغرب هذا الدرك الذي وصل إليه البعض الذين يضعون مصالحهم الإقليمية فوق مصلحة ومصير شعب بأكمله».
وقاحة تركية سافرة
وأردف: «فوق ذلك وصلت الوقاحة قبل أيام بأن صرح رئيس الوزراء التركي في دافوس أن قدري جميل يعيق الحل السياسي وبدء الحوار، وأنتم كلكم تعرفون ومن خلال هذا المنبر، ومنذ أربع سنوات أننا كنا دائماً نصر على الحل السياسي، عندما كان الكثيرون يستبعدونه ويصرون على الحلول العسكرية، وإلى الآن تقوم تركيا بإرسال أدوات التدمير ورجاله إلى سورية».
كما قال جميل: «أعرف أنكم أتيتم لتعرفوا أين وصلنا بخصوص بدء الحوار. حتى اللحظة لم يتم الاتفاق على تشكيل وفد المعارضة وموعد بدء الحوار لكننا قريبون جداً منه خلال أيام وحتى ساعات. المطلوب الآن من الجميع وخاصة المعارضة السورية التمنع عن الركض وراء المكاسب الفئوية الضيقة والخروج من بقائها أداة بيد قوى إقليمية».
الفرصة تاريخية
وأوضح جميل: «أمامنا فرصة تاريخية يجب عدم إضاعتها وأقول أن المشكلة غير معقدة إذا تعاملنا معها بمنطق وواقعية وابتعدنا مبدئياً عن التفاصيل، مقابل التركيز على ثلاث قضايا متوازية والانطلاق بها فوراً، وهي إيقاف الكارثة الإنسانية، واجتثاث الإرهاب الفاشي، وبدء عملية التغيير السياسي الحقيقي. وكل ذلك يجب أن يتم بالاتفاق بين المعارضة والحكومة الحالية وكل من يفكر أنه يجب البدء بالإطاحة بالحكومة والنظام للبدء بصراعه خطأ. إن المهمات أعلاه قابلة للتوافق بين الطرفيين وهي ليست مهمات سياسية ضيقة وآنية».
وقبل أن ينهي مداخلته الرئيسية توجه جميل بالشكر لروسيا على دورها الكبير في الحفاظ على ما تبقى من سورية، بما يمهد لاستعادة الدولة السورية بشكل كامل لوظيفتها ودورها وسيادتها، مثلما شكر كل من يقف الأن في الخنادق الأمامية للدفاع عن سورية.
وفي معرض إجاباته على بعض الأسئلة أوضح جميل أن ما يفسر التغييرات في المواقف الأمريكية باتجاه قبول الحل في سورية هو أن الأمريكيين في تراجع مقابل أن الروس وحلفائهم في تقدم، غير أن حلفاء أمريكا يتمردون عليها، ويحاولون العرقلة، متسائلاً: وإلا ما الذي يدفع بكيري أن يطلب من دي ميستورا ألا يتوجه للرياض؟ واستشهد جميل في هذا السياق بأن الصراع في داخل الإدارة الأمريكية بين الجناحين الفاشي و«العقلاني» يميل حالياً باتجاه العقلاني كما كانت الحال مع الفاشية بوجهها النازي القديم، لأن الرأسمالية الأنغلوساكسونية في ذلك الحين هي من رعت النازية في البداية ثم اضطرت للإسهام في القضاء عليها عندما تعاظم خطرها. والآن ومع تحول الفاشية الجديدة بوجهها الداعشي إلى خطر يهدد منطقة المتوسط برمتها وليس شرق المتوسط فحسب، تضطر واشنطن للخيار ذاته. غير أن البراغماتية الأمريكية السريعة غير موجودة على ما يبدو لدى حلفائها في المنطقة ولدى تلك المعارضة السورية التي رعتها خلال السنوات الماضية.
بين «السياسي» و«القانوني»
وفي سياق متصل أكد جميل أن المهمة الأساسية اليوم هي الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها، موضحاً في إجابته على سؤال ثان أن أي وجود عسكري أمريكي في سورية هو غير شرعي، في حين أن الوجود الروسي مشروعٌ، على اعتبار أن ما يحدد ذلك من وجهة نظر القانون الدولي هو إما تفويض بقرار دولي، أو طلب من الحكومة الشرعية المعنية. وأضاف: سياسياً، ربما هناك من يجادل بأن الوجود الروسي يعجبه أم لا يعجبه، أو تعجبه أم لا تعجبه الحكومة السورية وبالتالي هي مشروعة أم غير مشروعة، ولكن مقعدها موجود في الأمم المتحدة، وشدد، هنا الحديث يدور من وجهة نظر القانون الدولي، فقط لا غير. وبالتالي بخصوص أي وجود عسكري أمريكي لا يوجد أي قرار دولي بخصوصه ولا يوجد طلب من الحكومة السورية. وهذا يعني أنه غير مشروع كلياً.
ورداً على سؤال آخر أوضح جميل أن أصدقاء روسيا في سورية كثر، ولكنهم مغيبون لأسباب عدة، منها أن الإعلام العربي السائد والممول أو المتحكم به خليجياً لا يسلط الضوء عليهم، ومن جهة أخرى مستوى الحريات السياسية المنخفض في سورية خلال نصف قرن مضى. وأضاف: ولكن مع بدء ولادة الفضاء السياسي الجديد في سورية والمنطقة العربية برمتها سيتفاجأ الجميع بقدرة سورية والشعب السوري على إظهار وجوه سياسية حقيقية.
كما أجرت قناة سكاي نيوز يوم الخميس 28/1/2016، لقاءً تلفزيونياً مع د.قدري جميل عضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، أمين مجلس حزب الإرادة الشعبية، الموجود حالياً في سويسرا في إطار تحضيرات جنيف3 التي تلقى مع عدد من شخصيات وقوى المعارضة السورية الدعوات الرسمية لحضوره.
ورداً على سؤال حول السجال الذي يحيط بالقائمة التي تقدمت بها مجموعة من المعارضين السوريين في جنيف تحت اسم «وفد السوريين العلمانيين الديمقراطيين»أوضح جميل: «القائمة تم تقديمها من مجموعة كبيرة من المعارضة السورية، ونحن نصر على حضور أطراف الوفد كلها، «وفد السوريين العلمانيين الديمقراطيين»، ولكن بآن واحد نرى أن هذا الموقع الذي احتلته اليوم المعارضة الوطنية السورية، يجب أن يجري تعبئته فوراً، وأن نستمر بالضغط كي لا يغيب أحد بتاتاً، من أعضاء الوفد عن جنيف».
وحول أن روسيا لا تدعم بما يكفي وجود المعارضين السوريين غير المنضوين تحت قائمة الرياض وبدأت تفاوض واشنطن وأنقرة على ذلك، قال جميل: «الحقيقة لا نشعر بتغير في الموقف الروسي، ولكن لا نشعر بالحزم الكافي من الطرف الأمريكي. حالياً إذا ما اتفق الروس والأمريكيون على أن يحضر وفدنا كاملاً بدون أية إملاءات من أي طرف ثالث، فسيتم الحضور. ولكن من غير المفهوم لماذا يستطيع طرف ثالث، أن يفرض شروطه على الأمم المتحدة، وأن يستجيب الأمريكيون له، ويطلبوا مهلة من أجل تجاوز هذه العقبات. دي مستورا لديه الصلاحية كاملة، من مجلس الأمن، وهو ملزم لدعوة أطراف المعارضة جميعها، وعدم دعوته الأطراف جميعها هو خرق بحد ذاته لقرار مجلس الأمن الذي طالب بأن تحضر المعارضة متمثلة بالمجموعات التي ساهمت في المؤتمرات الثلاثة: القاهرة، وموسكو والرياض، بأن تحضر إلى جنيف».
وأوضح: «اليوم يجري إقصاء مجموعة، وهي هامة، ولها وزنها على الأرض، وهي مجموعة الاتحاد الديمقراطي. لذلك نحن نرفض الإملاءات الخارجية، ونصر على الأمم المتحدة أن تمارس دورها كاملاً كما هو منصوص عليه في قرار مجلس الأمن».
وحول ما إذا كان وفد الديمقراطيين العلمانيين، الاتحاد الديمقراطي ضمناً، سيقبل بعدم حضور افتتاح جنيف3 وإنما حضور جلسات لاحقة أجاب جميل: «أنا من جهتي كنت البارحة في لوزان، وقمنا بمشاورات مع أطراف وفد المعارضة العلمانية الديمقراطية، واجتمعنا مع السفير الروسي مساءً، ولم أسمع كلاماً كهذا. هناك إصرار من الطرف الروسي، على حضور الجميع فوراً. لكن الأمريكيين، وأمام العقبات التي تضعها بعض القوى الإقليمية، يطلبون وقتاً مستقطعاً من أجل حضور الاتحاد الديمقراطي وحلفائه المفاوضات. ونحن من جهتنا لا نرى أي تناقض بين حضورنا مباشرة، والمباشرة بمهامنا ومسؤولياتنا تجاه شعبناً، وضرورة حضور الاتحاد الديمقراطي هذه المحادثات. يجب ألّا تتخلى الأمم المتحدة، والسيد دي مستورا، عن دوره المنصوص عليه في مجلس الأمن».
ورداً على سؤال حول ما يسمى بالصفة الاستشارية للمعارضين السوريين المشاركين في جنيف من خارج وفد الرياض أوضح جميل: «نحن قاتلنا لمدة سنتين، ليحصل تمثيل للمعارضة كلها في جنيف، خلافاً لجنيف2 الذي كان أحد أهم أسباب فشله، أحادية تمثيل المعارضة. لذلك لن نتخلى عن المواقع التي استطعنا الوصول إليها. ثالثاً: توجهت إلينا رسائل بالمحتوى ذاته الذي توجهت به لوفد الرياض، أي أننا لسنا وفداً استشارياً، بل وفداً كامل الحقوق، بالعدد والصلاحيات. ومفردة «استشاري» ظهرت إعلامياً، ولا أرى لها أساساً من الصحة. الفرق الوحيد أن الدعوات وجهت إلينا شخصية، لأننا لم نكن قد اجتمعنا بعد، بسبب التباعد الجغرافي، بينما «الرياض» كان من الممكن أن يتم توجيه دعوة إلى رئيس اللجنة التفاوضية الذي عينوه، وأن يطلبوا منه إرسال 15 مفاوضاً. هذا هو سبب إرسال الدعوات الشخصية، ولا نقبل بأن نكون استشاريين أو أن تكون حقوقنا أقل من الوفد المفاوض الآخر. كلنا سوريون ولنا الصلاحيات ذاتها على طاولة جنيف».
وأضاف رداً على سؤال استطرادي في السياق ذاته: «لن يتم استثناؤنا، لأن الدعوات قد أرسلت، وأنا أكلمكم من جنيف على أساس رسالة الدعوة التي وصلت إلي، من دي ميستورا، وأنتظر رفاقي من دمشق الذين سيتوالون إلى جنيف خلال الساعات والأيام القليلة القادمة. وسنسعى لأن يكون وفدنا كاملاً، وألا يستثنى أحد منه بأية حجة كانت. لذلك الدعوة لم توجه فقط إلى مجموعة الرياض، بل إلى المجموعات التي عملت في موسكو والقاهرة. ونحن شكلنا وفداً موحداً من مجموعتي موسكو والقاهرة وسيكون كامل الصلاحيات. ومن المؤكد أننا سنكون مشاركين في بداية المفاوضات، وسنسعى إلى تذليل العقبة التي توضع أمام حضور الاتحاد الديمقراطي، عاجلاً أم آجلاً. وبالأحوال كلها، لا يمنّي أحد النفس بأن ننسحب من المفاوضات، لأننا سنستمر وسنطالب بالطرق الملموسة والعملية بحضور الوفد كله».