عرفات: إطار الحل السياسي دخل مرحلة اللاعودة

عرفات: إطار الحل السياسي دخل مرحلة اللاعودة

أجرت إذاعة «ميلودي FM» يوم الثلاثاء 29/12/2015، حواراً مع أمين حزب الإرادة الشعبية، وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، الرفيق علاء عرفات، تم التطرق فيه إلى عدد من الملفات والأحداث الأخيرة على الساحة السورية.

حول ارتباط التفجيرات الأخيرة في حمص، وغيرها من المدن السورية، مع تقدم مسار الحل السياسي، أكد عرفات أن حرارة الأحداث هذه لها اتجاهان، أولاً: أن تقدم الجيش في اللاذقية وحلب وغيرها يعبر عن تغير موازين القوى على الأرض السورية، والذي يعبر في نهاية المطاف عن تغير في ميزان القوى عالمياً وإقليمياً، وبالتالي، فإن هذا التقدم هو انعكاس مباشر لتلك المعادلة. وثانياً: ما يتعلق بالتفجيرات وغيرها، فهي تعبر عن ردود الأفعال التي يمارسها الطرف الآخر، والتي يركز من خلالها على مواضيع ذات طابع طائفي أحياناً.


مستويات «الحرب الكونية»

وفي رد على سؤال حول «التقدمات العسكرية» و«المصالحات الميدانية»، لفت عرفات، أولاً: تؤكد وسائل الإعلام السورية دوماً أن ما يجري في سورية هو حرب كونية، لكن، في التحليل لا ينسبون المتغيرات الميدانية إلى مستوى الحرب الكونية، ويقصرون الموضوع على أساس سوري بحت، وهذا غلط، لأنه في الواقع من يتقدم على الأرض هو الجيش السوري وحلفاؤه، الدولة السورية وحلفاؤها، وهذا التحالف هو الذي أحدث الفارق عملياً على الأرض، واستمرار هذا الفارق مربوط باستمرار وتعمق هذا التحالف.
ثانياً: فيما يتعلق بالاتفاقات التي أنجزت في الحجر الأسود والزبداني وغيرها من الاتفاقات التي يمكن أن تتم لاحقاً في مناطق أخرى، هذا الموضوع أيضاً هو تعبير عن ميزان القوى الجديد، هذه الاتفاقات لم يكن ممكناً أن تتقدم لولا حدوث فارق في القوى من ناحية، وانفتاح طريق الحل السياسي بالمعنى الدولي الذي شهدناه عبر قرار مجلس الأمن الدولي، وفيينا1 وفيينا2. هذا المسار فتح، وهذه الاتفاقات تدخل في إطار تحقيق هذا المسار. بالمعنى العسكري الجغرافي يجري تأمين دمشق ومحيطها من وجود المجموعات المسلحة بمختلف أشكالها، سواء كانت (داعش) أو غيرها، وتجري الاتفاقات لإخلاء هذه المناطق من تلك القوى، وطبعاً هذا حدث مهم، أي خروج القوى المسلحة دون معارك، لأنه أولاً يحقن دماء الناس المدنيين والعسكريين، وثانياً يؤمن المدن الكبرى من إمكانية حدوث ضربات من بعض الأطراف، وبالتالي فإن كل المؤشرات تقول أن إطار الحل السياسي قد فتح طريقه وبات من الصعب، وحتى المستحيل إيقافه، قد يحاول البعض إعاقته وعرقلته، لكننا فعلياً دخلنا في مرحلة اللاعودة في هذا السياق.


المفاوضات ستكون صعبة

عن طبيعة المفاوضات واللقاءات والمؤتمرات السورية المرتقبة، ومدى جديتها، أشار عرفات إلى أن: موضوع الذهاب إلى حل سياسي قد حسم. الذهاب إلى الطاولة قد يكون في كانون الثاني، وقد تنشأ عقبات تؤخره، ولكنه إن لم يكن في 25 كانون الثاني فسيكون في 27 منه، أو سيكون في الأسبوع الذي يليه، لكن هذا الطريق فتح. ما نشهده من نقاشات وخلافات حول البنود التفصيلية سيكون قانوناً لهذه المسألة، فالآن هناك صراع حول تشكيل وفد المعارضة، وهناك صراع شديد حول قائمة من هي المنظمات الإرهابية، وقبل استكمال هاتين النقطتين سيكون من الصعب بدء المفاوضات. حتى الآن القائمتان لم تكتملا، وبالتالي فإن موعد 25/1/2016 هو موعد تأشيري إن صح التعبير. المبعوث الدولي لديه تقدير بأن هاتين المهمتين ممكن إنجازهما قبل هذا الموعد، وهناك جهود معروفة وواضحة في الإعلام، هنالك مبعوث روسي في جولة بين العواصم حسب اعتقادي بغية إنجاز تلك القائمتين، هذه الجهود إذا كللت بالنجاح في وقت مناسب يمكن لموعد (25/1) أن يصبح واقعاً. المسألة الثانية: هي أن المفاوضات ستكون في منتهى الصعوبة، من حيث تفاصيلها والوصول إلى نتائج حقيقية. وهي ستأخذ وقتاً طويلاً وسيكون تفاوضاً صعباً جداً، نظراً لكمّ التعقيدات.


المشروع الروسي هو اتفاق السوريين

حول «التوافق الروسي- الأمريكي»، وارتباطه الشديد بالوصول إلى قراري مجلس الأمن رقم «2254» و«2253»، قال عرفات: إن الصراع في الواقع هو صراع بين هاتين القوتين تميل فيه الكفة لصالح الطرف الروسي على النطاق العالمي، هذه نقطة الخلاف بيننا وبين العديد من القوى السياسية، فرأينا أن الطرف الروسي هو الطرف المتقدم والأمريكي هو المتراجع، والطرف الروسي هو صديق لسورية ليس في الفترة الأخيرة فقط لكن تاريخياً هو صديق لسورية، وانطلاقاً من رؤيتنا أن الطرف الروسي هو الذي يتقدم على المستوى العالمي أقول أن الحل الذي يسير ويطبق على الأرض اليوم هو حل سوري- سوري، وأن ما يريده السوريون هو ما سينفذ، وليس ما تريده الأطراف الأخرى، لسبب بسيط هو أنه ليس لدى الروس مشروع آخر مختلف، فالمشروع الروسي يتلخص بأن يتفق السوريون، واستناداً إلى هذه النقطة أقول أن الحل سيكون سوري- سوري حتماً.


القنطار رمز وطني أعلى من التنظيمات

في جوابه على سؤال حول العلاقة بين اغتيال عميد الأسرى العرب، سمير القنطار، وموضوع الحل السياسي في سورية، أكد عرفات: إذا كان الصهاينة هم من اغتال القنطار فلديهم مئات الأسباب لذلك، أولاً: هذا الرجل تحول إلى رمز وطني، أعلى من التنظيمات والأحزاب والبلدان، وهو أحد رموز المقاومة ككل، ووجود مثل هذه الرموز بالنسبة للكيان، غير مقبول، وهنا يكمن السبب الحقيقي في اغتياله، أما إذا أردنا البحث عن سبب عملي، فالشهيد القنطار، كان يعمل على ما يبدو على تنمية المقاومة السورية في الجولان في مواجهة العدو، وهي من القضايا الهامة، والصهاينة يشعرون بالخطر، وأرجّح أن عملية الاغتيال في هذه المرحلة مرتبطة بهذه النقطة تحديداً، فالصهاينة يوجهون رسائل للأطراف كلها بأنهم لن يقبلوا بوجود مقاومة في الجولان السوري المحتل، وهو جوهر الرسالة، ولكن المقاومة ستنشأ وتستمر رغم محاولاتهم.
أما ارتباطها بموضوع الحل السياسي، فهو بعيد نسبياً: الصهاينة بطبيعة الحال، يسوؤهم الذهاب إلى الحلول السياسية، وهم اليوم سعداء بما يجري في سورية، وممكن أن تكون عملية الاغتيال بسياق ردة الفعل، ورسالة يرسلها العدو محتواها: (بأننا موجودون ولن نقبل الذهاب إلى حل سياسي)!.
الكيان الصهيوني يريد إضعاف سورية ككل، ويريد انتقال الحريق إلى كل الدول المجاورة سواء كانت عدوة أو صديقة له، حتى تركيا، فاشتعالها بالمعنى الاستراتيجي العام يقوي وضع الكيان، رغم أن التركي حليف وصديق، وحتى الخليج، لا مانع للعدو من انتقال الحريق له، ونستطيع القول الصهاينة بشكل عام، مع إحراق المنطقة.


لدى الصينيين برنامجهم للظهور

أما عن الجهود الصينية التي تبدي مؤخراً استعدادها لاستقبال جولة من جولات المفاوضات، وعن توقيت «الظهور الصيني» قال عرفات: لدى الصينيين برنامجهم في الظهور العالمي، إذا انتبهنا خلال الفترات الماضية، يزيدون دورهم ووجودهم في النطاق العالمي، ببطء شديد، ولكن بوتيرة مستمرة.
والمفاوضات السورية بين النظام والمعارضة لن تحصل ببكين، لأنها على الأرجح ستكون بجنيف، ولكن الصينيين كنوع من تظهير الدور، وإبداء حسن النيات تجاه الأطراف جميعها، وأنهم على علاقة مع النظام والمعارضة من الممكن أن يدعو لجولة ذات طابع رمزي في بكين، للقول بأن الصين هي طرف داعم للحل السياسي، وستبذل الجهود في سياق بدئه واستمراره وما يليه، وللحقيقية الصينيين نواياهم إيجابية تجاه سورية، فمراقبة النشاط الصيني، والتصريحات أتت كلها في السياق الإيجابي، والداعم للحل.