من هم أصدقاء الشعب السوري؟
كفاح سعيد كفاح سعيد

من هم أصدقاء الشعب السوري؟

عادت إلى التداول مجدداً في الأيام القليلة الماضية، تلك الفكرة التي تقول «لا أصدقاء للشعب السوري» وذلك على لسان بعض نخب المعارضة السورية، والتي كانت قد طرحت في فترات سابقة على لسان بعض آخر، ولكن في الإعلام المحسوب على الموالاة..؟! 

• إن طرح هذه الفكرة اليوم، تعني قبل كل شيء عدم تحديد العدو الأساسي، من خلال وضع إشارة مساواة بين الدور الروسي والدور الأمريكي،  الأمر الذي تدحضه كل الوقائع منذ بداية الأزمة وحتى تاريخه، حيث كان الدور الأمريكي على الدوام موظفاً في خدمة استمرار الاستنزاف السوري، سواء كان ذلك عبر محاولات التدخل العسكري المباشر، أو اللعبة الإعلامية السياسية، المبنية على الأوهام، والتي دفعت بعض قوى المعارضة من مأزق الى مأزق، أو بمحاولة فرض المعارضات التابعه لها على الحركة الشعبية، واعتبارها ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب السوري، أو في أفضل الأحوال اللعب على موضوعة الفعل ورد الفعل مع النظام، ناهيك عن الدور الاستخباراتي غير المكشوف..

أما الدور الروسي فكان منذ البداية قائماً على ثلاثة أسس: ضرورة الحفاظ على الدولة السورية كوحدة جغرافية سياسية، وضرورة الحوار بين السوريين للوصول إلى صيغ توافقية، وحل سياسي، الأمر الذي استوجب منذ تفجر الأزمة العمل على منع التدخل الخارجي، ومحاولة فرض أجندات دولية على السوريين.

• إن هذه الفكرة  تحاول الطعن  بأنصار الحل السياسي للأزمة السورية في الميدان الدولي، وأداته الأساسية مؤتمر جنيف، حيث أن معيار  الصديق والعدو بالنسبة للشعب السوري في ظروف الأزمة السورية، هو مدى العمل الجدي من هذه الجهة أو تلك على إنجاز الحل السياسي من عدمه، وفي هذا السياق فإن الترويج لهذه الفكرة « لا أصدقاء....» هي محاولة متجددة لخلط جديد للأوراق، وتغييب الحلقة الأساسية، ألا وهي الحل السياسي، ويمكن اعتبارها أيضاً في ظل النشاط الدبلوماسي الروسي المحموم لإحياء مسار جنيف، تشويشاً بائساً على هذا الجهد، و ومحاولة للتشكيك به.

• إن أصحاب هذه الرأي الملتبس ينتمون - ذهنياً على الأقل - إلى تلك العقلية التي سادت لدى بعض المعارضات في بلدان المنطقة بعد الاحتلال الامريكي للعراق، وملخصها، إن دعم الشعوب  يفرض على القوى الدولية الصديقة العمل على إزاحة السلطة القائمة وتسليم السلطة لها، فأي جهد دولي لا  يسخّر من أجل ذلك، لايعتبر جهداً صديقاً..؟؟! 

لقد أخذ الاستثمار في الأزمة السورية أشكالاً متعدده، وكان لها على الدوام  أدوات متعددة، ومن هذه الأدوات تلك البكائيات التي أبدع فيها بعض المعارضين، والتمظهر بالطهرانية، ومحاكاة عذابات السوريين، بهدف تسجيل النقاط، استناداً على الوعي اليومي السائد الذي فرضته وسائل الإعلام المختلفة، دون التحلي بالجرأة المعرفية، التي لايمكن الاستغناء عنها،  إذا أراد السياسي أن يكون سياسياً جدياً.