على رأس جدول الأعمال!

على رأس جدول الأعمال!

شهد الأسبوع الفائت تسارعاً ملحوظاً في التحركات الدولية والإقليمية المتعلقة بمساعي حل الأزمة السورية، من اجتماع قطر- الذي ضم وزيرا الخارجية الروسي والأمريكي سيرغي لافروف وجون كيري، إضافة إلى وزير الخارجية السعودي، وما تم من لقاءات على هامش هذا الاجتماع مع شخصيات معارضة سورية- إلى المبادرة الإيرانية، التي لم تتضح بنودها حتى اللحظة، وإلى زيارة وزير الخارجية وليد المعلم إلى عُمان، وصولاً إلى تصريحات أعضاء فيما يسمى بالائتلاف الوطني حول «أهمية الحل السياسي» و«عدم وجود بدائل له»، وإعلانهم عن موعد زيارة وفدهم لموسكو في 12 من الشهر الجاري.. وليس انتهاءً بقرار مجلس الأمن الجديد حول تحديد آلية للتحقيق في استخدام السلاح الكيماوي في الأزمة السورية.

إنّ مجمل هذه الوقائع تؤكد أنّ «الملف السوري»، بعد حل «الملف الإيراني»، بات على رأس جدول الأعمال الدولي. أي أنّ الجهود العملية لتحديد أشكال وأطر اللقاءات بين السوريين لحل أزمتهم قد انطلقت وبدأت بالتسارع، وذلك بالتزامن مع عمل حثيث لتأمين الأجواء الدولية والإقليمية المناسبة لسيرها، وقبل ذلك إقناع أطراف إضافية ضمن المعارضة السورية للالتحاق بالعملية.


بالمحصلة، يمكن القول أن ما تمّ إنجازه حتى الآن هو:

• وجود توافق دولي.
• التحضير نحو توافق إقليمي على مسألتي محاربة الإرهاب وحل الأزمة السورية سياسياً.
• مساهمة إيران في مجال الحل السياسي.
• توسيع مروحة الطيف المعارض المشارك في العملية السياسية.

وهذان البندان الأخيران كانا قد غابا عن جنيف-2، وكان غيابهما سبباً أساسياً من أسباب فشله. وبحلهما يمكن أن نتوقع أن مسألة الحل السياسي ستسير قدماً، وبشكل جدي.
مما لاشك فيه أنّ الولايات المتحدة الأمريكية إذ «تجنح للسلم»، وللحلول السياسية، فليس ذلك إلّا ضمن سياقين: الأول هو تراجعها الإلزامي على المستوى العالمي، وتالياً الإقليمي والمحلي، والثاني هو اشتغالها على تبديل أدواتها في محاولة الوصول إلى الأهداف نفسها، وذلك بعد أن عجزت الأدوات السابقة عن تحقيق المطلوب. بل أصبحت واشنطن نفسها عاجزة عن الاستمرار باستخدام الأدوات نفسها تحت ضغط التراجع.
إنّ هذه الحقيقة الثابتة حول نوايا واشنطن، والتي تستهدف كحد أدنى إنهاء دور سورية الإقليمي، وكحد أعلى إنهاء سورية نفسها ككيان سياسي مستقل وموحد، تعني أنّ واشنطن ستحاول التحكم قدر استطاعتها بمسارات وأشكال ومفردات ونتائج الحل السياسي السوري. وهذا ما يستدعي من الوطنيين السوريين جميعهم، أياً كانت مواقعهم، الدفع بكل ما يستطيعون باتجاه الحل السياسي الذي يفتح الباب أمام المحافظة على وحدة سورية، أرضاً وشعباً، وموقعها في مواجهة المشاريع الإمبريالية والصهيونية في المنطقة، وأمام التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والعميق والشامل، والذي يضع حداً لقوى اللبرلة والفساد، التي شكلت ولا تزال ممر العدو الأول والأهم نحو الداخل. وهذه الحقيقة تعني أيضاً أنّ على الوطنيين السوريين التحضير للمعارك الوطنية اللاحقة ضمن عملية الحل السياسي، تلك المعارك التي ستكون سياسية تستند إلى برامج القوى السياسية المختلفة وممارساتها الفعلية على الأرض.