عرفات:  حل مشكلة كبرى يضع بقية المشكلات على طريق الحل

عرفات: حل مشكلة كبرى يضع بقية المشكلات على طريق الحل

التقت إذاعة «شام إف إم» يوم الأربعاء 15/7/2015 ضمن برنامجها «استديو الشام» مع الرفيق علاء عرفات، أمين حزب الإرادة الشعبية، وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير. ودار النقاش بشكل أساسي حول الانعكاسات المتوقعة لتوقيع الملف النووي الإيراني على الأزمة السورية، وفيما يلي أجزاء من هذا الحديث الإذاعي المنشور صوتياً بشكل كامل على موقع قاسيون.

إيران نحو نمو 8%

حدد عرفات في تقييمه لتوقيع الاتفاق النووي الإيراني بعض القضايا الأساسية فيما يتعلق بالداخل الإيراني، فقال: «أولاً لنحدد بعض المسائل، إيران بلد محاصر، وبالرغم من ذلك تحقق إنجازات كبرى في المجال العملي والعسكري، واليوم مع إيقاف العقوبات المفروضة عليها، والذي لن يتأخر تطبيقه الفعلي كثيراً، يمكنها خلال فترة زمنية، البعض يقول خلال ثلاثة أشهر أو أكثر، يمكنها أن تنتج مليون برميل إضافي، وهذا يمثل بالأسعار الحالية 60 مليون دولار يومياً، وسنوياً أكثر من 20 مليار دولار، إذا كان الدخل الوطني الإيراني 400 مليار وقسمنا الـ20/400 تكون نسبة النمو 5% نتيجة تصدير مليون برميل نفط إضافي فقط. بمعنى أن الجمهورية الإيرانية مرشحة، وتستطيع وتريد، أن تحقق نسبة نمو 8% سنوياً، وهذه نسبة ليست صغيرة، وهي عالية. بمعنى أن الحسابات الإيرانية نتيجة رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران ستجعل منها مركز نمو هام، وربما مركز النمو الأهم في المنطقة، وبالتالي أصبح يجب أن يحسب حساب الجمهورية الإسلامية الإيرانية بشكل مختلف عما كان عليه قبل العقوبات. وإن مثل هذا الموضوع سيكون له انعكاسات، ليس على سورية فحسب، بل وعلى المنطقة كلّها، ومن ضمنها سورية».


الاتفاق تراجع أمريكي!

وتابع الرفيق عرفات تقييمه بالقول: «إذا أخذنا الموضوع في إطاره العام، فالولايات المتحدة الأمريكية تخرج من المنطقة، لأنها في طور التراجع، ومؤشرات التراجع عديدة، عسكرية وسياسية واقتصادية، وفي أثناء انسحابها تريد أن ترد الأمور لنفسها ولحلفائها ولحليفها المهم «إسرائيل» بطريقة محددة، بحيث تبقى إمكانية استمرار هؤلاء الحلفاء بحالة مقبولة لأطول مدة ممكنة»


مؤشرات التراجع الأمريكي

وفي سياق الإجابة عن أسئلة المحاور، ذكّر عرفات بالمؤشرات الأساسية للتراجع الأمريكي على المستوى العالمي.. «أولاً: الولايات المتحدة الأمريكية بالمعنى السياسي والاقتصادي لم تعد قطباً أوحداً، والفترة التي عاشتها بين 1990 وحتى 2010 أو 2012 كقطب وحيد، انتهت. حيث أصبح واضحاً وظاهراً أن كلمة واشنطن ليست العليا، وأول دلائل ذلك هو الفيتو الروسي الصيني في مجلس الأمن اتجاه محاولة تدخل عسكري في سورية في 2012 -2013 والذي تكرر أربع مرات. ثانياً: إذا أخذنا المؤشرات الاقتصادية، الأزمة التي جرت في عام 2008 كانت البداية فحسب، فانهيار الفقاعة العقارية تلاه جملة من الأزمات التي بدأت تتفاعل وتتعمق، وأكثر طرف متأثر هو الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، بمعنى أنها لم تعد قادرة اقتصادياً أن ترفع الحمل الذي كانت ترفعه سابقاً، لأن الحمل العسكري والسياسي يحتاج إلى قوة اقتصادية، وهذه القوة الاقتصادية بدأت بالانحدار. ثالثاً: كانت إحدى أهم أدوات سيطرة واشنطن هي الدولار كعملة عالمية مفروضة بالقوة على مختلف دول العالم، واليوم هناك من يقول أنه يريد مبادلات تجارية بالعملة المحلية، وليس بالدولار، وهناك من بدأ يعمل على نظام عالمي جديد، وبدأ بإنشاء بدائل لصندوق النقد والبنك الدوليين. وبالتالي فإن مجرد تجرؤ أطراف في العالم على التكلم في هذه المسائل والبدء في تحقيقها، يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية غير قادرة على منع هذا التطور، بمعنى أنها بدأت تدخل في حالة تراجع، وهذا التراجع في نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية هو على نطاق العالم ككل».


التأثير المباشر على الأزمة

وفي سؤال عن تأثير الاتفاق على الأزمة السورية قال عرفات: «التطور في موضوع الملف النووي الإيراني، ووزن إيران في المنطقة، وفي المسألة السورية، كان موجوداً سابقاً. ولكن سعي واشنطن، وقوى غيرها، لتغييب إيران عن مشهد حل الأزمة السورية، كان المقصود منه عدم الوصول إلى حل، لأن إيران طرف وازن وله علاقة في هذه الأزمة، وهم يقولون أن إيران جزء من المشكلة وليست جزءاً من الحل، وهذا غير صحيح، لأنه لا يمكن أن يكون أحد جزءاً من المشكلة، ولا يكون جزءاً من الحل. وبالتالي من يحل الأزمة السورية، يجب أن يأخذ بعين الاعتبار وجود الطرف الإيراني. فيما يتعلق بالجانب الإجرائي، فقد سئلت سابقاً، وعلى إذاعتكم مرات متكررة عمن سيتمكن من إيقاف القوى المسلحة؟ جزء من القوى المسلحة هو «داعش» و«النصرة»، والجزء الباقي يقف بكبسة زر. وبالتالي في حالة الوصول إلى اتفاق سياسي، فإنّ إمكانية وقف الأعمال المسلحة من هذه الأطراف إمكانية حقيقية، وإن لقاءات دي ميستورا في الأردن مؤشر على ذلك.


«صفقة بيع سورية»؟!

وفي سؤال عما تروجه أوساط مختلفة من أنّ الاتفاق النووي جاء ضمن صفقة متكاملة «تخلت فيها إيران عن تحالفاتها، أوضح عرفات: «هذا الكلام غير صحيح، والمقصود منه الإساءة لإيران، والإساءة للأطراف الأخرى، كحزب الله وسورية. دعينا نتذكر أنّ من يعادي سورية والشعب السوري والشعب الفلسطيني والشعب اللبناني، هي «إسرائيل» والولايات المتحدة، ليس من الآن، بل من 60 -70 سنة، وهذا الموضوع لم يتغير. إيران كانت حليفة الولايات المتحدة الأمريكية و»إسرائيل» أيام الشاه. بعد الثورة الإسلامية، تغيرت السياسات وأخذت موقع صراع في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، ودفعت ثمناً كبيراً، حرب ثماني سنوات مع صدام حسين، وحصار طويل، وبالتالي القضية ليست صحيحة، الأطراف المعادية لشعوبنا هي التي مارست ضرباتها وهجماتها وفعلت ما فعلته فيما يتعلق بالوضع السوري والوضع اللبناني.


على خط محاربة الإرهاب

في سؤال عما إذا كان ممكناً أن تعيد واشنطن النظر في تحالفها وتدعو إيران للانضمام إليه، وفيما إذا كانت السعودية ستوافق على ذلك، قال عرفات: «أعتقد أنّ السعودية ستوافق، إذا أخذنا الطروحات الروسية بعين الاعتبار. فالطرح الروسي يقول أن السعوديين هم من طلبوا التعاون ضد «داعش»، وهنا أعتقد أن هناك خطأ في الترجمة، فالطرف الروسي لم يستخدم كلمة تحالف بل قالوا تعاون». وأضاف: «إذا كان الملف النووي الإيراني هو أحد القضايا الكبرى الشائكة التي كان عدم حلّها يؤثر سلبياً على سورية وغيرها، فإن حل هذه المسألة اليوم يضع بشكل طبيعي وآلي المشاكل الأخرى على طاولة البحث والحل».


«إسرائيل» الأكثر انزعاجاً!

أشار عرفات خلال الحوار بشكل خاص إلى موقف «إسرائيل»، فقال: «لماذا «إسرائيل» منزعجة؟ «إسرائيل» كما نقول دائماً، هي كيان غريب، وهي أحد ممثلي قوى المال العالمي، ومن خلقها هي المصارف العالمية، وقوى المال العالمي الصهيوني، روكفلر وروتشيلد وغيرهما. هذه القوى اليوم مأزومة وتحاول أن تستعين بخدمات بعض القوى التي نسميها اليوم باللغة السياسية، بالقوى الفاشية، المرتبطة عملياً بهذه الأوساط. هذه القوى الفاشية تريد دفع الأمور باتجاه الحرب. ولننتبه إلى أنه ضمن الإدارة الأمريكية نفسها هناك خطان متعارضان، فهناك قوى ترغب في توتير الوضع والذهاب إلى حرب بالرغم من أن الحروب اليوم محفوفة بمخاطر كبيرة وجدية جداً، بما في ذلك على الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك طرف ثانٍ يريد أن ينظم حالة التراجع، والطرفان كلاهما يعيان أن أمريكا في حالة تراجع، أحدهما يريد ألا يتراجع إلا عبر إثارة الضجيج والقرقعة والحروب والنيران، والثاني أيضاً لا يمانع الحروب ولكن شرط التحكم بمستوى خطورتها. «إسرائيل» تمثل الطرف الأكثر عدوانية، وهي مرتبطة بالجناح الأكثر عدوانية في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن هنا مغزى موقفها فيما يتعلق بقضايا المنطقة، وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وبالتالي «إسرائيل» ستأخذ موقفاً أكثر تطرفاً».