عرفات: لا وقت للتعامل مع الحل السياسي باستخفاف!
أجرت إذاعة ميلودي إف إم عصر الأربعاء 15/4/2015، ضمن برنامجها «إيد بإيد» لقاءً مع الرفيق علاء عرفات أمين حزب الإرادة الشعبية، وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، وهنا نعرض بعض الأسئلة التي تطرق لها اللقاء..
ما الفارق بين «موسكو1» و«موسكو2»؟
الفارق الأول، «موسكو1» كان عبارة عن كسر جليد. قوى المعارضة، سواءً الداخلية منها أو الخارجية، كانت لأول مرة تجلس مع ممثلي الحكومة أو النظام. وكان في هذا الاجتماع نقاش حول الوضع في سورية وإمكانية الحل، وصدر عن ذلك الاجتماع نداء حول قضية العقوبات الاقتصادية، وأصدر ميسر اللقاء في حينه ما سماه مبادئ موسكو، من وجهة نظره، أن تلك النقاط كانت النقاط المشتركة في الحديث بين الطرفين.
الفارق الأساسي في «موسكو2» يبدأ من التحضيرات، حيث جرت الدعوات هذه المرة بشكل أساسي، لكيانات سياسية بالإضافة للمستقلين. ثانياً: كان هناك جدول عمل، وبالتالي كانت واضحة الاتجاهات العامة للنقاش، وكان من الممكن أن يصدر عن هذا الاجتماع، وثائق أو اتفاقات وإجراءات ملموسة. والحقيقة كانت هذه الرغبة موجودة على الأقل عند الطرف المعارض، وجرى العمل بهذا الاتجاه. بمعنى أن «موسكو2« شكل خطوة أعلى من «موسكو1». هذا بالمعنى الملموس والمحدد والجزئي، أما بالمعنى الكلي فيجب أن نعود لنفهم كيف حدثت وتركبت «قصة موسكو».!؟.
الطرف الروسي كان يعمل منذ فشل «جنيف2» على إنعاش المسار السياسي في سورية. بدأ بمحاولة ترميم الثغرات التي نشأت في «جنيف2«. الثغرة الأولى: كانت تمثيل المعارضة التي عمل عليها الأمريكيون، بحيث جعلوا من الائتلاف الممثل الوحيد للمعارضة في «جنيف2»، وهذا كان أحد أهم أسباب الفشل. ثانياً: الطرفان كانا ذاهبين إلى «جنيف2» وهما واثقان بأن الاجتماع سيفشل. ثالثاً: كان هنالك تغييب لأطراف إقليمية مثل الجمهورية الإيرانية. وبالتالي الطرف الروسي بصفته راعٍ لمؤتمر «جنيف2» بدأ العمل على تغيير هذه اللوحة. وما أنجزه في «موسكو1» و«موسكو2» هو التالي: أولاً: بدأ ببلورة الطرف المعارض القادر والراغب والذي يريد الذهاب إلى حل سياسي في سورية. ثانياً: جمع الطرفين لإيجاد صيغة، بمعنى جمع الطرفين من أجل العمل على اتفاق، ودفع الأمور بهذا الاتجاه، وبالتالي بالمعنى العام جداً هذه القضية أنجزت.
هل اقترب «جنيف3»؟
يبدو لي أنه اقترب، ولكن لا أستطيع التحدث عن مواعيد زمنية، ولكنني لا أرى في الأفق خطوات أخرى قبل «جنيف3»، البعض يعتقد أن هنالك «موسكو3» ربما، ولكنني لا أرجح ذلك ولا يوجد أمامنا أفق حالياً بدلاً من «جنيف3».
لماذا لا يتم الاتفاق والوصول إلى خلاصات بشأن جميع بنود جدول أعمال «موسكو» قبل الدخول إلى «جنيف3»، ولماذا لا يتم بحثها هنا في دمشق حتى قبل «جنيف3»؟
نظرياً نعم، ولكن هذا يعني وقتاً إضافياً واستمراراً للقتال والنزيف، والتعامل مع الحل السياسي لا يجوز أن يكون فيه استخفاف، البلد تحترق ولا أعتقد أن أمامنا آجالاً طويلة جداً قبل الوصول إلى مرحلة اللاعودة. نحن قريبون منها وأقصد بمرحلة اللاعودة احتمال تفكك الدولة وتفكك البلد. لذلك فإن التباطؤ بالذهاب إلى حل سياسي هو عملية رديئة، لا يمكن الركون إليها، ولا يمكن الاعتماد عليها، وينبغي بذل أقصى الجهود من أجل النجاح.
أما بخصوص السؤال الثاني، وإجرائها في دمشق، هناك أشخاص عديدون في كثير من أطراف المعارضة هم أشخاص مطلوبون، ودمشق مكان غير ممكن أن يجتمع فيه كل المعارضين الذين سيتناقشون مع وفد النظام والحكومة. وبالتالي طرح دمشق بهذه الصيغة هو نوع من التعطيل، واستبعاد لبعض الأطراف والجهات، وبالتالي هو غير ممكن.
الرسالة التي وجهت إلى الأمم المتحدة لماذا حصل التباس حولها، حيث قيل أن هنالك من وقع وسحب توقيعه، لماذا؟
المقصود من الرسالة إعادة إحياء «جنيف»، وإعادة الاعتبار لتمثيل المعارضة، الذي كان خاطئاً في «جنيف2»، هذه المسائل الأساسية في النداء، وهذا توجه عند غالبية الأطراف، وهنالك بعض الأطراف والأشخاص جرى ربما إخبارهم أن هذا الموضوع يمكن أن يكون له علاقة بالتدخل الخارجي، وسحبوا توقيعهم، وهم معروفون، وليست هنالك مشكلة. بمعنى غيروا رأيهم وهذا من طبيعة الأشياء، هناك الكثير من القوى والأفراد تغير رأيها.
احتوى النداء على بنود قيل أنها لم ترض بعض الأطراف، مثلاً ورد ذكر هيئة الحكم الانتقالي، هذا أحد أسباب التحفظات، والبعض قال: إنها استدعاء للتدخل الخارجي؟
الناس يقولون ما يريدون. موضوعة هيئة الحكم الانتقالي حساسة لأنها نقطة من النقاط الإشكالية والأساسية المختلف عليها في بيان جنيف. الائتلاف يفسر هذه النقطة بأنه يريد أن يتسلم مفاتيح الحكم، والطرف الآخر في النظام يفسرها بحكومة ضمن إطار الأمر الواقع الحالي، مثل أي حكومة ائتلافية يمكن أن تنشأ. إذا كان هناك هذا الاختلاف، فنحن نريد حله بنقاش السوريين بين بعضهم البعض، واتفاقهم لأنه إن لم يقم السوريون بحل هذا الالتباس، سيأتي أحد آخر ليفسره. هذا الالتباس البعض يسمونه «التباساً بنّاءً» ومنهم الروس، أي أن المسألة تركت ملتبسة لتفسر فيما بعد، وبذهنهم أن يقوم السوريون بتفسيرها بين بعضهم البعض. إذا تُركت هذه المسألة مسألة خلافية، سيأتي من يتدخل، وتتداخل حينها التفسيرات، ونحن نكون الخاسرين، وبالتالي هي عكس ما قام البعض بتفسيرها.
إذا عقد اجتماع «جنيف3» وتغيب الائتلاف المعارض بقرار أو بإيعاز، ألن يوجد لاحقاً من يقول: إننا لم نكن موجودين في نتائج «جنيف3» ومقرراته، ويتحفظون على الاجتماع ليخلوا مسؤوليتهم.. ألن نعود لندخل في الدائرة نفسها؟
من سيقول هذا الكلام خاسر بالتأكيد. أولاً، مؤتمر جنيف يستند إلى بيان جنيف وإلى قرار مجلس الأمن، أي الشرعية الدولية هنا، ومن سيقاطع الشرعية الدولية سيكون موقفه ضعيفاً في هذه المسألة، سواء الائتلاف أو غيره. الفارق عن المرة الماضية أن مؤتمر «جنيف2» يستند إلى الشرعية الدولية، ولكن الأطراف المعارضة لم تدع، وليست هي من لم تأت. الآن أعتقد أن من سيدير عملية «جنيف3» سيدعو كل الأطراف بالتأكيد، ومن لن يأتي هو من سيتخلى عن حقه في الحضور، ويتخلى عملياً عن التزامه وقناعته بالشرعية الدولية. الائتلاف الذي تتكلم عنه تنطح في الفترة الماضية بالشرعية الدولية. والآن عندما تدعيه الشرعية الدولية، ولا يأتي فهو من سيخرج من العملية، وهو من لا يريد الحل السياسي، لأن قناة الحل السياسي اليوم هي جنيف ولا شيء آخر.
قد لا يكون الائتلاف ربما الغرب لا يريد الذهاب إلى حل..!
هذه الدول يمكن أن تسعى في وقت من الأوقات لإفشال الحل السياسي، وهذا مقدور عليه لأن هناك طرفاً ثانياً يريد إنجاحه، وهو قادر على الضغط على هذه الأطراف، وإبراز من هو سبب الإفشال. لنتذكر أن الأمريكيين اضطروا أن يوافقوا على بيان جنيف، في اليوم الثاني كلينتون من تونس فيما يسمى مؤتمر أصدقاء سورية أدلت بتصريحات تصب عملياً ضد بيان جنيف، وهذا فضيحة في الحالة السياسية. اليوم هناك دول كبرى تتعامل مع بعضها البعض، وعندما يخلّ أحدها بشيء، فهو يستطيع القيام بذلك، ولكن سيتحمل مسؤوليته، وهذا سيكون له تبعات سياسية عليه. ما هي التبعات السياسية؟ من يخل بهذه المسائل يفقد دوره..! بمعنى إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية أحد رعاة مؤتمر جنيف، وقامت بتعطيل مؤتمر جنيف فهي عملياً تقول: أنها لن تقوم بدور الراعي. المعادلة السياسية تسمح بذلك مع تراجع الأمريكيين شيئاً فشيئاً. وبالتالي إذا حاول الأمريكيون والغرب إعاقة نجاح مؤتمر جنيف، هذا يعني أنهم سيخرجون من هذه العملية السياسية، وستنعكس آثارها عليهم.
كيف هي علاقتكم بهيئة التنسيق المعارضة الآن؟
علاقتنا ممتازة.
بعدما كل ما حصل في هيئة التنسيق؟
نعم علاقتنا جيدة جداً وتتطور نحو الأمام، والحقيقة أننا في موسكو كنا نعمل بشكل جيد مع بعضنا البعض.
علاقتكم الآن أفضل مع هيئة التنسيق من باقي القوى المعارضة؟
نعم، هي كذلك.
هل أسس «موسكو2» أرضية لـ«جنيف3»؟
بطبيعة الحال، بمعنى أن السوريين الذي شاركوا في «موسكو2» استطاعوا الوصول إلى اتفاق، بصعوبة.. بسهولة.. بشق الأنفس، ولكن خرجوا باتفاق ما. بالتالي، ومن حيث المبدأً، فإن النقاش الدولي اليوم هو أن السوريين قادرون على الاتفاق فيما بينهم لو أتيحت لهم الفرصة لذلك. أصبحت الآن هذه الإمكانية إمكانية واقعية، وهناك دليل على هذه المسألة هو اجتماع موسكو نفسه. وبالتالي بهذا المعنى أصبح لدى الطرف الروسي، من الأوراق ما يكفي لتنشيط هذه المسألة، وأعتقد أنه سيسير باتجاهها بسرعة.