عرفات: الحصاد الأمريكي السيئ بخصوص الأزمة السورية دفع الأمور موضوعياً باتجاه الطرف الروسي
التقت إذاعة ميلوديfm عصر الثلاثاء 9/12/2014 الرفيق علاء عرفات أمين مجلس حزب الإرادة الشعبية وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير للوقوف على آخر تطورات المشهد السوري مع مختلف التفاعلات الإقليمية والدولية، وكان من أبرز ما جاء فيه مايلي:
ففي رده على سؤال يتعلق بالجانب الآخر من زيارة بوغدانوف الأخيرة لبيروت المتعلق بالأزمة السورية، قال عرفات إنه بطبيعة الحال لبنان وسورية مرتبطان ببعضهما، وأن أي توافق لبناني محتمل لا يمكن أن يمر دون أن يجري بحث الاتصالات والعلاقات والتداعيات للأزمة السورية على الوضع في لبنان وعلى علاقة أطراف لبنانية بالأزمة السورية بأشكال مختلفة، فاللبنانيون أيضاً منقسمون حسب الانقسام السوري، ولا يمكن بناء توافق في لبنان دون حدوث تطورات إيجابية بالمعنى السوري، على الأقل في الإطار الدولي الجاري حالياً، وأظن أن الأزمة السورية والموقف منها والوضع اللبناني بالعلاقة مع الأزمة السورية هو ضمن إطار البحث بالتأكيد.
«موسم الحج إلى موسكو»
ومأزق واشنطن
وحول ما إذا كانت واشنطن، وعلى خلفية ما أسماه المحاور «موسم الحج إلى موسكو» قد سلمت الملف السوري بالمعنى السياسي أو الدبلوماسي لموسكو لتحضير أرضية حوار مقبل في موسكو ومن ثم دمشق، قال عرفات ما جرى ويجري هو التالي، الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الماضية كانت تقود عملياً ما يسمى أصدقاء سورية ومؤتمرات وغير ذلك لدعم المعارضة، المقصود فيها ما يسمى بالمجلس الوطني ثم الائتلاف الوطني السوري، ثم محاولة، تظهيره والذهاب على أنه ممثل للمعارضة السورية ثم في بعض الحالات ممثل وحيد للشعب السوري، هذا التظهير وهذه السياسية وجملة السياسات الأمريكية التي جرى ممارستها خلال الفترات الماضية، باءت بالفشل عملياً، ولم تستطع حل الأزمة السورية التي تعقدت وسط كم كبير من الدماء وظهر كائن مريع للجميع هو داعش، وكان سبقه النصرة، وأصبح تهديداً للمنطقة برمتها، وأصبح لدية أذرع وأذناب في أوروبا وربما في الولايات المتحدة الأمريكية، المهم أن هذا الحصاد الأمريكي دفع الأمور موضوعياً باتجاه الطرف الآخر الروسي الذي كان يعمل بطريقة مختلفة، منذ اللحظة الأولى للأزمة، بالحوار، ومن ثم الحديث عن حل سياسي ومؤتمر حوار وعملوا في إطار مؤتمر دولي، هذه السياسة أثبتت أنها صحيحة في حين أن السياسة الأمريكية أثبتت أنها خاطئة، وليس هناك أمام الأمريكيين إلا التسليم علناً، ولكن سراً فالأمريكيون ما زال لهم مستوى عالٍ من التأثير على الأزمة، لهم أذرع سواءً في الدول الإقليمية أو حتى في الداخل السوري ما زالوا يحركونها، ولكن بمعنى إمساك الملف السوري بمعنى الحل لم يعد الأمريكيون قادرين على الادعاء بإمكانيتهم على إدارة حوار بين النظام والمعارضة.
وحول ما إذا كان الأمريكيون قادرين على إفساد الحل، أوضح عرفات: نعم قادرون ولكن المشكلة أنهم سيكونون في المأزق التالي، أولاً إن إفساد الحل يؤدي إلى نمو الحالة الإرهابية، داعش والنصرة، في ظل غياب الدولة عن أراض محددة، ووسط حدود مفتوحة بين دول عدة، ولكن داعش أصبحت خطرة بما في ذلك على حلفاء واشنطن في المنطقة، وبالتالي الأمريكيون في مأزق من هذا النوع، فمحاولة إعاقة الحل يعني في نهاية المطاف، دعم علني للإرهاب، دعم واضح وصريح لداعش وأخواتها ومثيلاتها، لذلك أعتقد أن هامش المناورة أمام الأمريكيين ضاق قليلاً، يعني إن كانوا سيعيقون الحل سيعملون على ذلك بدون أن يتحملوا مسؤولية هذه الإعاقة وهذا سيكون صعباً عليهم.
«داعش»/ الإخوان.. نسل أمريكي
وحول ما إذا كان وجود داعش وخلايا نائمة له في دول حلفاء واشنطن يدعو الأخيرة للابتسام سراً لأنه يخولها ببعض أوراق الضغط والهيمنة قال عرفات هذا الكلام صحيح إلى حد بعيد، فالولايات المتحدة كانت ترعى وتتبنى المشروع الإسلامي الإخواني في المنطقة بشكل واضح، في تركيا ومصر وتونس، موضحاً أن الأمريكيين طوال الوقت كانوا يحاولون استبدال بعض أدواتهم وعملائهم من أنظمة في وقت مناسب بالنسبة لهم، يعني وعلى سبيل المثال نظام مبارك تهتك وأصبح قابلاً للسقوط فأصبح من اللازم التدخل لإنهائه وجلب بديل يتوافق مع مصالح الأمريكيين، والآن السياسة الأمريكية تسير في هذا الاتجاه عملياً اتجاه كل البلدان التي تحتوي على أنظمة مرتبطة فيها بحبل السرة وحلفائها في الخليج عموماً، هذه البلدان يوجد فيها مستوى من التناقضات وخاصةً السعودية يمكن أن تنفجر في أي لحظة من اللحظات، والأمريكيون ممكن أن يتدخلوا قبل أن تنفجر ويقوموا بتغيير النظام وجلب بديل وتستمر مصالحهم. وأضاف إن داعش بمعنى من المعاني بنت الإخوان المسلمين، وبمعنى آخر هي بنت الأمريكيين، وقبلهم الانكليز، وبالتالي فإن الحديث عن خلية داعشية نائمة فعلاً يثلج قلب الأمريكيين لأنه يضع مبررات حقيقية لإجبار النظام السعودي على تقديم تنازلات.
وفي رده على سؤال استدراكي مفاده أنه إذا كان الإخوان ربيبو واشنطن فلماذا هذا السقوط المدوي لتجربة قصيرة الأجل لوصول الإخوان إلى سدة الحكم في مصر وتونس، قال عرفات الحقيقة هنا ينبغي النظر إلى دور الشعب المصري والجيش المصري، الجيش المصري منتبه إلى دور الإخوان الذين خربوا الأمن القومي المصري خلال سنة واحدة، والدلائل على ذلك، أولاً، ما مصلحة مصر أن يعلن رئيسها الجهاد في سورية، وثانياً مسألة بناء سد النهضة على نهر النيل الذي كان موقف الإخوان المسلمين منها رديئة لأن النيل أمن مصر، إضافة إلى جملة من المسائل، من محاولة زرع الإخوان في كل المناصب القيادية بحيث أوصل الأخوان المسلمين مصر خلال سنة واحدة إلى وضع يتهدد فيه أمنها الوطني والدليل ما يجري الآن في سيناء، وبالتالي كان الجيش المصري منتبهاً لما يجري لذلك عندما أتت أحداث 30 حزيران 2013 الإطاحة بمرسي شعبياً، الجيش المصري مباشرةً توافق مع الحركة الشعبية وأنجز هذه المهمة وجرى البدء بمحاولة التخلص من الإخوان المسلمين كتنظيم وتم تصنيفه إرهابياً ومنع بحكم القانون وتجري الآن صدامات مع إفرازات هذا التنظيم.
وأضاف أما الوضع في تونس فهو أوضح، فالإخوان المسلمون جاؤوا بعد زين العابدين كحل «إنقاذي» وكان واضحاً أن الأمريكيين دفعوا الإخوان المسلمين أي الغنوشي وجماعته النهضة للحكم عبر عملية تمويل جدية وعبر دعم جدي بعد انهيار النظام السابق في الوقت الذي لم تكن فيه القوى الأخرى منظمة بشكل كاف. وجرت الانتخابات وموضوعياً فاز الإخوان المسلمون باعتبارهم أكثر القوى تنظيماً، ولكن حالة حزب النهضة هي حالة مثالية جداً، توضح أن الإخوان المسلمين جاؤوا كبديل عن النظام من أجل الإبقاء على النظام ولكن تغيير لونه قليلاً من الخارج، الغنوشي لم يفعل شيئاً لتحقيق مطالب الناس وأهدافها والوضع الاقتصاد تدهور ناهيك عن المساس بالحريات المدنية والشخصية بما يفصح عن الوجه لحقيقي لهذه القوى ويغضب التونسيين، مضيفاً أن حركة النهضة تتراجع ولكن على ما يبدو ليس بالسرعة المطلوبة.
وعن إمكانية تكرار السيناريو المصري في تركيا وعودة «العلمانيين» إلى الحكم، قال عرفات في النهاية على الأرجح أنه سيتكرر، ولكن الوضع في تركيا أعقد، إذ أن نظام أردوغان لديه انجازات جدية بالمعنى الاقتصادي الاجتماعي، خلافاً لمرسي والغنوشي، بمعنى أن انكفاءه من وجهة النظر هذه سيكون أبطأ، ولكن نقطة الضعف الكبرى لهذا النظام اليوم هي سياسته الخارجية الفاشلة وتحديداً اتجاه سورية والعراق، بما سيكون له انعكاسات على الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي بتركيا لافتاً من ناحية ثانية إلى أن التحركات الشعبية التركية تتناقص فترات انطلاقاتها الزمنية، ويزداد تواترها ولذلك سيأخذ هذا النظام على الأرجح المآل نفسه إذا تمكنت قوى المعارضة من بناء جبهة جدية، لأن سمعة قوى المعارضة الليبرالية، التي سبق لها أن حكمت تركيا لسنوات طويلة، ليست أفضل حالاً من سمعة أردوغان، بمعنى الفساد وغيره.
وظائف جنيف.. مجدداً!
وبالعودة إلى الشأن السوري المباشر ورداً على سؤال كيف تنظر إلى هذا العنوان، «موسكو1»، أوضح عرفات أولاً أنا لست مع هذه التسمية، قائلاً المشكلة في صحافتنا وصحافة جيراننا اللبنانيين أنه يجري تأطير الأمور ووضع عناوين لها قبل أن يتم أي شيء على أرض الواقع، علماً بأن المطروح حتى هذه اللحظة هو أفكار وليس هنالك مواعيد محددة أو دقيقة عن ذلك، الطرف الروسي يريد أن يقوم بمهمتين أولاً أن يسهل ويؤمن منصة للقاء أطراف المعارضة السورية، ويسميه لقاءً تشاورياً بين هذه الأطراف عسى ولعل أن تتوافق على برنامج، النقطة الثانية إذا وافق النظام يمكن أن تجري منصة حوار أولي تمهيدي بين وفد من المعارضة وبين وفد من النظام وهذا لم يحسم بعد، ضمن إطار تحضيرات لجينيف، وبالتالي الانطباع الذي ينعكس عن تسمية «موسكو1» بأنه بديل عن جنيف وهذا غير صحيح.
وحول ما إذا كانت المرحلة اللاحقة للقاءات موسكو هي في دمشق، أجاب عرفات: بالتأكيد، لأن وظيفة جنيف هي تأمين ثلاث قضايا، هي وقف العنف، ووقف التدخل الخارجي، وإطلاق عملية سياسية، موضحاً أن وقف العنف ممكن جزئياً باعتبار أن هنالك أطرافاً لا يمكن أن يؤثر عليها أحد مثل داعش ولكن من الممكن أن يتوقف العنف بين الأطراف التي توافق على الذهاب إلى حل سياسي، ثانياً وقف التدخل الخارجي ممكن إلى حد بعيد من الدول الكبرى والدول التي يمكن أن تضغط على الدول الإقليمية، وممكن أن يتم في البداية انخفاض لمستوى التدخل الخارجي ومستوى التمويل والتسليح وهذا يؤمن عملية وقف العنف، المسألة الثالثة هي إطلاق العملية السياسية في سورية، وهو ما يفهم من «جنيف1» حسب البند الذي يقول بتأسيس هيئة حكم انتقالي وإطلاق عملية سياسية، وإن هذا الكلام ارتبط الآن بالظروف الجديدة وبعنصر مهم جداً هو موضوع مكافحة الإرهاب، وهذه العملية ضرورية لتأمين تلك القوة والتي تسمى هيئة حكم انتقالي حكومة وحدة وطنية، أياً كان، التي تستطيع أن تجمع السوريين وأن تبني مستوى من الوحدة الوطنية بين السوريين يسمح لهم بأن يخوضوا نضالاً ناجحاً جداً في وجه داعش، خاصة إن وُجد الدعم من المجتمع الدولي. وأضاف أنه لا يمكن حل الأزمة السورية بدون حوار وطني شامل، وإن بدأ في جنيف وتشكلت حكومة وحدة وطنية فإن إحدى مهماتها هي أن تدير حواراً وطنياً شاملاً من أجل حل كل المشاكل، موضحاً في جواب على سؤال آخر أن الحديث عن رعاية دولية لحل الأزمة السورية ينبغي النظر إليه من زاويتين أولاهما مستوى التدويل الجاري للأزمة السورية وحجم التدخل الخارجي فيها وثانيهما ضعف مستوى الثقة بين النظام والمعارضة الذي يفترض وجود ضامن لأية اتفاقات بين الطرفين.
الانتقال بحل الأزمة إلى مستوى جديد
وعما إذا كان يتوقع للأفكار التي تطرح بموسكو أن تتحقق قريباً بطاولة حوار في موسكو، أكد عرفات نعم أتوقع وآمل كثيراً أن ينجح ذلك، فإن نجح السوريون في موسكو ممكن أن يفتحوا باب الحل حتى لو لم نصل إلى الحل الشامل، فمستوى الحل السياسي يكون قد دخل إلى مستوى نوعي جديد ، وسيكون لهذه العملية انعكاس كبير جداً وتطور على حل الأزمة السورية.
وحول ما يسمى بمبادرة دي ميستورا أوضح عرفات أنه بالبحث يتبين أنه ليس لدى السيد دي ميستورا مبادرة جاهزة بل هو يبنيها تدريجياً وإن أي وقف للقتال وأي وقف لنزف الدم السوري هو عنصر إيجابي بكل تأكيد، وبالتالي فإن تربيط هذه المبادرة بالجهود الروسية أو شبيهاتها يمكن أن يعطي دفعاً جدياً لهذه القضية باتجاه النجاح.
وحول ما هو شكل المساهمة التي يؤديها د.قدري جميل في موسكو في حل الأزمة أجاب عرفات أن واقع تدويل الأزمة السورية يستدعي أن يحل كثير من المسائل مع الأطراف الدولية، وبما أن موسكو هي طرف أساسي ولاعب أساسي وأحد رعاة جنيف فالمباحثات مع الروس والتي تجري هي مباحثات هامة ونحن في إعلامنا دائماً ننشر اللقاءات التي تجري بين د.قدري وممثلي وزارة الخارجية الروسية.
معارضة أم موالاة..؟؟
وحل الالتباسات في هوية بعض الأحزاب السورية ولاسيما بعض الجديدة منها تجاه كونها موالاة أم معارضة أجاب عرفات: هذه القضية تحتاج لنقاش وأنا لا أتحدث عن رأيي بل أتحدث عن برامجهم وعما يقولونه، ففي إحدى المرات سألت أحد الأحزاب سؤالاً مباشراً، هل تعتبرون أنفسكم أحزاباً معارضة، قال لا، أي ثمة أحزاب تعلن بوضوح وصراحة أنها ليست معارضة، وهنالك جزء غير قليل من الأحزاب المرخصة تدخل ضمن إطار المعارضة التي لا تخرج عن إطار المعارضة التي يمكن أن تنشأ في إطار النظام.
ورداً على سؤال إنه أن الممكن أن توجد أحزاب غير معارضة بالمعنى السياسي ولكنها معارضة ارتباطاً بمسائل الفساد والمحسوبيات وأداء أجهزة الأمن وغيرها، فلماذا المطلوب أن يكون هنالك سقف معين للمعارضة، أوضح عرفات أن هذا غير مطلوب، وإن كل ما تفضلت به ممكن أن يتم ضمن إطار النظام. فداخل أي نظام هناك من لا يوافق على قضايا كبيرة أو صغيرة. أما عندما نقول هذا الحزب معارض فيفترض أن يكون لديه برنامج مختلف، ورسمة مختلفة لما ينبغي أن تكون عليه البلد والنظام. وهنالك من يكون لديه اختلاف جزئي يمكن حله ضمن إطار النظام القائم، كم تصلح تسمية معارض له؟؟ هذه قضية مختلف عليها. ثانياً، المعايير التي تفضلت بها وأنا مؤمن بها موجودة في البلدان التي ترسخت فيها قواعد وأصول العمل السياسي، وبالتالي يوجد عادةً ثلاثة تيارات يمين يسار ووسط، وفي داخل كل منها يوجد اختلافات. في بعض الأحزاب الموجودة حالياً يجلس معك شخص على طاولة واحدة لعقد اتفاق، وفي اليوم التالي تراه على التلفزيون يتكلم ضد هذا الاتفاق، فأيهما الصحيح؟؟ وهذا يعني أنه لم يترسخ ولم ينشأ بشكل جدي موضوع الخط السياسي لبعض هذه القوى والأحزاب، لذلك هنالك لغط كبير حول كونها أحزاب معارضة أم لا.
وحول الجديد في العلاقة بين جبهة التغيير والتحرير وهيئة التنسيق الوطنية في ضوء مذكرة التفاهم الموقعة بين الطرفين قال عرفات إن المذكرة أساس جيد للعمل اللاحق، بحيث يتم تشكيل حاضنة أوسع لتجميع المعارضة، وهذه القضية تتعدى العمل اليوم بالاتصال والتواصل مع هذا الحزب أو ذاك، بل يتعداها لوضع القواعد والوثائق التي يمكن أن تتوافق عليها هذه القوى، مشدداً على أن الجبهة ماضية في تحقيق شعار تجميع المعارضة، وليس هنالك من صعوبات كبيرة، فالعلاقات تتوسع مع مختلف القوى وهنالك توافقات ونقاشات تجري.