على أثير شام إف إم.. د. قدري جميل: واشنطن لا تثق بمعارضات «الداخل» حتى بمن تقدم التنازلات الجوهرية

على أثير شام إف إم.. د. قدري جميل: واشنطن لا تثق بمعارضات «الداخل» حتى بمن تقدم التنازلات الجوهرية

أجرت إذاعة «شام اف ام» لقاء مع الرفيق الدكتور «قدري جميل» أمين حزب الإرادة الشعبية، وعضو رئاسة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، ونائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، ووزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ضمن برنامجها الأسبوعي «استديو الشام» وذلك يوم الخميس 21/3/2013، للاطلاع على الآخر المستجدات، وننشر فيما يلي نص اللقاء:

الكيمياوي لإفشال الحل السياسي

حمل الأسبوع الفائت تطوراً نوعياً بنقل الأزمة السورية من مرحلة إلى مرحلة أخرى باستخدام السلاح الكيماوي في خان العسل بريف حلب، رافقه دعوات من النظام وروسيا وحتى المعارضة بإجراء تحقيق حول هذه الجريمة الكيمياوية، برأيك هل فعلاً ندخل مرحلة جديدة مع ظهور هذا السلاح؟

 أولاً أريد أن أذكّر، قبل شهر ونصف كنت بزيارة إلى موسكو، وفي مقابلة مع قناة «روسيا اليوم»، للتعليق على خبر نشر من مصدر إعلامي أمريكي، مضمونه: تُحضّر عملية استفزازية تقوم بها المعارضة من خلال استخدام السلاح الكيمياوي، ومن ثم اتهام الحكومة السورية والجيش السوري بهذه العملية، لإعطاء الحجة لبعض القوى الغربية التي ترفض الحل السياسي بتوتير الأوضاع وتصعيدها في الداخل السوري. ولمن يرغب فليعد إلى أرشيف قناة «روسيا اليوم» ويطلع على مضمون اللقاء المنشور في 21/1/2013.

أي أن العارفين ببواطن الأمور والمتابعين للأخبار يعرفون أنه يُحضّر استفزاز ومؤامرة من القوى الغربية المتشددة التي لا تريد حلاً للأزمة السورية، ويزعجها ما يجري من حديث حول احتمالات الحل السياسي للوضع السوري، وهم الآن يستخدمون آخر أدواتهم وأسلحتهم لتوتير وتصعيد الأحداث لإيصال الوضع إلى نقطة اللاعودة واللاحل لتصفية سورية. إذا كان هذا الشيء معلوماً منذ شهر ونصف فلماذا الاستغراب الآن من أن ما تم الحديث حوله والتنبؤ به وتوقعه قد حدث الآن، وهو ما حدث للأسف الشديد، وهو تحول نوعي في سلوك القوى الغربية المتشددة المجرمة التي تتحمل القسم الأكبر من الدماء التي نزفت في سورية، وبالتالي ما حدث لم يكن مستغرباً في سلوك القوى الغربية، بل كان متوقعاً.

 ولكن قد يقول البعض أن هذا تحذير روسي؟

 هذا التحذير ليس روسياً، أنا قلت إن هذا التحذير جاء من مصدر إعلامي أمريكي استند على تسريبات جرت مؤخراً، أضف إلى ذلك، معلومات أكيدة حول نقل جزء من مخزون السلاح الكيمياوي الليبي إلى سورية، لاستخدامه في ساحات القتال، الذي تسرب مع تسرب المقاتلين الليبيين إلى سورية.

 هل هناك تخوف من استخدام السلاح الكيمياوي في مناطق أخرى من سورية؟

 لا يُستبعد ذلك، لكن هناك صعوبة تتعلق برد الفعل الدولي، الآن التحقيقات ستجرى حول هذه الجريمة التي ارتكبت في خان العسل، وفي النهاية سيعرف الجناة، وستقلب قواعد اللعبة على مفتعلي العملية، لأن التحقيق الدولي المحايد ليس في مصلحة هؤلاء الذين لا يريدون أن يكشف أمرهم بعد أن ضربوا ضربتهم، وهم ينتظرون أن تأخذ هذه الضربة تفاعلاتها السياسية.

 ما هي هذه التفاعلات السياسية؟

 التفاعلات السياسية المرجوة من قبلهم تتجسّد باستدعاء التدخل الخارجي على النمط الليبي، تقوم به فرنسا وانكلترا. هذه الخطوة هي بمثابة استباق للعملية الجارية الآن للتحضير للحل السياسي للأزمة السورية، بهدف وأده والرجوع إلى المربع الأول «التدخل الخارجي». وبالتالي هذه آخر محاولة يقومون بها، أعتقد أن الفشل بانتظارهم، لأنه لا الوضع الدولي ولا التوازن الإقليمي يسمحان بذلك.

رئيس حكومة «ائتلاف الدوحة» هو «جلبي سورية»

 رغم التحذيرات، أقدم «ائتلاف الدوحة» على خطوة انتخاب رئيس للحكومة التي ستشكل لاحقاً، كما ترافق مع ذلك أول انشقاق في صفوف «الائتلاف»، ما رأيك؟

 ثانياً، وهو مرتبط بالسؤال المطروح في بداية اللقاء حول السلاح الكيمياوي، إن تشكيل الحكومة يندرج ضمن مفهوم «استخدام السلاح الكيمياوي» ولكنه سلاح سياسي مكمّل للعملية الكيمياوية، هدفه عرقلة العملية السياسية، التي ستبدأ خلال الأسابيع القليلة القادمة. وبالتالي عملية تشكيل الحكومة من قبلهم هدفها إجهاض أي مسعى لتأليف حكومة الوحدة الوطنية من مجمل القوى الوطنية داخل البلاد وخارجها. وهذا التشكيل يناقض «اتفاق جنيف»، كما يناقض ضرورات الواقع في الحالة السورية، والدليل على ذلك أنه في الائتلاف نفسه يوجد استعصاء كبير، فتصريح «وليد البني» حول تعيين «غسان هيتو» رئيساً للحكومة يؤكد أنه جاء بناءً على الطلب الأمريكي، جاء تأكيداً على الاستعصاء الذي يعانيه.

واللافت للنظر أن رئيس الحكومة المعيّن، بروفايله يشبه بروفايل كل الرؤساء الذين تمّ إنزالهم في البلدان التي جرت فيها الثورات المخملية، يشبههم في كل شيء، في كل التفاصيل، إقامته، فترة إقامته، وتدريبه، وخبراته... الخ. أي أن القوى الغربية لا تثق بالمعارضات الآتية من الداخل مهما قدمت تنازلات جوهرية.

سُئل الرئيس «روزفلت» في الفترة الأولى من رئاسته للولايات المتحدة من مستشاريه حول الجدوى من دعم «انستاسيو ساموزا الأب» رئيس نيكاراغوا في تلك الفترة، الذي يحكم شعبه بالحديد والنار، وبأنه سفاح وحرامي وابن كلب؟!، فأجابهم «روزفلت»: «صحيح أنه ابن كلب، لكنه ابن كلبنا».

إذا كان البعض يظن أنه إذا قدّم له الأمريكان الدعم، سيحصل على شيء، فهو مخطئ جداً، لأن الأمريكان عند قدومهم سيجلبون معهم ابن كلبهم دون غيره «على حد تعبير الرئيس روزفلت»، كما حصل في العراق وليبيا...الخ.

باختصار، رئيس حكومة «ائتلاف الدوحة» هو «جلبي سورية». وبالتالي المقصد من كل ما جرى هو عرقلة الحل السياسي.

 ألا يمكن أن يكون الهدف هو التحضير لتشكيل الوفد التفاوضي في المرحلة القادمة؟

 لا أعتقد ذلك، تعرض الائتلاف بعد تعيين رئيس حكومتها مباشرة إلى انقسام واضح في صفوفه، شخصيات بارزة جمّدت وعلّقت عضويتها داخل الائتلاف وهي شخصيات من الداخل، بغض النظر عن اتفاقنا واختلافنا معها، مثل سهير الأتاسي وكمال اللبواني ووليد البني، كل هذه الشخصيات جمّدت وعلّقت عضويتها لأنهم وجدوا أنفسهم، بعد كل العمل الذي قدموه، خارج الحسابات الأمريكية، حيث قام الأمريكان في اللحظة الأخيرة بعملية إنزال بالباراشوت لشخصية غير معروفة، مغمورة، مقيمة في الولايات المتحدة ويعمل في كبرى المؤسسات الاحتكارية، وقدموا الدعم له وفرضوه على الائتلاف كرئيس لحكومتها. وبالتالي مكونات الائتلاف تفتقد إلى الإرادة الحقيقية في تقرير مصيرهم بأنفسهم، ومَن يفتقد هذه الإرادة كيف سيحقق ويعطي للشعب السوري حق تقرير مصيره؟!

تشكيل الحكومة يعكس تقاطع مصالح دول عديدة

 هل قطر هي التي أرادت تشكيل الحكومة المقبلة؟

 لا أعتقد ذلك، ما جرى هو تقاطع مصالح بين قوى متشددة كثيرة موجودة في كل من قطر وتركيا وأمريكا وفرنسا وانكلترة. وهذا التقاطع لا يمنع الإدارة الأمريكية الحالية التي تسعى إلى الحل السياسي مكرهة نتيجة تعقد الأزمة السورية، من أن تحاول استخدام هذه الورقة، دون أن تراهن عليه بشكل نهائي، كورقة ضغط على طاولة الحوار. لكن هذه الورقة برأيي (ورقة محروقة).

وبالتالي الحكومة التي ستُشكّل ستمثّل «ائتلاف الدوحة» فقط، وهذا الائتلاف لا يمثل الشعب السوري ولا يمثل كل المعارضة، ومن هنا يجب أن يلتزم الجميع بالهدوء دون توتير وتصعيد للوضع، والذهاب إلى طاولة الحوار ومن ثم الذهاب إلى الانتخابات، ليحدّد صندوق الانتخابات حجم كل القوى السياسية في الشارع السوري.

ما يحصل الآن هو خطف وسرقة إرادة الشعب السوري وفرض أمر الواقع عليهم، نحن لن نسمح لهم بحدوث ذلك وأن يُكرر هنا ما جرى في بلدان أخرى تحت ستار وقنابل دخانية كثيفة اسموها «الديمقراطية»، وهو ما ثُبت في الفترة السابقة مدى كذبهم ونفاقهم وخداعهم. نحن نريد ديمقراطية حقيقية بموجبها يقرر الشعب السوري من يمثله فالقوى الغربية المتشددة تسعى لتقسيم كل شيء في سورية، العَلَم الوطني، الرموز الوطنية، الحكومة، الجيش، الأرض.. إلخ، وبالتالي ما يجري هو تهديم لسورية وليس عملية تغيير.

الشعب السوري الآن يقول بصوت عالٍ أوقفوا العنف

 ما يزال البرنامج الحكومي في المرحلة التحضرية، برأيك إلى أي حد نجحت الحكومة في تنفيذ هذه المرحلة كما هو مخطط له في البرنامج؟

 بسرعات مختلفة تسير المرحلة التحضيرية، الاتصالات المكثّفة جارية، سنشهد اختراقات هامة خلال الأسابيع القليلة القادمة ضمن المرحلة التحضيرية عبر الاتصالات المكثّفة مع كل الجهات السورية التي تريد حلاً للأزمة، والحل ليس مسبق الصنع، الحل مؤجّل لطاولة الحوار. لا أحد يستطيع أن يفرض رؤيته على الأطراف الأخرى على طاولة الحوار، كل الرؤى ستطرح للحوار للوصول إلى توافقات مشتركة حول الحل الشامل للأزمة، والحل على مرحلتين: المرحلة الأولى إيقاف العنف، الشعب السوري الآن يقول بصوت عالٍ أوقفوا العنف.

المرحلة الثانية: تتجسّد بوضع ذلك الأساس الذي يسمح للشعب السوري بشكل ديمقراطي لاختيار ممثليه وبنيته السياسية والاقتصادية ومستقبله.

 مؤخراً تعالت أصوات بضرورة (إيقاف العنف)، وقد اصطدمت هذه الأصوات بأصوات أخرى رافضة وتدعو للحسم العسكري، ما رأيك؟

 منذ بداية الأزمة ونحن نقول لن يتحقق الحسم العسكري، ولا حسم عسكرياً للأزمة السورية، لكن صوتنا لم يكن مسموعاً، الآن يفرض الواقع بعدم إمكانية تحقق الحسم العسكري. أقصد، حينما رُفع سقف توقع «الحسم العسكري» في الداخل السوري في الفترات السابقة، وأثبت الواقع فيما بعد عدم جدوى ذلك. وعندما أتينا الآن ضمن الظروف الحالية لنرفع مطلب إيقاف العنف، طبيعي أن يلقى هذا المطلب معارضة من البعض لأنهم إلى الآن مولّفون على البرنامج السابق. يحتاجون إلى بعض الوقت حتى يقتنعوا بعدم جدوى الحسم العسكري، ويتكيّفوا مع الشروط الحالية للواقع السوري.

 البعض يعتبر إيقاف العنف انتصاراً لطرف وهزيمة لطرف؟

 إيقاف العنف لا يعني انتصار طرف على طرف، بل الانتصار لكل الشعب السوري، بوحدة الوطن أرضاً وشعباً، وبذهاب كل مكونات الشعب السوري إلى طاولة الحوار لتقرير مصير الشعب السوري ومستقبله.

أسباب تأرجح سعر الصرف

 لنعد إلى الاقتصاد، وصل سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية إلى مستويات تتأرجح بين الصعود والهبوط، ما السبب وراء ذلك؟

 أولاً: هناك ضغط في الطلب على الدولار بسبب انخفاض الثقة عند بعض المجمّعين للأموال، الذين لا يهمهم لقمة الشعب. ثانياً: هناك أسباب موضوعية عميقة، الأزمة السورية.

لقد قمنا بحماية الليرة السورية بهذا الشكل عند مستويات معينة. وكان من الممكن حمايتها بشكل أفضل من هذا. برأيي لم تستخدم كل الوسائل الممكنة المتوفرة لحماية الليرة السورية بشكل جدي. وبكل وضوح أقول بأن الليرة السورية في النهاية الذي يحميها ليس البنك المركزي كما يظن البعض، البنك المركزي هو محصلة الاقتصاد السوري (الإنتاج الزراعي والصناعي) أي الكتلة السلعية.

نحن لم نكن نستورد ولا كيلو واحداً من مادة الطحين، لتوفر مادة القمح بمخزونات كبيرة، كنا نقوم بتصدير القمح وتصدير النفط للخارج وبالمقابل كنا نؤمّن عملات صعبة لنعزز من الاحتياطي بالعملات الصعبة. اليوم بسبب الأوضاع الأمنية لا نستطيع تصدير النفط، ولا نستطيع نقل الأقماح إلى المطاحن من أماكن إنتاج القمح إلى مختلف مناطق المحافظات الأخرى. مما اضطررنا أن نستورد مادة الطحين، علماً أن سورية منذ ثلاثين عاماً لم تستورد مادة الطحين. اليوم نستورد النفط بشكل خفيف بسبب توقف خطوط الإنتاج في مناطق محددة بسبب المجموعات المسلحة. كنا نستورد 50% من مادة المازوت، الآن نستورد المازوت بحدود 80%. وبالتالي كل ذلك يشكل ضغطاً على كتلة العملات الصعبة التي بين أيدينا.

 اليوم يقال بأن سورية اقتصادياً أصبحت مجموعات اقتصادات، كل محافظة أصبح اقتصادها بمعزل عن اقتصاد المحافظات الأخرى؟

 هناك تفاوتات في الأوضاع الاقتصادية بين مختلف المناطق السورية، وهو ما يؤثر على عملية التبادل مع المناطق الأقرب الحدودية، وهو ما يؤثر على سعر الدولار. لكن الكلي ليس هنا، الكلي يعني أن الإنتاج الكلي للبلد انخفض، ازداد الضغط الشديد على احتياطي العملات الصعبة نتيجة ازدياد النفقات وانخفاض الإيرادات، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف السياسية في البلد.

أريد أن أقول هنا إن الليرة السورية لديها (هامش مناعة)، وهي أثبتت ذلك، الحكومة السورية قررت الدفاع عن الليرة السورية لأنها بهذا الدفاع هي تدافع عن لقمة الشعب السوري، وهي تبحث الآن بشكل جدي في الإجراءات التي يجب اتخاذها لحماية لقمة الشعب السوري من اهتزازات سعر صرف الدولار.

مرة أخرى: الفاسد أشدّ خطورة من حامل السلاح 

 فيما يتعلق بالمازوت والبنزين والكازيات، مؤخراً صرحت إحدى القنوات التلفزيونية السورية بشكل مباشر، بأن الدكتور «قدري جميل» يهمل هذا الموضوع ويغض الطرف عن وجود كازيات في أماكن ساخنة تتاجر بوقود الشعب، (مازوت ــ بنزين) ما رأيك؟

 من شهر ونصف، وبحضور وزير النفط ومحافظ دمشق وجميع المدراء المعنيين في «سادكوب» والتجارة الداخلية والمؤسسات المعنية، لأول مرة أمطت اللثام عن خارطة الفساد الفعلي في ريف دمشق، لماذا ريف دمشق؟، لأنه يوجد في الريف وحده(270 كازية) أما في دمشق فقط (30 كازية) وقسم منها متوقف، حققنا بشكل هادئ في وضع هذه الكازيات، تبين لنا إن (50 كازية) متوقفة عن العمل، وما تزال تأخذ حصصها من الطلبيات، دون أي مبرر، وهذا بدوره يجيب على استفسارات الناس:»حول أنكم تقولون أنه لا يوجد مازوت، في حين هناك من يبع مادة المازوت على الطرقات بأسعار خيالية»؟! من أين يأتون بهذه الصهاريج؟، من خلال هذه الكازيات الوهمية يأتون بمادة المازوت. إذاً هناك تواطؤ بين تجار السوق الكبار، أصحاب الكازيات ومستثمريها، علماً توضح لنا مؤخراً أن من يستثمر هذه الكازيات فقط /15/ مستثمراً؟!، وبين الفاسدين الكبار في جهاز الدولة حيث يتفقون على سعر معين للبورصة، وهم بهذه العملية حققوا المليارات من سوق السوداء على حساب لقمة الشعب.

وأنا هنا أقول إنني مسرور جداً لأن مجلس الشعب أقرّ مؤخراً قانون العقوبات الاقتصادي، كما أنني وجهّت كل من مديري التجارة الداخلية بدمشق وريف دمشق كي يقوما فوراً بتحديد تلك الجهات التي تلاعبت سابقاً وحالياً بمادة المازوت، ضمن قائمة لمعاقبتها بموجب قانون العقوبات الاقتصادي، الذي يسمح بمصادرة الكازيات ووضعها تحت تصرف الدولة، وسنقوم بذلك خلال الأسبوع القادم، هذا أولاً. ثانياً: لم نكن نملك أدوات حقيقية لمعالجة ذلك فيما مضى، أما الآن بصدور القانون الجديد، سيتوفر لنا أداة قوية لمحاربة هؤلاء الفاسدين، أضف إلى ذلك، تبين لنا مؤخراً أن هناك كازيات تضر الأمن الوطني عملياً بسلوكها الفاسد، حيث تقوم بتهريب مادة المازوت إلى الطرف الآخر. على حد علمي الجهات المختصة قامت بالتحقيق، بدورنا سنقوم بإجراءات شديدة جداً لمحاسبة هؤلاء الفاسدين. ومن هنا يتبين أن الفساد والإرهاب والعنف كلها وجوه لعملة واحدة.

عندما قمنا بتوجيه النقد والهجوم وإدانة ممارسات قوى الفساد داخل سورية، وعندما اتفقنا على أن الفاسد أشد خطورة من حامل السلاح، فما كان منهم إلا أن قاموا بإعلان حرب إعلامية مسعورة ضدي شخصياً عبر وسائل الإعلام الرسمية والخاصة، وحاولوا أن يخلقوا (عدواً وهمياً) اسمه «قدري جميل» عبر تحميله مسؤولية ارتفاع الأسعار، وكل الأزمة، وكل فسادهم، كل ذلك من أجل إخفاء المسؤولين الحقيقيين عن هذه الأزمة الموجودين داخل جهاز الدولة وخارجها، اليوم أقول لهم وبشكل علني: الحساب شديد وقانون العقوبات الاقتصادي بانتظاركم.

أقول لهم: القوى الحية والشريفة في الدولة والمجتمع السوريين سوف تدعس على رقاب الفاسدين بعد صدور قانون العقوبات الاقتصادي الجديد بعد أن دعست على قدمهم، فصرخوا.... .

برأيك ألا يمتلكون أدوات أخرى غير الأدوات الإعلامية لممارسة تهديداتهم تجاهكم؟

 ممكن، ونحن أيضاً نؤكد أنه لدينا أدوات أخرى بالإضافة إلى الأدوات الإعلامية، نحن نمثل إرادة الشعب السوري بالدفاع عن لقمته وكرامته ضد قوى الفساد، وهذه الإرادة هي التي ستنتصر، أنا أعرف ما قصدهم، قصدهم أن يقولوا لنا أعرفوا من المعلم هنا؟ المعلم هو قوى الفساد. وهذا تهديد لنا بعدم فتح ملفهم الأسود. نقول لهم: لن نتراجع مهما كان الثمن لأنه في النهاية ما سيناقش على طاولة الحوار هو لقمة الشعب السوري ومستقبله. لذلك أنا متأكد أن هذا الخط يحظى بتأييد شبه إجماعي من الشعب السوري. وأنا أطلب من كل الشعب السوري أن يدعم التوجه الذي يعمل من أجل مكافحة الفساد وإنهائه. وهو ما قلته مؤخراً في مجلس الشعب، إذا لم نقم الآن بمكافحة الفساد متى سنقوم بذلك؟، الآن الظروف تسمح بذلك ويجب الاستفادة من ذلك.

 لكن البعض سيقول لك لا صوت يعلو فوق صوت المعركة؟

 وأنا أقول لهم: المعركة ضد الفساد هي جبهة أساسية من جبهات المعركة، المعركة ليست جبهة واحدة، لها عدة جبهات، وجبهة المعركة ضد الفساد بالنسبة لنا وللشعب السوري أساسية، لن نتراجع قيد أنملة.

خلال الأيام والأسابيع القليلة القادمة، ومع تقدم الحكومة لتنفيذ برنامجها لحل الأزمة اقتصادياً وبمكافحة الفساد شيئاً فشيئاً، تبيّن لنا أن المهمة كبيرة ولن تنتهي بضربة واحدة، سنحتاج لعدة ضربات متتالية، فمثلاً وبكل وضوح:

حتى استطعنا أن نقيل مدير «سادكوب» في محافظة دير الزور، احتجنا إلى أن نحوله إلى القضاء بمساعدة وزير العدل، أي أن الاكتفاء بالقرار الإداري وحده لعزله وإقالته لم يعطي نتيجة، رغم أن وزير النفط أصدر قرار عزله مرتين، لكن لم يعط نتيجة، مما اضطررنا أن نلجأ إلى وزير العدل والنائب العام، حتى تم في النهاية إقالته وتحويله إلى القضاء وسجنه، بكل بساطة لأن هناك من يدعمه من قوى الفساد داخل جهاز الدولة وخارجها. هذا مثال واضح لا لبس فيه، يوضح حجم وقوة قوى الفساد داخل جهاز الدولة وخارجها.

 رأيناك مؤخراً في برنامج «سورية تتحاور» مع ضيوف تلك الحلقة، كيف تقيّم سقف هذا البرنامج، هل من الممكن اعتباره مؤشراً برفع سقف الحوار الشفاف في البلد، وكيف تقيّم هذه المشاركة؟

 أنا متفائل من النقاش الذي دار في تلك الحلقة من البرنامج، لأن هذه الحلقة كسرت كل سقوف الممنوعات السابقة، هذا أولاً، ومن أحجار هذه السقوف سنبني جسور الثقة بين الشعب نفسه من جهة وبين الشعب والدولة من جهة أخرى، وسنبني جسور المصالحة الوطنية الشاملة، ثانياً. وبالتالي إذا كان للأزمة سلبياتها فإن لها إيجابياتها أيضاً، إنها تخرجنا فعلاً إلى فضاء سياسيٍ جديد يتكوّن، والسوريون اليوم يتعلمون كيفية المحاورة مع بعضهم البعض، وهو ما انعكس إيجاباً على مزاج الناس في الشارع بشكل ملحوظ.

وبالتالي اعتقد أن ما جرى من حوار شفاف يشكل إحدى أدوات عودة الثقة بين أوساط الشارع السوري أنفسهم وبينهم وبين الدولة.

 لو كان هذا السقف الذي رأيناه في برنامج «سورية تتحاور» موجوداً ومتوفراً قبل عامين، هل كان سينعكس على وضع الأزمة السورية اختلافاً عما هو عليه اليوم؟

 نعم، للأسف تأخرنا، ولكن أن تصل متأخراً أفضل من أن لا تأتي البتة. على ما يبدو كل شيء له وقته حتى ينضج، فالمكونات السياسية لهذه العملية لم تكن ناضجة في حينه.

برأيك ألم يكن بإمكان الإعلام أن يعمل على هذا الأساس بغض النظر عن الظروف السابقة؟

 أنا برأيي، كان بإمكانه أن يعمل ضمن هذا المستوى، وبالتالي هذا كان أحد الدروس التي يجب الاستفادة منها حالياً. وقد صرحت بذلك في برنامج «سورية تتحاور»، ليس المهم طرح ما حدث سابقاً، بل يجب علينا استخلاص الدروس من الفترة السابقة وعدم تكرار المرحلة السابقة.

 هل توصلتم إلى توافقات في تلك الحلقة؟

 طبعاً توصلنا إلى توافقات وهي:

وحدة سورية أرضاً وشعباً.

الجيش العربي السوري، هو الضامن الأساسي لوحدة سورية وهو السلاح الشرعي الوحيد الذي يجب أن يبقى لأنه الصيغة الجامعة لكل الشعب السوري.

يجب إيقاف العنف، هناك شبه إجماع على ذلك.

الذهاب إلى الحوار

 إلى أية درجة يمكن أن تنعكس هذه التوافقات على طاولة الحوار؟

 هذه التوافقات تمهّد لطاولة الحوار، وتخلق المناخ المناسب للحوار الوطني الشامل في سورية، أي إن طاولة الحوار ليست أربعة جدران وطاولة مغلقة، طاولة الحوار في النهاية محصلة مزاج ورأي الشعب السوري ككل.