الحوار قريب.. والعراقيل «أينعت»

الحوار قريب.. والعراقيل «أينعت»

إنّ التقدم في المواقف والتوافقات الدولية الجديدة حول الأزمة السورية نحو ضرورة حلها سلمياً وعقد الحوار سيؤدي بشكل طبيعي إلى أنْ تقدم الأطراف المعادية للحل بالمقابل إلى تصعيد عبر استمرار العنف النزيف والدمار ليس بالشكل الميداني العسكري فقط بل وكذلك السياسي والاقتصادي-الاجتماعي

لذلك فإن تقدم المؤشرات السياسية للتوافق، وآخرها توافقات مجموعة الثماني في لندن، وما أكدته على ضرورة الحل السياسي وبنود اتفاق جنيف، وقيام المعسكر المعادي للحل بكشف أدواته بوضوح أكبر، وانتقال الكيان الصهيوني إلى التدخل على المكشوف، وعودة مياه ودّه إلى مجاريها مع الإخوان الأتراك، يجعل الرؤية أوضح بالنسبة للسوريين الراغبين في حل شامل وآمن ووطني للأزمة أياً كانت مواقعهم، وعلى هذا الأساس فإنّ ثمة جملة من المواقف والسلوكيات التي تضع كل من يتخذها ويمارسها في موقع الشبهة الوطنية أمام الشعب السوري من الذين ما يزالون يدعون علناً أو سراً إلى التدخل الخارجي بالتسليح أو التمويل للعنف، الذي حدد جزء منه هويته مؤخراً دون لبس بإعلان تنظيم «جبهة النصرة في بلاد الشام» ولاءه وطاعته لتنظيم «القاعدة» الإرهابي، الأمر الذي يعني أيضاً ولاءه للعدو الأمريكي-الصهيوني، باعتباره هو المتحكّم والمستفيد الأول من هذا الإرهاب. وهذا الدعم السياسي للإرهاب لا يقتصر فقط على إعلان الرأي بل يعتبر الصمت أو التجاهل، كما يفعل جزء من المعارضة، تأييداً له أيضاً.

بالمقابل فإنّ ذلك الجزء الفاسد داخل النظام وأجهزة الدولة وفي المجتمع، وأدواته الأمنية منها وغير الأمنية، والذي يشتدّ مأزقه أكثر كلما اقترب الحوار لأنه يخاف من اقتراب إمكانية محاسبته ونزع مكاسبه، نراه خلال هذه الفترة الحرجة يزيد ممارساته القمعية والتخريبية، ليس على المستوى الأمني فقط، والذي تشهد كثير من الوقائع الملموسة أنها لم تلحق الضرر بالمواطنين المدنيين فقط، بل وبالجيش العربي السوري أيضاً، بل وعلى المستوى الاقتصادي-الاجتماعي عبر العمل الممنهج على مفاقمة الأزمة الاقتصادية في البلاد، من رفع للأسعار، ومحاولات ضغط مافياته على الحكومة لدفعها إلى اتخاذ قرارات خطيرة وأخطاء قاتلة مكررة تتعلق بالدعم، بما ينقض تعهداتها في البيان الحكومي، وما سيؤدي إلى تفجيرات اجتماعية ربما تزيد من حيث حجمها وتأثيرها واستهدافها عن التفجيرات الإرهابية بالأسلحة النارية، فكلاهما يوقع ضحايا مدنيين وعسكريين من أبناء الشعب السوري، ومن لم يذهب ضحية الرصاص، يذهب ضحية لقمة عيشه، في وقت يكون أحوج فيه ليس إلى الدعم الاقتصادي فقط، بل إلى الإغاثة الشاملة.

يضاف إلى ما سبق من عراقيل للحلّ السياسي والحوار، استمرار وتصعيد الخطاب الإعلامي المتشدد من الطرفين، والذي بدأ أنصاره في النظام بالرجوع إلى لغة مرحلة من الأزمة مضت إلى غير رجعة.. فإذا كان «انتصار» طرف على طرف و«الحسم» موعوداً وقريباً، فما الداعي إلى الحوار إذاً؟!

وبالمقابل عادت بعض المعارضة إلى الأسطوانة المشروخة حول أغنية «توحيد المعارضة»، التي فضلاً عن كونها تحمل نفس اللحن «الديمقراطي» جداً، لدرجة الإقصاء و رفض تنوع البرامج السياسية، فإنها تثير الشك بأنّ هذه الجوقة ما تزال تفكّر بعقلية المكاسب الضيقة، ولا مانع لديها بتأخير الحوار وتضييع المزيد من الوقت والخسائر البشرية والمادية على حساب الشعب السوري.