«إسرائيل» وشبح حل الأزمة السورية..
تود «إسرائيل» لو تكون حاضرة «روحا» على طاولة الحوار السورية التي تشكل خطوة أساسية في الحل السياسي للأزمة السورية، ولم تبرز هذه النية لدى الكيان الصهيوني قبل التوافقات الدولية على الحل السياسي بل بعدها، وتحديدا منذ الاعتداء على جمرايا، إذ أن العطالة الذاتية للعنف كانت تغني «إسرائيل» عن القيام بأي خطوة علنية مرتبطة بالأزمة السورية، وجعلتها تكتفي بالتنسيق مع حلفائها الإقليميين الذين يؤدون دورا مباشرا في الأزمة السورية..
بدأت «إسرائيل» بالدخول بشكل مباشر على خط الأزمة السورية، وخصوصا في جنوبي سورية، فمجمل التطورات هناك تشير إلى تحضيرات يقوم بها الكيان الصهيوني لإنشاء منطقة عازلة على الحدود ما بين سورية وفلسطين المحتلة والأردن، ليصار إلى إنشاء مليشيا مسلحة مرتبطة بـ «إسرائيل» مهمتها الأساسية الحفاظ على الصراع والتوتير قائما حتى بعد الوصول إلى حل للأزمة السورية، على غرار مليشيا «جيش لحد» في لبنان. وجرت اتصالات بين ضباط صهاينة ومسلحين في المنطقة الجنوبية بهذا الخصوص، ولاقى ذلك رفض من جانب مسلحين آخرين، الأمر الذي أدى إلى صراع واغتيالات متبادلة ما بين الطرفين.
هذا الأمر يؤشر على بداية انتقال مركز ثقل الصراع المسلح من شمال سورية، التي شكلت الجبهة الرئيسية حتى الآن، إلى جنوبها. ويؤكد ذلك إعادة العلاقات الدبلوماسية بين تركيا والكيان الصهيوني إلى مجراها- التي تم قطعها سابقا لكي تتمكن حكومة أردوغان من اكتساب الثقة لدى أجزاء من المعارضة السورية المسلحة- أما الآن وقد عادت العلاقات بينهما إلى مجراها فذلك معناه أن تركيا قامت بما هو مطلوب منها غربيا، وأن دورها يقف عند هذا الحد لينتقل إلى قوة إقليمية أخرى هي «إسرائيل». ومن جهة أخرى يعني ذلك تحضير الحكومتين لمواجهات أخرى مع إيران أو روسيا..
بالتزامن مع كل هذا يتقدم الحل السياسي في سورية لأن انسداد الأفق أمام الحلول العسكرية بات واضحا ليس للأطراف الدولية والداخلية فحسب، بل وللمجتمع السوري أيضا، معارضة وموالاة. وهذا معناه أن جميع الأطراف الإقليمية والدولية باتت تحاول تمرير برامجها من خلال هذا الحل، بما فيها «إسرائيل»، التي تحاول تثبيت وتعميق الشلل الذي أصاب الدور الاستراتيجي السوري نتيجة النزاع المسلح، وتمنع الوصول إلى حل سياسي يطور الموقف السوري المعادي لها، لذلك تريد لشبحها أن يكون حاضرا في أي حوار وفي أي حساب..
لذا ينبغي تسريع الوصول إلى حل سياسي للأزمة لكي تتمكن البلاد من الخروج الآمن منها خروجا لا رجعة فيه، بحيث تزول إمكانية العودة إلى الصراع المسلح، وتنتفي إمكانية تقسيم البلاد وتفتيتها، بما يمهد للنضال الوطني ضد الكيان الصهيوني واستعادة الأراضي المغتصبة التي يشكل بقاؤها بيد الاحتلال جزءا من الأزمة التي نعيشها اليوم..