الإرادة الشعبية الواعية
يجري اليوم على الساحة السياسية السورية صراع بين إرادتين سلبيتين متصادمتين ، يمكن وصفهما بإرادتين غير وطنيتين :
• الأولى: هي داخل النظام تتمثل بقوى النهب والفساد الكبرى فهي لا تهتم إلا بما يبقيها في موقع صناعة القرار والتحكم بمصالح البلاد والعباد، مستخدمة في ذلك مختلف الأدوات المسموحة وغير المسموحة في سبيل تحقيق أهدافها، وهي عندما تقوم ببعض الإشارات والإجراءات من أجل أن توحي بأنها تتقدم باتجاه الإصلاح « فهذا من موقع المناورة » وبقدر ما يجعلها قادرة على تعزيز وتطوير أدواتها من أجل الحفاظ على السلطة والثروة .
• الأخرى بسبب ضعف قاعدتها الاجتماعية والجماهيرية ،وبسبب ضعف أدواتها التي تؤدي بها إلى السلطة لديهــا خيار وحيد فقط ، الــتدخل العسكري الخارجي بكل أشكاله ، المباشرة وغير المباشرة .
- لذلك فإن إضعاف الدولة والمجتمع عبر الإقتتال الأهلي ورفع منسوب الدم إلى تلك الدرجة التي تسمح بتقسيم البلاد على أساس مكونات ما قبل الدولة الوطنية.
- في هذه الحالة فقط تضمن كلتا القوتين تقاسم السلطة والثروة .
لأن الحالة الوطنية الجامعة عبر المكونات السياسية الحقيقية على أساس المصالح الوطنية العامة يضعف تلك القوتين إلى درجة لا يبقى أي رصيد جماهيري أو اجتماعي لهما . في ظل الإصطفافات الوطنية الحقيقية على أساس الموقف من القضايا الأساسية الملحة والتي تتلخص بتقديم برنامج وطني للتغيير الجذري الشامل ضمن آجال زمنية قريبة محددة ، يهدف إلى بلورة موقف علمي و عملي للخروج من الأزمة الوطنية الكبرى التي تعيشها البلاد. والقوى المرشحة لتقديم برنامج كهذا أصبحت ترتقي اليوم إلى مستوى المسؤولية الوطنية الحقة. وهي تلتقي على تنفيذ وتفعيل تلك الرؤى من خلال إشراك جميع القوى النظيفة في الدولة والمجتمع على قاعدة إن الخروج من الأزمة عكس الدخول إليها، والمطلوب اليوم هو كنس تلك القوتين المتصارعتين اللتين تحملان البرنامج والسلاح نفسيهما على المجتمع ومؤسساته الوطنية (الدولة)، والجماهير صاحبة الإرادة الشعبية الواعية وحدها قادرة على فعل ذلك .