عرفات لـ«روسيا اليوم»: ائتلاف الدوحة غير قادر على تقديم تصور حقيقي لحل الأزمة
عرضت قناة روسيا اليوم مساء الثلاثاء 21/1/2014 في برنامجها «حديث اليوم» لقاءً مع الرفيق علاء عرفات أمين حزب الإرادة الشعبية وعضو رئاسة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير وقيادة ائتلاف قوى التغيير السلمي، خصص للبحث في موضوعة «جنيف2 وفرص الحل»، وذلك خلال زيارة وفد ائتلاف قوى التغيير السلمي إلى موسكو لتدارس التحضيرات الأخيرة للمؤتمر الدولي وضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية وإنهاء الكارثة الإنسانية للشعب السوري، حيث كان الحوار التالي الذي أجراه عمر الصلح، ونعرضه مع بعض الاختصار بحكم المساحة:
• كيف تنظرون إلى عدم مشاركة إيران بعد أن قامت الأمم المتحدة بالأمس بسحب الدعوة إليها؟
إن مسألة توجيه الدعوة ومن ثم سحبها تشير إلى أن هناك تخبّطاً ليس لدى الأمم المتحدة، بل لدى الجانب الأمريكي بالدرجة الأولى. من المعروف أن هناك تجاذبات نتيجة الانقسام الحاصل داخل الإدارة الأمريكية الفعلية الحقيقية، فهناك أطراف تريد لإيران أن تكون طرفاً في جنيف، وهناك أطراف لا تريد ذلك وإن كانت الحجة المطروحة تتحدث عن السعودية وموافقتها وهو الموقف الذي يتم التعبير عنه في نهاية المطاف عبر ائتلاف الدوحة.
حقيقة الأمر أن إيران طرف وازن في منطقة الشرق الأوسط، ولها علاقة كبيرة مع النظام في سورية ومع الأزمة السورية، ومن يريد حقاً الوصول إلى حلول للأزمة السورية فإنه لا يستطيع أن يتجاهل الدور الإيراني، لذلك فإن حضور إيران ضروري للوصول إلى حل للأزمة، وإبعاد إيران لا يدخل إلا في خانة محاولة منع الوصول إلى حل جدي للأزمة السورية.
• المجتمع الدولي والولايات المتحدة وروسيا أكدوا بأن مؤتمر جنيف2 سيكون على قاعدة جنيف 1، وإيران لم تعترف بجنيف1 وتحديداً فيما يتعلق بتشكيل سلطة انتقالية في سورية، فإلى أي مدى يمكن أن يؤثر عدم مشاركتها وهي غير معترفة أساساً بالمؤتمر الأول؟
إن عدم مشاركتها كطرف له علاقة بالأزمة يحرم المؤتمر من مستوى عال من الالتزام فيما يتعلق بحل الأزمة، إن المطلوب من الطرف الإيراني ومن الأطراف الإقليمية المشاركة في المؤتمر هو كالآتي، نحن نقول إن لمؤتمر جنيف ثلاثة أهداف:
وقف التدخل الخارجي بكل أشكاله، ووقف العنف من كل الأطراف، وإطلاق عملية سياسية في سورية، لذلك عندما نريد أن نقول إنه ينبغي وقف التدخل الخارجي في حين أننا نستبعد طرفاً له علاقة بهذا الموضوع بشكل من الأشكال، فكيف سيتم التخاطب مع هذا الطرف أو الطلب منه الالتزام بقرار يصل إليه مؤتمر جنيف وربما يُعزز من مجلس الأمن، وحتى لو طُلب منه هذا الأمر، فسيكون هناك تعقيدات كبيرة في تنفيذ هذا القرار.
لدينا أطراف متدخلة أخرى كالسعودية التي ستحضر إلى المؤتمر وهنا يمكن أن تكون لدى بعض الأطراف الفكرة التالية: في مؤتمر جنيف ينبغي إيجاد توازن قوى من طرف واحد، بمعنى أن الأمريكيين يريدون أن يحشدوا قوى كافية بحيث يخرج المؤتمر بانطباع واتجاه يصب في مصلحة الولايات المتحدة على الأقل، ووجود إيران يمكن أن يوازن الكفة بالاتجاه الآخر.
• قال نائب رئيس الوزراء السابق قدري جميل بعد لقائه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأنه تم الاتفاق حول ضرورة وجود توازن في التمثيل في المؤتمر، كيف تنظرون إلى موضوع التمثيل في مؤتمر جنيف؟
نحن نرى أنه ينبغي تمثيل كل أطراف المعارضة السورية في المؤتمر، وينبغي أن ينعكس بهذا التمثيل كل طيف المعارضة الموجود في الداخل والخارج، وأن يكون هذا التمثيل ندّياً فنحن لا نقبل بأن يكون هناك طرف مهيمن على وفد المعارضة، أما الأمريكيون وحلفاؤهم فيريدون أن يقولوا إن وفد المعارضة يجب أن يكون برئاسة ائتلاف الدوحة وأن يكون بالتالي المقرر الرئيسي في هذه المسألة ونحن لا نقبل بذلك. ائتلاف الدوحة يأتمر بأمره بعض القوى وبعض المسلحين ربما وهو مدعوم خارجياً، ولكنه لا يمثّل الشيء الكثير في الساحة السورية، ولا توجد في سورية الآن طريقة لتبيان أو معرفة الوزن الحقيقي لأي قوة سياسية، سواءً في المعارضة أو في النظام، فمنذ أمد طويل لم تجرِ هناك أية انتخابات حرة وشفافة ونزيهة، وعلى الأقل لم يجرِ هذا الأمر خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية لنعرف ما هي الأوزان الحقيقية لهذه القوى. وأمام هذه المعادلة فليس أمامنا سوى آلية تمثيل جميع هذه الأطراف بمستوى واحد من الندّية بحيث يتم عكس كل آراء ومواقف الطيف السياسي السوري المعارض خلال هذا المؤتمر وهي أفضل طريقة للوصول إلى تمثيل حقيقي، لذلك فإن الحديث عن الندية والتوازن في الوفد هو حديث ضروري وليس هناك خيار آخر، وأي خلل في ذلك سيجعل اللوحة في المؤتمر لا تعكس الواقع السوري مما سيضطر الجميع فيما بعد إلى محاولة تعديل هذه اللوحة في وقت متأخر بما يعني إطالة أمد حل الأزمة.
• هل تتوقعون أن تجري تعديلات في التمثيل في المؤتمر؟
بطبيعة الحال، لأنه إذا ذهبت قوة واحدة من المعارضة المتمثلة بائتلاف الدوحة كما يجري دفعها الآن، فإنها لن تكون قادرة على تقديم تصور حقيقي لحل الأزمة السورية، وبالتالي فإن المؤتمر سيدخل في مأزق، لذلك إذا كان المطلوب الذهاب إلى مؤتمر جنيف وإيجاد حل سياسي، فينبغي تأمين كل شروط نجاح هذا الحل، ووجود طرف واحد فقط من المعارضة لا يؤمن وجود وضع كهذا، لا بل بالعكس سيؤمن الفشل، وبحالة الفشل ماذا سيكون الوضع؟ أخشى هنا أن تكون هناك بعض الأطراف التي تفكر كما يلي:
نذهب إلى جنيف، ودعوا جنيف يفشل، ومثل هذا الفشل قد يعيد فتح باب التدخل العسكري الخارجي. لذلك فإن مؤتمر جنيف هو اتجاه ومدخل وحيد لحل الأزمة السورية سياسياً، ويجب استغلال هذا المدخل بشكل صحيح من أجل أن يفتح الطريق أمام الحل الحقيقي لهذه الأزمة، وإلا فسيكون الوضع كارثياً.
• تحدثتم عن ضرورة إيجاد الشروط المناسبة لنجاح المؤتمر، باعتقادكم هل الظروف الداخلية في سورية والظروف الإقليمية والدولية المحيطة بها مناسبة فعلاً لإيجاد حل سياسي؟
الظروف الداخلية والإقليمية والدولية مناسبة تماماً للحل السياسي، ففي الظرف الدولي هناك توازن قائم الآن منع التدخل الخارجي الذي كان عنوان كل الأزمات السابقة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي وحتى الأزمة الليبية، ولأول مرة ينشأ توازن دولي يمنع مثل هذه التدخلات. إذاً، نحن أمام حالة جديدة تسمح لنا بأن نستند إليها لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وفي المستوى الإقليمي التوازن مشابه، والتوازن في الداخل السوري كانعكاس للتوازن الدولي والإقليمي هو أيضاً بالمستوى نفسه. كل هذه العوامل تقول بعدم وجود حل عنيف أو عسكري للأزمة مما يضعنا- منطقياً وموضوعياً- أمام الحل السياسي وضرورته.
• ظاهرة القوى المتطرفة وتحديداً ما يُعرف بـ«داعش»، البعض يرى بان هذه الظاهرة أتت من خارج سورية وبأنها ليست صنيعة الداخل، والبعض يرى بأنه لو لم تكن هناك أرضية خصبة لهذه الظاهرة لما تمكنت من التوسع في سورية، كيف تقرؤون ظاهرة الحركات المتطرفة في سورية؟
أولاً، يُقال عن «داعش» بأنها منظمة إرهابية، لكنها ليست المنظمة الإرهابية الوحيدة، ولا أعرف هنا لماذا يقوم الكثير من الإعلام بتجاهل «جبهة النصرة»، فكلٌ من «داعش» و«النصرة» هما أبناء منظمة القاعدة التي تشكّل أحد عناوين الإرهاب العالمي.
ثانياً، ظاهرة «داعش» هي فعلاً ظاهرة وافدة إلى سورية، والحديث عن أنها وجدت أرضاً مناسبة هو حديث غير صحيح، وإذا كان المقصود بالأرض المناسبة هو وجود وضع فيه مستوى عال من الفلتان الأمني وعدم سيطرة للدولة، فنعم أقول هذا هو الوضع المناسب، ولكن ليس الوضع الشعبي أو الاجتماعي في سورية هو المناسب، فالسوريون ليسوا في وارد أن يكونوا جزءاً لا من «داعش» ولا من «جبهة النصرة»، حيث أن هؤلاء في غالبيتهم وافدون وتمكنوا من الاستفادة من الظرف الناشئ في سورية من أجل إيجاد موطئ قدم لهم.
• هناك معضلة أساسية كانت دائماً وهي مصير الرئيس الأسد في السلطة، وبالأمس قال الأسد بأنه لا يرى أي مانع من ترشحه للانتخابات فيما يرفض الائتلاف أي استمرار للأسد في السلطة، أنتم كيف تنظرون إلى هذا الموضوع؟
أولاً، جرى طرح موضوع الرئيس الأسد مرات كثيرة من أطراف دولية ومن أطراف المعارضة الخارجية، والهدف من طرح هذه المسألة هو التأثير على ميزان القوى الداخلي عملياً. الرئيس الأسد هو رئيس الجمهورية العربية السورية وولايته تمتد حتى الشهر السادس من العام الجاري، وهذه المسألة يمكن أن تطرح على طاولة الحوار بين السوريين في نهاية المطاف، وموضوع رئيس الجمهورية العربية السورية هو موضوع يهم السوريين بالدرجة الأولى، والسوريون هم الطرف الوحيد المعني بحل هذه الأزمة وليس الائتلاف وحده أو النظام وحده بل السوريون كلهم معنيون بهذا الأمر، وهو أحد الملفات التي سيناقشها السوريون في مؤتمر جنيف وما يتلو ذلك. وبالتالي فإننا لا نوافق على قيام أي طرف بفرض ما يريده على السوريين، وللسوريين الحق بالمطالبة بما يشاؤون سواء كانوا في المعارضة أو في الموالاة، ولكن هذا الموضوع لن يُحل إلا عبر الحوار السوري والوصول إلى اتفاق، وليس هناك مخرج آخر.