د.جميل لـ«sham FM»: الأمريكيون محكومون بالذهاب إلى حل سياسي والنظام بشكله السابق مستحيل أن يستمر

د.جميل لـ«sham FM»: الأمريكيون محكومون بالذهاب إلى حل سياسي والنظام بشكله السابق مستحيل أن يستمر

في معرض إجابته خلال مقابلته على محطة شام اف أم يوم الخميس 1/8/2013، حول رأيه بالتصريحات الأخيرة لرئيس ما يسمى بالائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا التي خفض فيها سقف مطالبه إلى «إطلاق سراح سجناء وجدول زمني»، أكد أمين حزب الإرادة الشعبية وعضو رئاسة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير والنائب الاقتصادي في سورية د. قدري جميل أنه ليس مندهشاً من ذلك

وأنه كان متأكداً من أن «مؤتمر جنيف» سيعقد لأن «المعلم» في الطرف الآخر أي الأمريكيين «محكومون بالذهاب إلى حل سياسي ولم يعودوا قادرين على المضي في الحل العسكري ليس لأنهم ضعفاء، بل لأن قوتهم بدأت تخبو في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشونها والمرشحة للتفاقم، وكل ذي بصيرة كان يدرك هذا منذ زمن».

«من هنا فأنا أعلم أن الأمريكيين هم قيد التراجع في الملف السوري، لا لرغبة منهم بل لأنهم مجبرون، لكنهم يريدون لهزيمتهم هذه أن تكون بأقل الخسائر. وهذه هي نقطة الانطلاق الأولى».
«وبالنسبة لنقطة الانطلاق الثانية، فأنا أدرك كما يدرك معظم المواطنين السوريين بأن تلك المعارضة الموجودة في الخارج والتي كانت تدعو إلى تدخل خارجي هي معارضة تأتمر بأمر «المعلم» الأمريكي، ونتيجة الأوضاع، اضطر الأمريكيون اضطراراً للاتفاق مع الروس وقاموا بالمماطلة قليلاً بتحويل هذا الاتفاق إلى تعليمات للمعارضة التي يتحكّمون بها. وكان الهدف من هذه المماطلة هو إجراء الترتيبات اللازمة، لأن المواضيع التي ستبحث لا تقتصر على الملف السوري حيث توجد ملفات تمتد من باكستان إلى مصر إضافة إلى ملفات دولية كالدرع الصاروخية، حيث أن كل هذه الملفات هي عبارة عن حزمة واحدة».
«أنا أيضاً أطالب بجدول زمني»..!
وأوضح د. جميل أن «هؤلاء المعارضين الذين كانوا يرفضون الذهاب إلى الحوار وكانوا يريدون في البداية إسقاط النظام وتنحي الرئيس، ثم تنحي الرئيس فقط، ثم انتقلوا في تصريحاتهم الأخيرة إلى وضع شروط «خلبية» هؤلاء تخلوا عن هذه الشروط في اليومين الأخيرين حسب تصريحات الجربا الذي طالب بجدول زمني! وأنا أيضاً أريد جدولاً زمنياً فأنا لا أرغب بحوار يمتد لسنوات، نحن نريد حواراً بجدول زمني يُنجز وتُنفّذ أجندته في أسرع وقت ممكن. وبالنسبة للحديث حول مدة ستة أشهر، فهذه الفترة منطقية وإذا كانت أقصر كان الأمر أفضل، وإن بدء الحوار لا يعني بأننا اتفقنا، بل يعني بأننا اتفقنا على كيفية اختلافنا كسوريين، فنحن نريد أن نختلف بشكل سياسي وحضاري وسلمي، وفي جنيف سنقوم بتنظيم أدوات وآليات وضوابط هذا الاختلاف ووضع أسسها التي سيحددها لاحقاً الحوار السوري. فلدينا تعديلات أو حتى تغيير للدستور، وتعديلات أو تغيير في القوانين التي تتعلق بالعملية الديمقراطية كالأحزاب والانتخابات والإعلام».
التغيير الذي تستحقه سورية
وأكد د.جميل أن النظام بشكله السابق مستحيل أن يستمر، وجزء هام من النظام الواعي والنظيف يفهم جيداً أنه لا بد من إجراء تغييرات جذرية في النظام. لكن ما هو النظام؟ إن الإعلام الغربي والناطق بالعربية يحاول أن يختصر النظام بشخص أو اثنين أو عشرة، بينما النظام هو بنية اقتصادية وسياسية واجتماعية، وهنا يجب أن نعمل على التغيير الذي تستحقه سورية والذي يتناسب مع حجمها ومقامها، ذلك التغيير الجذري الديمقراطي الشامل الذي تحتاجه البلد لكي تمضي إلى مستقبلها، وهو ضرورة تكلمنا كثيراً عنها سابقاً.
وتساءل: ماذا يعني إزالة المادة الثامنة ولو «على الورق»؟ هذا يعني أنها أزيلت دستورياً وقانونياً وحقوقياً وهذا يعطي الأساس للنضال ضدها على أرض الواقع، بينما قبل إزالتها لم يكن هذا الأساس موجوداً. ولقد أعطى الدستور مهلة ثلاث سنوات لكي يجري تعديل القوانين بحيث تصبح على شاكلته، ولدينا عشرات الآلاف من القوانين التي تحتاج إلى إعادة نظر لكي تتناسب مع الدستور الجديد، ولا أعتقد أن عملية الانتقال إلى مجتمع ديمقراطي تعددي ستأخذ أكثر من ثلاث سنوات.
الحوار لا يعني توقف القتال 100%
إن بدء الحوار لا يعني إيقاف القتال مئة في المئة، فقد أكد لافروف أثناء لقائنا معه على أمرٍ كنا نقوله دائماً منذ عام وهو أن على السوريين وبغض النظر عن مواقفهم من بعضهم البعض، أن يتحدوا ضد الإرهابيين القادمين من الخارج. وإذا جرى العمل بهذه المعادلة، فأعتقد أن لها كامل الحظ بأن تحل الأوضاع على الأرض ولا يوجد طريق آخر. فالأجنبي يغزو أراضينا بطريقةٍ جديدة غير مسبوقة تاريخياً تتمثل بتسرّب أفراد ومجموعات مع وجود قيادة مركزية في الخارج، أي أنها حرب بكل معنى الكلمة، لكنها حرب ضد عدو غير واضح المعالم، وهو عبارة عن مجموعات منتشرة هنا وهناك وقد أصبحوا بعشرات الألوف وباعتراف الغرب. ولن تتم معالجة أمر هؤلاء إلا باتحاد السوريين فيما بينهم، وأعتقد أن الإمكانية الموضوعية والسياسية والدولية لهذه المعالجة أصبحت متوفرة. وإذا نظرنا إلى الداخل، سنجد أن هؤلاء الإرهابيين الأجانب يقاتلون جميع السوريين وليس فقط الجيش العربي السوري بل حتى أنهم يقاتلون أولئك المسلحين المحسوبين على المعارضة، وهذا يدل موضوعياً على وجود إمكانية للاتفاق بين السوريين ضدهم.
الجيش من أبناء الشعب
وفي مستهل إجابته عن سؤال حول ما الجديد الذي قالته موسكو خلال زيارته الأخيرة إليها توجه د.جميل بمناسبة عيد الجيش بتحية «صادقة وكبيرة» باسم كل من الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير وحزب الإرادة الشعبية إلى جيشنا العربي السوري الضامن الوحيد اليوم لوحدة البلاد وللوحدة الوطنية، مشدداً على أن هذا الجيش بحاجة لتقديم كل الإمكانيات اللازمة له لإتمام دوره، كما يجب أن يكون الحامل الشرعي الوحيد للسلاح للدفاع عن السيادة الوطنية، معرباً عن اعتقاده بأن جيشنا أثبت أنه بمستوى المسؤوليات التي ألقيت على عاتقه، وأن الشعب السوري يلتف حول جيشه ويحبه رغم كل ما جرى من تعقيدات على الأرض، فالشعب السوري مرتبط بجيشه، وجيشه مرتبط به لأن الجيش من أبناء الشعب.
أما بالنسبة لموسكو، فقد شرحنا تعقيدات الأوضاع الاقتصادية للروس، حيث أن الأزمة الاقتصادية في سورية تدخل مستوى جديداً وغير مسبوق بسبب تعمق الأزمة السياسية وبسبب الحرب الكونية ضد سورية والتي لا أعتقد أنها تستهدفها سياسياً وعسكرياً فقط، بل إنها تستهدفها اقتصادياً أيضاً. وأعتقد بأن من يدعي بأن الاقتصاد خارج قوس هذه المعركة فهو- وعلى أقل تقدير- مخطئ كثيراً أو جاهل إذا أحسنّا النية.
القصير ـ خان العسل: الأداء الإعلامي وخيبات الأمل
ورداً على سؤال وجه إليه من موقعه في الحكومة حول ما جرى في خان العسل ولماذا استشهد هذا العدد من الشباب السوري بهذه الطريقة، قال د.جميل «إن هذا النوع من الأمور يحصل في الحروب، فالحرب كر وفر، وأنا متأثر وحزين جداً بسبب ما جرى في خان العسل، لكني أفهم ومنذ معركة القصير بأن خط الانتصارات ليس خطاً صاعداً باستمرار. وبرأيي فاللوم يقع على الإعلام السوري الذي صوّر لنا ومنذ الفترة التي تلت معركة القصير بأننا ذاهبون لاحقاً نحو انتصارات فقط. وأنا هنا لست ضد أن يستفيد الإعلام من انتصار القصير، لكني ضد أن يُستخدم هذا الانتصار لرفع سقف التوقعات عند السوريين وعدم إعطائهم تصوّراً واقعياً عن المجريات على الأرض لأن هذا سيؤدي فيما بعد إلى خيبة أمل. وما حصل في خان العسل بحاجة إلى معالجة وتحقيق ومعرفة المسؤولين والأسباب التي أدت لما جرى وهل هي أسباب موضوعية أم أنها ذاتية لكي يستطيع الشعب السوري أن يعلم حقيقة الأمر».
نموذج البطل شدود يشق طريقه بين السوريين
وحول تعليقه على الفيديو الذي انتشر للعقيد الشهيد مصطفى شدود أوضح د.جميل أن «الكلام الذي قاله الشهيد شدود هو الكلام ذاته الذي كنا نقوله معكم وفي هذا البرنامج منذ مدة طويلة، وعندما سمعت كلامه سررت ودُهشت بشكل إيجابي، حيث تبيّن لي أن هناك مقاتلين على الأرض يفهمون الواقع ويدركون الحقيقة التي نراها نحن الذين لسنا في ميدان المعركة، وهذا يعني أن روح الشعب السوري ومنطقه واحد. أنا أعتقد أن هذا الشهيد هو بطل من أبطال الجيش العربي السوري وهو نموذج يجب أن يتم الاحتذاء به في التعامل على الأرض بين السوريين».
«نحن ذاهبون إلى مصالحة، والمصالحة تعني المسامحة والأخيرة تحتاج إلى عقل وقلب كبيرين، وقد قام العقيد الشهيد وفي أوج المعركة بإعطائنا مثالاً عملياً عن كيفية القيام بذلك وأفهمنا أن هذا الأمر قابل للحصول بين المتقاتلين. (..) وأنا متأكد من وجود المئات مثله، لكن المصادفة قضت بأن يتم تصوير ما جرى ويبثّ لاحقاً على الإعلام، وهناك الكثير من الحالات المشابهة إلا أنها لم تصوّر، أو تم تصويرها ولكنها لم تُعرض بعد. وبالتالي فالعقيد الشهيد ليس حالة فردية بقدر ما هو مثال نموذجي. وأعتقد بأن هذا النموذج يشق طريقه اليوم وهو الذي سينتصر ونحن بحاجة ماسة إلى نماذج من هذا النوع لأن هؤلاء هم من سينفذون عملية المصالحة الوطنية. وهذا الأمر بدأ ينضج بسرعة لدى السوريين».
الليرة رمز سيادي كالنشيد والعلم
 وفي رده على سؤال حول «وعوده» بإغراق السوق بالسلع من جهة وتخفيض قيمة الدولار من جهة أخرى، أوضح النائب الاقتصادي أن الدولار انخفض عملياً، و«نتمنى أن نستطيع تخفيضه أكثر بحلول نهاية رمضان ولقد قلت هذا سابقاً لكن البعض لم يصدقني، سوف نخفض الدولار رغماً عنه (..) وسنحمي ليرتنا التي هي أحد رموز سيادتنا كالنشيد والعلم. وستجري محاسبة كل من يلعب دوراً في الإساءة إلى الليرة من الداخل أو الخارج» علماً بأن مخطط أعدائنا ضد الليرة كان «يقضي بأن يصل الدولار في آخر رمضان إلى 500 ليرة، ولقد أفشلنا هذا المخطط. وحوّلنا الميل من الارتفاع إلى الانخفاض».
وقال: «إن البعض يستخدم عن عمد أو عن جهل بعض تصريحاتي ليسيء إليها، فقد قلت أن السعر الحقيقي للدولار في ظل الظروف الحالية وتراجع الإنتاج السلعي هو 120 - 130 ليرة وهذه حساباتي التي قد تكون صحيحة أو لا ولكنني أنطلق فيها من معرفة ومن معادلة خاصة بها، وبالتالي فكل ما يزيد عن هذا الحد هو مضاربة وسوء إدارة منا. وبالتالي، فإذا وضعنا أمامنا هدف تخفيض الدولار فهذا ليس خاطئاً على اعتبار أن العدو وضع هدف رفع قيمة سعر الصرف إلى 500 ليرة فلندع الرقمين (120 - 500) يصدمان ببعض ونرى من سينتصر في النهاية».
إنتاج السلع متراجع ولايمكننا تحميل أصدقائنا كل مستورداتنا
وأضاف: «تاريخياً، كل ما ارتفع سعر الدولار ومن ثم انخفض ترتفع معه الأسعار ولكنها لا تنخفض، وذلك بسبب طريقة التفكير الخاطئة. فليس الدولار هو من يحدد السعر، وليس سعر الصرف مسؤولاً عن تحديد الأسعار في السوق، حيث أن التوازن بوفرة أو عدم وفرة الكتلة السلعية هو من يحدد السعر أما سعر صرف الدولار فيعكسها ويعبر عنها، لتعود عوامل أخرى لاحقاً لها علاقة بوضع الدولار والليرة إلى تصحيحه. لذلك فإن عدم انخفاض الأسعار بعد ارتفاع الدولار وانخفاضه ليس معبراً عن غش ما من التجار وحسب كما يحاول البعض أن يصوّر الأمر، بل هو معبر عن مشكلة بنيوية في السوق وهي نقص البضائع واحتكارها أحياناً. والاحتكار يمكن معالجته ونحن نعمل على هذا عبر تعزيزنا للمراقبة التموينية علماً بأن قدرتها على ضبط الأسعار لا تتجاوز 10%».
«وبالنسبة لوفرة السلع، فهذا الموضوع له علاقة بالإنتاج ونظراً للوضع الأمني الحالي فقد تراجع الإنتاج بشكل حاد. وبالتالي فنحن مضطرون للاعتماد على أصدقائنا وخطوطهم الائتمانية. وقد كان هناك وفد سوري في إيران وبحث في قضايا كالنفط الذي نجحنا فيه إلى حد كبير حيث لن تُستنفذ احتياطاتنا من العملة الصعبة في شراء النفط ومشتقاته، إضافة إلى قضايا التمويل السلعي والتي تشهد بعض التعقيدات التي نعمل على معالجتها، لكننا بحاجة إلى دعم من أكثر من مصدر نتيجة التنوع الكبير في السلع التموينية التي نحتاجها. وإيران تقوم بمساعدتنا بشكل كبير ولكنا لا نستطيع أن نحمّلهم كل شيء أو أن نطلب منهم أن يستوردوا لنا لأنهم محاصرون أيضاً، وبالنسبة للروس فإنهم يدعموننا وسيدعموننا أكثر، وسنتوجه إلى كل الأصدقاء في العالم. ومن هنا فمن الضروري إعادة ترتيب الإدارة الاقتصادية بحيث تصبح أكثر فعالية في الظروف الراهنة».
لدينا مسؤولون اقتصاديون يعملون بشكل منفرد
ونفى د. جميل علمه بتفاصيل التعديلات الحكومية التي أشار إليها رئيس مجلس الوزراء مؤخراً، إلا أنها يفترض أن تكون «إيجابية ستساهم بتقوية الحكومة في تنفيذ عملها»، كما نفى علمه حول ما إذا كان سيبقى وزيراً للتجارة الداخلية وحماية المستهلك.
ليس لدينا فريق اقتصادي، وسنحاول من خلال التعديل المفترض أن نصل إلى فريق، والفريق هو مجموعة متفاهمة ومتجانسة من حيث الجاهزية والكفاءة والرؤية. إلى الآن ليس لدينا سوى مسؤولين اقتصاديين يعملون بشكل منفرد. لذا من الآن فصاعداً يجب أن نحاول التخلص من هذا الأمر وأن نسير باتجاه مجموعة اقتصادية تدير العمليات بشكل استباقي وحازم وآمل أن يلعب التعديل القائم دوراً في هذا المجال.