المدن الجامعية لشريحة الVIP وللاستثمار

المدن الجامعية لشريحة الVIP وللاستثمار

الخصخصة وصلت إلى المدن الجامعية رسمياً، فقد نقل عن مدير الشؤون القانونية في وزارة التعليم العالي ما يلي: "التعليم العالي أعدت مشروع قانون لتحويل المدن الجامعية إلى هيئات عامة مستقلة وتم رفعه إلى الجهات المختصة لدراسته واستكمال عملية إصداره، على أن يعرض على لجنة التنمية البشرية واللجنة الاقتصادية ومجلس الوزراء ومختلف اللجان المختصة"، مؤكداً على: "أهمية المشروع في خلق استقلالية مالية وإدارية لجميع المدن الجامعية المحدثة، الأمر الذي ينعكس على الواقع الخدمي وتطوير واقع المدن وتحسينها والارتقاء بها بشكل أفضل".

الموضوع ليس مقدمات للخصخصة، بل خطوة عملية مباشرة نحوها بمسمى "هيئات عامة مستقلة"، مع منحها "استقلالية مالية وإدارية"، والذريعة طبعاً تطوير الواقع الخدمي وتحسينه، وكأن هذه القضايا مستحيل إنجازها بظل القانون والتعليمات الحالية، أو بظل نموذج الإدارة القائم، مع عدم نفي الكثير من الملاحظات التي يمكن إيرادها بهذا الشأن.

الترجمة العملية والتنفيذية اللاحقة أن هذه الهيئات، المستقلة مالياً وإدارياً، ستضع تعليمات القبول في المدن الجامعية المقترنة حكماً مع الكثير الشروط، ولعل أهمها سيكون بما يتعلق بالبدل النقدي، ليس لقاء الإقامة فقط، بل المقابل للخدمات المقدمة للطلاب، على أن تكون كل خدمة مقترنة ببدل نقدي ربما، بما في ذلك عدد الأسرة في كل غرفة مثلاً.

ولن نستغرب لاحقاً أن يكون بعض هذه الخدمات مخصص لشريحة الVIP من الطلاب المحظيين والأثرياء، كخدمات النجوم بدرجاتها وسوياتها في الفنادق السياحية، تكريساً لطبقية الخدمات الجامعية، بعد أن تغلغلت هذه الطبقية على التعليم نفسه، وسيكون هؤلاء منافسين للغالبية المفقرة من الطلاب الجامعيين، الذين أحدثت هذه المدن من أجلهم أصلاً.

وقد لا نستغرب كذلك أن يتم طرح بعض الخدمات للاستثمار، أو بعض الاقتطاعات من الوجائب المحيطة بالوحدات السكنية لتقام عليها بعض المنشآت السياحية تحت مسمى "خدمات طلابية"، أو ربما بعض الوحدات السكنية ككل بهذه الذريعة والغاية، وكل ذلك قد يكون مشروعاً تحت مسمى التطوير والتحسين، أو لتغطية جزء من النفقات.

لم يعد هناك أي شك أنه وبظل السياسات الليبرالية، التي يزداد توحشها يوماً بعد آخر، وبسببها، لن يكون للمفقرين أية حقوق.

فكل ما سبق اكتسابه وانتزاعه من حقوق خلال العقود الماضية يجري استلابه تباعاً، وبسرعة منقطعة النظير مؤخراً، وكأن القائمين على هذه السياسات والمستفيدين منها في عجلة من أمرهم كي ينجزوا تلك المهمة غير المُشرِّفة.