«ترخيص» الخليوي: خصخصة كاملة في «بدل الضائع»..!

«ترخيص» الخليوي: خصخصة كاملة في «بدل الضائع»..!

أعلن في رئاسة مجلس الوزراء عن تشكيل لجنة مصغرة للإطلاع على إمكانية تحويل شركتي الخليوي العاملتين في سورية من عقود «بي أو تي» إلى عقود ترخيص، وهو ما يعني خصخصة الشركتين بالكامل، وإلغاء حصة الدولة التي يجب أن تصل إلى 60% في عام 2016 في حال تمديد عقد «بي أو تي»، وإنهاء ملكيتها القانونية للتجهيزات التي يجب أن تعود لها بعد انتهاء مدة العقد، مقابل عقود الترخيص التي تنص على أن تعطي الشركتان للدولة نسبة سنوية ثابتة أقل ومبلغ مالي غبر محدد بعد، بينما تصبح شركتا الاتصالات الخليوية بتجهيزاتها وإيراداتها عائدة بالكامل إلى «مالكي» الشركتين..

 

تشير التصريحات الحالية بأن الحكومة -وبدفع من القوى التي تريد أن تستفيد من ظرف الفوضى الحالي وتلعب في الوقت «بدل الضائع»، محاولة تثبيت هيمنتها على موارد الدولة السورية-، تسعى إلى اتخاذ الخيار الأسوأ بالخصخصة الكاملة للشركتين، و«بيع» ملكيتها من التجهيزات التي تقدر بين 75-100 مليار ل.س وحصتها المتزايدة من الإيرادات (التي تبلغ اليوم 50% وستتزايد إلى 60%)، وهذا إثبات على أن سياسة الحكومة خلال الأزمة برفع الدعم وتخفيض الإنفاق القائمة على فكرة «ضرورة البحث عن الموادر في ظل تراجعها» ليست سوى ذريعة، حيث تتخلى الحكومة عن مورد هام، بتسليم قطاع عالي الإيرادات كالاتصالات الخليوية «لأشخاص»، بينما الخيار مفتوح أمامها بمصادرة هذه الإيرادات ككل، وتحويلها إلى مال عام ومصدر للموارد..!

عيوب «بي أو تي» ترسخها الخصخصة

ناقشت قاسيون في العدد رقم «616» بتاريخ  25-8-2013 في مادة بعنوان «الجدل المؤجل يعود: الاتصالات بعد 2014 لمن..؟»، حيث وضحنا مشاكل العقود الحالية «بي او تي» وعيوبها التي تترسخ في عقود الترخيص حيث تأتي سورية في المرتبة الثالثة بين الدول العربية التي يستحوذ فيها القطاع الخاص على أعلى إيرادات الاتصالات الخليوية، وأوسع مستوى لخصخصة القطاع، وتتبوأ شركات الاتصالات المراكز الاخيرة من حيث التنافسية (17 من أصل 19)، ومراكز متقدمة من حيث ارتفاع الأسعار (المرتبة الثالثة في سعر الرسائل النصية ومسبق الدفع) وهذا بحسب تقرير لمجموعة المرشدين العرب في عام 2012 بعنوان «مستوى الخصخصة في أسواق الاتصالات الخليوية العربية»، يضاف إلى ذلك أن أعضاء مجلس الإدارة في البالغين 10 أعضاء حصتهم 91% من الموجودات على الرغم من أن عدد المساهمين يبلغ 6600 مساهم في شركة «سيرتيل» على سبيل المثال. كل هذه العيوب ستترسخ بمجرد تراجع حصة الدولة وملكيتها للتجهيزات وفق ما تنص عليه عقود الترخيص، مع العلم أن الدولة لم تحصل على حصتها كاملة في عدة سنوات من العقد، ففي كل من اعوام 2009-2010-2011 من المفترض أن تبلغ حصة الدولة 50% بينما لم تحصل إلا على نسب: 46,9%-47%-47,5% على التتالي، مع العلم أن فارق 1% يعني بالمحصلة النهائية 775 مليون ل.س وسطياً، فكيف إذا ما كان الفارق في النسبة بحدود 3-4%؟!

عوضاً عن السؤال عن هذه المبالغ المنقوصة من المال العام، فإن الحكومة تشيد بأداء الشركتين وتؤكد على إيجاد صيغة تعاقدية تعبر عن «حرص الحكومة على الوقوف إلى جانب شركتي الاتصالات الخلوية ومساعدتهما على الاستمرارية» وفق ما ورد في الخبر الرسمي من وكالة سانا، وبأن الصيغة العقدية الجديدة يجب أن «تحقق استثمارات إضافية تعزز الاستمرارية وتحقيق أفضل الخدمات للمواطنين وعدم تحميلهما أعباء مالية جديدة» مع العلم أن الحكومة قد وافقت على رفع أسعار الاتصالات بمتوسط 45% على مجمل الخدمات، وتصل إلى 100% في بعضها كما في خطوط الجيل الثالث، وقد قدرنا ارتفاع إيرادات الشركتين من هذا الرفع في الأسعار لتبلغ 129 مليار تقريباً، وذلك في مادة بعنوان «الاتصالات أكبر الرابحين.. يحمل المواطن خسائر الأزمة» الصادرة في العدد رقم «618» بتاريخ 7-9-2013.

ثلاثة احتمالات.. والحكومة تختار الأسوأ

ناقشت قاسيون سابقاً الاحتمالات المطروحة للتعامل مع الشركتين بعد صدور قانون الاتصالات رقم /18/ لعام 2010، الذي نص على ضرورة إعادة هيكلة قطاع الاتصالات ولكنه لم ينص على شكل محدد لعقود الدولة مع شركات الاتصال الخليوية وترك الاحتمالات مفتوحة،  وقدرت إيرادات الدولة في كل احتمال من عام 2013 وحتى عام 2016 العام الذي ينتهي عقد «بي او تي» فيه كما في الصيغة الأولى، وكانت النتائج التالية:

استمرار عقد «بي او تي» حتى عام 2016: أي استمرار عقد «بي أو تي » حتى نهايته وفق الصيغة الاولى للعقد، وهذا الخيار يحقق عائد للدولة حتى عام 2016: 200 مليار ل.س تسير باتجاه التزايد.

الترخيص للشركتين:  أي ملكية كاملة للقطاع الخاص، وهذا الخيار  يحقق عائد للدولة حتى عام 2016: 300 مليار ل.س تسير باتجاه التناقص.

التأميم: أي أن تنهي الدولة عقد «بي او تي» وتستلم التجهيزات وعملية التشغيل كما ينص العقد وتعود لها كامل الإيرادات، وهذا الخيار يحقق عائد للدولة حتى عام 2016: 400 مليار ل.س تسير باتجاه التزايد المتسارع.

* حسبت الأرقام بالافتراضات التالية: أولاً: الإيرادات السنوية ثابتة لكلا الشركتين وتبلغ 100 مليار ل.س بأخذ وسطي إيرادات سنة 2012 أساس، ثانياً: في حال الترخيص قدر المبلغ الذي ستدفعه الشركتين للدولة مليار دولار وهو ما تم تداوله إعلامياً سابقاً، والنسبة الثابتة 25%، ثالثاً: في حال التأميم قدرت  قيمة تجهيزات الشركتين بمليار ل.س.

مصير الخيارات الثلاث بعد عشرة سنوات وبافتراض نمو الإيرادات بنسبة 3% فقط:

استمرار عقد «بي او تي»: يبلغ عائد الدولة: 512 مليار ل.س.

- الترخيص للشركتين: يبلغ عائد الدولة: 465 مليار ل.س.

- التأميم: يبلغ عائد الدولة: 1060 مليار ل.س.

من «الضعفاء» إلى «الأقوياء»

تميل الحكومة اليوم إلى خيار الخصخصة الكاملة وترخيص الشركتين، وفي ذلك إساءة لإدارة المال العام وهدر له، وتناقض كبير بين سياسات تأخذ من جيوب المواطنين جراء ارتفاع أسعار المازوت والبنزين والغاز وغيرها من المواد المدعومة بحجة تراجع الموارد، وتقدم لكبار أصحاب الربح كامل الحق في استثمار قطاعات سيادية عالية الربح كالاتصالات.

رابط المواد المنشورة سابقا في قاسيون حول الموضوع

http://kassioun.org/economy-and-society/item/6301-2014

 

 

آخر تعديل على الأحد, 23 شباط/فبراير 2014 21:13