مجلس الأمن يجمع على «قرار المساعدات».. وكلٌ «يشد البساط لطرفه»
أقر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة السبت 22/2/2014 بالإجماع مشروع قرار يطالب بدعم وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة في سورية، وفك الحصار عن المدن ووقف الغارات والهجمات على المدنيين.
ويدعو القرار الذي حمل رقم 2139 "جميع الأطراف إلى الرفع الفوري للحصار عن المناطق المأهولة"، وبينها حمص ومخيم اليرموك قرب دمشق ومنطقة الغوطة في ضواحي دمشق.
واعتبر القرار في هذا الصدد أن "تجويع المدنيين تكتيك حربي تحظره القوانين الإنسانية الدولية".
كما طلب مجلس الأمن في قراره "من كل الأطراف التوقف على الفور عن شن أي هجمات على المدنيين.. وبينها القصف الجوي خصوصا استخدام البراميل المتفجرة" واساليب الحرب ذات الطبيعة المسببة لاصابات غير ضرورية ومعاناة ليس هناك داع لها
وجاء في النص "يطالب القرار كافة الاطراف وخاصة السلطات السورية بالسماح فورا لوكالات الأمم المتحدة وشركائها المنفذين بادخال المساعدات الإنسانية بسرعة وأمان ودون اعاقة بما في ذلك عبر خطوط الصراع وعبر الحدود."
ولا يتضمن القرار إمكانية فرض عقوبات بشكل آلي إلا أنه يترك الباب مفتوحا أمام التحرك لاحقاً بحق المخالفين.
وبناء على اقتراح من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سيكون بإمكان مجلس الأمن "اتخاذ إجراءات إضافية في حال عدم تطبيق هذا القرار". إلا أنه في هذه الحالة سيكون مجلس الأمن بحاجة لقرار جديد مع موافقة كل الأعضاء.
غير أن التوافق على إصدار القرار بالإجماع بين أعضاء مجلس الأمن انعكس بتباينات مندوب كل دولة فيما تريده من القرار، حيث برز الموقفان الروسي والصيني متوازنين في تحميل الحكومة السورية والجماعات المسلحة مسؤولية الإضرار بالمدنيين، دون التلويح بعقوبات إحادية، مقابل إصرار واشنطن ومن في صفها على تحميلها لطرف واحد هو الحكومة السورية، مع محاولة المندوب السوري إبراز ما تصمم واشنطن على إغفاله من أوجه الصراع، لجهة الإرهاب الذي تمارسه الجماعات المسلحة الناشطة في سورية.
ففي كلمتها؛ طالبت ممثلة الولايات المتحدة في مجلس الأمن سامنثا باور بالضغط على حكومة الأسد وعلى كل من لا يرغب في تطبيق القرار بشكل كامل، مشيرة إلى أن القرار “مهم لأنه يتمحور حول قضايا عملية”، مطالبة المجلس بمتابعة تنفيذه والتأكد من تطبيقه.
بدروه؛ دعا مندوب أستراليا غاري كوينلان إلى إحالة الوضع في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، محملا نظام الأسد المسؤولية الرئيسية عن الانتهاكات التي تحصل هناك، بينما تحدث ممثل الأردن الأمير زيد بن رعد عن التكلفة التي تتحملها بلاده نتيجة لتدفق اللاجئين السوريين، مشددا على أن استمرار الوضع الإنساني كما هو “يقوض الأمن في الشرق الأوسط”.
ودعا المندوب البريطاني بالأمم المتحدة بعد موافقة مجلس الأمن على قرار بشأن الوضع الإنساني حول سورية، إن "النظام السوري الالتزام بما يتطلبه القرار فورا"، معربا عن أمله بأن يؤدي القرار لإدخال مساعدات لملايين السوريين".
واعتبر الدبلوماسي البريطاني أن "الوضع الإنساني في سورية لم يتحسن"، داعيا المجتمع الدولي إلى توحيد جهوده لدعم مفاوضات جنيف".
بالمثل قال مندوب فرنسا في الأمم المتحدة إن "قرار مجلس الأمن الدولي يلزم الحكومة السورية بالتوقف عن استخدام العنف واستهداف المدنيين ووقف الحصار".
في المقابل أكد مندوب روسيا فيتالي تشوركين أن بلاده “تدخلت لإعطاء القرار طابعا متوازنا بعدما جرت محاولة لتغيير النظام من مدخل قرار إنساني”، مشيراً إلى أن الجماعات المسلحة تستخدم عمال الإغاثة والمدنيين دروعا بشرية في حمص وحلب وعدرا ومعلولا بريف دمشق.
كما أعرب عن ثقته "في تطبيق الحكومة السورية هذا القرار بشكل كامل"، داعيا "مجلس الأمن البدء بمناقشة قرار ضد الإرهاب في سورية".
بدوره أشار مندوب الصين الدائم في الامم المتحدة لي باو دونغ إلى أن بلاده تشعر بالقلق من تدهور الوضع الانساني في سورية، لافتاً إلى أنها قدمت مساعدات انسانية عبر قنوات عدة وستواصل توفير العون إلى الشعب السوري، ومشدداً على وجوب حل الازمة في سورية بالطرق السياسية، لافتاً إلى أن على المجتمع الدولي توفير الدعم لسورية وتأمين المساعدات الإنسانية لشعبها.
وفي السياق ذاته اعتبرت مندوبة الأرجنتين ماريا كريستينا برسيفال أن القرار “تطور إيجابي”، مشيرة إلى ضرورة تقديم المسؤولين عن الجرائم في سورية إلى العدالة، مضيفة في الوقت ذاته أنه “لا يمكن استخدام القرار ذريعة لاستخدام القوة ضد سورية بشكل أحادي”.
أما مندوب الجمهورية العربية السورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري فقد قال إن الحكومة السورية حرصت منذ بداية الأزمة على تحسين الواقع الإنساني وكان هذا الأمر من أولويات عملها، كما عملت على إعادة الأمن والأمان إلى جميع أرجاء البلاد وهي تلتزم التزاماً كاملاً بتعهداتها الدولية كافة.
وقال الجعفري إن تعاون الحكومة السورية بشأن المساعدات الإنسانية كشف النقاب عن وجود سوء نوايا لدى ما يسمى "المعارضة" مشيراً إلى أن بعض الدول التي تدعم الإرهابيين في سورية مسؤولة عن منع وإعاقة لقمة عيش المواطن السوري. وأكد أن دعم السوريين إنسانياً لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تلازم مع وقف الإرهاب قولاً وفعلاً.
ولفت الجعفري إلى أن الحكومة السورية تمارس حقها في مكافحة الإرهاب الذي يضرب سورية دون تمييز مؤكداً أن الإرهابيين يستهدفون تدمير البنى التحتية وموارد سورية ويستهدفون قوافل المساعدات ويحاصرون المناطق ويمنعون المدنيين من الحصول على المساعدات ويستخدمونهم دروعاً بشرية.
وكانت روسيا قدمت، مشروع قرار مضاد في مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع الإنساني في سورية، وذلك بعد يوم من تلقي المجلس مشروع قرار غربي-عربي تقدمت به كل من الأردن ولوكسمبورغ وأستراليا، رفضته موسكو وبكين معتبرتين أنه يقوض الجهود الإنسانية في سورية، ويمهد إلى التدخل العسكري في سورية.