جميل لـ«روسيا اليوم» : 5 ـ7 ملايين سوري باتوا بحاجة إلى دعم وإغاثة بالمطلق.. وما البديل عن «جنيف»؟
في إطار الاتصالات واللقاءات التي يجريها بين موسكو وجنيف تحضيراً للمؤتمر الدولي حول سورية وإنجاز حل سياسي للأزمة فيها، حل د. قدري جميل، أمين مجلس حزب الإرادة الشعبية، وعضو رئاسة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، وقيادة ائتلاف قوى التغيير السلمي، ضيفاً على قناة «روسيا اليوم» في برنامج «قصارى القول» الذي بُث مساء الاثنين 16/12/2013، متناولاً مختلف تطورات ملف الأزمة السورية، وكان هذا الحوار الذي أجراه الإعلامي سلام مسافر
• يبدو أن كلمة التغيير السلمي في سورية أصبحت شيئاً يشبه الحلم البعيد، هل تعتقدون بأن الحل السلمي ما يزال قائماً؟
عفواً يجب أن تكون قد تنبّهت إلى أن كلمة «السلمي» مرتبطة بالتغيير، أي أن «اللاسلمي» يعني اللاتغيير، بل وحتى العودة إلى الوراء، أي أن التغيير هو تقدّم إلى الأمام أي تغيير «تقدمي»، وبالتالي فقد أثبتت تجربة التاريخ بأن كل التغييرات التقدمية جرت عملياً بشكل سلمي، وإذا جرت «افتجاءات» إلى الوراء خلال مسيرة هذه الخطوات التاريخية التي تمت سابقاً فقد جرت من جانب العدو، وليس من جانب أصحاب برنامج التغيير. فبرنامج التغيير الحقيقي لا يمكن إلا أن يكون سلمياً، وهو يصبح غير سلمي بقدر ما يقوم العدو بإجراءات غير سلمية.
• ومن هو العدو الآن في الحالة السورية؟
العدو اليوم في حالتنا السورية هو كل قوى الفاشية الجديدة. أوروبا شهدت الفاشية القديمة، وهي مرحلة تاريخية معروفة سُمّيت بـ«الطاعون الأسود»، وتحالفت ضدها كل القوى العاقلة في العالم، في الشرق والغرب، وأعتقد أن موقف الدول التي وقفت في وجه الفاشية في حينها كان صعباً، لدرجة بأنها عندما اضطرت لوضع يدها بيد عدوها التاريخي، أي الاتحاد السوفييتي، جرى اتهامها من داخلها بأنها أصبحت شيوعية. أعتقد أن بعض القوى في الغرب بدأت تفهم اليوم بأن هناك فاشية جديدة صاعدة، والفاشية لا تعني فقط قطع الرؤوس وأكل القلوب، بل هي موقف سياسي واجتماعي. وبحسب تعريف «ديميتروف» في المؤتمر السادس للكومنترون فهي شكل الحكم الأشد رجعية لقوى الرأسمال المالي، وحينما نتكلم عن التنظيمات الإسلامية التكفيرية المتطرفة فهي توجد عملياً داخل أسرة رأس المال المالي العالمي، والذي يُضاف إليه اليوم كلمة «إجرامي» بكل استحقاق لأن الأبحاث الاقتصادية والسياسية الدولية ومراكز الأبحاث تتحدث عن أن 30% من دورة رأس المال العالمي هو رأسمال إجرامي مرتبط بتجارة السلاح والدعارة والمخدرات، ولذلك فإن هذه التنظيمات تنفذ طلبية القوى الأشد رجعية في المراكز الغربية، ومن هنا نفهم لماذا تستمر وكيف يجري الصراع في الأوساط الغربية وكيف يجري التخبّط بداخلها حيال الأزمة السورية.
• إلى أي مدى يتحمل النظام قسطاً في الحد من عملية التغيير، لا سيما وأن التقارير التي تصل اليوم تشير إلى أن المنحى العسكري للجهد المبذول من القوات السورية يبدو بأنه يذهب باتجاه عمليات غاية في القساوة والعشوائية بشكل يضيف إلى مشاهد الحطام والركام في سورية مشاهد جديدة؟ هل تعتقد أن النظام ينوي أن ينهي هذه الوضعية التي تعتبر بمثابة عنق الزجاجة عبر عمليات عسكرية حاسمة حتى لو اقتضى الأمر استخدام البراميل وقصف مناطق المدنيين ليصل إلى جنيف وهو يمتلك أوراق قوية؟
لقد وجّهت لي سؤالين، السؤال الأول: كم يتحمل النظام من مسؤولية؟ النظام حتماً تأخر في إجراء الإصلاحات الضرورية وتأخر الاستحقاق المطلوب، وهذا واقع لا يجوز إنكاره. وأصبح جزء هام من النظام يعترف بذلك، ولقد أدى هذا التأخير إلى زيادة الاحتقان وخلق الأرضية المناسبة للتدخل الخارجي والانفجار الداخلي وهما عاملان تداخلا مع بعضهما البعض. لقد أسميت النظام في سورية بـ«بطل الفرص الضائعة»، فإذا أردنا أن نعدّ الفرص التي ذهبت من يد النظام منذ انفجار الأزمة وما قبله، فلن تكفي أصابع اليدين لتعدادها. نحن في حزب الإرادة الشعبية أصدرنا بياناً في 25 شباط من عام 2011، أي قبل بدء الأحداث بأسبوعين عملياً، وطرحنا برنامجاً لتفادي الدخول في الأحداث وتجنّب الإنفجار، وهذا البرنامج هو برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي، ولكن لا حياة لمن تنادي مع الأسف الشديد. وقد اتضح بعد فترة بأنه لو تم الأخذ بهذه الإجراءات التي طرحناها، لكان من الممكن تجنب الدخول في الأزمة. ولهذا السبب أقول بأن النظام هو بطل الفرص الضائعة، ولكنه على الأقل يعترف بأنه أضاع فرصة بعد فواتها، أي أن هناك نوعاً من الانتقاد الذاتي، ولكن ما نفع هذا إذا لم يتم الأخذ بالإجراءات نفسها فيما بعد؟
أريد أن أوضح قضية، أنا من أوائل الذين قالوا بأن الحسم العسكري في سورية مستحيل، وقد قلت هذا على أساس قراءة المشهد الدولي، حيث تميّز هذا المشهد بصعود أو صحوة الصين وروسيا بعد الفيتو الأول، وكان هذا انعكاساً للتغيير في ميزان القوى الدولي الذي كان لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية مئة في المئة. لقد أدت هذه الصحوة إلى تعديل ميزان القوى الدولي، وقد أنهى هذا التعديل أسطورة القطب الواحد، إلا أن هذا الميزان لم يتغير لمصلحة روسيا والصين بمعنى أنهما لم تصبحا القوى المهيمنة والغالبة، بل أصبح ميزان القوى الدولي صفرياً، وقد قلت هذا منذ ذلك الحين، إلا أنه لن يبقى كذلك إلى الأبد فهو يتغير بسبب الأزمة الاقتصادية العظمى التي تجتاح العالم الغربي، وفي طليعته الولايات المتحدة الأمريكية. ولذلك قلنا بأنه وفي ظل ميزان قوى عالمي وإقليمي صفري، فمن المستحيل أن يحقق أحد الطرفين انتصاراً جذرياً ونهائياً وساحقاً على الطرف الآخر، فالموضوع لم يعد متعلقاً بقوة الجيش العربي السوري الذي يبذل الكثير من التضحيات، وأنا أقول هنا «مرحى» للجيش لأنه استطاع إلى الآن أن يحافظ على نفسه وأن يمنع المخطط الأمريكي الغربي القديم السابق من التحقيق، إلا أن كيسنجر وبعد أن فهم أنه لا يمكن حصول ضربة خارجية وضع مخططاً يقوم على إحراق سورية من الداخل أي استمرار النزيف.
• ولكن يبدو بأن الجيش العربي السوري يساهم أيضاً بهذا القدر أو ذاك، وبإرادته أو دونها، في حرق سورية عن طريق هذه البراميل المتفجرة!
أعتقد بأن الجيش العربي السوري يقوم بدوره عبر حماية السيادة والوحدة الوطنيتين، ولكني لا أنكر أن بعض القوى المتطرفة التي يمكن أن تكون مرتبطة بالنظام هي التي تقوم بأعمال تسبب استياءً مشروعاً لدى العديد من المواطنين، وهذه القوى لا تختلف في جوهرها عن القوى المتطرفة الموجودة في الطرف الآخر.
• أعلنت المفوضية السامية للاجئين اليوم عن وجود ستة عشر مليون سوري بحاجة إلى الإعانة، بمعنى أن أكثر من ثلثي السكان هم بحاجة للإعانة، لأن الحرب بدأت تأخذ طابعاً سرطانياً وتنتشر في البلاد، ولأن الجوع بات يهدد عشرات، بل مئات الآلاف، وأن أكثر من مليوني إنسان يعيشون في العراء تقريباً، ماذا تعني لكم هذه الأرقام وحتى من وجهة نظر اقتصادية فلنقل، وأنتم خبير اقتصادي؟
برأيي هذه الأرقام متأخرة، وهذا الوضع الذي تحدثت عنه هو على هذه الحال منذ ستة أشهر، والأمم المتحدة جاءت إلى الحقيقة متأخرة، ولكن أن تأتي متأخراً خيرٌ من ألا تأتي أبداً، والكلام الذي ذكرتَه صحيح إلا أنه يمحو الفوارق بين الفئات المحتاجة للمساعدة، فهناك فئات تحتاج إلى مساعدة ولكن هناك سقف فوق رأسها ولديها منطقة آمنة تعيش فيها إلا أن دخلها لم يعد يكفي لتأمين لقمة العيش الشريفة والضرورية، وبالمناسبة هنا يأتي دور الدولة في استمرار دعم المواد الأساسية والضرورية. وهناك فئة ثانية من السكان الأسوأ وضعاً وهم أولئك الذين لا يمتلكون سقفاً أو بيتاً يؤويهم وليس لديهم مصدر رزق في الواقع الحالي، وهذه الفئة تحتاج إلى معونة مجانية مئة في المئة وهؤلاء كثر ويتراوح عددهم بين 5-7 ملايين إنسان وهم بحاجة إلى معونة بالمطلق. أما البقية فهم بحاجة إلى معونة بدرجات مختلفة، أي أن كل الشعب السوري عملياً بحاجة إلى دعم، والحكومة السورية لا تستطيع أن تقوم بهذه المسؤولية منفردةً لأن إمكانياتها لا تسمح بذلك، لقد أصبحت هذه القضية من مسؤولية المجتمع الدولي الذي لم يستطع أن يوقف نزيف الدم في سورية، ومهمة هذا المجتمع اليوم هي مهمتان، الأولى هي إيقاف النزيف، والثانية هي تقديم المساعدات المستمرة والعاجلة. إن مشكلة المساعدات اليوم هي أنها تقوم على أساس حملات طارئة وعابرة، وهي لا تكفي 10% من الاحتياجات الحقيقية للمواطنين. إن تقديم كامل المعونة الحقيقية للشعب السوري بكامل حجمها يتطلب إيقاف القتال والعنف لأنهما بحد ذاتهما معيقان لوصول المساعدات.
• سنتحدث عن هذا الجانب لاحقاً، ولكن على ذكر ما يُسمى بالمجتمع الدولي، شكك وزير خارجية فرنسا (لوران) فابيوس في نجاعة جنيف، ومدير المخابرات المركزية الأمريكية السابق مايكل هايدن يرسم ثلاثة سيناريوهات، وكل واحد منها أسوأ من الآخر، ويعتبر أن بقاء الرئيس بشار الاسد هو أفضل أسوأ السيناريوهات هذه، والسيناريوهات الأخرى هي تفتيت سورية وقيام إمارات في هذه المنطقة الأساسية في العالم باعتراف هايدن نفسه، وهذه الإمارات ليست لها محكومية مركزية بما يعني تدمير كل دول الجوار، والسيناريو الأخير هو أن تتواصل الحرب إلى ما لا نهاية. من بين هذه السيناريوهات الثلاثة، أنتم مع من؟ أو كيف تتصورون أن تتجه الأمور، ربما لسيناريو رابع، وهل هذه فعلاً هي السيناريوهات المطروحة الآن في السوق؟
إن كل هذه التصريحات هي رجع صدى لكل أولئك الذين خابت آمالهم في تنفيذ مخططاتهم القديمة، فابيوس يتكلم بلغة الماضي وهو يمتلك مخططاً آخر، وأصبح يفهم اليوم أن هذا المخطط لا يمكن تنفيذه، لذلك فهو يتشاءم ويقلل من احتمال نجاح جنيف، وأنا أقول إذا لم يُعقد أو ينجح جنيف فما هو البديل؟ بالله عليكم قدموا لي بديلاً آخر.
أنا أعلم أنه يمكن أن تكون هناك مئة ملاحظة على جنيف، ولكن لا يوجد أي بديل من قبل منتقدي جنيف الموجودين في الطرفين، وهم لم يقدموا أي اقتراح أفضل من جنيف، حيث أن جميع الاقتراحات التي جرى تقديمها هي أسوأ من اقتراح جنيف. لذلك، فجنيف هو الحل المُتوافَق عليه دولياً على الأقل بشكل كاف. إن كلام فابيوس هو رجع صدى لمواقفه السابقة وهو تمنى بألا ينجح جنيف لكي يظهر بأنه كان محقاً في مواقفه الماضية.
أما بالنسبة للسيناريوهات الثلاثة، فمن قال بأنها ثلاثة فقط؟ هناك سيناريو سيرسمه الشعب السوري، حيث أن أكثرية الشعب السوري لا تريد استمرار العنف أو التطرف من أي جهة كانت، وهذه الأكثرية تريد إعمار بلادها وترميم الجراح وتريد سورية الجيدة التي تكون فيها المواطنة متساوية بين جميع المواطنين.
• لا شك أن ما ذكرته هو أمنية السوريين سابقاً والآن وفي المستقبل، لكن فيما يخص جنيف والتشكيك بنجاعته، يتضح أن هناك قوى داخلية وإقليمية وعالمية لا تريد أن يُعقد جنيف. في الوقت نفسه، ألا يُعتبر تشرذم المعارضة أحد الذرائع الكبرى للمشككين في جنيف لناحية أنه لن ينجح بسبب هذا التشرذم، ووفق تصريحات الابراهيمي الذي ستلتقون به قريباً، فإنه يقول للمعارضة كمن يوجه إنذاراً نهائياُ بأنكم إذا لم تقوموا بتسليم قائمة نهائية باسم المعارضة قبل نهاية هذا العام، فهذا يعني بأنكم لا تريدون المؤتمر. كيف يمكن تخيل من سيذهب إلى جنيف ومن سيصعد في قاطرته؟
إذا نظرنا إلى تطور الأمور، فسنجد أن أولئك الذين كانوا لا يريدون المؤتمر يتمنون اليوم له الفشل، وكل تصريحاتهم تسير في هذا الاتجاه بعدما تأكدوا بأن المؤتمر سيُعقد على الأرجح، حيث أن جميع المؤشرات تشير إلى ذلك. أنا أفهم المؤتمر بالشكل التالي، البعض يتصوره بأنه مكان للحوار السوري- السوري فقط، والبعض الآخر يراه مكاناً للحل الدولي فقط، أما أنا فأراه على أنه عملياً اتفاق وعَقد بين أطراف عديدة دولية وإقليمية ومحلية، الأطراف الدولية تتعهد بأنها ستوقف كل أشكال التدخل الخارجي من أموال وسلاح ومسلحين، وتُعطي ضمانات بذلك حيث أن جنيف هو اتفاق دولي سيضمنه مجلس الأمن في نهاية المطاف. جنيف1 هو خريطة، أما جنيف2 فهو وجود أصحاب العلاقة وقيامهم بالتوقيع والتعهّد على هذا الكلام.
المسؤول اليوم عن التدخل في سورية هي قوى إقليمية بالدرجة الأولى، وهذا يعني أن القوى الدولية ذات الدور على الساحة العالمية والتي لعب بعضها دوراً في إطلاق هذه القوى الإقليمية من عقالها، مطالبة اليوم بأن تقول لها كفى! ونحن بالمقابل كسوريين نتعهد مقابل إيقاف التدخل- لأننا لن نستطيع القيام بأي عملية في الداخل في حال استمراره- وبكامل طيفنا وجميع فئاتنا السياسية، سواء كنا في النظام أو في المعارضة، بأن نبدأ بحوار جدي شامل يُعيد الوحدة الوطنية إلى سابق عهدها ويحل المشاكل التي خلقتها الأزمة ويضع الخريطة والرسمة الحقيقية والمناسبة لسورية الجديدة القادمة وإيجاد الأدوات الضرورية لتحقيق هذه الفكرة، أي أن هنالك جانبين للموضوع لا يجوز أن يطغى أحدهما على الآخر.
• لو سمحت لي، هل تقصدون بأن ما ذكرتموه هو مشروع قيادة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير وقيادة ائتلاف قوى التغيير السلمي، أم مشروع حزب الإرادة الشعبية فقط؟
هذا هو مشروع كل هذه القوى.
• وهل ستذهب هذه القوى إلى جنيف بوفدٍ موحد؟
نحن لا نمثّل كل المعارضة، ولا نريد أن ندّعي ذلك، بل إننا نسعى لكي تُمثّل كل المعارضة بشكلٍ ندّي ومتكافئ.
• أنت تعني أن هذا هو كلام هذا الجانب من المعارضة، وهو سيذهب إلى جنيف ككيان أو ككتلة خاصة؟
كيف لا إذا كنا أول من دعا إلى ذلك في الشهر 11 من عام 2011.
• ولكن هناك من يتحدث وخاصة ممن يشككون في جنيف، بأن موسكو تريد تلميع صورة قدري جميل وجعله معارضاً بعد أن كان، كما يقول بعض الظرفاء السوريين، «معارض لايت» ليصبح معارضاً قوي الشكيمة، وبالتالي يذهب إلى جنيف ليستحوذ على مقعد المعارضة. فما مدى صحة مثل هذه المزاعم؟
أولاً ومن حيث المبدأ لكي تفهم طريقة تفكيرنا، إن موضوع المقاعد لا يشغل بالنا، ما يشغل بالنا هو انعقاد جنيف بحد ذاته، لأن انعقاد جنيف يعني بداية انحسار آلام الشعب السوري، وآخر ما يشغل بالنا هو المقاعد التي سنشغلها، والبعض لا يشغل باله إلا المقاعد سواء أكانت مقاعده أو مقاعد غيره. ثانياً، نحن نطالب بأن تُمثّل كل أطياف المعارضة. ثالثاً، نحن معارضة منذ خُلقنا في عام 2000، ونحن معارضة بوثائقنا وبإمكانكم مراجعة «قاسيون» التي توجد نسختها الإلكترونية في كل مكان، لتروا بأننا كنا معارضة في الوقت الذي كان العديد من المعارضين الحاليين في حضن النظام، وكانوا جزءاً منه، وكانوا ينفذون أعمال الفساد الكبرى داخله، لذلك لا يمكن لأحد أن يزاود علينا في موضوع المعارضة، ولكننا لا نوزع هويات على أحد، ولا نأخذ هوياتنا من أحد، ولا نسمح لأحد بأن يصنفنا كما يشاء. إن من يصنفنا هو موقفنا وقناعتنا وموقف الشعب السوري، الذي لم يسأله أحد منذ بداية الأزمة وحتى الآن عن موقفه ورأيه من هذه القوى أو تلك أو هذه الشخصية أو تلك. وإن كل ما يقال عدا ذلك هو ادّعاء. إن إحدى إيجابيات الحل السياسي السلمي هي أنه سيوصلنا إلى صندوق الاقتراع النزيه الشفاف الذي لا يحتوي سوى الأصوات «الحلال» فقط لا غير والتي تتيح معرفة الأوزان الحقيقية للجميع.
• بخصوص السيناريو الذي ذكره هايدن حول بقاء الرئيس بشار الأسد في الحكم لمدة سنتين عبر استفتاء...؟
لا أعلم إلى ماذا يلمّح هايدن بالضبط بكلامه هذا، لكني كنت قد عقبت على كلام صديقي وزير الإعلام السيد عمران الزعبي عندما قال بأننا لن نذهب إلى جنيف لنسلّم السلطة، حيث قلت له بأن هذا الكلام صحيح وأنا أتفق معكم ولا يجب أن يجري هذا المنطق- التسليم- في جنيف، ولكننا أيضاً لن نذهب إلى جنيف لكي تبقى السلطة كما كانت عليه قبل 15 آذار، وإذا كان هايدن يقصد من كلامه بأن النظام سيبقى على ما كان عليه فهو مخطئ جداً، لأن الحياة تفرض على الجميع التغيير الجذري الحقيقي السلمي.
• هناك تصريح يتوارد على كل الألسن من لافروف إلى كيري إلى الأخضر الابراهيمي وصناع القرار المتعلق بسورية، وهذا التصريح يقول بإقامة حكومة انتقالية تتمتع بصلاحيات كاملة، حتى أن مفسري القرآن الكريم لا يعرفون ما معنى حكومة انتقالية بصلاحيات واسعة!
هذا ما يجب أن يبحثه جنيف2...
• لأن الحديث عن صلاحيات كاملة يستدعي وجود قيادة في السلطة تمتلك أدوات التأثير من جيش وأمن وشرطة...
هذا ما يجب أن يبحثه جنيف2، وأنا موافق على صلاحيات واسعة، ونحن طالبنا في الشهر 11 من عام 2012 بحكومة وحدة وطنية بصلاحيات واسعة، كي تستطيع أن تلعب دورها في حل الأزمة.
• هل هذا هو سبب عدم تمكن القيادة السورية من أن تهضم وجود نائب رئيس مجلس وزراء؟
لم أكن في حينها نائباً لرئيس مجلس الوزراء، بل كنت عضواً في قيادة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، وهذا موضوع آخر ولا أعتقد أن باستطاعتي حلّه خلال الدقائق القليلة المتبقية من وقت البرنامج.
• يقول الكثيرون من المعارضين في الداخل والخارج بأن النظام لا يمتلك في قاموسه مصطلحات كالحوار والتفاهم والقبول بالآخر...
لهذا السبب على النظام أن يغيّر نفسه والحياة تتطلب ذلك، وهناك جزء هام من النظام يفهم هذا الأمر.
• ما الذي ستقولونه للسيد الإبراهيمي في اللقاء المزمع بينكم؟
.. تمثيل حقيقي وجدي ومتكافئ لجميع أطياف المعارضة السورية، وأن تنأى الأمم المتحدة بنفسها عن موضوعة الحزب القائد التي يُراد تطبيقها بالمقلوب لدى المعارضة من حيث محاولة تنصيب الائتلاف حزباً قائداً لكل المعارضة السورية.
• هناك مشروع روسي لجمع المعارضات في «حفلة شاي»، دعنا نقول، وأغلب الساسة السوريين- باستثناء الرئيس والقيادة السورية- قلما يرتدون ربطات عنق، فهل انتم مستعدون للانخراط في حفلة كهذه مع زملائكم في المعارضة، بمن فيهم الائتلاف السوري أو الحزب القائد كما أسميته؟
المشكلة أن المعارضة تلتقي مع كل الأطراف الأجنبية لكنها لا تلتقي مع بعضها البعض، لذلك فإن هذه المبادرة التي يقوم بها الروس هي بمثابة تدريب عملي للمعارضين على اللقاء مع بعضهم.
• نرجو أن يتدربوا، وأن يجري اللقاء، وشكراً جزيلاً لكم السيد قدري جميل أمين مجلس حزب الإرادة الشعبية في سورية وعضو قيادة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير وعضو قيادة ائتلاف قوى التغيير السلمي، ونرجو لهذا التغيير السلمي أن يتحقق.