افتتاحية قاسيون831: صفعة جديدة للمتشددين
تضاف يوماً بعد يوم وقائع جديدة، تؤكد على استكمال محاصرة القوى المتشددة في منصة الرياض، وتحجيم دورها، ودفعها إلى المزيد من التراجع، عن مواقفها
وبالدرجة الأولى: مسألة الشروط المسبقة في عملية التفاوض، فالسّمة الأساسية في سيرة هذا الكيان السياسي منذ نشأته هي: التراجع، رغم الصلف الأجوف الذي فقد كل مبررات وجوده، فمن رفض مبدأ الحل السياسي إلى القبول به، ومن بدعة «الممثل الشرعي والوحيد» للشعب السوري، إلى صيغة الممثل الشرعي فقط، ومن عدم الاعتراف بمنصتي موسكو والقاهرة، إلى الامتثال للأمر الواقع والتفاوض مع المنصتين، ومن رفض مسار أستانا إلى التسليم به، كخيار مواز ومكمل لمسار جنيف، ومن رفض بحث السلال بالتوازي والتزامن، إلى قبول ذلك، كلها وقائع متتالية تؤكد أن هذا التراجع، بات خياراً إجبارياً ووحيداً لهذا الكائن، الذي يعتبر بأغلبيته كائناً طارئاً ومُصنّعاً ومفروضاً على الشعب السوري.
أول ما يكشف عنه مسلسل التراجع آنف الذكر، وخصوصاً بعد انحسار قوى الإرهاب وتحديداً داعش والنصرة، والنجاح اللافت لمناطق خفض التصعيد، هو: خطأ الخيارات السياسية التي اعتمدها الائتلاف، وخصوصاً الاعتماد على القوى الخارجية، الإقليمية والدولية، ويكشف أيضاً عن هزيمة قوى التشدد من كل شاكلة ولون، أمام قوى الحل السياسي، التي تعزز مواقعها باستمرار وتتقدم خياراتها السياسية، رغم الألغام والمحاولات كلها التي تُبذل لمنع هذا الحل أو الالتفاف عليه، من متشددي الطرفين، فالتراجع المستمر لما يسمى «الائتلاف» يساهم موضوعياً في إزالة ذرائع متشددي النظام.
يعتبر التهافت السعودي أمام موسكو، والزيارة التي يقوم بها سلمان بن عبد العزيز صفعة جديدة على وجه قوى التشدد في الائتلاف، فمن المعروف أن السعودية كانت من الرعاة الأساسيين لهذه القوى، وها هي تستبدل مواقفها السابقة من روسيا الاتحادية بخياراتها المعروفة، وسياساتها في المنطقة، وتقبل بالأمر الواقع الذي يفرضه ميزان القوى الدولي الجديد، بعد أن بات الراعي الأساس للحل السياسي، أي الطرف الروسي في موقع يمكنه من التأثير على مواقف معسكر التشدد كله.
إن الانفتاح السعودي على موسكو، بالإضافة إلى دلالاته فيما يتعلق بالتوازن الدولي بشكل عام، فإنه بالنسبة للأزمة السورية يعني: أن تسجيل قوى التشدد في سجل الأيتام، بات أمراً ملموساً، فلا حول لها ولا قوة، أمام زخم العملية السياسية، وإن القوى الوطنية السورية، قوى الحل السياسي التوافقي في كل مواقعها وباصطفافاتها المختلفة، قوى التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل، باتت في مكان يؤهلها لتحقيق المزيد من التقدم والانتصار في المعركة القاسية التي تخوضها، وإزالة ما تبقى من العراقيل عن طريق الحل السياسي، ومنها: مسألة تشكيل الوفد الواحد، وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، كما هي، ودون تفسيرات بائسة، من هنا أو هناك.