جميل لـ : Arta.fm نحن ضد  التدخل الخارجي، ومع تغيير النظام.

جميل لـ : Arta.fm نحن ضد التدخل الخارجي، ومع تغيير النظام.

أجرت اذاعة «ارتا اف ام» حواراً إذاعياً مع الدكتور قدري جميل رئيس وفد الديمقراطيين العلمانيين عن منصة موسكو، تحدث من خلاله عن موقف الوفد، حول العديد من القضايا، والملفات الجارية المتعلقة بمؤتمر جنيف، وتحدث د. جميل في بداية الحوار قائلاً:

 نحن وفد الديمقراطيين العلمانيين، نمثل منصة موسكو وأستانا، دعينا منذ الجولة الأولى، ومنذ اللحظة الأولى كمفاوضين، رغم إنكار بعض أجهزة الإعلام، وبعض الأصدقاء  في المعارضات الأخرى لصفتنا. اليوم، أعتقد أصبح واضحاً أننا وفد مفاوض، دي ميستورا يجلس معنا كما يجلس مع الآخرين، ونعقد مؤتمرات صحفية بعد الجلسات مع دي ميستورا كالآخرين. لذلك فإن الحقيقة شقت طريقها. من الممكن أن لا تقول الحقيقة للناس، ولكن لا يمكن ألا تقولها طويلاً، لأن الحقيقة تشق طريقها، الطبيعي أن نكون وفداً مفاوضاً، ومن الطبيعي أن تكون المعارضة السورية تعددية، لأنها طوال عمرها كانت تعددية، وهي ستبقى تعددية، ويشرفنا أن تكون المعارضة السورية تعددية، لأن الذي يتكلم عن الديمقراطية، يجب أن يحافظ على التعددية، لأنها هي ضمان التقدم في المستقبل نحو سورية الديمقراطية. لذلك المعارضة السورية بشكلها الحالي هي تعكس شكل سورية القادم، من هنا فإن أية محاولة للاستخفاف، أو الإساءة لهذا الشكل من المعارضات، هو أمر لا يوحي بالثقة باللذين يقومون بذلك، وهذا يضع سؤال على مدى استعداداتهم كي يكونوا ديمقراطيين حقاً. إن الذي يحاول احتكار تمثيل المعارضة، عملياً يصاب بمرض النظام نفسه، مرض الحزب القائد، وهذه مشكلة، هذا النظام على مدى سنوات خلق معارضة أحياناً مصابة بأمراضه. يجب تجاوز هذا الموضوع،  والتعاون مع الآخرين بشكل ديمقراطي. وأخيراً، لا أنا، ولا أنت، سنقرر ما هو وزن كل طرف، الشعب السوري هو من سيقرر، ولذلك نريد انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية، حينها سنعرف ما هو وزن كل طرف.

ما هو التغيير الذي تريدونه في سورية؟

نحن بالأساس، وقبل الأحداث، كنا نقول بالتغيير الديمقراطي الجذري الشامل، السياسي، الاقتصادي الاجتماعي، السلمي التدريجي. هذا ما كنا نقوله دائماً، وما زلنا نقوله ولم نتخل عنه، وسنبقى مستمرين بهذا الاتجاه، ولو انحرفت الأمور مؤقتاً هنا أو هناك، نحن لا نريد تغيير رموز برموز، نريد تغيير المنظومة، نريد حكم للشعب وثروة للشعب.

ماذا عن الرئيس بشار الأسد؟

فيما يخص هذا الموضوع، سيتقرر عندما نقوم بالتغييرات الدستورية، وعندما نخلق الظروف التي تسمح للشعب بأن يقرر هو نظامه السياسي، وحكامه، وأن يقرر مصيره. لا أنا أقرر هذا، ولا حتى الروس يقررون، ولا الأمريكيون. السوريون يجب أن يقرروا.

ماذا عن مطالب الكرد بالفيدرالية في سورية؟

رأي حزب الإرادة الشعبية، ورأي جبهة التغيير والتحرير، إن الفيدرالية كبيرة على سورية. المطلوب في سورية هو نظام إدارة ذاتية، واسع الصلاحيات. مشكلتنا في سورية، أن النظام كان مركزياً جداً ومتخماً بالصلاحيات، وخنق المناطق، أعطيك مثالاً: الحسكة أغنى محافظة في سورية من حيث الموارد، وهي أفقر محافظة في سورية من حيث الدخل..! ما سبب هذا التناقض الكبير؟ ومثلها الكثير من المحافظات الأخرى، غنية وفقيرة في آن واحد، غنية بالموارد وفقيرة بالدخل من ناحية أخرى، هذه المحافظات كان يطلق عليها تعبير مناطق نائية. أنا أفهم أن القامشلي نائية عن دمشق 700كم، ولكن درعا كيف تكون نائية  ولا تبعد عن دمشق أكثر من 150؟ النائية، كانت تخفيف لكلمة فقيرة.. مناطق فقيرة؟ ما سبب فقرها؟ كل مواردها تذهب لخزينة الدولة. في خزينة الدولة هناك مصاريف كبرى، وأهمها تذهب إلى جيوب الحرامية، لا يعود منها إلى المحافظة إلا الجزء اليسير، وبالتالي، جرى عملياً كبح تطور المناطق، خارج المحافظات الرئيسية كدمشق وحلبً. جرى كبح تطورها خلال عشرات السنين، خدماتها سيئة، والواقع الإنتاجي فيها سيء.. سأعطيك مثالاً حول الحسكة: هي المنتج الأول للقمح في سورية، ولكن لا يوجد لديها طحين! بل كانت تستورده من شرق حلب. دخلنا في الأزمة، وتوقفت المطاحن في شرق حلب، ولم يعد يصل الطحين إلى الحسكة..

..الآن أصبح هناك مطاحن في الحسكة؟

نعم، ولكن .. ما أقصده هو أن هذه الوضع استمر لعشرات السنين، أي إذا حسبت فقط أجرة نقل القمح إلى حلب من أجل طحنه، وإعادة الطحين إلى الجزيرة  ستجد أن هذه التكلفة توازي سعر 10 مطاحن، كان من الممكن أن تبنى في الجزيرة خلال 20-30 سنة الماضية. هناك شيء غير منطقي، هذا ما أقصده. السلطة المركزية المتخمة بالصلاحيات، كبحت تطور المناطق، من هنا أقول، نريد لا مركزية إدارية واسعة جداً، تسمح بالتطور الذاتي الاقتصادي الاجتماعي الثقافي، وخصوصاً التعليم حسب الحاجات الحقيقية للمنطقة المعنية، ولكن بالمقابل الدولة حتى تبقى، يجب أن يكون هنالك مركز. أي لو أراد الإقليم أو المنطقة أن تأخذ الصلاحيات كلها، لن يكون هنالك دولة واحدة. نحن نتكلم عن صلاحيات إدارية واسعة، ضمن دولة واحدة. ولكي تكون صلاحيات ضمن دولة واحدة يجب أن يكون هنالك مركز، هذا المركز يجب أن يتمتع بصلاحيات قوية،  ولكن الصلاحيات القوية إذا بولغ بها كما جرى في السابق، عملياً سيلحق أضراراً بالمناطق، وبالمركز نفسه، لأن الناس ستثور عليه نتيجة التوتر والقمع. 

لماذا هناك توجه للمعارضة باتهام الكرد بالانفصاليين؟ كيف يجب إنهاء هذه الظاهرة؟

هناك متطرفين ومتشددين بين العرب والأكراد. هناك عرب لا يعترفون بوجود الأكراد، وهناك أكراد لا يرون حلاً للقضية الكردية سوى بالانفصال. وأعتقد أن الحقيقة تكمن في مكان آخر بعيدا عن هذين الموقفين المتشددين. الأكراد في سورية هم جزء من الشعب السوري، قاتلوا الاستعمار الفرنسي منذ اللحظات الأولى، وقد لعبوا دوراً كبيراً في التاريخ السوري، ويشهد الجميع على ذلك، ولهم دور هام في تطور سورية. والحسكة التي يوجد فيها أكبر نسبة من الأكراد، تنتج أهم موارد سورية، وهي النفط والقمح والقطن، موارد سورية الأساسية تأتي من هناك، لذلك لهم الحق على الأقل في حصة تساوي سكان المحافظة لنسبة سكان سورية. وسكان الحسكة يمثلون 15% من سكان سورية تقريباً، ولكنها لا تحصل على 2% مما ينتج..! يجب أن تحصل على 15%، وألا تذهب هذه النسبة لجيوب الفاسدين، بل لتنمية المنطقة ورفع مستوى الشعب في هذه المنطقة، وهذا من حقهم. هذه القضايا وغيرها، يجب أن تبحث مع بحث الدستور في المرحلة الانتقالية.

هنا في جنيف وفدكم ووفد القاهرة والرياض موجودون، ولكن هناك طرف أساسي في الوفد، وهو حزب الاتحاد الديمقراطي أو حتى ممثلي الإدارة الذاتية، أيضا غير موجودين، فمن يمنع وجود الأكراد في جنيف؟

لأول مرة أقولها بشكل صريح وواضح، من يمنع وجودهم هم الأمريكيون، وأنا مضطر لأن أقول هذا الكلام، وأتجاوز الكلام الدبلوماسي، الأمريكيون كانوا يقولون بأنهم يسعون لحضور الأكراد، وأنا برأيي أن الأمريكيين هم من يعيقون حضور الأكراد لأنهم يريدون دفعهم بعيداً خارج سورية، وهم يعملون بسياسة "فوق الطاولة" و"تحت الطاولة" المضرة جداً. والأمريكيون يحاولون إبعاد الأكراد، علماً بأنpyd  هو قوة هامة بين الأكراد كما هو معروف، ولكن الأمريكيين يهدفون إلى خلق جو ومناخ بين الأكراد بأنه (لن نحصل على شيء، والكل متفقون علينا). الروس مصممون ونحن مصرون، وأكثر أطراف المعارضة مصرة، وحتى النظام موافق على حضور الأكراد بين وفود المعارضة، فمن الذي يعيق حضورهم؟؟ معارضة حضورهم، أتت شكلياً من الأتراك، فعلياً الروس والأمريكيون هم أصحاب القرار، والأمريكيون هم من استخدم الفيتو، فالأتراك ليس لديهم حق الفيتو، وعندما يقرر الأمريكيون بوجوب حضور الأكراد فإنهم سيحضرون، ولكنهم لم يوافقوا بعد على حضورهم. ولا توجد هناك مؤشرات تشير إلى نية الأمريكيين بالموافقة على حضور الأكراد. وهذا ما يعزز الشك أكثر في النوايا الأميركية غير السليمة اتجاه سورية، واتجاه المنطقة واتجاه الأكراد. ولذلك أنا مضطر لأن أقول هذا الكلام حتى أنبه إلى النوايا الحقيقية. وإن كان الأمريكيون فعلا مع حقوق الأكراد، إذا فليأتوا بهم إلى جنيف.

و لكن الامريكيين مازالوا يدعمون القوات الكردية عسكريا؟ 

..وهذه هي السياسة المنافقة تماماً، فمن جهة تدعمهم قليلاً(بالقطارة) عسكرياً- إذا كانوا يدعمونهم فعلاً- وعملياً تستخدم الفيتو ضد حضورهم في جنيف. لا أحد يصدق أن الأتراك يستطيعون منع الأكراد. لا يستطيع الأتراك فعل ذلك، ولا يوجد لهم صوت مقرر في جنيف، بل الصوت الذي يقرر في جنيف هم الروس والأمريكيون، وتعكسه الأمم المتحدة. والأمريكيون إلى اليوم يماطلون ويؤجلون التدخل الفعلي من أجل حضور الأكراد، إلى أن يصل الاكراد إلى مستوى عال جداً من الاستياء، ليقول الاكراد: (ألا تريدوننا أن نبحث مستقبل سورية؟ إذا لن نبقى في سورية) هذا هو المقصود من السلوك الأمريكي. 

 بعض من السوريين لا يعلمون أين يضعون وفد منصة موسكو هل هم قريبون من وفد النظام أم معارض للنظام، فما تعليقكم أنتم على ذلك؟

مع الأسف الشديد منذ غزو العراق أصبح المقياس للمعارضة في الإعلام الغربي، والموالي له من العربي، هو من يصفق للتدخل الخارجي. مع الأسف قوى المعارضة تاريخياً في العراق وليبيا صفقت للتدخل الخارجي، وأصبح المقياس، كلما أيدت استدعاء التدخل الخارجي كنت معارضا أكثر. ونحن في سورية تجاوزنا ذلك، ورأينا أن هناك طريقاً آخر، نعم نحن ضد النظام ومع تغييره جذرياً، ولكننا ضد التدخل الخارجي أيضاً. والشعب السوري هو من يغير، بعيداً عن التدخل الخارجي، وليس الأمريكيين، ولا الناتو أيضاً. هذا هو موقفنا وقد أحدث التباساً عند الذين يريدون التدخل الخارجي، وقالوا: «أنتم ضد التدخل الخارجي، يعني أنكم مع النظام»! قلنا لا، بل نحن نريد إبقاء البلد، لكي نغير النظام، لأنه إذا تم تدمير البلد، لا يبقى موضوع للخلاف، لأنه لن يبقى هناك بلد، والنظام سُرَّ بوقوفنا ضد التدخل الخارجي، وذلك لمصلحته، لأن النظام هو من يحكم هذه الدولة، ولكن لا تعجبه أبدا مطالبنا بالتغيير الديمقراطي الجذري الشامل، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، وخاصة أن رماح هجومنا السياسي موجه ضد اللصوص الكبار، والذي لديهم كلمة نافذة في النظام السياسي القائم، وهذا خلق التباساً. ومن قال لك بأن النظام «مبسوط» منا كثيرا؟.. النظام ليس بمقدوره أن يضايقنا، لأنه لا غبار على موقفنا الوطني نهائياً، وبقيت المعارضة الخارجية المدعومة من الخارج تصر على تسميتنا بأننا مع النظام، لأننا ضد اسقاطه بواسطة الطائرات الغربية. هذا كل ما في الأمر. نحن موقفنا من نوع جديد بالمقارنة مع الأزمات السابقة، التي حدثت مع ليبيا ويوغسلافيا والعراق. موقفنا هو ضد التدخل الخارجي، ولكن السوريين هم من يغيرون النظام، التغيير الديمقراطي الجذري الشامل. وهذا الموقف قد بدأ بشق طريقه، وعملياً منعنا التدخل الخارجي، وما زلنا نتقدم بصعوبة، لأنها التجربة الأولى، في التغيير الديمقراطي الجذري الشامل وما يجري في جنيف اليوم هو دليل على ذلك، لأن الجولة الثالثة بدأت تبحث بكل المفردات والمصطلحات المتعلقة بالانتقال السياسي.

 

آخر تعديل على الأحد, 17 نيسان/أبريل 2016 22:40