نحو العدالة الخضراء: «الكتاب الأبيض» للصين 2021
نشر مجلس الدولة في جمهورية الصين الشعبية في شهر تشرين الأول/ أوكتوبر الماضي وثيقة جديدة مهمّة باسم «الكتاب الأبيض لسياسات وإجراءات الصين استجابةً لتغيّر المناخ» والذي سلّط الضوء بالبيانات والأرقام على أهم إنجازات الصين في مكافحة تلوث البيئة والتغير المناخي، وتظهر كيف أن الصين هي عملياً البلد الوحيد في العالم الذي يحرز نجاحات في تحقيق هدفين معاً: التنمية الاقتصادية بطريقة متزايدة تدريجياً في مدى صداقتها للبيئة، وتحسين توزيع الثروة في المجتمع لصالح انتشال الملايين من الفقر. فيما يلي مختارات لأبرز ما ورد في الوثيقة المذكورة التي تقع في 35 صفحة.
ترجمة وإعداد: قاسيون
صاغت الصين مبادئ جديدة بشأن معالجة تغير المناخ وتساهم بحلولها في إدارة المناخ العالمي. ولطالما قدّر الشعب الصيني فكرة أن البشر جزء لا يتجزأ من الطبيعة ويجب أن يتبعوا قوانين الطبيعة. كشفت الحضارة الصناعية، التي خلقت ثروة مادية هائلة، أيضاً عن توترات متزايدة في العلاقة بين الإنسان والطبيعة. لقد أدت جائحة كوفيد-19 المتواصلة إلى الآن، إلى مزيد من التفكير العميق في تلك العلاقة. لقد غذّتنا الطبيعة الأم، وعلينا أن نعاملها كأصل لنا، ونحترمها، ونحميها، ونتبع قوانينها. في المناقشة العامة للدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 أيلول 2020، أعلن الرئيس شي جين بينغ أن الصين ستزيد من مساهمتها المحددة على المستوى الوطني من خلال تبني سياسات وتدابير أكثر صرامة، وتسعى جاهدة للوصول إلى ذروة انبعاثات CO2 قبل 2030، وتحقيق الحياد الكربوني قبل 2060.
اقتصاد مُخطط وأخضر
سوف يستغرق الأمر ما يقرب من 30 عاماً من الجهود المضنية لتحقيق الحياد الكربوني وأكبر انخفاض في انبعاثات CO2 لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي (وهو المؤشر المعروف باسم «كثافة الكربون»). بدءاً من الخطة الخمسية الثانية عشرة (2011– 2015) أدرجت الصين خفض كثافة الكربون في الخطوط العريضة لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية كأهداف ملزمة. وحددت الخطة الخمسية الرابعة عشرة (2021–2025) للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية والأهداف بعيدة المدى خلال 2035، هدفاً ملزماً لخفض كثافة الكربون بنسبة 18% في الفترة بين 2020 إلى 2025. وبنهاية 2019، حققت الصين هدفها للعمل المناخي لعام 2020 قبل الموعد المحدد. وفي 2020، أعلنت الصين عن أهداف وإجراءات جديدة للمساهمات المحددة وطنياً، تهدف إلى: ذروة انبعاثات CO2 قبل 2030 وتحقيق الحياد الكربوني قبل 2060. خفض كثافة الكربون بنسبة تزيد عن 65% بحلول 2030 عن مستوى 2005 وزيادة حصة الوقود غير الأحفوري في استهلاك الطاقة الأولية إلى حوالي 25% بحلول 2030 وزيادة حجم مخزون الحراج والغابات بمقدار 6 مليارات متر مكعب بحلول 2030 عن مستوى 2005. رفع إجمالي قدرتها المركبة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية إلى أكثر من 1,2 مليار كيلوواط بحلول 2030. وتم أيضاً تحسين وتعديل مزيج الطاقة ضمن إستراتيجية: إعطاء الأولوية لتطوير الوقود غير الأحفوري، وتعزيز التنمية الخضراء للطاقة الكهرومائية، والتقدم الشامل والمنسق في تطوير طاقة الرياح والطاقة الشمسية، والسعي إلى التطوير المنظم للطاقة النووية في ظل شروط آمنة، وتطوير طاقة الكتلة الحيوية، والطاقة الحرارية الأرضية، والطاقة البحرية بناءً على الظروف المحلية، مما يزيد بشكل شامل من معدل استخدام الطاقة المتجددة.
المؤسسات العامة والحزبية تقدم نموذجاً
تم الطلب من المؤسسات العامة أن تلعب دوراً نموذجياً في الحفاظ على الطاقة وتعزيز كفاءة الطاقة. تحوّل ما يقرب من 35% من مكاتب الحزب والحكومة على مستوى المحافظة وما فوق، وجميع الإدارات المركزية للحزب الشيوعي الصيني والدوائر الحكومية إلى مسار توفير الطاقة. إجمالاً، أصبحت 5114 مؤسسة عامة وحدات تجريبية للحفاظ على الطاقة. وأطلقت مشاريع تجريبية منخفضة الكربون في 10 وحدات على مستوى المقاطعات و77 مدينة. وانخفضت كثافة الكربون في هذه المناطق التجريبية أسرع من المتوسط الوطني. تم تعديل مزيج النقل عن طريق زيادة نسبة النقل بالسكك الحديدية والمياه للبضائع السائبة وخفض نسبة النقل على الطرق السريعة. كما وتوسعت كهربة السكك الحديدية. عرضت الدولة إعانات للتعامل مع مركب الكربون الهيدروفلوري منذ 2014. واعتباراً من 2019، تم دفع إعانات بقيمة 1,4 مليار يوان صيني، مما أدى إلى خفض 65300 طن من مركب «الكربون الهيدروفلوري 23»، أي ما يعادل 966 مليون طن من CO2. ووافقت الصين على «تعديل كيغالي لبروتوكول مونتريال» بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون.
تحققت أهداف بنسبة أكثر من 100%!
اتخذت البلاد خطوات قوية لبناء صين جميلة. ولم يتم فقط التحقيق الكامل بل وتجاوز جميع الأهداف البيئية الملزمة المحددة في الخطة الخمسية الثالثة عشرة. ومن نتائج 2020: كانت نسبة الأيام ذات جودة الهواء «الممتازة» في المدن على مستوى المحافظات وما فوقها 87% (كان الهدف 84,5%). تم تخفيض متوسط تركيز «الجسيمات الدقيقة» الملوثة للهواء الضارة بالصحة (المصطلح على تسميتها PM 2.5) في المدن على مستوى المحافظات بنسبة 28,8% عن مستوى 2015 (وكان الهدف 18%). ارتفعت النسبة المجمعة لأقسام المياه التي تسيطر عليها الدولة مع المياه السطحية عالية الجودة إلى 83,4% (كان الهدف 70%). انخفضت نسبة أقسام المياه ذات النوعية الرديئة من المياه السطحية تحت الدرجة الخامسة إلى 0,6% فقط (في حين كان الهدف تخفيضها إلى 5%). استمر انخفاض ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين والطلب الكيميائي على الأكسجين وانبعاثات نيتروجين الأمونيا وانبعاثات CO2 لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بعد أن أكملت الصين الخطة الخمسية 13 قبل الموعد المحدد في 2019.
زيادة مساهمة الطاقة غير الأحفورية
تظهر الحسابات الأولية أنه في 2020، ساهمت الطاقة غير الأحفورية بنسبة 15,9% من إجمالي استهلاك الطاقة في الصين، بزيادة كبيرة قدرها 8,5 نقطة مئوية مقارنة بعام 2005. وبلغ إجمالي القدرة المركبة لتوليد الطاقة غير الأحفورية في الصين 980 مليون كيلوواط، وهو ما يمثل 44,7% من إجمالي السعة المركبة. ضمن هذا الرقم، تمثل الرياح 280 مليون كيلوواط، الكهروضوئية 250 مليون كيلوواط، المائية 370 مليون كيلوواط، الكتلة الحيوية 29,52 مليون كيلوواط، والطاقة النووية 49,89 مليون كيلوواط. زادت الطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح بمعاملات من رتبة 3000 و200 على التوالي. وبلغت الكهرباء المولدة من الطاقة غير الأحفورية 2.6 تريليون كيلو واط/ساعة، وهو ما يمثل أكثر من ثلث استهلاك الدولة للطاقة. تشير التقديرات إلى أنه في الفترة من 2015 إلى 2020، انخفضت انبعاثات CO2 لكل وحدة ذات قيمة مضافة للصناعات الصينية بنحو 22 بالمئة.
تظهر الحسابات الأولية تخفيضاً لاستهلاك الصين للطاقة بشكل عام من 2011 إلى 2020 بما يصل إلى 28,7%، وهو من أسرع المعدلات في العالم. خلال فترة الخطة الخمسية الثالثة عشرة (2016–2020)، غذت الصين متوسط نمو اقتصادي سنوي بلغ 5,7% بمتوسط نمو سنوي في استهلاك الطاقة بنسبة 2,8%. وانخفضت نسبة الفحم في إجمالي استهلاكها للطاقة من 72,4% عام 2005 إلى 56,8% عام 2020.
نهج يركز على الشعب ومكافحة الفقر
تضع الصين الأشخاص والحياة في المقام الأول، وتعتز بحياة كل فرد وقيمته وكرامته، وخلق فرص العمل والقضاء على الفقر وحماية البيئة وتحقيق العدالة الاجتماعية. نفذت الصين مشروعاً لتخفيف حدة الفقر من خلال التنمية والاستخدام الرشيد لموارد الطاقة في المناطق الفقيرة، مما يعزز بشكل فعال قدرتها على التنمية الاقتصادية. قامت الصين ببناء ما مجموعه أكثر من 26 مليون كيلوواط من محطات الطاقة الكهروضوئية للتخفيف من حدة الفقر، وآلاف من «بنوك الشمس المشرقة» في المناطق الريفية الفقيرة، استفاد منها حوالي 6 ألف قرية فقيرة و4,15 مليون أسرة فقيرة. يساعد هذا النموذج المبتكر للتنمية المتكاملة للطاقة الكهروضوئية والزراعة في كسب المعركة ضد الفقر.
طريق الحرير الأخضر
2021، أطلقت عام 2021 الصين و28 دولة أخرى مبادرة شراكة الحزام والطريق بشأن التنمية الخضراء، داعية إلى أنه يمكن معالجة تغير المناخ من خلال إجراءات تسترشد بمبادئ الإنصاف والمسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة والقدرات الخاصة، مع مراعاة الظروف الوطنية المختلفة. تعمل الصين مع الدول ذات الصلة لتنفيذ مبادرة الحزام والطريق للتعاون فيما بين بلدان الجنوب بشأن تغير المناخ، وإنشاء شراكة الطاقة الخاصة بالحزام والطريق، وتسهيل الإجراءات المتعلقة بالحفاظ على البيئة وتغير المناخ.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1045