عواقب انقطاعات الكهرباء الطويلة اجتماعياً ونفسياً وصحياً
روجرز وروبينا روجرز وروبينا

عواقب انقطاعات الكهرباء الطويلة اجتماعياً ونفسياً وصحياً

نشرت «المجلة الدولية للحد من مخاطر الكوارث» عام 2019 دراسة لباحثين من قسم الطب النفسي في جامعة كينغ لندن، بعنوان «الاستجابات السلوكية والنفسية للناس خلال الانقطاعات الكبيرة للتيار الكهربائي». فيما يلي أبرز ما جاء فيها من تأثيرات على النواحي النفسية والاجتماعية والصحية.

ترجمة وإعداد: قاسيون

اعتمدت دراسة الباحثين المشار إليها على طريقة «مراجعة الأدبيات» السابقة المنشورة حول الموضوع، حيث جمعوا عدداً كبيراً من الدراسات السابقة عن تأثيرات انقطاع التيار الكهربائي، وخاصة لفترات طويلة على المجتمعات من عدة نواحي.
فحددت إحدى الدراسات العديد من الآثار المحتملة، تراوحت بين تلك التي تشكل تهديداً مباشراً للصحة، مثل: زيادة حوادث المرور، وصعوبة توزيع الأدوية، وفقدان السجلات الطبية، ونقص المياه، وفساد الأطعمة، والاضطراب العام) إلى التأثيرات غير المباشرة (مثل: فقدان الموارد المالية). الخدمات، وانخفاض ساعات العمل، وتعطيل النقل، وفقدان الاتصالات، والتحديات التشغيلية للوكالات الحكومية (على سبيل المثال: انخفاض قدرة الموظفين على الحضور إلى العمل، وفقدان الاتصال بين الوكالات، والصعوبات في شراء الإمدادات الأساسية).
من الواضح، أن كيفية استجابة الجمهور لأي حادث كبير تقريباً يلعب دوراً رئيسياً في تحديد آثاره الصحية والاقتصادية والاجتماعية الشاملة. في هذه الورقة، قمنا بمراجعة الأدبيات من أجل إنشاء صورة قائمة على الأدلة لكيفية استجابة الجمهور لفشل كبير، أو تهديد بفشل الطاقة الكهربائية، من حيث حالتهم السلوكية أو العاطفية. كانت الأسئلة العامة التي سعينا إلى معالجتها هي: 1) ما هي طبيعة ردود الفعل العامة على انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع؟ 2) هل يتغير نمط ردود الفعل بمرور الوقت؟ 3) كيف تتغير ردود الفعل بمجرد استعادة الطاقة؟ 4) ما هو تأثير تدخلات أو اتصالات محددة من الوكالات الحكومية، أو الجهات الفاعلة الأخرى (مثل: شركات الطاقة) على ردود الفعل العامة؟ تم إجراء عمليات البحث في تموز 2018. بحثنا في قواعد البيانات عن الأوراق ذات الصلة.


التغييرات في الروتين اليومي

يمكن تلخيص نتائج بعض الدراسات فيما يتعلق بالاستعداد، والتغيرات في الروتين اليومي، والإخلاء، والبحث عن المعلومات، والسلوك والإجرام، والتأثير العاطفي، والفئات المعرضة للخطر. إن أحد الدوافع السلوكية الأساسية أثناء انقطاع التيار الكهربائي في الشتاء هو الحاجة إلى الحفاظ على الدفء، مع تعديلات كارتداء المزيد من الملابس، وتدفئة غرفة واحدة أو غرفتين فقط، واستخدام مواقد الطهي بغرض التدفئة (في حال عدم وجود أزمة غاز مرافقة). سبع دراسات تظهر زيادة في التسمم بأول أكسيد الكربون عندما يستخدم الناس المولدات، أو معدات التخييم من أجل توفير الحرارة أو الطاقة، بسبب استخدام الناس للمولدات، أو معدات الطهي التي تحرق الوقود داخل منازلهم.
الدافع الرئيسي الآخر للسلوك، هو المتعلق بالغذاء والماء، حيث انعكست ممارسات سلامة الغذاء السيئة، وفقدان التبريد في زيادة عدد المكالمات إلى الخدمات الطبية المتعلقة بالتسمم الغذائي، والتي لوحظ أنها استمرت لعدة أسابيع بعد استعادة الطاقة. لاحظت إحدى الدراسات أيضاً زيادة العروض التقديمية لأقسام الطوارئ للإسهال، والتغيب بسبب أمراض الجهاز الهضمي وشراء أدوية الإسهال، أثناء وبعد انقطاع التيار الكهربائي.
السلوك الرئيسي الثالث: هو الحاجة إلى الحفاظ على الاتصال مع الآخرين.
وصف المشاركون بالدراسات مشكلات بشحن هواتفهم في العمل، ومبادلة بطاقات «سيم» بين الهواتف للحفاظ على اتصالهم. في دراسات أخرى، وصف المشاركون فقدان الاتصال الهاتفي بأنه «مخيف».
هناك مجموعة من التغييرات السلوكية الإضافية الواضحة أيضاً، بعضها يتعلق بأوقات النوم المبكرة، أو سحب البنزين من السيارات لاستخدامه في المولدات، أو في أي مكان آخر، مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة عدد الوفيات والإصابات.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى تغيير سلوكي إضافي ومثار جدل بين الدراسات، حيث تبين إحدى الدراسات أنه بعد تسعة أشهر من فقدان الطاقة الرئيسي في زنجبار في عام 2008 لوحظت زيادة في معدل المواليد. لكن دراسة أخرى لم تلاحظ هذا التأثير بين سكان نيويورك بعد انقطاع التيار الكهربائي عام 1965.


التأثير العاطفي

من غير المرجح أن تظهر آثار عاطفية إيجابية عندما لا يكون معروفاً للناس المدة المحتملة لانقطاع التيار الكهربائي، أو عند عدم القدرة على الاطمئنان فيما إذا كان الأصدقاء والعائلة بأمان، أو عند تحمل مسؤولية الأطفال المعرضين للخطر، أو كبار السن، أو حتى رعاية المواشي والدواجن في الظروف التي تؤثر الكهرباء فيها على هذا النشاط الاقتصادي. وبينما لوحظت بعض التأثيرات الإيجابية في الأيام القليلة الأولى من الدخول بفترة انقطاعات الكهرباء (على المدى القصير، في حال زيادة الهدوء، وضوء الشموع، والمزيد من التفاعل الأسري) لكن ذلك مع مرور الوقت، قد تتلاشى هذه التأثيرات. إحدى التحليلات لأزمة الوقود في بريطانيا عام 1947، أشارت إلى أن القيود المفروضة على الأنشطة الترفيهية والتقشف بالطاقة كانت موضوع تقارير سلبية في وسائل الإعلام وساهمت في إضعاف الروح المعنوية العامة، وزيادة الغضب ضد الحكومة.
تأثيرات عقلية
هناك احتمال أن يؤدي فقدان الطاقة إلى تفاقم المرض العقلي أو تحفيزه. ارتبط انقطاع التيار الكهربائي في أعقاب إعصار ساندي (الولايات المتحدة الأمريكية) بزيادة عدد الأشخاص الذين أسعفوا إلى أقسام الطوارئ المحلية لأسباب تتعلق بالصحة العقلية بعد يومين إلى ثلاثة أيام. في أعقاب إعصار «آيك» ارتبط فقدان الخدمات بما فيها الكهرباء بزيادة احتمالية الإصابة بـ«اضطراب ما بعد الصدمة» والقلق والاكتئاب.


عواقب على المسنّين والمرضى

في أعقاب إعصار ساندي، على الرغم من أن أحد المراكز الطبية التي تخدم مانهاتن السفلى سجل انخفاضاً بنسبة 11% في عدد المرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاماً في قسم الطوارئ، إلّا أنه كانت هناك بالمقابل زيادة بنسبة 48% بحالات إسعاف المسنين الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و79 عاماً، وزيادة بنسبة 114% لمن تبلغ أعمارهم 80 عاماً أو أكثر.
المرضى الذين يعتمدون على المعدات الطبية الكهربائية في المنزل هم مجموعة أخرى معرضة للخطر أثناء انقطاع التيار الكهربائي. على سبيل المثال: حدد تحليل بيانات التأمين الصحي زيادة في مرضى غسيل الكلى الذين لجأوا إلى الإسعاف بعد إعصار ساندي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1044
آخر تعديل على الخميس, 18 تشرين2/نوفمبر 2021 15:08