الناتو وأزمة أوكرانيا: سفينة غارقة يريد الجميع مغادرتها
مع كلّ يوم جديد نسمع جعجعة وضجيجاً حول الأزمة في أوكرانيا، ومعظمه يأتي من واشنطن. ومع إعلان روسيا عن سحب جزء من قواتها من على الحدود مع أوكرانيا، وعودة التوتر إلى الحدود بعد ذلك، ومضيّ الأمريكيين والبريطانيين بدعاياتهم التصعيدية، ومواقف الأوروبيين المتباينة، تظهر مدى هشاشة موقف الناتو يوماً بعد آخر. بات ضعف الناتو وعدم قدرته حتّى على الظهور قوياً في العلن أمراً لا يمكن إخفاؤه. وحتّى الأوكرانيون يعلنون في كلّ مكان- آخرها على لسان سفيرهم في المملكة المتحدة– عدم رغبتهم بعد اليوم بأن يكونوا جزءاً من الناتو «تفادياً لحرب مع روسيا». يمكن لما قاله سكوت ريتر، رجل المخابرات الأمريكي الذي عمل في الاتحاد السوفييتي من قبل، أن يصوغ مدى ضعف الناتو: «لو كان هدف روسيا تدمير أوكرانيا لتمّ ذلك بأيّ وقت، ولكنّ هدفها تدمير الناتو بعدم فعل شيء سوى إظهار مدى ضعفه».
الناتو الذي تشكّل في الأصل من ١٢ دولة من أجل «إبقاء الروس خارجاً، والأمريكيين داخلاً، والألمان أسفلَ»، كان في الأصل نادياً للدول التي يجمعها شيء مشترك: حماية الديمقراطيات الغربية تحت مظلّة القوة العسكرية الأمريكية. ثمّ وفي وقت مبكر انضمّت تركيا واليونان وإسبانيا والبرتغال، ليصبح الناتو تحالفاً للدول الـ ١٦ المصممة على الوقوف في وجه أيّ توسّع سوفييتي في أوروبا الغربية.
لكنّ الناتو منذ تأسيسه، من وجهة نظر سياسية، كان في حالة من الفوضى. أدّت الحركات القوية المؤيدة للشيوعية في فرنسا وإيطاليا إلى وضع الولايات المتحدة في موقف غير لائق، عندما بدأت تستعمل أجهزة مخابراتها في التلاعب بالشؤون السياسية الداخلية للدول الحليفة، من أجل عدم السماح للشيوعيين بالوصول- بشكل ديمقراطي- إلى السلطة. كانت الفوضى عارمة: نفذت ألمانيا الغربية سياستها الأوروبية بشكل منفصل عن الأمريكيين عندما بدأت تسعى إلى علاقات أفضل بألمانيا الشرقية، الأمر الذي أثار الذعر في الدوائر الأمريكية. أمّا فرنسا التي أهانها هيمنة الولايات المتحدة على هيكل القيادة العسكرية في الناتو، فسحبت قواتها من الخدمة تحت قيادة الناتو لتمنح نفسها مساحة حريّة حركة سياسيّة أكبر. أمّا تركيا واليونان فقد دخلتا في حرب باردة خاصة بهما، ذابت برودتها واشتعلت في ١٩٧٤ على جزيرة قبرص.
رغم ذلك، بقي الصمغ الذي جمع دول التحالف معاً هي المادة ٥ من ميثاق الناتو التي تنصّ على واجب الدفاع الجماعي عن أيّ عضو يتعرّض للهجوم. لم يكن واجب الدفاع الجماعي للدول في الناتو عسكرياً بالضرورة، بل تترك لكل دولة عضو تحديد طبيعة ومدى مساهمتها. لم يكن هناك الكثير من الشكوك في تنفيذ المادة ٥ أثناء الحرب الباردة، مع وجود جيش دائم للناتو في حالة استعداد قتالي في ألمانيا الغربية. وكذلك قوات بحرية وجوية كبيرة في البحر الأبيض المتوسط على أهبة الاستعداد. ارتكزت قوات الناتو بشكل رئيسي على وجود أمريكي هائل يضم عشرات الآلاف من المقاتلين وعشرات آلاف المركبات المدرعة، وآلاف الطائرات المقاتلة، ومئات السفن البحرية. ثمّ بعد ١٩٩١ بدأت كلّ دولة بتنفيذ عمليات إعادة هيكلة على أساس متطلبات سياساتها وليس متطلبات الحلف.
متطلبات الإمبريالية والردع الروسي
في هذه الفترة أيضاً تحوّل الحلف من الصبغة الدفاعية إلى المشاركة في عمليات هجومية، مثل هجومه على الأراضي اليوغسلافية، وحملة القصف ضدّ صربيا، بالرغم من أنّ صربيا لم تهاجم أحداً من أعضاء الناتو. الأمر الذي تلاه استدعاء الولايات المتحدة لقوات الناتو للمشاركة في عملياتها في أفغانستان والعراق وفقاً للمادة ٥. لكن حتّى في ذلك الحين، أبدى عددٌ من أعضاء الناتو الرئيسيين التململ وامتنعوا في البدء عن المشاركة في المغامرات العسكرية التي تلت ٩/١١، وعلى رأسهم ألمانيا وفرنسا.
دفع هذا الأمر وزير الدفاع الأمريكي في ذلك الوقت إلى انتقاد ما سمّاه «أوروبا القديمة» والتركيز على «أوروبا الجديدة». جاء ذلك بعد أن كان الناتو قد بدأ بالتوسّع شرقاً منذ نهاية التسعينيات، ليكمل ذلك نحو ضمّ دول البلطيق، وينقل بذلك الثقل الجيوسياسي للناتو إلى الشرق الأوروبي. لكنّ ذلك عنى وضع الناتو في مسار تصادمي مباشر مع روسيا، الذي اختار معظم أعضاء الناتو تجاهل رأيها في ذلك الوقت. بحلول ٢٠٠٨ أصبح الناتو شيئاً متضخماً لا يمكن رؤيته بأنّه المنظمة التي تمّ تأسيسها في ١٩٤٩ ذاتها، ولم تكن شهيته للتوسّع تعرف حدوداً، فبدأ بعرض العضوية على دولتين سوفييتين سابقتين: جورجيا وأوكرانيا.
لكنّ هذا الشيء المتضخّم الذي يثير الإعجاب على الورق، كان يشوبه خللٌ رئيسيٌّ لا يمكن لأيّ نفخ إعلامي أن يجعله يختفي: إنّه الخلل القاتل المتمثّل بالنقص المطلق في القوّة العسكرية الحقيقية من جانب مكونات الناتو غير الأمريكية. إنّ دول الناتو الرئيسية: كندا وهولندا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا، لم تتمكن من إنجاز حتّى مهامها الرئيسية في ميادين مثل أفغانستان، دون الدعم اللوجستي الأمريكي.
عنى هذا الكثير من الأشياء، لكن على رأسها أنّ الناتو يخدم مصالح الولايات المتحدة فقط، دون إيلاء أيّ اعتبار لمصالح الأوروبيين. أثبت القرار الأمريكي الأحادي بالانسحاب من أفغانستان دون التشاور مع الحلفاء، أنّ دول الناتو الأخرى لا خيار لها سوى تنفيذ ما تقرره الولايات المتحدة. ثمّ جاءت قضيّة جورجيا وأوكرانيا لتثبتا الأمر أكثر. كانت روسيا منذ ٢٠٠١ تصرخ بأنّ توسع الناتو يهدد مصالحها وأمنها القومي، لكنّ دول الناتو، وسادته في الولايات المتحدة، تجاهلوا ذلك لاعتقادهم أنّ روسيا ضعيفة للغاية على الصعيدين العسكري والاقتصادي.
لكن بينما كان الناتو يطارد أشباح ما بعد ١١ أيلول في الشرق الأوسط وأفغانستان بأمر من السادة الأمريكيين، عملت روسيا على إصلاح اقتصادها وجيشها. في عام ٢٠٠٨ كانت روسيا حازمة بالرد على جورجيا بحرب قصيرة ولكن ذات دلالات كبيرة وطويلة الأمد، وفي عام ٢٠١٤ ردّت على الخطط الأمريكية في أوكرانيا بإعلان التحدي الكامل بضمّ شبه جزيرة القرم ودعم القوات الموالية لروسيا في الدونباس.
هناك شيء غاية في الأهمية يجب ملاحظته بشأن الأزمة الحالية في أوكرانيا، ففي حين أنّ القضايا الأساسية هي مجرّد نتيجة ثانوية لتجاوزات الناتو، فتوقيت الأزمة يعتمد على جدول زمني روسي محدد بأهداف روسية، وبقراءة صحيحة للمتغيرات الدولية، وللقدرات الروسية. بالنسبة لروسيا لن تحقق أهدافها في الوقت الحالي باستخدام القوة العسكرية المباشرة، بل بإظهار قدرتها عند اللزوم على استخدام القوة العسكرية، الأمر الذي يجبر الناتو على الرد بطريقة تكشف عجز الناتو الذي فقد سبب وجوده منذ زمن بعيد، وبدأ يتعثّر بمهمّة احتواء روسيا، التي لا يتحد خلفها أعضاء الناتو وليسوا تواقين لتنفيذها.
عبر محاولة عسكرة الأزمة الأوكرانية، كشف الناتو عن العجز المطلق لديه. أولاً وقبل كلّ شيء، بعد أن ألقى بطعم عرض العضوية على أوكرانيا على مدار الأعوام الأربعة والعشرين الماضية، اضطرّ الناتو اليوم للاعتراف بأنّه لن يكون قادراً على الدفاع عن أوكرانيا في حال قيام روسيا بأيّ عمل عسكري مباشر.
وداعاً أيّها الناتو!
ناقش ميديا بينجامين ونيكولاس ديفيس احتمالاً كان كثيرون يتحدثون عنه وعن كون أمريكا ستدفع تجاهه: قيام أوكرانيا بالتصعيد بالبدء بالضربة الأولى بذريعة استرجاع القرم والدفاع عن الدونباس، أو البدء بالتصعيد ولو بشكل أقلّ حدّة. جاء ذلك بشكل خاص مع تحذير المسؤولين في جمهورية القرم وجمهورية الدونتسك منذ أشهر من نوايا أوكرانيا التي تضع أكثر من ١٥٠ ألف مقاتل مجهزين بأسلحة أمريكية جديدة لمهاجمتهما.
بدا هذا السيناريو منطقياً مع الشحنات الضخمة من الأسلحة الأمريكية والغربية التي تصل إلى أوكرانيا بحجّة ردع الغزو الروسي. خاصة أنّ ذلك تزامن مع حملة دعائية نظمتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على مرأى من الجميع، مع «كشوفات» استخبارية طازجة وإعلانات رفيعة المستوى لتحميل المسؤولية بالتصعيد لروسيا، ما ذكرنا بحملات الدعاية لأسلحة الدمار الشامل في العراق.
لكنّ الأوكرانيين الذين علموا أنّه لا أحد سيهبّ لمساعدتهم، كانوا سريعين بإنكار حدوث هذا الأمر، ولو كان بشكل غير مباشر عبر التقليل بشكل علني من جديّة قيام روسيا باجتياح أوكرانيا، الأمر الذي تردد على لسان جميع المسؤولين الأوكرانيين بدءاً من الرئيس زيلينسكي. الروس بدورهم، وهم الذين لديهم حضور استخباري كبير في أوكرانيا بكلّ تأكيد، أقلّ خوفاً من هجوم أوكراني على القرم ودونتيسك، وأكثر تركيزاً على التوسّع الأمريكي ومحاولات التوتير، رغم عدم استبعادهم حدوث ذلك والاضطرار للتحرّك.
سيظهر مثل هذا السيناريو الانقسامات الداخلية في الناتو بشكل أوسع وأكثر حدّة. مع اتخاذ الدول الأعضاء في الناتو مواقف مختلفة من المسألة في أوكرانيا، بدا بأنّ مثل هذا التحرّك قد يصيب الناتو بمقتل. فالأوروبيون غير مستعدين للتضحية بمصالحهم الاقتصادية واستقلالهم، وتوريدات الغاز من روسيا، من أجل خدمة ناتو أمريكي لا يقيم لهم وزناً. وضعت الأحداث الأخيرة في أوكرانيا الاتحاد الأوروبي بين خيار العودة إلى دوره في الحرب الباردة كخطّ مواجهة في حرب نووية محتملة، أو الاستمرار بنهج التعاون السلمي الذي بناه بثبات وبالتدريج منذ ١٩٩٠.
قد تتمكن واشنطن من إلقاء اللوم على الروس كما تشاء إذا ما قررت دفع أوكرانيا لتصعيد الصراع، لكنّ الحكومات الأوروبية ووكالاتها الاستخبارية لن تنصاع بالضرورة لما تمليه واشنطن عليها. المؤسسات والوكالات- وحتّى قادة عسكريون- من ألمانيا وفرنسا كانوا واضحين بإشاراتهم إلى أنّهم لن يتبعوا واشنطن بشكل أعمى هذه المرّة، رغم أنّه لا أحد يمكنه أن يعلم ما سيحدث.
بالنسبة للولايات المتحدة، من الواضح والمستقرّ أنّ هدفها من كامل التصعيد أن تهندس انفصالاً كليّاً بين روسيا والاتحاد الأوروبي، وأن تُخضع أوروبا للولايات المتحدة. يبدو ذلك جلياً عبر عرقلة ألمانيا عن إتمام خطّ السيل الشمالي ٢ المقدّرة قيمته بـ ١١ مليار دولار، وهو الأمر الذي يعني أن تصبح ألمانيا معتمدة كلياً في إمدادات الطاقة على الولايات المتحدة وحلفائها.
نجحت الولايات المتحدة عند خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بأن تفصلها عن دول أوروبا وأن تعزز معها «علاقاتهما الخاصة». رغم عدم تمكننا في الحقيقة أن نعتبر أنّ مثل هذا التحالف سيضيف الكثير للولايات المتحدة، خاصة من الناحية العسكرية، سواء عندما رأينا اضطرار البحرية الملكية للجوء إلى سفن هولندية لحماية حاملة طائراتها في المحيط، أو إذا ما نظرنا إلى تقرير «المؤسسة الملكية المتحدة للخدمات» الذي خلص إلى أنّ القوات البريطانية «سيتمّ التفوق عليها بشكل كلي» في أيّ نزاع مع روسيا في شرق أوروبا. ماذا عن بقيّة أوروبا؟
اليوم، الصين والاتحاد الأوروبي «بقيادة فرنسا وألمانيا» شريكان تجاريان رائدان، وهو الموقع الذي كانت تشغله الولايات المتحدة قبل الصين. إن كان لإستراتيجية الولايات المتحدة أن تنجح، فعليها أن تنصب «ستاراً حديدياً جديداً» يمنع انخراط أوروبا ولعبها دوراً مستقلّاً في النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب.
المشكلة أنّ الأمريكيين يحاولون كما يُقال «إغلاق باب الحظيرة بعد أن هرب الحصان». فالاتحاد الأوروبي ورغم مشكلاته والانقسامات داخله لا يزال قوّة اقتصادية مستقلة، والانقسامات السياسية إذا ما تمّت مقارنتها بالفوضى والفساد السياسي المستشري في الولايات المتحدة أقلّ بكثير. يحاول الاتحاد الأوروبي أن يكون شريكاً تجارياً أكثر موثوقية في التجارة الدولية من الولايات المتحدة، التي بدأت بامتصاص نفسها، والتي تبدّل مواقفها بتبدل إداراتها، ولا يمكن ائتمان جانبها حتّى بالنسبة للحلفاء.
إذا ما نجحت الولايات المتحدة بإشعال الحرب في أوكرانيا، رغم الجهود التي تبديها روسيا للتهدئة، فسيعني أنّ أوروبا سيكون عليها الاختيار سريعاً بين الانعزال وراء ستار حديدي أمريكي يفصلها عن روسيا والصين اللتين تنسقان وتتحالفان وتعلنان للعموم بأنّهما ترفضان الهيمنة الأمريكية، خاصة أنّ الروس لن يقدموا على اجتياح أوكرانيا دون أن يكون لديهم حسابات ربح وخسارة تضمن لهم أنّ أي موقف تبديه أوروبا لن يؤثّر على قرارهم، ويبدو هذا من الناحية النظرية ممكناً للروس إذا ما أخذنا بالاعتبار تنسيقهم مع الصين واعتمادهم عليها في التنمية المتبادلة.
القفز من المركب الغارق
بدأ أعضاء الناتو يدركون بأنّهم ضمن منظمة ضعيفة تتعارض مع مصالحهم. قامت هنغاريا بعقد صفقة الغاز الخاصة بها مع روسيا، في تحدٍّ مباشر لتوجيهات الولايات المتحدة بالانسحاب. كانت كرواتيا وبلغاريا واضحتين في أنّهما لن تسمحا بنشر قوات على أراضيهما لدعم موقف الناتو في أوكرانيا. أعلنت تركيا أنّها ترى بأنّها لن تسمح لمواقف الناتو بإضعافها عبر إجبارها على محاربة روسيا في البحر الأسود. لكن ربّما اللحظة الأهم هي في الإحراج الذي تعرضت له قوتان رئيسيتان في الناتو: ألمانيا وفرنسا.
عندما سافر الرئيس الفرنسي إلى روسيا لمحاولة التفاوض على حلّ للأزمة الأوكرانية، اضطرّ لمواجهة حقيقة أنّ روسيا لن تتفاوض مع فرنسا دون قيام الولايات المتحدة بالإعلان عن كونها تدعم ما ستؤول إليه المفاوضات مع الرئيس الفرنسي. الروس واقعيون: الولايات المتحدة مهمة، أمّا الفرنسيون فلا.
بالمثل، اضطرّ المستشار الألماني لالتزام الصمت أثناء زيارته إلى البيت الأبيض، بينما كان الرئيس الأمريكي «يتوعد» بأنّه سيقوم بشكل أحادي بإيقاف خطّ أنابيب السيل الشمالي ٢، رغم أنّ الولايات المتحدة ليست مشتركة في إنشاء وإدارة خطّ الأنابيب. كان بايدن يشير ضمنياً إلى أنّ الأمريكيين لا يرون في ألمانيا أكثر من مستعمرة للولايات المتحدة.
المسمار الأخير في نعش الناتو كان في الإعلان الروسي-الصيني المشترك بمناسبة افتتاح الأولمبياد الشتوية في بكين: الصين تقف بكامل وزنها وراء اعتراض روسيا على توسّع الناتو في أوكرانيا. إذاً لم تعد الصين تنأى بنفسها عن التدخل في الأحداث الدولية، وكانت واضحة في إعلانها المشترك مع روسيا بأنّهما لن تسمحا للولايات المتحدة عبر الناتو بإعادة إحياء النظام العالمي أحادي القطب، فمن شاء فليبقَ ويتحمّل العواقب، ومن شاء فليجهّز نفسه لحجز مقعد في النظام العالمي الجديد.
كان الروس ماهرين في الكشف عن الضعف الحقيقي في الناتو للعالم، الأمر الذي بدأوا به منذ عام ٢٠٠٨ في جورجيا، ليتمموه اليوم في الأزمة الأوكرانية. على المرء أن ينظُر إلى الأزمة الأوكرانية بوصفها جولة من محاولات الولايات المتحدة إدامة هيمنتها عبر الناتو، الأمر الذي ينقلب عليها بعدم قدرتها على إبقاء الصمغ الذي يجمع بين أعضائه. اليوم تكشّفت الانقسامات بين أعضاء الناتو فيما يخصّ أوكرانيا، ولكنّها ستزداد مع مرور الأيام لتصبح شرخاً لا يمكن الإبقاء عليه. قد يستغرق الأمر أعواماً حتّى نسمع بأنّ الناتو لم يعد موجوداً على الورق، لكن في الحقيقة علينا أن ندرك بأنّه انتهى في التطبيق العملي.
بتصرّف عن:
https://www.newagebd.net/article/162672/the-ultimate-end-of-nato
https://www.commondreams.org/views/2022/02/17/what-going-happen-ukraine
https://www.theweek.co.uk/the-week-unwrapped/104574/nato-vs-russia-who-would-win
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1058