الاستراتيجية الأمريكية الكبرى لتطويق العملاق الروسي المتنامي.. (1 - 2)
بعد الإخفاقات التدميرية لـ «ثورتي الورود» الممولتين من الولايات المتحدة الأمريكية في جورجيا، ومن ثم في أوكرانيا، بدأت روسيا تلعب بورقات الطاقة الإستراتيجية التي تمتلكها بلباقة وبشكل طارئ، بدءاً من المفاعلات النووية في إيران، وبيع السلاح لفنزويلا، وباقي دول أمريكا اللاتينية، وعمليات السوق الإستراتيجية في مجال الغاز الطبيعي مع الجزائر.
في الوقت نفسه، تزيد إدارة بوش من إغراق نفسها في المستنقع الجيوسياسي، لبرنامج السياسة الخارجية، التي تتجاهل بصلف الحليف والعدو. ارتبطت هذه السياسة الصلفة بالمدير التنفيذي السابق لاحتكار «هاليبرتون» ديك تشيني، أكثر من أي شخص آخر في واشنطن.
كانت سنوات «رئاسة تشيني» ـ هذا المفهوم الذي سيطلقه المؤرخون على سنوات حكم جورج بوش ـ مبنية على استراتيجية واضحة. ولم يفهمها النقاد جزئياً بتركيزهم على مركبها الظاهر للعيان، أي على العراق، والشرق الأوسط، بالتحديد، وتكثيف صقور الحرب القساة حول نائب الرئيس، وصديقه القديم، وزير الدفاع دونالد رامسفيلد.
كانت «استراتيجية تشيني» هي السياسة الأمريكية الخارجية القائمة على تأمين التحكم العالمي المباشر على الطاقة، هذا التحكم الذي تقوم به الأربعة الكبار، أو الاحتكارات النفطية العملاقة المرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية ـ «شيفرون تيكساكو» و«إيكسون موبايل»، و(ب.ب)، و«رويل داتش شيل» إنّها موجهة قبل كل شيء إلى التحكم بجميع مناطق النفط العالمية الرئيسية، وكذلك مكامن الغاز الطبيعي العالمية الرئيسية. ويجب أن يتم تأمين هذا التحكم مع نمو معارضة الولايات المتحدة الأمريكية للتفوق العسكري التام على التهديد الاستراتيجي لهيمنتها العالمية ـ ألا وهو روسيا. قد يكون تشيني الرجل المثالي القادر على ربط السياسة الأمريكية في المجالين العسكري والطاقة، في إستراتيجية الهيمنة الثابتة.
وجدت إدارة تشيني ـ بوش في السلطة من قبل تحالف مصالح ممثلي النفط الكبار والفروع الأساسية في المجمع العسكري ـ الصناعي. تظهر هذه المصالح التعاونية الخاصة سلطتها عبر تحكم السياسة الحكومية للولايات المتحدة الأمريكية. ولذلك كان البرنامج العسكري العدواني أحد مركباتها الهامة. تؤكد ذلك بالتحديد شركة تشيني السابقة (Halliburton Inc) التي تعد في وقت واحد أكبر شركة طاقة في العالم، وشركة الخدمات الجيوفيزيائية، وأكبر شركة في العالم لإقامة القواعد.
لفهم هذه السياسة، من الضروري معرفة كيف نظر تشيني المدير التنفيذي لهاليبرتون إلى مشكلة نقل النفط عشية توليه منصب نائب الرئيس.
أين توجد الهدية؟
في أيلول (سبتمبر) عام 1999، قبل سنة من الانتخابات الأمريكية، التي صنعت منه أقوى نائب رئيس في التاريخ، ألقى تشيني خطاباً فضائحياً أمام حلفائه النفطيين في معهد لندن للنفط. بيَّن تشيني في تصوره العولمي لمستقبل النفط الكبير، مايلي:
«تبين بعض المعطيات أنه السنوات المقبلة ستشهد نمواً عالمياً بمقدار 2 % سنوياً للحاجة العالمية للنفط، مع انخفاض محافظ بمقدار 3 % في إنتاجه من الاحتياطي الحالي. يعني ذلك أننا سنحتاج في عام 2010 إلى زيادة بحوالي خمسين مليون برميل في اليوم. من أين سيأتي النفط؟ تتحكم الحكومات والشركات النفطية الحكومية، كما هو واضح بنسبة تقارب 90 % من الاحتياطي. ويبقى النفط من مهام الحكومات. علماً بأن العديد من مناطق العالم تحتوي على إمكانات نفطية كبيرة، يمتلك الشرق الأوسط ثلثي احتياطي العالم من النفط ذي الأسعار المنخفضة، وفي نهاية المطاف هذا هو المكان حيث توجد الهدية. وعلى الرغم من أنّ الشركات تحلم بالوصول الواسع إلى ذلك الاحتياطي، إلاّ أن الخطوات اللازمة ما زالت بطيئة. يخلق بالطبع تطور التكنولوجيا، والإصلاح والبلدان الكثيرة «المفتوحة أمام العام» إمكانيات جديدة كثيرة أمام مختلف الشركات النفطية. لكن عندما ننظر إلى الوراء إلى بداية التسعينيات، من الضروري ملاحظة، أن التطلعات كانت مرتبطة بضخ كميات ملموسة من النفط العالمي من تلك الدول كالاتحاد السوفيتي والصين. طبعاً لم يحصل كل شيء كما هو متوقع. ومع ذلك تبين أن النجاحات العميقة، قد جلبت التوفيق للتسعينيات».
طبول الحرب
تستحق أقوال تشيني التمعن الجدي. إنّه يتوقع زيادة مستمرة في الطلب العالمي على النفط حتى نهاية العقد الحالي. ويعتقد أنّ على العالم الحصول على 50 مليون برميل إضافي يومياً. يتراوح إنتاج النفط حالياً حول معدل 83 مليون برميل كمعدل يومي. هذا يعني أنّه ولتفادي النقص الكارثي، والنتائج المدمرة على نمو الاقتصاد العالمي، وحسب تقييم تشيني يجب على العالم أن يحصل في عام 1999، على إنتاج جديد من النفط يفوق 50 % مما يستخرجه يومياً في العام 1999، والاستمرار بذلك حتى عام 2010 تقريباً. يعادل ذلك وجود خمس مناطق نفطية جديدة، تحتوي على كميات تساوي ماهو موجود في العربية السعودية، أي توجد حاجة كبيرة لكميات ضخمة من النفط.
ومع الأخذ بعين الاعتبار حقيقة أنّ وضع أماكن استخراج النفط الجديدة في الاستثمار يستغرق مايزيد عن سبع سنوات، وهذا زمن ليس بكبير، لمواجهة النقص الحاد في الطاقة، والزيادة الحادة في أسعار النفط والغاز. تأسس تقييم تشيني على التقييم الحذر جداً لزيادة الطلب على استيراد النفط في الصين والهند، اللتين تعدان أكثر الدول سرعة في استهلاك النفط في العالم.
البند الثاني الذي ورد في تعليقات تشيني في لندن عام 1999، هو ملاحظته بأن الشرق الأوسط الذي يمتلك ثلثي احتياطي النفط العالمي، بأرخص الأسعار، هو ذلك المكان نفسه الذي «توجد فيه الهدية»، لكن وكما لاحظ، فإنّ نفط الشرق الأوسط يوجد في أيدي الدول أو الحكومات، ولم يتم عرضه لاستثمار السوق الخاص، ولذلك فهو صعب المنال بالنسبة لهاليبرتون وأصدقاء تشيني من إكسون موبايل، وشيفرون، وشيلي، أو ب.ب.
كان العراق، الذي يحتل المرتبة الثانية بعد العربية السعودية من حيث احتياطي النفط في الشرق الأوسط، في ذلك الحين، تحت حكم صدام حسين. وإيران التي تحتل المرتبة الثانية في العالم من حيث احتياطي الغاز الطبيعي، فضلاً عن الكميات الضخمة من احتياطي النفط، تحت قيادة حكومة ثيوقراطية وطنية، لا تتبنى الاقتراحات والتوجهات الأمريكية الخاصة في مجال النفط. وأضحى احتياطي بحر قزوين من النفط محط نزاع جيوسياسي عنيف بين واشنطن وروسيا.
تكتسب ملاحظة تشيني بأن «النفط يبقى عملاً حكومياً بشكل رئيسي» وليس عملاً خاصاً، تكتسب أهمية جديدة، مع دخولنا في أيلول (سبتمبر) من عام 2000 في المرحلة الحاسمة من حملة بوش ـ تشيني الانتخابية لعام 2000. قدم تشيني في ذلك الشهر، مع دونالد رامسفيلد، وبول فولفوفيتس وآخرين كثر ممن تطلعوا للالتحاق بإدارة بوش الجديدة تقريراً سياسياً تحت عنوان «إعادة بناء وسائل الدفاع الأمريكية».
دعت مجموعة تشيني في مشروع PNAC الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأمريكية لإيجاد مسوغ لإعلان الحرب على العراق، واحتلاله والتحكم المباشر بالبلد الذي يوجد فيه ثاني أكبر احتياطي للنفط في الشرق الأوسط. جاء في التقرير بالحرف: «على الرغم من النزاع الذي لا تمكن معالجته مع العراق يتطلب تبريراً ملحاً، فإن متطلبات وجود القوات الأمريكية المباشر والملموس في الخليج تفوق معضلة نظام صدام حسين».
وقع تشيني الوثيقة السياسية في أيلول 2000، وأكد على أنّ المسألة المفتاحية هي: «وجود القوات المسلحة الأمريكية في الخليج»، وتغيير النظام في العراق بغض النظر إن كان صدام حسين جيداً، أم سيئاً، أو معوقاً. كانت تلك الخطوة الأولى في تحرك القوات الأمريكية إلى ذلك المكان «حيث توجد الهدية».
أصبح طمس المعلومات التي قادت إلى قصف واحتلال العراق في عام 2003 موضوع قضية قضائية أثيرت بناء على القانون الأمريكي حول حرية وسائل الإعلام، والتي كان هدفها الأول الحصول على معلومات حول دور تشيني في أزمة الطاقة في كاليفورنيا. تطلب البحث من نائب الرئيس أن يقدم جميع الوثائق وتسجيلات اللقاءات، المتعلقة بمشروعه في مجموعة الطاقة «إنيرغيتيك» في عام 2001.
نشرت وزارة تجارة الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2003، جزءاً من الوثائق، على الرغم من المعارضة الشرسة لتشيني والبيت الأبيض. مما يثير الدهشة وجود خرائط لأماكن وجود النفط العراقي بين الوثائق ذات الشأن الداخلي الخاص بمشاكل الطاقة الأمريكية، ومصورات أنابيب نقل النفط، ومصافي تكرير النفط. وجدت مشاريع وقوائم بأسماء «المنافسين الأجانب للحصول على عقود لاستثمار النفط العراقي». وجدت من بين هؤلاء المنافسين، كل من روسيا والصين وفرنسا الدول الثلاث التي تمتلك حق الفيتو في مجلس الأمن، والتي عارضت بشكل واضح موافقة الأمم المتحدة على احتلال الولايات المتحدة الأمريكية للعراق.
أول إجراء بعد الاحتلال العسكري كان إعلان واشنطن أن جميع العقود المبرمة بين العراق وحكومات كل من روسيا والصين وفرنسا باطلة قانونياً. يجب أن يبقى النفط العراقي شأناً أمريكياً، وأن تستثمره الشركات الأمريكية أو أصدقاؤها المقربون في بريطانيا العظمى، إنه أول نصر في البحث عن المسائل الرفيعة، «هناك حيث توجد الهدية»..
كان ذلك ما ركّز وارتكز تشيني عليه في خطابه في لندن عام 1999. نزع ثروات النفط الشرق أوسطية من أيدي الدول المستقلة، وتحويلها إلى الأيدي التي تديرها الولايات المتحدة الأمريكية. كان احتلال العراق عسكرياً الخطوة الأولى في هذه الاستراتيجية الأمريكية. ولكن كان ويبقى التحكم باحتياطي الطاقة الروسي، «الهدية» النهائية التي تترقبها واشنطن.
تحطيم روسيا «الجائزة الأخيرة»!
لم تستطع واشنطن، لأسباب عسكرية وسياسية، أن تعترف صراحة، أن هدفها الإستراتيجي بعد تفكك الاتحاد السوفيتي كان تقسيم أو تدمير روسيا للوصول إلى التحكم المباشر والملموس بثرواتها الضخمة من النفط والغاز الطبيعي، والحصول على «الجائزة الوسام الأخيرة». كان الدب الروسي مازال يمتلك وسائل عسكرية ضخمة، وأسناناً نووية.
بدأت واشنطن منذ أواسط تسعينيات القرن العشرين عملية قبول الدول السوفيتية التابعة ليس فقط في الاتحاد الأوربي، بل وفي حلف الناتو الذي تقوده وتتحكم به واشنطن. في عام 2004 أصبحت بولونيا، وجمهورية تشيكيا، وهنغاريا، وإستونيا، ولاتفيا، وبلغاريا، ورومانيا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، أعضاء في حلف الناتو، وأصبحت جمهورية جورجيا مرشحة للعضوية.
كان توسع الناتو هذا، الذي يثير قلق بعض الدول في أوربا الغربية، وكذلك روسيا، جزءاً من الإستراتيجية التي دافع عنها أصدقاء تشيني في مشروع القرن الأمريكي الجديد، في التقرير حول «إعادة بناء وسائل الدفاع الأمريكية»، بل قبل ذلك أيضاً.
في عام 1996 كان عضو PNAC وصديق تشيني المقرب «بريوس جيكسون»، الذي شغل في حينه منصب مدير العملاق الدفاعي الأمريكي لوكهيد مارتين، كان رئيس اللجنة الأمريكية لتوسيع الناتو، التي تحولت بعد ذلك إلى اللجنة الأمريكية الخاصة بحلف الناتو، لوبي واشنطن الصدامي والعنيف.
ضمت اللجنة الأمريكية الخاصة بحلف الناتو إلى عضويتها أعضاء PNAC بول فولفوفيتس، وريتشارد بيرل، وستيفان هادلي، وروبرت كاغان، وجين كاغان، وفيكتوريا نالاند ـ السفيرة الأمريكية الحالية في الناتو. في الأعوام بين 2000 و2003 كانت مساعدة تشيني للسياسة الخارجية. وهادلي الصقر غير المساوم الصديق المقرب من تشيني. افترض الرئيس بوش أن تحل محل كونداليزا رايس في منصب مستشارته للأمن القومي.
تحركت شبكة تشيني للصقور الحربيين من PNAC إلى المواقع المفتاحية في إدارة بوش، لإدارة الناتو وسياسة البنتاغون. بدأ بريوس جيكسون وغيره، بعد نجاحهم في تشكيل اللوبي الخاص في الكونغرس في صالح توسيع الناتو ليضم بولونيا، وجمهورية التشيك، وهنغاريا في عام 1999، بتنظيم ما يسمى مجموعة فيلنوس لتأسيس لوبي لضم عشر دول أخرى من أعضاء حلف وارسو السابقين إلى حلف الناتو، تلك الدول المتاخمة لروسيا، وأسمى جيكسون ذلك «الضربة الكبرى».
استخدم الرئيس بوش مراراً مصطلح «أوربا الجديدة» أثناء حديثه عن توسيع الناتو. أعلن الرئيس بوش في الخطاب الذي ألقاه في 3 تموز (يوليو) عام 2002 محيياً قادة مجموعة فيلنوس/ مايلي: «تتشارك بلداننا في رؤيتها لأوربا الجديدة، في التي تتحد دول أوربا الحرة معاً ومع الولايات المتحدة الأمريكية من خلال التعاضد والتعاون والتحالف والشراكة والاتحاد»..
حاز بريوس جيكسون قائد لوكهيد مارتين السابق على الإعجاب والتقدير لجذبه دول البلطيق وبقية أعضاء مجموعة فيلنوس إلى حلف الناتو.
أكد جيكسون عند تقديم شهادته أمام لجنة مجلس الشيوخ للشؤون الخارجية في نيسان 2003 أنّه استحدث موضوعة «الضربة الكبرى» مع توسع الناتو، والتي لاحقاً أقرتها مجموعة فيلنوس للدول البلطيقية ودول أوربا الشرقية. وكما بيّن جيكسون فإنّ «ضربته الكبرى» «تفترض ضم هذه الدول السبع إلى حلف الناتو وتحقيق توسع قدرات الناتو الإستراتيجية، والإنجازات والثمار المعنوية لمجتمع الأمة الديموقراطي». اعتمدت تسع دول أوربية ديموقراطية جديدة هذه المقترحات في 19 أيار عام 2000، في فيلنوس (ليتفا) كأفكارها الخاصة. وأصبحت هدفاً لمجموعة فيلنوس. بين جيكسون أيضاً الثمار التي أنجزتها الصناعة الأمريكية الدفاعية، نتيجة تأسيس سوق جديد كبير لسلاح الناتو على حدود روسيا.
ما إن تحقق هدف توسيع الناتو، حتى قام بريوس جيكسون وبقية أعضاء اللوبي، المدافع عن توسع الناتو شرقاً، في عام 2003 بإغلاق اللجنة الأمريكية لشؤون الناتو. وتبين أنهم افتتحوا في المكتب نفسه منظمة لوبية جديدة ـ مشروع دمقرطة الدول في المرحلة الانتقالية. بناء على تأكيداتهم تم وضع المشروع «بهدف استثمار إمكانية تسريع عملية الدمقرطة والإصلاح والتكامل خلال السنوات العشر المقبلة، تلك العملية التي سيتم توسيع مناطق الناتو الأوربية من خلالها وفق تصوراتنا». بكلام آخر لدعم مجموعة من ثورات الورود وتغيير الأنظمة في روسيا ومجالها الآسيوي. عمل القادة الثلاثة لمشروع دمقرطة الدول في المرحلة الانتقالية في صالح الحزب الجمهوري، ويمتلك جيكسون وشينومان علاقات وثيقة مع مراكز بيع الأسلحة وخاصة لوكهيد مارتين وبوينغ.
كما أسس جيكسون وغيره من أعضاء PNAC ولجنة الولايات المتحدة الأمريكية لشؤون الناتو منظمة لوبية قوية، ولجنة لتحرير العراق(CLI)، ضمت اللجنة الاستشارية لها ديموقراطيين وجمهوريين على حد سواء مثل ستيفن سولازر والسيناتور روبيرت كيري.
ترأس المجموعة المحافظون الجدد، ومؤيدو الحزب الجمهوري العنيدون مثل جين كيرباتريك، وروبرت كاغين، وريتشارد بيرل، ووليام كراينستول، ومدير وكالة المخابرات المركزية السابق جيمس ويلس. وشغل منصب رئيس فخري كل من السيناتور دجو ليبرمان، وجون ماكيين. بين جيكسون أن أصدقاءه طلبوا منه تشكيل لجنة تحرير العراق CLI في عام 2002 لإعادة تحقيق النجاح الذي حققه بتوسيع الناتو من خلال اللجنة الأمريكية لشؤون الناتو، الهادفة إلى دعم الإدارة لإقناع الكونغرس والمجتمع لدعم الحرب. قال لي الناس والبيت الأبيض: «عليكم أن تحققوا في سبيل العراق ما حققتموه في سبيل الناتو». ـ قال جيكسون في 1 كانون الثاني 2003 في لقاء مع صحيفة الآفاق الأمريكية.
التطويق بـ«الناتو» و«الثورات المخملية»!
بالمختصر، كانت عملية محاصرة روسيا بحلف الناتو، وبالثورات المخملية في آسيا وأوربا الشرقية، والحرب في العراق، هي الإستراتيجية الجيوسياسية الأمريكية نفسها، جزء من الإستراتيجية الكبرى، الموجهة لإسقاط روسيا في المحصلة مرة وإلى الأبد، كمنافس جبار، للقيادة الأمريكية العظمى الوحيدة للعالم. كانت روسيا، وليس العراق ولا إيران، هي الهدف الأساسي للإستراتيجية الأمريكية.
بين الرئيس الأمريكي بوش في حفل استقبال الأعضاء العشرة الجدد في حلف الناتو في عام 2000، أن مهمة الناتو أصبحت الآن التوسع بعيداً وراء تخوم الاتحاد. «يتعامل أعضاء الناتو مع دول الشرق الأوسط، لتعزيز قدراتنا في النضال ضد الإرهاب، وتعزيز أمننا الجماعي». ويبدو أن مهمة الناتو أصبحت تتجاوز الأمن العالمي. أضاف بوش: «إننا نناقش كيف يمكننا دعم وتعزيز قوة الحرية القادمة إلى الشرق الأوسط الكبير». الحرية ـ هي النوعية، التي يجب أن تدخل في مدار حلف الناتو الذي تحكمه الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد أعاقت نهاية عصر يلتسين المخططات الأمريكية. بدأ بوتين ببطء وحذر بالظهور كقوة وطنية ديناميكية، تهدف إلى إحياء روسيا، بعد محاولة صندوق النقد الدولي، والبنوك الغربية والطغم المالية الروسية تركيعها.
ارتفع حجم إنتاج النفط في روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، إلى ذلك المستوى الذي شغلت فيه روسيا المرتبة الثانية في العالم بعد العربية السعودية لحظة بدء الحرب الأمريكية ضد العراق..
*رئيس تحرير «بحوث العولمة»، ومؤلف كتاب، «مئة عام من الحرب: السياسة النفطية الإنجليزية ـ