الرأسمالية المأزومة تحتاج إلى نزاع عسكريّ ضخم 45

• جيوستراتيجيا: هل يمكن صنع مثل هذه الثورة الوطنية والجذرية في فرنسا؟

جان لوي إزامبير: بكلّ تأكيد. بل إنّه المخرج السلميّ الوحيد للخروج من الأزمة وإنجاز القطيعة مع النظام الحالي. يمكن التفكير في أن يتمّ في فرنسا تنظيم التحكّم بكلّ الحياة الاقتصادية، إجراء (تنظيمـ)ها عبر (إلغاء بيروقراطيتها)، إعادة رؤوس الأموال التي يتجنّب الرأسماليون إخضاعها للضريبة إلى الاقتصاد، وتطوير الشركات من دون أن يكون ممكناً إخفاء ممتلكاتها وعوائدها. ليست هنالك أية حاجة بجهاز خاص بالدولة لتحقيق ذلك بما أنّ العاملين بأجر والمديرين سيتمكّنون من إنجاز الانصهار الفوري لجميع المصارف الرأسمالية في غضون بضعة أسابيع، على سبيل المثال تحت سلطة وزير المالية مع مؤتمرات للعمل تجمع المهنيين والأطر ـ المديرين، وممثلي ممتلكي رؤوس الأموال، والعاملين بأجر، والنقابات، واتحادات المستهلكين، إلخ. في كلّ مصرف على حدة، وفي كلّ منطقة، وعلى المستوى الوطني. من الواضح أنّ من سيعارضون ذلك أو يماطلون بهدف القيام بعمليات غير نزيهة في اللحظة الأخيرة ويعيقون عملية القطيعة سيستبعدون منه. ستكون ميزات تأميم القطاع المصرفي حاسمةً للشركات الصغيرة والمتوسطة والتجمّعات، والشعب بأكمله الذي سيستطيع بذلك الاستحواذ على الثروات التي يخلقها وتفلت منه. إن حكومةً تصل إلى السلطة وهي عازمةٌ على إجراء قطيعة مع الرأسمالية لا يمكن إلا أن تكون وطنيةً وجذرية. أن تكون وطنياً يعني أن تمنح الأولوية للمصلحة العامة، لوحدة الأرض واللغة والثقافة التي ننتمي إليها. وفيما يخصّ الاتفاقات الإقليمية أو الدولية التي ذُكرت قبل قليل، أوروبا ماستريخت الصغيرة ليست مشكلةً بما أنّ التجربة تُظهر لمن كانوا يشكّكون فيها، شرط ألا يكونوا عمياناً تماماً، أنّها ليست سوى منظّمة في خدمة كبرى المصارف وكبار ملاّكي الاقتصاد الخواص. بالتالي، لم يكن بوسعها أن تحلّ أية مشكلة في المجتمعات التي تكوّنها، سواءٌ تعلّق الأمر بالمجال الاقتصادي أم الاجتماعي أم الثقافي أم بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. سوف تلاحظون أيضاً أنّ الوعود التي قطعها القادة البرجوازيون والاشتراكيون بصدد هذا البنيان الأوروبي عن نهاية البطالة وانفتاح الأسواق وتطوّر الشركات والتضامن بين الشعوب والحرّيات لم ترَ النور يوماً، بل إنّ العكس هو ما حدث. لقد وضعتُ في كتابي توصيفاً لوضع أوروبا الصغيرة هذه مستنداً إلى وثائق تأتي من هيئاتها التي لا يعرفها الجمهور جيداً. يبدو أنّ أوروبا تلك، التي يسارع قادتها دائماً إلى تقديم الدروس للشعوب الأخرى، تتراجع على كلّ الجبهات. ينبغي أن نجهّز أنفسنا منذ الآن لبناء أوروبا الشعوب من دبلن إلى فلاديفوستوك، تمنح الأولوية لسمات وهوية كلّ شعب عبر السعي لتشكيل تعاونيات فوائدها متبادلة، وتضع حدّاً لبيروقراطية بروكسل التي ولدتها القوى المالية. وهذا يعني إجراء القطيعة مع «البنيان الأوروبي» الحالي، مع معاهدة ماستريخت وأولئك الذين التحقوا بها. أن تكون جذرياً يعني أن تعي أنّ الطبقة المسيطرة ـ البرجوازية الكبيرة ـ ستتشبّث بالسلطة وبامتيازاتها بكلّ الوسائل وأنّ إجراءات جذريةً تستفيد من دعم شعبي قويّ هي وحدها ستسمح بإكراهها على احترام القوانين الجديدة وبإعادتها إلى مكامنها وبإجراء القطيعة مع نظامها.

الرأسمالية تحتاج إلى الحرب للبقاء

• جيوستراتيجيا: هل الديمقراطية ممكنةٌ في الأعمال، ولاسيما في الشركات عابرة القومية ذات التنظيم المركب؟

جان لوي إزامبير: في كتابي، أوضح كيف أنّ إدارة الشركات التعاونية ـ على الأقلّ تلك التي يتمّ فيها احترام مبادئ الإدارة ـ تتميّز عن الشركات التقليدية. الشركات التعاونية أمثلةٌ على الإدارة طالما أنّ الفاعلين فيها يلزِمون القادة الذين ينتخبونهم باحترام معاييرهم في الإدارة. وهذا فعّالٌ أيضاً في المصارف الكبيرة مثل كريدي موتويل في فرنسا أو حركة صناديق ديجاردان في كندا، ويمكن بالتالي وضعها ضمن المشاريع الصغيرة والمتوسطة. ينبغي أن يعي كلٌّ منا خطورة الوضع لأنّ النظام يحتاج اليوم الحربَ كي يبقى. وقد حذّر الجنرال الروسي ليونيد إيفاشوف عدّة مرّات من تصميم الولايات المتحدة على شنّ نزاع عسكريّ ضخم... 

• جيوستراتيجيا: ...هل تعني حرباً عالميةً ثالثة؟

جان لوي إزامبير: أقول (نزاعاً عسكرياً ضخماً)، أي أنّه قد يودي بسرعة بعدّة بلدان للانزلاق في نزاعات أخطر بكثير من الحرب على العراق أو على جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية. وهو ما حاولتْ أصلاً أن تفعله الولايات المتحدة حين تجاهلت القانون الدولي وحاولت تشكيل تحالف حربيّ ضدّ العراق في تجاوز للأمم المتحدة. الولايات المتحدة مفلسةٌ تماماً وهي لم تعد قادرةً على تسديد ديونها المالية، بل على تأجيلها فقط. ومثلما يذكر الجنرال إيفاشوف في كتابي، كلّ ما يوجد في الولايات المتّحدة ـ من صناعات ومبان وتقنيات دقيقة، إلخ. ـ أصبح مرهوناً أكثر من عشر مرات في كلّ أنحاء العالم ونحن على حافّة انهيار النظام المالي الدولي المبنيّ على الدولار الأمريكي. في تقدير الجنرال إيفاشوف، نائب رئيس الأكاديمية الروسية للمشكلات الجيوسياسية، يحتاج (المصرفيون العالميون) المفلسون إلى حدث قاهر ذي أبعاد عالمية للنجاة. وفق تحليله، (أهمّية الأحداث القادمة ملحميةٌ حقاً. (...) لا تقدّم النزاعات الإقليمية ـ مثل تلك التي اندلعت ضد يوغوسلافيا والعراق وأفغانستان ـ إلاّ آثاراً قصيرة الأجل. هم يحتاجون إلى شيء أكبر بكثير وهذه الحاجة ملحّة). لم تفلح الولايات المتحدة وأتباعها الأنغلوسكسونيون في جرّ البلدان الغربية إلى حربها على العراق. وهم يحاولون اليوم تجديد عمليّتهم ضد أفغانستان والجمهورية الإسلامية الإيرانية مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) ويمضون من استفزاز إلى استفزاز لمحاولة قلب النظام الشرعي للشعب الإيراني. 

تحت أيّ شعار يكون الغرب بمنجىً من الحروب التي يستثيرها؟ 

• جيوستراتيجيا: هل يعني ذلك أنّ النزاعات الإقليمية الحالية ربّما تتوسّع؟  

جان لوي إزامبير: لسوء الحظ، نحن في زمن الحرب ويتحمّل القادة  الغربيون مسؤولية هذا الوضع. هم يبرهنون دائماً على سعيهم لوجود نزاع ضخم، لإنقاذ نظامهم المفلس. يكرّرون الاستفزازات الإعلامية والاقتصادية والمسلّحة ضدّ عدّة دول منذ عدّة سنوات. على سبيل المثال، يقوم القادة الفرنسيون بعمليات عسكرية خارج الحدود ضد شعوب (كوريا موريا، إفريقيا، ألبانيا، كوسوفو، البوسنة، أفغانستان، إلخ) بهيكل عسكري هو قيادة العمليات الخاصة، مقرّه في فيلاكوبلاي (إيفلين) في منطقة باريس ويعمل في معظم الأحيان من دون استشارة البرلمان. لم يعد الجيش في خدمة الدفاع عن البلد، بل في خدمة احتياجات الشركات متعدّدة القومية والحروب الأمريكية. يبدو أنّ الرئيس ساركوزي دوناجي بوكسا لم يفهم أنّ عودة الاتحاد الروسي وجمهورية الصين الشعبية والهند وأمريكا اللاتينية والوسطى القوية إلى الساحة الدولية تضع حدّاً للمخطّطات الإيديولوجية ولتحالفات سبعينيات القرن العشرين. من جانب آخر، يستطيع الفرنسيون استجواب نوّابهم حول تلك العمليات العسكرية، مستخدِمين كتابي لأن تلك العمليات سوف تكلّفهم في العام 2009 أكثر من مليار يورو مع غزو أفغانستان واحتلالها. اليوم، ينبغي أن يكون شعار المناضلين الوطنيين والثوريين (فلتخرج القوات الفرنسية من إفريقيا!)، (فلتخرج القوات الفرنسية من أفغانستان!). ينبغي أن يتطوّر الفعل لإعاقة عمل قوّات الغزو بكل الوسائل، وكذلك المراكز العصبية الخاصّة بالدول التي تشارك في هذه العمليات العسكرية المميتة التي يقضي فيها مدنيون كثرٌ نحبهم. لقد مضى زمن الحرب التي تجري على مسافة بضع ساعات بالطائرة من العواصم الغربية من دون ارتدادات على المعتدي. 

• جيوستراتيجيا: في رأيك، يمكن إذاً أن يكون لهذه النزاعات ارتدادات في الغرب نفسه؟

جان لوي إزامبير: على الغربيين أن يفهموا أنّ القنابل التي يلقونها على الشعوب الأخرى، أنّ اليورانيوم المستنفد الذي لم تتردّد الجيوش الأمريكية والفرنسية والإنكليزية في استخدامه في العام 1991 في حرب الخليج ثم في العام 1995 في البوسنة، وأيضاً ضد صربيا في العام 1999، ثمّ مجدّداً ضد العراق في العام 2003 مع العواقب المأساوية على الكائنات البشرية والبيئة، يمكن أن تنتشر أيضاً في قلب مدنهم ومعالمهم الاقتصادية والمالية والعسكرية. ومثلما يذكر العميد البحري كلود غوشران عن مستشفى للأطفال في البصرة، العراق، كان أحد أحدث مستشفيات التوليد في العالم العربي الإسلامي قبل الحرب وكان يولد فيه 12 ألف طفل سنوياً، لم تعد النساء يتساءلن وهنّ يلدن: (بنت أم صبي) بل (وحش أم كائن بشري؟) ازداد عدد حالات ابيضاض الدم بمقدار 13 ضعفاً وحالات السرطان ستة أضعاف في اثني عشر عاماً وتزداد هذه الأرقام باطراد. ينبغي أيضاً أن نعلم أنّ أحدث معهد لإنتاج اللقاحات في الشرق الأوسط، أسّسته في الثمانينيات تعاونيةٌ في العراق بالمشاركة مع معامل ميريو، قد دمّرته الأمم المتحدة ومبعوثوها من اليونسكوم (اللجنة الخاصة التابعة للأمم المتحدة) مع العواقب المأساوية على السكّان والحيوانات والتي تجاوزت بكثير العراق ومنطقته. إنّ استخدام مثل هذه الأسلحة كمفجّر للحروب دون استشارة البرلمان يجعل من قادة تلك المرحلة مجرمي حرب. أعطني سبباً وحداً يبرّر أن يكون سكّان الغرب بمنجىً من الحروب العدوانية التي يسمحون لزعمائهم وممثّليهم بتمويلها بنقودهم من دون أن يرفّ لهم جفن؟ هل تصلح القنابل فقط للأطفال الصربيين والفلسطينيين والعراقيين والأفارقة والأفغان؟ لقد ولّى ذلك الزمان حقاً. 

المخادعون ليسوا في طهران بل في الاتحاد

من أجل حركة شعبية 

• جيوستراتيجيا: يتحدث السياسيون ووسائل الإعلام الغربية عن (الدكتاتورية) وعن (الثورة الفاشلة) ضدّ نظام طهران، مهدّدين بالتدخّل من أجل حماية حقوق الإنسان. ما رأيك في تطوّر الأوضاع في إيران؟

جان لوي إزامبير: أوّلاً، لقد أعاد الشعب الإيراني انتخاب الرئيس أحمدي نجاد بأغلبية ساحقة، أكبر بكثير من تلك التي منحها الشعب الفرنسي للرئيس الفرنسي أثناء الانتخابات الرئاسية للعام 2006. اسمحوا لي بأن أشير عرضاً إلى أنّ انتخاب الرئيس الفرنسي لا يحترم حتى القانون الذي ينصّ على وجوب ألاّ يحمل أيّ مواطن اسماً غير الموجود على بيان ولادته، أي بالنسبة إلى ذلك المتحدّر من مهاجرين يهود هنغاريين، نيكولا ساركوزي دوناجي بوكسا. من الواضح أنّ «دوناجي بوكسا» قد بقي على الجانب الآخر من حدود مذكّرة التصويت. ثانياً، أنا لا أعتقد أنّ الرئيس الفرنسي وحزبه، الاتحاد من أجل حركة شعبية، الذي شهدت كوكبةٌ من نوّابه إلغاء انتخابهم في عدّة اقتراعات لأنّهم قاموا بالغشّ، قادرون على تقديم دروس في الديمقراطية الانتخابية لإيران ـ على سبيل المثال، قرّر مجلس الدولة إعلان عدم جواز انتخاب سيرج داسو السيناتور (الشاب) من الاتحاد من أجل حركة شعبية عن كوربيي إسون البالغ من العمر 84 عاماً وصانع أسلحة، لمدّة عام والمتّهم بشراء الأصوات! ولاسيما أنّ مندوبين آخرين من الاتحاد من أجل حركة شعبية قد تعثّروا في محاولتهم التشكيك في عدّة نتائج تصويت بحجّة أنّ تلك النتائج لم تكن لمصلحتهم. حزب المخادعين ليس في طهران، بل هو حقّاً في فرنسا. كما أنّ الاتحاد من أجل حركة شعبية معتادٌ على (محاولات الانقلاب) على الشعب والديمقراطية.

• جيوستراتيجيا: (محاولات الانقلاب) على الديمقراطية؟ ما قصدك؟

جان لوي إزامبير: أذكر أنّ ممثّلي تسعة عشر بلداً من حلف الناتو أطلقوا في 23 آذار 1999 الضربات الجوية ضدّ جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية من دون استشارة البرلمانات. ثمّ انتهكوا مرّةً أخرى الدستور الفرنسي في العام 2001 حين قرّر رئيس الوزراء (الاشتراكي)  ليونيل جوسبان، باتفاق مع رئيس حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية جاك شيراك، المشاركة في غزو أفغانستان واحتلالها. ومنذ ذلك الحين، تفاقمت الأمور أكثر فأكثر وأصبحت العمليات العسكرية الخارجية تلقي مزيداً من الأعباء على موازنة الدولة. أضيف أنّ فرنسا تشارك في دعم الدكتاتوريات في القارّة الإفريقية حيث لا علاقة لها بما يجري من حيث المبدأ ولا تعترض على انتخابات قادتها، المزيّفة حقّاً. وها هم زعماء الحزب، مع نظرائهم في أوروبا ماستريخت الصغيرة، يتّفقون على إعادة تصويت الإرلنديين الذين رفضت غالبيتهم التوقيع على معاهدة لشبونة إذ لم يناسبهم تصويتهم! أولئك القادة الفرنسيون هم الذين يزعمون تقديم دروس في الديمقراطية لإيران؟ الأمر مثيرٌ للعجب. هذه الحقيقة ليست سوى حقيقة طبقة اجتماعية، البرجوازية الكبيرة، تتشبّث بالسلطة بكلّ الوسائل، وصولاً إلى الحرب، للحفاظ على امتيازاتها.

واقعٌ لا يتحدّث عنه أحد

• جيوستراتيجيا: هل تأتي الانتقادات التي يصرّح بها القادة الغربيون تجاه الحكومة الإيرانية من الرغبة في البحث عن نزاع ضخم؟ هل يتعلّق الأمر بعملية مدروسة؟

جان لوي إزامبير: أجل. تبرهن عناصر عدّةٌ على أنّنا سنشهد محاولة زعزعة للحكومة الإيرانية، تحضّرها منذ وقت طويل الأجهزة الأمريكية بالتعاون مع الأجهزة الغربية والصهيونية. الاستراتيجية مماثلةٌ لما تمّ استخدامه من أجل (الثورة البرتقالية) المزعومة في أوكرانيا أو في بلدان أخرى مثل جورجيا بألوان أخرى وخدم آخرين. سوف تعثرون خلف (مرشّحي الحرّية) أولئك الاتحادات نفسها التي تموّلها هيئاتٌ ملحقةٌ بالأجهزة الأمريكية، المموّلين نفسهم، الحملات نفسها الإعلامية العفوية المصحوبة بالمظاهرات واللافتات والكلمات المكتوبة بالإنكليزية والاستفزازات، إلخ. لسوء الحظ، سوف يضطرّ الغربيون، لاسيّما الأمريكيون والإنكليز والفرنسيون، للتعوّد على فكرة أنّ الرئيس أحمدي نجاد يتمتّع بدعم شعبيّ قويّ وبثقة القوى الثورية في إيران. كما أنّني ألفت نظركم إلى موضوع لا يتحدّث عنه أحد: إنّ جميع أولئك المحافظين البرجوازيين الصغار الذين يقدّمون أنفسهم كمدافعين عن (الحرية) و(الديمقراطية) و(حقوق الإنسان) يحملون البرنامج السياسي عينه: (تحرير) الاقتصاد. هذا يعني الخصخصة بكلّ العواقب التي ستليها بالنسبة إلى الشعب، ولاسيّما في مجال الطاقة، لأنّ إيران من كبار مصدّري النفط. هل لاحظتم صمت وسائل الإعلام الغربية عن البرنامج السياسي لهذه المعارضة؟ سوف ألوم القادة الإيرانيين لأنّهم لم يبرزوا بما يكفي مكتسبات الثورة الإسلامية التي حرّرت البلاد من نير الأجنبي وسمحت بأن تكرّس للتنمية الاقتصادية والاجتماعية رؤوسُ أموال كانت تذهب في الماضي إلى جيب كبار مساهمي الشركات الغربية. إنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسير على طريق الحداثة، بما في ذلك عبر امتلاك الطاقة النووية والتحكّم بنشاطها الاقتصادي لمصلحة المجتمع بأكمله: هذا ما لا يتحمّله الغربيون، بمن فيهم الفرنسيون، الذين يطمع قادة الشركات متعدّدة القومية فيها من أصحاب المليارات بثروات إيران وبموقعها الاستراتيجي. من الواضح أنّ شخصاً مثل حسين موسوي مثل أيّ قائد آخر يدعمه الغربيون سيسمح لإسرائيل بأن تواصل بطمأنينة إبادة الشعب الفلسطيني من دون أن يحاسب أحدٌ إقليمياً ودولياً ذلك الكيان عن جرائمه. وبالضرورة، تترافق سياسة السلام التي طوّرتها إيران بشجب حقيقة السياسة العنصرية والحربية التي ينتهجها الكيان الصهيوني، سواءٌ أعجبنا ذلك أم لم يعجبنا. لا يمكن أن يكون هنالك نهايةٌ لأكثر من ستين عاماً من النزاع من دون توضيح حقيقة الوقائع.