الطبقة العاملة «هواها اشتراكي»

الطبقة العاملة «هواها اشتراكي»

تتمسك الطبقة العاملة بدور أساسي وقوي للدولة في الحياة الاقتصادية الاجتماعية، بكل ما تعنيه من جوانب وأدوار. وبغض النظر عن الأنظمة التي تحكم أو السلطات التي تسيّر أعمال الدولة، يرفض العمال أن تصاب الدولة بالضعف أو التخلّي عن دورها الرعائي. وهذا التمسك ليس وليد اليوم أو المرحلة، بل هو وعي وطني وطبقي تناقلته الأجيال، ليس عبر الإرث الثقافي أو النضالي فحسب، بل عبر الواقع وضروراته بما يحمله من تجارب وعِبَر. 

فالطبقة العاملة، التي لا تمتلك غير قوة عملها كرزق وحيد تعتاش عليه، تدرك نتائج غياب جهاز الدولة عن القرار الاقتصادي والاجتماعي والوطني للبلاد، وتدرك النتائج اللاحقة لهذا الغياب، سواء بالارتهان لسياسات القوى الخارجية الغربية عبر مؤسساتها الهدَّامة، كصندوق النقد والبنك الدوليَّين، أو عبر القوى الناهبة الاحتكارية الداخلية التي تمسك برقبة السوق لمصلحة مراكمة ثرواتها من عرق العمال والكادحين. لهذا يبقى موقفها الوطني والسياسي نابعاً من هذا الوعي لمصالحها العميقة. وقد أثبتت العقود الطويلة الماضية كلَّ ذلك، فمع كل تراجع لدور الدولة تتراجع معها معيشة أصحاب الأجور، ويخسرون مكتسباً جديداً، ومع كل تخلٍّ للدولة عن أمرٍ لصالح السوق، يدفع ثمنه العمال والكادحون بالدرجة الأولى. من هنا كانت الطبقة العاملة وسائر القوى الممثلة لها تمانِع وتقاوِم السياسات الاقتصادية النيوليبرالية، التي مضت بها السلطة البائدة، وأصرَّت على تغيُّرات جذرية للنظام تضعُه على مسار الاشتراكية العِلمية تحديداً دون غيرها، رغم كلِّ محاولات تشويه وحرف هذا المفهوم الذي يعني بجوهره أعلى دور للدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وأوسع عدالة بتوزيع الثروة، لا أنْ تكون الدولة مجرد شرطي مراقب أو جابٍ أو تاجر شاطر، كما روَّج عرّابو الاقتصاد النيوليبرالي المشؤوم. وها نحن نرى اليوم نتائج هذا الاقتصاد بأكبر الدول الغربية وكيف تتجه الشعوب هناك للتخلص منه إلى الأبد. والغريب الذي يستدعي التوقف عنده اليوم قيام الحكومة الحالية باستعارة ذلك القميص البالي من الغرب، والذي بانت عيوبه وتفشَّت نتائجه الكارثية على العباد، في إصرار غريب غير مفهوم، خاصة إذا أضفنا إلى ذلك نتائجه الداخلية. إنَّ استمرار التغنّي بالغرب ورأسماليّته البغيضة، ومحاولة فرضها على البلاد بمسمّيات مخادعة وعناوين برّاقة لن تفلح. وكلُّ محاولةٍ لشيطنة الاقتصاد الاشتراكي الذي يجعل الدولة في موقع القيادة للاقتصاد، وبالتالي نمط توزيع الثروة أيضاً، لن تفلح حتى لو اختلفت المسميات. ويكفي أن تُرصَد ردود فعل الغالبية الكبرى من السوريين من مسألة إنهاء الدعم عن المواد الأساسية وزيادة سعر الكهرباء والاتصالات، لتتيقَّن بأن السوريين وعلى رأسهم الطبقة العاملة «هواهم اشتراكي».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1253