مطالب العمال المستعجلة: إلغاء القرارات المجحفة
بعد مرور أسابيع عديدة على تشكيل الحكومة الجديدة، عادت للواجهة المطالب العمالية التي بقيت رهن التسويف و«التطنيش» طوال الأشهر الماضية، والتي أدت إلى نتائج سلبية على واقع عمل القطاع العام بكل فروعه وعلى العاملين الذين طالتهم القرارات السابقة المجحفة وغير الموضوعية. فعشرات المعامل الإنتاجية توقفت عن العمل، ومثلها متوقفة أساساً، كما ألغيت مؤسسات وأعيد تشكيل أخرى، فيما انتشرت الفوضى في العديد من القطاعات الخدمية التابعة للتعليم والكهرباء والصحة والمالية. ولا بد للحكومة من معالجة هذا الوضع على مستويين: الأول إسعافي وعاجل، والثاني بإجراءات ذات طابع طويل الأمد وجذري.
إن وضع الطبقة العاملة سيئ جداً بشكل عام، ولا سيما العمال المتضرّرون من قرارات الحكومة السابقة. ورغم بعض المؤشرات الإيجابية في القرارات الصادرة مؤخراً، مثل إلغاء قرارات الفصل أو إنهاء الإجازات أو إعادة المفصولين من قبل السلطة البائدة، إلا أن المطلوب اليوم ليس قراراً جزئياً يخص مؤسسة أو مديرية معينة، بل قرار عام شامل دون استثناءات، ليتمكن الوزراء من دراسة واقع وزاراتهم والمؤسسات التابعة لها بشكل موضوعي يحقق الأهداف المنشورة بعيداً عن التعسف والظلم والفوضى. دراسة دقيقة وذكية من شأنها تعزيز دور الدولة في مؤسساتها وهيئاتها ومعاملها عبر إطلاق عجلة الإنتاج وتفعيل الخدمات الاجتماعية. ويمكن تلخيص هذه المطالب بما يلي:
- إلغاء كافة القرارات التي أثرت على عمال وموظفي القطاع العام، مع الحفاظ على الملاك البشري وتوسيعه كمياً ونوعياً بما يتلاءم مع هدف إحياء القطاع العام بكافة أركانه.
- تشغيل جميع المعامل الإنتاجية الحكومية والمؤسسات المتوقفة عن العمل.
- تجديد عقود العاملين بأشكالها كافة والعمل على تثبيتهم بما يضمن استقرارهم الوظيفي والمعيشي ومصلحة العمل.
- تشكيل لجان من الكفاءات والخبرات المهنية والحقوقية والإدارية بمشاركة نقابية، لإعادة تقييم واقع الهيئات الحكومية والموارد البشرية، وتمييز العناصر الفاسدة من أعلى الهرم إلى قاعدته لمحاسبتها قضائياً.
- صرف جميع الرواتب المتأخرة وتوفير دعم صحي وغذائي للعمال المتضررين من قرارات الإجازات مدفوعة الأجر، وللذين يعانون من تأخر الرواتب، بما في ذلك المتقاعدين.
- رفع الأجور بما يتناسب مع الحد الأدنى للمعيشة الكريمة وفق الأسعار السائدة.
حقوق العمال تنتج اقتصاداً قوياً
إن قوة أي اقتصاد مرتبطة بقوة قطاعه العام ودور الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية. فأهم مؤشرات تطور الاقتصاد، مثل الناتج القومي ومتوسط دخل الفرد ونسب الفقر والبطالة وحجم النمو الاقتصادي والبشري، لا تتحقق بالاقتصار على الاستثمار الخاص وخططه الربحية، بل من خلال التخطيط الحكومي للاقتصاد الوطني الذي يعتمد أساساً على القطاع العام. وفي هذا السياق، تبرز أهمية الطبقة العاملة السورية التي تعدّ ثروة وطنية أساسية لا يمكن التقدم دون التعامل معها على هذا الأساس. لذا يجب العمل على حماية حقوقها وزيادة فاعليتها وضمان استثمارها الأمثل، عبر رفع مستوى معيشتها وتوفير مظلة دعم اجتماعي وخدمي مستدام يحميها من الاستغلال والفقر والهجرة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1224