بصراحة .. حرفيون .. حرفهم شبه متوقفة
يعاني الحرفيون المنتشرون في الأحياء والبلدات، وبمختلف مهنهم، الكثير من الصعوبات في تأمين لقمة عيشهم وتأمين متطلبات أطفالهم وأولادهم صغاراً وكباراً. والمعاناة التي نتحدث عنها هي مرويّة على ألسنة أصحابها، وهم الأصدق في معرفة أحوالهم المعيشية والمهنية التي يتعرضون لها مع مطلع كل نهار. جرى حديث معهم في ورشهم وقالوا الشيء الكثير الذي سنذكر بعضه، والذي يلخّص حصيلة قهرهم الذي يعيشون فيه.
أبو علي في العقد الرابع من العمر ومهنته النجارة، حيث يعمل في هذه المهنة الكثير من أبناء المنطقة منذ ما قبل الأزمة. وتعرضت هذه المهنة للكثير من الحصارات أدت بالعاملين بها إلى إغلاق ورشاتهم أو تقليص إنتاجهم، لأن القرارات الحكومية قبل الأزمة سمحت بالاستيراد للمنتوجات نفسها التي كانت تنتجها هذه المنطقة وغيرها من المناطق الأخرى، مثل غرف النوم والموبيليا والديكورات وغيرها من المنتجات التي نافستها الصناعات المستوردة وجعلت الصناعة المحلية على كف عفريت، من حيث التسويق والتكاليف، وأدت إلى الإضرار بالصناعة والحرفيين العاملين بها.
يقول الحرفي أبو علي وهو يعدّد لنا جوانب المعاناة: «وقت بدي اشتري خشب مشان نشتغل بنروح لعند التاجر وبنطلب منه الخشب، بيمسك الآلة الحاسبة وفوراً بيحسب على أساس سعر الدولار اللي بيحقق له الحماية لبضاعته، مشان يرجع يجيب غيرها مع المربَح، وبيقول السعر بالليرة السورية هيك يعني السعر بالملايين. وشوف قديش بدنا نحسب التكلفة على الزبون... وهون بتبلّش المساومة، وكيف بدنا الزبون ما يهرب، وهاد الشي بيخلينا نقرّشها على أساس قديش بيطلعلنا أجرة يومية من هالتجرة والعذاب، 15 أو 20 ألف، وعلمك كفاية بغلا الأسعار اللي ما بيرحم».
ويتابع أبو علي: «المعاناة الثانية مع الكهرباء اللي بتهلّ علينا مثل هلالات القمر، وهذا بيخلينا نشترك بالأمبيرات لنشغّل مكناتنا، وما بيخفيك قديش بتكلّفنا الأمبيرات كل جمعة. هاد الوضع اللي عمبحكيه وضع معظم صحاب الصنعة، وقديش بيأثر على قدرتنا لنطعمي ولادنا أو ندرّسهم أو نلبّسهم ونعالجهم إذا مرضو».
هذا غيض من فيض ممّا عبّر عنه بعض الحرفيين. وما قالوه أكثر من هذا. وختم أبو علي حديثه بـ«إلّا ما الله يفرِّج».
الحدّاد أبو أحمد، لديه مشغل حدادة يستطيع تصنيع كل الطلبيات التي قد تأتي من الزبائن، وأصبحوا الآن قلّة بسبب غلاء تشغيل الحديد المرتبط بأسعار الحديد وبتكلفة تشغيل ملحمة الكهرباء والمقص الكهربائي على نظام الأمبيرات الذي يبلغ فيه سعر الكيلو واط الساعيّ 13 ألف ليرة سورية، إضافة إلى أسعار قضبان اللحام التي ترتفع باستمرار.
يقول أبو أحمد: نقوم حالياً بتلبية بعض الطلبات من الزبائن بتشغيل الحديد المستعمل الذي تكلفته أقل من الحديد الجديد، حيث يبلغ سعر تشغيل الحديد للكيلو ما يقارب 26 ألف ليرة سورية، وهذا سعرٌ غالٍ وتكلفته كبيرة على الزبائن.
هذا حال بعض الحرف المنتشرة بكثرة في الأرياف، وبعضها الأقلّ في المدن، والحرف التي تحدثنا عنها هي صورة واضحة عمّا يعانيه الكثير من الحرف الأخرى، والتي «ما عادت تجيب همها» كمّا عبّر عن ذلك الحرفيّ أبو أحمد.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1197