بصراحة ... إن كانت الحكومة تدري فتلك مصيبة وإن كانت لا تدري فالمصيبة أعظم

بصراحة ... إن كانت الحكومة تدري فتلك مصيبة وإن كانت لا تدري فالمصيبة أعظم

تعلن الجهات الرسمية وغرف الصناعة في المحافظات المختلفة مراراً وتكراراً أن الإنتاج وتحسينه من أولويات عملها، وسوف تسعى بما أوتيت من قوة وما أوتيت من موارد لتحقيق هدف زيادة الإنتاج وتطويره سواء عبرها مباشرةً أو عبر شركاء محليين وغير محليّين وتعقد تلك الجهات الاجتماعات والندوات، وتشكل مجالس الأعمال مع شركائها في الدول الأخرى، وتم إصدار العديد من القوانين التي تنص على الاستثمار في الجانب الإنتاجي الصناعي والزراعي والآن في الطاقة الكهربائية «الطاقة البديلة والمتجددة» كما يقال عنها.

هذا الكلام الذي تردده على مسامعنا الجهات المختصة في المسألة الصناعية والإنتاجية، يبقى هذا الكلام كلاماً طالما أن الواقع الإنتاجي والصناعي ينحدر نحو الأسفل بخطه البياني من حيث عدد المنشآت العاملة، والتي تئن من وطأة التكاليف العالية لأسباب أهمها عدم توفر المواد الأولية التي بمعظمها مستوردة من الخارج، والصعوبة الأخرى التي تواجه من بقي من الصناعيين عدم توفر المشتقات النفطية والتي ارتفعت أسعارها بشكل متوالٍ وخاصة مادة الفيول، وإن توفرت فأسعارها عالية تزيد من تكاليف الإنتاج وبالتالي لا توجد سوق للتصريف إلا بشق الأنفس وهذا الواقع قد عبر عنه بمرارة مجموعة كبيرة من الصناعيين المكتوين بنار الإجراءات الحكومية ويحذّرون من مخاطر تلك الإجراءات على استمرار صناعاتهم.

ماذا يعني هذا الوضع؟ أي ماهي نتائج التضييق والحصار على الصناعة بالرغم مما يقال عن ضرورة دعمهما.

النتائج المباشرة لسياسة التطفيش يتحمل وزرها العمال المرابطون خلف آلاتهم فهم يخسرون من تلك السياسات القسم الأكبر من أجورهم بسبب التوقفات المتكررة للمعامل، حيث يلجأ أرباب العمل إلى توزيعهم على دفعات مقابل نصف أجورهم، أي يعملون بنصف طاقتهم الإنتاجية المفترضة التي تؤمن لهم أجراً كاملاً وربما حوافز ومكافآت.

الجانب الآخر من سياسات الحكومة تجاه الصناعة أنّ أرباب العمل يلجؤون إلى تصفية معاملهم والهروب خارج البلاد ليبدأوا رحلتهم الجديدة في تأسيس صناعتهم في بلاد المهجر، ومنهم من استبق الأمور وقاموا بتأسيس مشاريع صناعية خارج البلاد، وهذه خسارة كبرى يمنى بها الاقتصاد الوطني بشكل عام وخسارة مباشرة للإنتاج وللخبرات المكوّنة لليد العاملة التي يُضحى بها وتتحول وتنضم إلى جيش العاطلين عن العمل أو جيش المهاجرين الباحثين عن عمل مهما تكن النتائج وتعدد الأسباب، والأمثلة عديده.

لا ندري إن كانت تعي الحكومة المخاطر السيئة المتعددة التي تصيب الوضع الصناعي والزراعي، وهذا سؤال افتراضي لأنها تعلم بتلك المخاطر الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي السياسية، جرّاء ما يجري بحق الصناعة والزراعة والعمّال من عمليات قسرية في النهاية، تصب في صالح الناهبين وأمراء الحرب بسبب تركز الثروة بين أيديهم وإعادة تدويرها في مطارح لا علاقة لها بالاقتصاد الحقيقي.

الصناعة السورية اقتربت من حالة الانهيار، والطبقة العاملة السورية اقتربت من حافة الجوع وستبحث عن مخارج للدفاع عن حقوقها ومصالحها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1130
آخر تعديل على الأربعاء, 19 تموز/يوليو 2023 20:42