المال العام تجب حمايته

المال العام تجب حمايته

المال العام ليس ملكاً لأفراد أو مجموعة من الأفراد في المجتمع. بل هو ملك للمجتمع بكافة أفراده وبغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والفكرية. ومهمة الدولة بكافة أجهزتها الإشراف عليه وحسن إدارته وتطويره للصالح العام. وهي مسؤولة عن حمايته والحفاظ عليه وعدم التفريط به تحت أي ظرف كان أمام المجتمع، وهذا من أساسيات وجودها، كدولة راعية للمجتمع.

ويتضمن المال العام حسب الدستور وخاصة المادة الرابعة عشرة منه «الثروات الطبيعة والمنشآت والمؤسسات والمرافق العامة في البلاد». وفي الحروب أو الأزمات التي تتعرض لها البلاد، تعتبر حماية هذه الثروات والمنشآت والمؤسسات من المهمات الوطنية الكبرى على عاتق الحكومة. وكذلك من مهمات المنظمات الشعبية المختلفة، وخاصة النقابات العمّالية، مراقبة أداء الحكومة في حماية الأموال العامة ومنعها من التفريط بهذا المال أو إساءة استخدامه والدفاع عن هذه المصالح باعتبار النقابات أفراداً في هذا المجتمع وأصحاباً للمال العام وليسوا شركاء للحكومة في وظيفتها ومهمتها بإدارة المال العام وإعادة توزيعه بشكل يحقق العدالة الاجتماعية. وذلك باستخدام كل الطرق والأساليب التي ضمنها الدستور بما فيها التظاهرات والإضرابات ضمانة لحق المجتمع وكافة أفراده.

ووفقاً لجوهر الدستور في الأموال العامة، تحدد واجبات الرعاية والحماية الاقتصادية والاجتماعية من جانب الحكومة من خلال الاستخدام الأمثل لهذه المؤسسات والمنشآت والمرافق وتطويرها، والتي منها قطاع الكهرباء والاتصالات والمياه والقطاع الصحي وغيره، عن طريق زيادة نسب النمو بالاستثمار الأكبر في القطاعات الإنتاجية من صناعة وزراعة وتقديم الدعم اللازم لها، وبالتالي زيادة الدخل الوطني وانعكاسه المباشر على رفع الحد الأدنى للأجور بما يوازي الحد الأدنى لتكاليف المعيشة، الذي يؤدي بطبيعة الحال إلى رفع مستوى معيشة المواطنين وخاصة العاملين بأجر. وهذا ما أشارت إليه المادة 40 من الدستور، «لكل عامل أجر عادل حسب نوعية العمل ومردوده»، على ألّا يقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيُرها. كما أكدت المادة بأن تكفل الدولة الضمان الاجتماعي والصحي للعمال.

ولكي يؤدي المال العام وظيفته الاقتصادية والاجتماعية وجب على الحكومة تأمين الحماية اللازمة والضرورية لكل المنشآت في مختلف نواحي النشاط الاقتصادي والاجتماعي من الأخطار والحوادث، أو تعطل الإنتاج وذلك عبر تطوير أدواته وتوفير كافة مستلزماته من مواد أولية ويد عاملة. لا أن تقوم بخصخصتها أو بيعها تحت مسميات تضليلية، ظاهرها عملية التطوير الصناعي والتقدم التكنولوجي وهو من الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها، وجوهرها بذل الحكومة كل ما بوسعها لتوفير أفضل الظروف والأوضاع الملائمة لقوى رأس المال والمستثمرين بما فيهم قوى الفساد للاستفادة من المال العام وتطويعه لمصلحتهم، وذلك من خلال السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها وأيضاً من خلال تأمين تلك البيئة القانونية والتشريعية التي تؤمن المزايا المختلفة والمتزايدة بحجة جذب هذه الاستثمارات المختلفة العربية منها والأجنبية إضافة إلى المحلية تحت يافطات عدة ومنها إعادة الإعمار.

المطلوب اليوم تحسين القطاعات العامة المختلفة وخاصة الإنتاجية وتطويرها وحمايتها وحماية مستلزمات الإنتاج وأهمها اليد العاملة، حيث يجب تحسين أجور العاملين بما يتناسب مع الوضع المعيشي، وإيجاد البيئة القانونية والتشريعية التي تضمن حقوقهم المختلفة في العمل والحياة الكريمة، وكذلك حماية المال العام من عبث قوى الفساد والنهب تحت مختلف التسميات والذرائع من تطوير وإعادة الإعمار وغيرها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1130
آخر تعديل على الأربعاء, 19 تموز/يوليو 2023 20:41