بصراحة ... الحكومة تصطاد في الماء العكر

بصراحة ... الحكومة تصطاد في الماء العكر

كثيراً ما ردد المسؤولون الحكوميون الحاضرون للفعاليات النقابية المختلفة عبارة «النقابات متواجدة في كل مواقع اتخاذ القرار»، وهي مسؤولة عن تلك القرارات المتخذة مثلها مثل الحكومة والإدارات لتحمل النقابات مسؤولية وضع العمال، فالتمثيل النقابي يشمل مجالس إدارة المؤسسات والشركات ومجلس الشعب، وغيرها من المواقع التي تتخذ فيها القرارات، وهذا الانتشار التمثيلي يحمّلها عبئاً ومسؤوليات استثنائية كونها أيضاً تمثل أكبر طبقة في البلاد، وبالتالي ما يصيب هذه الطبقة من أضرار تتحمل الحركة النقابية جزءاً منه لموقعها التمثيلي وعدم فاعليتها وقدرتها على الرد المباشر إلا من خلال الأطر المسموح لها بالرد عبرها.

فالحكومة عبر نهجها وبرنامجها الاقتصادي، استطاعت أن تعمّق التناقض وتزيده بين الحركة النقابية والطبقة العاملة، بسبب الحزمة الكبيرة من الإجراءات والقرارات الاقتصادية والاجتماعية التي أثرت تأثيراً كبيراً على المستوى المعيشي للمواطنين ذوي الدخل المحدود ومنهم العمال، وهذا يظهر جلياً في المؤتمرات النقابية حيث يعيد العمال طرح ما كانوا قد طرحوه في المؤتمرات السابقة ولم يتحقق منها ما كانوا يرجونه أن يتحقق.
المطلوب حكومياً من الحركة النقابية أن يرفع أعضاؤها القبعات تحيةً لإنجازاتها بدلاً من رفع الصوت في وجهها، وخاصةً بقضية الفقر وجيش العاطلين عن العمل ورفع الدعم عن المشتقات النفطية وتحرير الأسواق وتمكين القطاع الخاص وقوى الفساد الكبير من التحكم في المواقع السيادية.
ما نودُّ قوله، إنه على الحركة النقابية أن تطرح سؤالاً مهماً: لمَ لمْ تستطع الحركة النقابية التأثير في مجمل ما يجري اقتصادياً واجتماعياً على الرغم من وجود ممثلين لها في كل مواقع اتخاذ القرارات المهمة، والتي بيدها الحلُّ والربط، والطرح مناسب وهي تعقد مؤتمراتها السنوية أي شرعية الطرح موجودة وشرعية اتخاذ القرار أيضاً موجودة.
إن الإجابة عن هذا السؤال سيفتح الأفق أمام الحركة للنظر بمجمل طرق عملها واستخدام أدواتها وخطابها النقابي، اللذين أصبحا الآن غير متناسبين مع التطورات الجارية عالمياً ومحلياً، لأن الحركة النقابية العالمية أخذت بالدعوة صراحة لأوسع مجابهة مع رأس المال المتوحش الذي أسفر هجومه الواسع عن خسارة الطبقة العاملة لمكاسبها الحقيقية التي كانت قد انتزعتها بنضالها الطويل والدامي، دفعت خلاله الطبقة العاملة وحركتها النقابية ضريبة باهظة وخسائر جسيمة.
إذاً فالحل الوحيد تجاه وحشية الرأسماليين هو مجابهتهم ومقاومتهم، وليس التصالح معهم على حساب الطبقة العاملة، وهذا ينسحب على حركتنا النقابية المحلية التي تعيش الآن ظروفاً لا تحسد عليها، وإذا ما أرادت أن تتجاوزها وتتخطاها، لابد لها من المقاومة والمجابهة للنهج الليبرالي الذي يقود البلاد والعباد إلى الهاوية.
وبالعودة إلى السؤال المطروح، فإن هذا التمثيل لا يساوي شيئاً دون التوجه الحقيقي للطبقة العاملة وجذبها للمواقع التي تستطيع فيها الدفاع عن حقوقها، من خلال العمل على ردم الهوة معها وتعزيز الثقة بقدراتها الجبارة، وفتح العمل النقابي الديمقراطي أمامها، عبر تطوير دور اللجان النقابية ودور اجتماعات الهيئة العامة للمعامل والشركات لتكون المنبر الحقيقي الذي يقول كلمته بكل القضايا العمالية، بما فيها محاسبة اللجان النقابية والهيئات القيادية في حال لم تقم بواجبها الذي وُجدت من أجله.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1106
آخر تعديل على الإثنين, 23 كانون2/يناير 2023 11:29