بصراحة ... الأجور بين الناهبين والمنهوبين
الأجور أكثر القضايا التي يجري تداولها في وسائل الإعلام المختلفة ويتم عقد حوارات بشأنها مع خبراء اقتصاديين ليدلوا بدلوهم حول الأجور وزيادتها ويخرج العمال من تلك المداولات بخفي حنين، لأن المحصلة فيها أن الدولة ليس لديها موارد، أو مواردها ضعيفة لا تسمح بالزيادة المطلوبة وبعضهم عبر أن الليرة السورية قد فقدت قيمتها بما يعادل تسعين مرة فهل تريدون أن نزيد الرواتب والأجور تسعين مرة؟ هذا غير ممكن.
في مواقع العمل وفي الشارع وفي الجلسات الخاصة والعامة، وبين جميع العاملين بأجر، يكون موضوع الأجور هو الموضوع الرئيسي بالنسبة لهؤلاء لأنه قضية حياتية مرتبطة إلى أبعد حد بمعيشة العمّال، وتأمين حاجاتهم الضرورية، التي من الممكن أن يستطيعوا تجديد قوة عملهم المنهكة، والمسبب لها قلة الحيلة بين أيديهم حتى لو عملوا عملاً آخر إن تمكنوا من ذلك.
النقابات لم يصدر عنها الموقف المطلوب عمالياً، والمفترض أن يعبر عن الكارثة التي وصل إليها العمال بمستوى معيشتهم، بل انجرّت في طرحها إلى تلك المواقع التي تسير بها الحكومة في قضية الأجور، وبدأت تقول: الزيادة على الأجور مرتبطة بالموارد، ولكنها لم تحدد أية موارد ستتم من خلالها زيادة الأجور تركت الأمور مفتوحة لأن تحديد مصدر الموارد التي ستتم من خلالها زيادة الأجور من مصادر قوى النهب والفساد الكبيرين، يعني موقفاً لا يتوافق وشراكتها مع الحكومة في مواقفها واستعاضت عن المواجهة دفاعاً عن حقوق العمال بموقف هي تعلم عدم دقته وعدم فائدته في تحسين مستوى معيشة العمال، حيث تبنّت تحسين متممات الأجور كإجراءٍ يُستعاض به عن الزيادة المطلوبة والعادلة، لأن تحسين متممات الأجور غير ممكن في ظل شبه توقف للعملية الإنتاجية، والصناعة في أسوأ حالاتها بسبب تعقيدات السياسات الحكومية تجاه الإقلاع بالصناعة، وعن الدعم الضروري لتلك العملية، بما فيها الصناعات التي يقوم بها القطاع الخاص.
إنّ قضية الأجور قضية سياسية بالدرجة الأولى قبل أن تكون قضية موارد، حيث تعني: الموقف من الناهبين، فبقاء الأجور على ما هي دون زيادة حقيقية من جيوب الناهبين، حيث الموارد التي تُمكّن من زيادة حقيقية، يعني انحيازاً واضحاً للناهبين على حساب المنهوبين، وهذا الواقع يدركه العمال تماماً بحسهم الطبقي، وبعملهم الفعلي خلف الآلات، ويعرفون أن طريق حصولهم على حقوقهم ليس بالتصريحات والخطب، ولكن له مسار آخر سيذهبون إليه في اللحظة التي تكون مواتية لذهابهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1091