المؤتمر الثامن لنقابات العمال في سورية (2)

المؤتمر الثامن لنقابات العمال في سورية (2)

في العدد السابق من قاسيون نشرنا القسم الأول من نتائج أعمال المؤتمر الثامن لنقابات العمال في سورية، وفي هذا العدد نستكمل القسم الثاني والأخير من أعمال المؤتمر الذي عبّر من خلال ما تم نشره وما سينشر الآن عن الموقف الطبقي والوطني للطبقة العاملة وحركتها النقابية الذي لم يفصل بين المهام الأساسية التي تواجه الحركة، بل ربط بينها بين ما هو طبقي ومطلبي وبين ما هو سياسي وديمقراطي، والفصل بينهما يعني خسارة الطبقة العاملة وحركتها النقابية لوزنها ودورها المؤثرين في الحياة العامة للشعب السوري.

الحريات النقابية مطلب أساسي

إن كل ما أشير إليه آنفاً من المظالم والاضطهاد الذي تعانيه الطبقة العاملة مرتبط تمام الارتباط بمسألة على جانب كبير من الأهمية، هي مسألة الحقوق والحريات النقابية التي تشكل حجر الزاوية في تطوير نضال العمال وانتزاع حقوقهم. فتأليف النقابات تعترضه عراقيل شتى، وتقف في طريقه شكليات مختلفة، فعندما يقرر العمال تأليف نقابة ما، عليهم أن يتقدموا بطلب إلى المحافظ فيدرسه ويحيله إلى وزارة الداخلية، وهي بدورها تحيله إلى وزارة الاقتصاد الوطني بعد التحقيق الطويل. ولوزارة الاقتصاد الوطني الحق في قبول أو رفض هذا الطلب. إن كل هذه العراقيل ليس لها إلا معنى واحد، ألا وهو إبعاد العمال عن تأليف النقابات وحرمانهم من حق تنظيم أنفسهم وتركهم أشتاتاً مبعثرين أمام هجمات أرباب العمل.
ويضاف إلى ذلك أن السلطات تتدخل بالشؤون الداخلية لجميع النقابات، وكثيراً ما تعزل مكاتب النقابات المنتخبين من قبل إخوانهم العمال، لا لذنب اقترفوه إلا لدفاعهم المخلص عن حقوق إخوانهم. وكأن النقابة منظمه شبه حكومية. ويفرض عليها من ينال عطف السلطات وتأييدها. تصوروا أيها السادة أن نواب الأمة الذين يشتركون في التشريع ووضع سياسة البلاد الداخلية والخارجية، ليسوا بحاجة إلى من يعترف على انتخابهم بعد حيازتهم ثقة الناخبين، وتصوروا أيضاً أن العمال ليسوا أحراراً في انتقاء من يدافع عن مطالبهم إلا في حالة رضا السلطات عنهم، ولا حاجة لي بأن أذكر الشروط التي يجب أن تتوفر في الأشخاص الذين ينالون ثقة السلطات.
والعمال ليسوا أحراراً في الدفاع عن حقوقهم ومطالبهم ولقمة عائلتهم، فيما إذا اضطروا لإعلان الإضراب كآخر وسيلة من وسائلهم التي يسلكونها لتحقيق مطالبهم. إذ إن إعلان الإضراب كثيراً ما يؤدي بنظر القانون إلى فسخ عقود عملهم وضياع تعويضاتهم، ولقد أثبتت الأكثرية الساحقة من الإضرابات التي أعلنها العمال، أنها كانت من أجل تنفيذ حق منحهم إياه القانون أو قرار صادر من مختلف الهيئات التحكيمية أو القضائية، كإضراب عمال النسيج اليدوي الأخير في حلب وإضراب عمال الباصات في دمشق وشركة الكهرباء في حمص وغيرها.
إن العمال لا يلجؤون إلى الإضراب إلا بعد استنفاذ كافة الطرق والوسائل السلمية لتنفيذ حق من حقوقهم، ولكنهم حين يلجؤون إلى الإضراب مضطرين يتعرضون إلى أعمال القمع والبطش من قبل السلطات كما جرى مع عمال شركتي الخماسية والمغازل والمناسج في الصيف الماضي. وكما جرى لعمال الباصات وعمال النسيج اليدوي والأغباني مؤخراً.
والعمال محرمون تماماً من حق الاجتماع والتداول دون مراقبة السلطات. كما أنهم لا يقدرون على القيام بأي نشاط نقابي في أماكن عملهم، إذ إن سيف التسريح مسلط فوق رقابهم يهدد كل عامل يبدي نشاطاً نقابياً مهما كان بسيطاً.

الحريات النقابية أساس الحريات الديمقراطية

إن الحريات النقابية هي أساس الحريات الديمقراطية. ولا يمكن أن تتوفر هذه الحريات إذا كان العمال محرومين من أبسط حرياتهم النقابية. إذ كيف يجب أن تتوفر في بلاد ما حرية الرأي والفكر والنشر، والعمال فيها محرومون من حق تنظيم أنفسهم في نقابات تدافع عن مصالحهم ولقمتهم؟ وكيف يجب أن تتوفر في بلاد ما حرية الرأي والفكر والنشر، والعمال فيها محرومون من حق عقد اجتماعات لهم يتداولون فيها أمورهم دون السلطات ومراقبتها؟ وكيف يجب أيضاً أن يقال إن في بلادنا ديمقراطية مع أن العمال حينما يضربون للمطالبة بزيادة الأجور مثلاً، يقابلون من قبل السلطات بالضرب بالعصي والاعتقال بالجملة؟ كيف يمكن أن نقول إن شعبنا يتمتع بحكم ديمقراطي والعمال ليسوا أحراراً في انتقاء من يمثلهم ويدافع عنهم بمكاتب نقاباتهم.
إن الحقوق والحريات النقابية ليست مطلوباً مجرداً، وإنما هي مطلب أساسي جوهري لا يمكن الاستغناء عنه من أجل الدفاع عن مطالب العمال ومعيشتهم. إن العمال لا يمكنهم تحقيق المطالب إلا بالاعتماد على اتحادهم وتضامنهم. ولا يتوفر ذلك إلا بتوفر الحريات النقابية. إن عمال سورية عازمون عزماً أكيداً على متابعة النضال في سبيل إطلاق حرية التنظيم النقابي وتحريره من جميع القيود والشكليات.

عمّال سورية يشجبون الأحلاف الأجنبية

إن بلادنا تتعرض لضغط استعماري أجنبي يرمي إلى فرض أحلاف حربية استعمارية عليها تقضي على سيادتها وتجرّها إلى كتل عدوانية، تهيئة لشن حرب عالمية جديدة، تستخدم فيها الأسلحة الذرية والهيدروجينية وتكون الطبقة العاملة وقوداً لها. في هذا الوقت الذي تلعب فيه الطبقة العاملة دورها الطليعي في مقاومة الأحلاف ومؤامرات المستعمرين على بلادنا، لا يجوز أبداً أن تبقى الحرية النقابية مغلولة مشلولة.
في هذا الوقت بالذات حيث طبخ الاستعمار الأمريكي والإنكليزي، الحلف التركي العراقي المجرم، وهو يحاول بجنون محموم جرّ بلادنا وكافه البلاد العربية إلى الاشتراك فيه. تقف الطبقة العاملة مع كافة فئات الشعب والمسؤولين، تسد على المستعمرين الطريق لجر بلادنا إلى هذا الحلف الذي اجمعت على رفضه الأمة شعباً ومجلساً وحكومة. إن الطبقة العاملة مع جميع فئات الشعب والمسؤولين تستنكر المذكرات الأمريكية والتركية التي قدمت إلى الحكومة السورية، والتي تعتبر تدخلاً سافراً في شؤون بلادنا الداخلية.
إن الطبقة العاملة ستواصل نضالها مع جميع الشرفاء في العالم من أجل الدفاع عن كيان سورية الوطني، ومن أجل توطيد السلم العالمي وتحريم الأسلحة الذرية والهيدروجينية.
عاشت وحدة الطبقة العاملة وحركتها النقابية. عاش نضال الطبقة العاملة السورية في سبيل مطالبها وحرياتها وحرية بلادها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1083