الحرب على العاملين بأجر

الحرب على العاملين بأجر

مع ازدياد حدة الأزمة الوطنية وظروف الحرب الجارية في أوربا وانعكاساتها، بدأ تجار الأزمات وقوى النهب والفساد كما هي عاداتهم يتراكضون في استغلال هذه الحرب والأزمات المستعصية في البلاد، ضاربين بعرض الحائط ظروف البلاد وخاصة العاملين بأجر، وفي ظل ارتفاع نسب البطالة، ومعدلات الفقر، من خلال رفع الأسعار بجنون واحتكار السلع الأساسية، لم يعد المواطنون قادرين على مجاراة هذه الارتفاعات الكبيرة في الأسعار، متذرعين بالحرب الدائرة في أوكرانيا وتداعياتها، والعقوبات الأمريكية والأوربية.

نحن لا ننكر أننا لسنا بمعزل أو بعيدين عمّا يحدث في العالم ويمكن أن نتأثر به، لكن السؤال متى نتأثر؟ وما هو حجم الضرر والأثر الذي يجعل هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار؟ هذا يدعو النقابات إلى اتخاذ مواقف جادة وواضحة، ونحن نسمع عن صفقات الفساد هنا وهناك وخاصة فيما يتعلق بلقمة وقوت المواطنين المغلوب على أمرهم، حيث هم دائماً الأكثر تضرراً من الغلاء والاحتكار وبالأخص منهم الشرائح المهمشة والفقيرة والعمّال، إضافة إلى تدني الأجور والرواتب وانخفاض قيمتها الشرائية، حيث لم تعد تكفي لتغطية الأساسيات الدنيا للأسرة، في ظل هذا الارتفاع الوحشي في الأسعار لمستويات المعيشة، وشح المحروقات وخاصة الغاز ومازوت التدفئة رغم توفره في الأسواق السوداء التي لا طاقة للعاملين بأجر الحصول عليها، مما أثقل كاهل العمال وزاد من معاناتهم، هذا الواقع المرير سوف يجلب الكوارث على الجميع، ويهدد الاستقرار والأمن الاجتماعي، ومازال الطريق السليم للعاملين إلى اليوم هو نقاباتهم، إذا استطاعت هذه النقابات ممارسة ذلك الضغط على الحكومة وعلى قوى الفساد الكبير، وذلك عن طريق الضغط بكافة الأشكال وعدم التهاون مع قوى الفساد التي نهبت المليارات ومازالت حتى اليوم من ثروة البلاد وأرزاق العمال والعباد بحجة الحصار والحرب الدائرة.
لقد بات واضحاً اليوم لجميع العاملين بأجر أن هذه السياسات الاقتصادية التي سارت وفقها الحكومات المتعاقبة قبل انفجار الأزمة ومازالت تسير عليها هذه الحكومات بعد انفجارها، من أجل المحافظة على مصالح الفساد والنهب الكبيرين والقوى الداعمة والراعية لها، إنها السبب الأساسي لما آلت إليه البلاد، والكفاح من أجل إنهاء الفساد والنهب الكبيرين يجب أن تقوده النقابات العمالية وجماهير العمال والنقابات المهنية الأخرى من معلمين وطلاب وفلاحين وحرفيين، وجميع الراغبين بالخلاص من هذا الواقع المرير. لقد انتهت مرحلة السكوت عن هذا الوضع السائد واعتباره قدر لا راد له، على العاملين بأجر وكافة الكادحين. ولم يعد للعاملين بأجر الوقت الكافي لانتظار نقاباتهم لتصحو من هذا السبات الطويل التي مرت به. إن العديد من الحالات التي يعبر العاملون بأجر عن وضعهم ومصالحهم وآلامهم، مازالت بعيدة عن الحركة النقابية، وإذا بقيت كذلك سوف يجعل هذه الحركة معزولة عن قواعدها التي من المفترض أن تمثلهم.
إن هذه العزلة بين الطبقة العاملة والحركة النقابية هي إحدى ركائز استمرار سياسات الحكومة الاقتصادية المعادية لكافة الكادحين، بينما النقابات تعمل على تمرير ما تريده الحكومة نيابة عنها. وخاصة في القضية الكبرى وأم القضايا التي أوجدت النقابات في كل العالم، وهي الأجور وتحسين الوضع المعيشي للعاملين بأجر بما يتناسب مع متطلبات الحياة المعيشية. أصبحت فئات عريضة من المجتمع والطبقة العاملة لم يعد لديها ما تخسره وهي اليوم أمام خيارين: إما الجوع أو العمل باتجاه حل القضية المعيشية ومنع الكارثة التي تعيشها الطبقة العاملة من فقر وشح لكافة مستلزمات الحياة الضرورية من خبز وغيرها، إنها معركة طبقية بامتياز من أجل مصالح وحقوق فعلية للطبقة العاملة الاقتصادية والاجتماعية تلبي حاجاتها الأساسية. وهي ستساهم في حل الأزمة الوطنية العميقة، وأن يقرر الشعب مصيره بنفسه وسيادة تامة على خياراته الاقتصادية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1063