قوانين لا تطبق

قوانين لا تطبق

يعمل غالبية عمال القطاع الخاص في البلاد دون مظلة قانونية تحميهم، رغم وجود قانون العمل رقم 17 الصادر عام 2010 والذي نص على بعض الحقوق للعمال، ولو بحد أدنى.

ولكن قلة الوعي عند العمال وتراخي مديريات العمل والنقابات في توعية العمال وضرورة تشميلهم بنصوص قوانين العمل وقانون التأمينات الاجتماعية، رغم وجود مفتشين من وزارة العمل والتأمينات، ورغم افتتاح فروع لهذه المؤسسات في المدن الصناعية، كمدينة عدرا الصناعية وحسياء، ولكن على ما يبدو أن هذه المؤسسات ومفتشيها لا يقومون بأي عمل يحفظ حقوق العمال ويدافع عنهم، في ظل تقصير واضح من قبل النقابات.

جهاز الدولة عدو في نظر العمال

في ظل الشعور المتولد لدى العمال بتخلي الدولة عنهم، وعدم تلبية مطالبهم، والضغط عليهم، بات جهاز الدولة في نظر الكثيرين منهم بمثابة عدو لهم، نظراً للقوانين والقرارات التي تصدر، والتي تكون بمجملها ضد مصالحهم، لأن جهاز الدولة يدار من أجل مصلحة فئة قليلة من المجتمع (أرباب العمل) وليس لصالح الشعب، كما نص عليه الدستور، لذا يبقى العمال وحيدين لا حول لهم ولا قوة بمواجهة رب العمل ذي النفوذ الواسع، والدعم غير المحدود رسمياً.

حقوق الحد الأدنى مفقودة

أغلب العمال يعملون على مبدأ لا أجرة من دون عمل، وبغض النظر (عن مستوى الأجرة المتدني أساساً) فهم يحرمون من الإجازات السنوية والمرضية، ويحرمون من الزيادة السنوية 9% كل عامين، وغير مشمولين بنظام التأمينات الاجتماعية، ولا يتقيد رب العمل بساعات العمل المحددة بل الموضوع متروك لرغبته الخاصة ومدى حاجته للعمال، حيث يتم تشغيل العمال لساعات متأخرة من الليل، عدا عن تشغيل الأحداث والنساء بشكل مخالف لقانون العمل رقم 17 لعام 2010، حيث يرغب رب العمل بتشغيل الأحداث أكثر نظراً للأجور المتدنية لهم مقارنة بالشباب أو بكبار السن.
أما عن مستوى الأجور والرواتب فهو أمر متروك لحساب قوى السوق ومدى إنتاجية العمل والعامل ومدى حاجة رب العمل للعامل، دون اعتبار لحد أدنى يجب أن يؤمن حاجيات العامل الأساسية، كما نص عليه الدستور، وإن كان البعض من أرباب العمل يعتقد أنه يتقيد بالحد الأدنى للأجور والرواتب المحدد من طرف الدولة، إلا أن هذا لا يعني أنه متقيد بأحكام القانون والدستور، لأن الدستور نص على أن يكون الحد الأدنى للأجور والرواتب يضمن مستوى معيشة لائق للمواطن ويؤمن احتياجاته اليومية الأساسية، وقواعد الدستور أسمى وأولى بالتطبيق من القرارات الحكومية.

جهل بالحقوق

أغلب العمال لا يعلمون شيئاً عن قانون التأمينات الاجتماعية، ولا يعرفون مدى أهميته لهم، كونه يؤمن لهم حياتهم بعد التقاعد أو عند إصابة أحدهم اثناء العمل، وكل هذا بسبب غياب مفتشي التأمينات الاجتماعية عن متابعة المعامل وإلزام أرباب العمل بتسجيل عمالهم، والتراخي من قبل النقابات في رفع مستوى وعي العمال، خاصة القانوني، وبيان ما يؤمن لهم القانون والدستور من حقوق.
رغم أن القوى العاملة في القطاع الخاص اليوم باتت تشكل ثقلاً أكبر من السابق، إلا أن التراخي الحكومي والنقابي في تحصيل حقوق هؤلاء العمال، لا بل في منعهم في بعض الحالات من المطالبة بحقوقهم عبر الطرق الدستورية المشروعة، يجعلهم لقمة سائغة للاستغلال من قبل أرباب العمل، لابل تعمد الحكومة من خلال إقرار أجور زهيدة وحجب الحماية القانونية والدستورية عن العامل إلى إغراء أرباب العمل، واعتبار أجر العامل المتدني من عوامل جذب المستثمرين، وكأن العمال طبقة من العبيد يباح استغلالهم كيفما شاء رب العمل وعلى هوى مصالحه.

قانون العمل مفصل على قياس أرباب العمل

قانون العمل رقم 17 لعام 2010 جاء ضمن سياق التوجه الحكومي نحو الليبرالية الاقتصادية، واعتماد مبدأ سلطان الإرادة وحرية التعاقد في قوانين العمل وإلغاء القوانين الآمرة التي تتدخل في علاقات العمل لتحقيق التوازن بين طرفي علاقة العمل (العامل ورب العمل) وبذلك ترك العامل وحيداً دون أي سند قانوني يعيد التوازن إلى هذه العلاقة غير المتكافئة بينه وبين رب العمل، إلا أنه ومع ذلك يبدو أن الحكومة لا يعجبها الحديث عن حقوق العمال، ولو كانت بأدنى مستوى، لذلك أقدمت على حرمان العمال من بعض حقوقهم الدستورية، كحق الاضراب، لمنعهم من الدفاع عن حقوقهم بطرق قانونية ودستورية، وكل هذا من أجل عدم ازعاج أرباب العمل، وترك الباب مفتوح لهم ليستغلوا العمال كيفما شاءوا!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1025