الفقر والطبقة العاملة

الفقر والطبقة العاملة

الفقر، أو خط الفقر، هو الوضع الذي يحتاج فيه الفرد في المجتمع إلى الموارد الماليّة لتأمين المعيشة الضروريّة، التي تكفل له الحد الأدنى لمستوىً من الحياة، والذي يعتبر مقبولاً إلى حد ما في المجتمع الذي يعيش فيه، وهذا يُطلق عليه في الأدبيات الاقتصادية والأمم المتحدة بالفقر النسبي.

عادةً يقاس الفقر بناءً على مستوى العجز عن توفير المتطلبات الضرورية من خلال دخل الفرد المعيل للأسرة التي يعيلها، وليس الفرد، وتقدر نسبة الإعالة في سورية واحد إلى خمسة حسب الكثير من الإحصائيات. ويُعد خط الفقر أعلى في الدول المتقدمة من الدول النامية بشكل واضح، وقد كان متوسط خط الفقر العالمي يبلغ ما يعادل 1,25 دولار في اليوم للفرد، وذلك في عام 2008، حسب الأمم المتحدة والبنك الدولي- علماً أن هذا الرقم أصبح اليوم يعادل ثمن «سندوشتي» فلافل- أمّا المعيار الدوليّ للفقر المطلق أو المدقع، فهو عندما لا يستطيع دخل الأسرة تلبية الحاجات الأساسيّة والضرورية لأفرادها، ويُقاس الفقر المطلق بناءً على مقدار عجز الدخل اللازم لتلبية وتوفير الاحتياجات الأساسيّة والضرورية، وهي الغذاء ومياه الشرب الصحية والملبس والسكن والعلاج ومرافق الصرف الصحي. وتُشير الكثير من الأرقام إلى ارتفاع نسبة الفقر في البلاد إلى ما يربو عن 80%، منذ انفجار الأزمة، حيث يحصلون على أقل من 15% من الثروة الوطنية المنتجة، وأبرز وأهم أسباب ارتفاع معدل الفقر تعود إلى السياسات الاقتصادية المعادية للطبقة العاملة التي انتهجتها الحكومات خلال العقود الماضبة.

أما المستوى العام لعدم المساواة في المجتمع، من فقدان الحريات الديمقراطية والسياسية، فهذا شأن آخر رغم ارتباطه بطبيعة العلاقات الاقتصادية الاجتماعية السائدة في المجتمع والمنتجة للفقر، وهو لا يأخذ بعين الاعتبار بأنّ الأفراد لديهم احتياجات أخرى اجتماعيّة وثقافيّة وترفيهية هامّة تختلف من فرد لآخر، والسؤال المطروح اليوم على الحكومة: هل تعرف على أي حد تعيش الطبقة العاملة؟ والسؤال موصول إلى النقابات: ما هي الإجراءات والطرق النضالية التي تستطيع من خلالها العمل على تحسين هذا الوضع الذي وصلت إليه البلاد والعباد؟

من المعلوم، أن للفقر أثاراً اجتماعية وصحية واقتصادية خطيرة في المجتمع، فعلى سبيل المثال لا الحصر: الأطفال الذين ينشؤون في بيئة الفقر يعانون من مشاكل صحيّة بشكل مستمر ومتكرّر أكثر من الأطفال الذين ينشؤون في ظلّ ظروف أفضل، فأغلبية الأطفال الموجودين في الأُسر الفقيرة يعانون من الوزن المنخفض، ويغيبون قسرياً عن المدرسة في كثير من الأحيان بسبب المرض، والدخول في سوق العمل، وهذا يسبب لهم العديد من المشاكل الجسديّة والإعاقات العقليّة التي يمكن الوقاية منها، كما يمكن أن يكونوا أكثر عرضةً للموت بنسبة أعلى بسبب المرض، إذ لديهم نسبة أعلى بكثير من الإصابات من الأطفال الآخرين، والتي منها: ضعف في الرؤية، والسمع، وفقر الدم بسبب نقص الغذاء، ومستويات عالية من الرصاص في الدم، والتي يمكن أن تُضعف وظيفة الدماغ نتيجة دخولهم سوق العمل المبكر، ولعل من أهم أخطار الفقر يتمظهر في خروج الكثير من أفراد المجتمع عن الأعراف والقيم الاجتماعية السائدة، والخروج على القانون والانحراف وارتفاع مستوى الجريمة المنظمة منها وغير المنظمة. كما أن الفقر عامل أساسي من العوامل المعيقة لتنمية المجتمع، خاصة إذا لم تتم معالجة الأسباب الحقيقية التي تقف وراءه، كالبطالة والخلل في سوق العمل، وانعدام الفرص الاستثمارية لدى الدولة من خلال تحسين حصّتهاِ في السّوق، وتوسيع مجالاتها، ممّا يُساهم في زيادة القيمة المضافة الخاصّة بها، ودعم البحث والتّطوير، وكذلك الإعاقات الكبيرة التي تضعها أمام القطاع الخاص الوطني، وبالأخص منه القطاع الإنتاجي.

إن الأحداث التي شهدتها البلاد، أدت إلى زيادة سرعة تراجع وتدهور الوضع الاقتصادي فيها، على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1021