العدو واحد.. يُمكن مواجهته؟

يكتسب تعزيز العلاقات بين النقابات على المستوى الإقليمي والدولي أهميته من كون الموقف المفترض الجامع بينهم، هو: مواجهة القوى المستغلة لقوة عمل الطبقة العاملة، وبالتالي يدفع هذا لتوحيد الجهود المشتركة، ويساهم في اكتساب الخبرات النضالية المتكونة بفعل الدور الكفاحي الذي يقوم به العمال، في المواقع المختلفة لمواجهة العدو الطبقي، وهذا أمر ضروري لتعزيز وتطوير أشكال النضال المشترك، باعتبار العدو أيضاً يطور أشكال استغلاله وآليات نهبه، آخذاً بالاعتبار موازين القوى بينه وبين الطبقة العاملة وممثليها.

السياسات الاقتصادية الليبرالية، التي فرضتها الإمبريالية على الشعوب، وخاصةً الفقيرة منها، لعبت دوراً أساسياً في تفاقم الظواهر المختلفة من فقر وبطالة وتهميش، وهذا يفرض على النقابات والطبقة العاملة خوض النضالات المتعددة الأوجه، لإسقاط تلك السياسات الظالمة، باعتبارها المصدر الأساس لتوالد الإرهاب والفاشية بأشكالها وألوانها كلها، حيث لا تعني مواجهة الإرهاب الجانب العسكري فقط، وإن كان ضرورياً، ولكن اقتلاع الجذور المولدة له هو الضامن لعدم استنباته من جديد، ومن هنا تأتي أهمية تشكيل جبهة عمالية ونقابية واسعة لمواجهة السياسات الليبرالية المتوحشة، التي أصابت المصالح العميقة للشعوب قاطبة، ومنها: شعوب المراكز والأطراف الرأسمالية، كما هو حال اليونان ودول أخرى شبيه بها، حيث تخوض النقابات والعمال صراعاً مع القوى الإمبريالية المتحكمة باقتصاديات هذه الدول، من أجل رفض إملاءاتها وشروطها ونهبها من خلال الديون المفروضة عليها.
يمكن القول: إن انفتاح الأفق أمام الشعوب من أجل أن تستعيد دورها في الدفاع عن مصالحها، يعني: أن موازين القوى الدولية أخذت في التغير، وهذا يسمح للطبقة العاملة بتنظيم قواها وابتداع أشكال متنوعة من المقاومة في مواجهة الاستغلال المتوحش، الذي فرضه رأس المال المالي عليها وانتزع منها معظم ما حققته الطبقة العاملة في مراحل سابقة، مرحلة الرفاه الاجتماعي.
 إن الأزمة الوطنية العميقة في سورية وفي المناطق الشبيهة بها، كانت إحدى مسببات تفجرها واستمرارها هي: السياسات الاقتصادية الليبرالية التي ساهمت في تعزيز وتعميق الظواهر الاجتماعية والاقتصادية «فقر وبطالة وتهميش وفساد كبير» وتتطلب من الحركات النقابية والطبقة العاملة موقفاً حازماً تجاهها من أجل وضع قطار المواجهة مع الإمبريالية وقوى الفساد الكبير بسياساتها المتوحشة على سكته الصحيحة، وببعده الاقتصادي الاجتماعي الديمقراطي، حتى لا تصبح مجرد شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع.

معلومات إضافية

العدد رقم:
912